ما الأفضل: مخاطبة زميلك باسمه الأول فقط أم استخدام اللقب الرسمي؟

3 دقيقة
الأسماء الأولى
unsplash.com/Kate Trysh

في أيام طفولتي (في أوائل الثمانينات)، كنت أخاطب أي شخص بالغ بلقب السيد أو السيدة يليه لقبه العائلي. كان الكبار يُخاطَبون باحترام ورسمية مع الحفاظ على مسافة اجتماعية معيّنة معهم، وكنا نحن الصغار نعي تماماً أصول التعامل معهم ومخاطبتهم. اليوم، يناديني أصدقاء طفلي، الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، باسم "جودي"، وإذا خاطبني أحدهم باسم "السيدة غليكمان"، سأتعجب وسأحتاج إلى التأكد مما إذا كانوا يتحدثون مع والدتي.

كما هي الحال في حياتنا الاجتماعية، يحدث الأمر نفسه في مكان العمل. أصبح من المعتاد الآن في الشركات الأميركية مخاطبة الجميع بأسمائهم الأولى (على الرغم من عدم اعتماد هذا النهج في بقية العالم، ما يُسبب إرباكاً مستمراً للمسافرين الذين يذهبون في رحلات عمل خارج بلدهم). على الرغم من وجود بعض النقاد والمحافظين المتشددين الذين يستهجنون مثل هذه التصرفات ويرون فيها انتهاكاً أو قلة أدب أو تصرفات غير رسمية، فإنني أعتقد أنه تجب علينا جميعنا مواكبة العصر.

يُعد استخدام الأسماء الأولى لمخاطبة الزملاء والعملاء والمدراء في العمل أمراً جيداً لكل من الصغار والكبار والموظفين المبتدئين وكبار المسؤولين التنفيذيين على حد سواء. بالنسبة للموظفين المبتدئين، فإن ذلك يؤدي إلى المساواة بين الجميع؛ وبالنسبة لكبار المدراء أو "المتمرسين"، فهذا يعني ضمناً سهولة الوصول إليهم، وهي ميزة ذات قيمة متزايدة في عصرنا الاجتماعي والرقمي الحالي.

تحقيق المساواة

عندما تكون شاباً وتخاطب شخصاً ما مستخدماً لقب السيد أو السيدة، فإنك تقدم نفسك على الفور على أنك إما أصغر سناً أو أقل مكانة، ولا يُعد أي من الحالتين مفيداً لمسيرتك المهنية. بدلاً من ذلك، يمكنك الدخول إلى الغرفة بثقة وتقول: "مرحباً آدم، يسعدني لقاؤك، أنا جودي غليكمان، ومن دواعي سروري أن أكون هنا"، لأن ذلك من شأنه أن يُظهر ثقتك بنفسك ويعكس نضجك في التعامل مع الآخرين. يؤدي ذلك أيضاً إلى تقليل الفجوة الاجتماعية بدلاً من تضخيمها من خلال استخدام تحية رسمية مثل "مرحباً سيد سام، أنا جودي".

تعلمتُ هذا الدرس وأدركت قيمته وأهميته في وقت مبكر. كنت أبلغ من العمر 29 عاماً عندما بدأت العمل في وظيفة مساعدة مبتدئة في إحدى الشركات في وول ستريت، لكن في بعض الأحيان، كنت أبدو في الـ 25 من العمر. على الفور، بدأتُ المشاركة في اجتماعات مع كبار المصرفيين ورؤساء الشركات العملاقة. أخبرت الإدارة العليا دفعتنا من المتدربين صراحة بضرورة مخاطبة الجميع بأسمائهم الأولى، وعدم استخدام الألقاب مثل "السيد" أو "السيدة"، حتى عند مخاطبة الرؤساء التنفيذيين، لأن استخدام الألقاب يمكن أن يقلل من مكانتنا. كنا أشخاصاً محترفين نتمتع بالكفاءة والخبرة، تماماً مثل الشخصيات المهمة التي كنا نتفاعل معها.

بالنسبة لي، ساعدتني معرفتي بأنني أحظى بدعم الإدارة العليا للتحدث إلى العملاء باستخدام أسمائهم الأولى في التغلب على بعض الخوف الذي كان ينتابني من العمل مع أشخاص أكبر سناً (وربما أكثر ذكاءً) مني. أدى تبني هذا النهج إلى وضع الأساس للتفاعلات المستقبلية وأعطى إشارة للرؤساء التنفيذيين البارزين بأن المصرفيين المبتدئين يحظون بقدر عالٍ من التقدير ويمكنهم تقديم إسهامات مهمة وحقيقية في النقاشات والمحادثات.

سهولة الوصول هي مفتاح النجاح

بالنسبة للمدراء، فإن المؤسسات ذات الهيكل الإداري المسطح هي الخيار الأفضل للتواصل الفعال. يُنظر إلى التسلسل الهرمي على أنه صارم وقديم ويعوق التقدم، لذلك، في عصرنا الحالي الذي يتسم بالتواصل الاجتماعي وبكل من التقدم التكنولوجي والرقمي، يُعد الابتكار مفهوماً أساسياً وضرورياً لتحقيق النجاح. لم يعد العمر والمكانة هما فقط ما يحددان النجاح. يُعد الانتقال إلى استخدام الأسماء الأولى جزءاً من هذا التحول الثقافي بهدف نقل السلطة إلى الموظفين بدلاً من حصرها في الأشخاص ذوي المراكز العليا.

يقول الخبير الاقتصادي، غاري هامل، في كتابه "مستقبل الإدارة" (The Future of Management): "إن التسلسلات الهرمية جيدة في تجميع الجهود وتنسيق أنشطة العديد من الأشخاص، لكنها غالباً تكون غير فعالة في تحفيز الجهود وإلهام الموظفين لتقديم ما هو أفضل وتجاوز التوقعات". في عالمنا الذي يتميز بالدراية التكنولوجية والاتصال الفائق والتواصل الاجتماعي، يؤدي الابتكار الإداري دائماً إلى نقل السلطة إلى المستويات الأدنى والجهات الخارجية.

إن مطالبة أحد المرؤوسين باستخدام الألقاب الرسمية يبدو في الوقت الحاضر فكرة قديمة وغير مناسبة وربما يشير إلى التكبر والغرور. على سبيل المثال، يحمل رجل الأعمال، ريتشارد برانسون، اللقب الشرفي "سير"، لكنه يُفضل أن يُخاطب باسمه الأول "ريتشارد"، وبالمثل، أظهرت مقدمة البرامج، أوبرا وينفري، في  برنامجها الذي يكشف كواليس عملها ، أنها لم تطلب من أنها لم تطلب من أي موظف أن يناديها "السيدة وينفري"، بل "أوبرا" فقط. عندما تطلب من مرؤوسيك مخاطبتك باسمك الأول، فإنك تؤكد سهولة الوصول إليك دون التقليل من سلطتك أو مكانتك الاجتماعية (كما قد يخشى البعض).

لكن قد يكون من غير المنطقي أن تنظر إلى وجه رئيس تنفيذي قوي في أول لقاء بينكما وتخاطبه بجرأة باسمه الأول، وقد يكون من الصعب على هذا الرئيس التنفيذي تقبل ذلك. يمكن أن يكون الحفاظ على التوازن بين الطابع غير الرسمي والالتزام بالحدود الواضحة لتسلسل السلطة والاحترام في العلاقة أمراً صعباً. لكنّ هذا التحول يعكس التحرك الأكبر نحو ثقافة أعمال تتسم بالانفتاح وعدم الرسمية والمساواة. يمكن أن يؤدي عدم مواكبة هذه التطورات والتحولات إلى تصنيفك بوصفك شخصاً غير قادر على التكيف مع الثقافة الجديدة، ما يجعلك أقل قوة وسلطة في مجال عملك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي