عندما يتدخل الرؤساء التنفيذيون في قرارات المبيعات

17 دقيقة
الإدارة العليا

تدخل الإدارة العليا في التعامل التجاري بين الشركات، وأثره على إبرام صفقات البيع أو إفسادها

قبل عدة سنوات، قرر أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة عالمية للصناعات الكيميائية، لنسمِّه روبرت، مقابلة أحد كبار عملاء الشركة. كان روبرت حديث العهد بالشركة، ولأنه لم يكن على دراية بكلٍّ من تحديات العميل ومبادرات شركته، فقد ترك انطباعاً سيئاً. وما زاد الطين بلة أنه عرض زيادة الطاقة الإنتاجية للعميل دون قيود في أثناء ارتفاع الطلب، وهو وعد لم تستطع شركته الوفاء به. علمت نادين مديرة حساب العميل في وقت لاحق عن طريق معارفها لدى العميل بنبأ الاجتماع ووعْد المسؤول التنفيذي. وكانت النتيجة تدهور العلاقة بشدة على الرغم من جهود الإصلاح البطولية التي بذلتها نادين وفريقها.

وفي الوقت نفسه تقريباً، قررت شركة الأدوية العملاقة "ميرك" (Merck) إسناد نظام معالجة البيانات في الشركة لجهة خارجية. وبعد تقييم العروض المقدمة من الكثير من الموردين المحتملين، استقر المدراء المكلفون بالاختيار على ما يلي: ضرورة التعاقد مع شركة "أكسنتشر" (Accenture). ولكن قبل إبرام الصفقة بقليل، فوجئ الرئيس التنفيذي لشركة "ميرك" بزيارة من سام بالميسانو، الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم". لقد ارتقى بالميسانو في صفوف فرق المبيعات بشركة "آي بي إم" ونفذ برنامج حسابات العملاء المتكامل للشركة الذي يركز على العملاء الاستراتيجيين الأساسيين. لقد فهم تماماً مزايا رعاية العلاقات على المستوى التنفيذي والاستفادة منها. ونجحت "آي بي إم" في التعاقد مع "ميرك".

يرى معظم المسؤولين التنفيذيين أن مقابلة العملاء وسيلة للبقاء على اطلاع دائم بالسوق وجزء لا يتجزأ من مهمات وظائفهم. فالتواصل مع العملاء الاستراتيجيين، أي العملاء المهمين لمستقبل شركاتهم، يتيح لكبار القادة في المؤسسات المختصة بالتعامل التجاري بين الشركات إمكانية التأثير بصورة هائلة على إيرادات شركاتهم وأرباحها ونموها والقيمة السهمية للشركة واستمراريتها في السوق. وغالباً ما يؤدون دور الرعاة الرسميين للعلاقات مع العملاء الرئيسيين، تماماً كما يفعلون في مبادرات تقنية المعلومات وغيرها من المساعي الداخلية. ولكن كما يوضح المثالان السابقان، وكما أثبتت نتائج أبحاثنا وكما تبين لنا من واقع خبرتنا في العمل الاستشاري مع مؤسسات المبيعات العالمية، فإن نتائج تدخلهم متباينة للغاية.

يطلق مدراء حسابات العملاء على المسؤولين التنفيذيين الذين يجتمعون مع العملاء دون التشاور معهم أو الحصول على أي معلومات منهم اسم "طيور النورس". فهم يقتحمون المكان ويُحدثون الكثير من الضوضاء، ثم يغادرون مخلفين الفوضى من ورائهم.

ولدراسة تأثير الرؤساء التنفيذيين وغيرهم من قادة الشركات على المبيعات والتعرف على نتائجها بدقة، التقينا عدداً من كبار المسؤولين التنفيذيين للمؤسسات المختصة بالتعامل التجاري بين الشركات وتحدثنا معهم حول حدود علاقاتهم مع كبار العملاء. وأفاد معظمهم بأنهم يتفاعلون معهم بصورة مكثفة وأن هذا يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية. لكن عندما التقينا مدراء حسابات العملاء المعنيين، رسموا لنا صورة مختلفة تماماً. ومن هنا أدركنا أن المسؤولين التنفيذيين الذين التقيناهم كانوا شديدي التحيز لنتائج سلوكهم وأننا بحاجة إلى تغيير أساليبنا. لذا نظمنا 30 ورشة لتعليم المهارات التنفيذية مع 515 مدير حسابات استراتيجية وعالمية للعملاء في نيويورك وروتردام وسانت غالن (سويسرا) وسنغافورة في الفترة من 2012 إلى 2018. وانطلاقاً من هذا العمل، استطعنا تحديد 5 أدوار مميزة يلعبها كبار المسؤولين التنفيذيين فيما يتعلق بالعملاء الاستراتيجيين. وسنناقش في ثنايا المقالة التي بين أيدينا هذه الأدوار ومزاياها ومخاطرها وأثر كل منها على أداء الشركة ككل.

فكرة المقالة باختصار

الوضع

يتيح التواصل مع العملاء الاستراتيجيين للرؤساء التنفيذيين وغيرهم من كبار القادة في المؤسسات المختصة بالتعامل التجاري بين الشركات إمكانية التأثير بصورة هائلة على إيرادات شركاتهم وأرباحها ونموها والقيمة السهمية للشركة واستمراريتها في السوق. لكن نتائج تدخلهم متباينة للغاية.

أنواع التدخل

يؤدي القادة خمسة أدوار متباينة فيما يخص العلاقة مع العملاء الاستراتيجيين، اعتماداً على مستوى الأولوية التي يعطونها لبناء العلاقات ومكاسب الإيرادات. فبعضهم يتبعون منهج عدم التدخل، فيما يتصرف البعض الآخر بطريقة الأهوج المنفلت أو يتقمصون دون الزوار الاجتماعيين أو صنّاع الصفقات أو أبطال النمو.

الهدف

يجب أن يسعى القادة ليكونوا أبطال النمو لعملائهم الأساسيين كلما أمكن ذلك. ومَنْ ينجحون في أداء هذا الدور سيجنون أرباحاً هائلة لشركاتهم وعملائهم على حد سواء.

5 أنواع من التدخل

يتفاعل كبار المسؤولين التنفيذيين مع العملاء وفي أذهانهم هدفان أساسيان: زيادة الإيرادات وتكوين علاقات قوية ودائمة معهم. وتسفر الأنواع الخمسة من تدخل المسؤولين التنفيذيين عن نتائج مختلفة لهذين الهدفين.

متحاشي التدخل (صاحب عبارة "هذه ليست مشكلتي")

ليس من المستغرب أن يعتمد كبار المسؤولين التنفيذيين سياسة عدم التدخل في المبيعات، وقد تبين لنا أن 28% من المشاركين في دراستنا يعتمدون هذه السياسة، فلديهم مسؤولياتهم الخاصة على كل حال، إضافة إلى تزايد الضغوط التنافسية باستمرار واضطرار معظم المسؤولين التنفيذيين إلى إنجاز المزيد بأقل الموارد. وقد أخبرنا الرئيس التنفيذي لإحدى كبرى شركات التصنيع: "لا أرى العملاء في العادة. هذه مهمة فرق المبيعات. فمنتجاتنا وحلولنا على أعلى المستويات العالمية، ولدينا واحدة من أقوى مجموعات البحث والتطوير في القطاع. ولا ينقصنا إلا أن يطوّر مديرو حسابات عملائنا مستوى أدائهم لبيع منتجاتنا للعملاء!" ربما ليس من المستغرب أن هذا المسؤول التنفيذي لم يعد موجوداً في المؤسسة، وأن أحد المنافسين استحوذ عليها منذ ذلك الحين.

يبدو شعار "دع فريق المبيعات يؤدي مهماته" منطقياً إلى حد كبير. فيجب أن تؤدي الموارد البشرية الدور المنوط بها وتعيّن أفضل المواهب لتوجيه جهود البيع وإدارتها، ويجب على كبار مسؤولي المبيعات التنفيذيين التأكد من امتلاك مندوبي مبيعاتهم الأدوات المناسبة لتحقيق الأهداف المطلوبة منهم والحرص على منحهم التدريبات اللازمة في هذا السياق. وإذا لم تتحقق النتائج المطلوبة، فسيكون العلاج واضحاً حينها: يجب على فريق المبيعات اتخاذ الخطوات المناسبة لتعديل آلية العمل وتغيير بعض أفراد الفريق. وغالباً ما يحتج المسؤولون التنفيذيون الذين يتحاشون التدخل قائلين: "لا نتوقع أن يشارك كبار مدراء التسويق والعمليات التشغيلية في الماليات، فما الذي يدعو أي قائد وظيفي، فضلاً عن الرئيس التنفيذي، إلى التدخل في أنشطة المبيعات؟" تفترض مثل هذه التعليقات أن كل الوظائف التنفيذية العليا متساوية من حيث الأهمية. لكن عملنا مع الشركات حول العالم يشير إلى أن وحدة المبيعات أكثر مساواة من غيرها. إذ تمثل المبيعات حلقة الوصل التي تلعب دوراً محورياً بين المورّد والعميل.

والمواقف العابرة للحدود مثيرة للتوتر بطبيعتها. فهي تتصف بالغموض وتحفل بالصراعات حول طبيعة الأدوار وأعباء العمل الثقيلة ومتطلبات العملاء والمعايير الأخلاقية، لذا ليس من المستغرب أن يفضّل المسؤولون التنفيذيون عدم التدخل في أغلب الأحوال. علاوة على ذلك، يعتقد الكثير من كبار المدراء خطأً أنهم لا يستطيعون إضافة قيمة ملموسة لجهود البيع، ما يجعل الضغط الإضافي المتمثل في الاضطلاع بدور يحتّم عليهم مواجهة العملاء يبدو كأنه استثمار مهدر للوقت. ولكن كما يوضح مثال سام بالميسانو الذي أشرنا إليه آنفاً، يمكنهم إحداث فارق كبير بالفعل، وقد يؤدي نهج عدم التدخل إلى إهدار فرص سانحة. وعندما يصاب أداء مؤسسة المبيعات بالضعف والهزال، تقل الإيرادات وتتأثر ميزانية كافة الأطراف المعنية سلباً. وعندما يعمل كبار المدراء على تعزيز المبيعات، تستفيد كل التخصصات من هذه الجهود.

المنفلت الأهوج

عادةً ما يلتقي القائد في هذا الدور بكبار العملاء دون التشاور مع مدراء حسابات عملائهم للتعرف منهم على المعلومات الماسة بهؤلاء العملاء أو بخلفياتهم، والأنكى من ذلك أن مدراء حسابات العملاء قد لا يكونون على علم بمجريات الاجتماع (بل وقد لا يتم إبلاغهم بانعقاده من الأساس). ويعتبر روبرت، المسؤول التنفيذي بشركة الصناعات الكيميائية الذي تحدثنا عنه في السابق، مثالاً كلاسيكياً لهذا السلوك. فقد رتب لمقابلة العميل بنفسه وألزم الشركة بالإجراءات المتخذة دون وعي منه بالتعقيدات الماسة بديناميكيات التعامل بين الشركتين. يشكّل المسؤولون التنفيذيون الذين يتبعون هذا النهج 21% من المشاركين في دراستنا، وهم لا ينجحون في تحقيق أي من الهدفين الأساسين، فنادراً ما تسفر جهودهم عن زيادة الإيرادات، وغالباً ما تفسد العلاقة مع العميل أكثر من تعزيزها. وهو ما علّق عليه مدير حسابات العملاء في إحدى الشركات العالمية المتخصصة في التعهيد الخارجي للتقنيات التكنولوجية، قائلاً: "ظللت أعمل مع أحد العملاء لمدة عامين متواصلين حتى نجحت في كسب ثقته وأحرزت تقدماً ملموساً في تعزيز العلاقة معه، وفجأة انهار كل شيء على إثر إقدام أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة على الترتيب لعقد اجتماع مع الإدارة العليا لشركة عميلي دون إبلاغي بذلك ودون التشاور معي أو الحصول على أي معلومات مني. لم تكن لديه أدنى فكرة عما يحدث مع العميل، وأسفر الاجتماع عن عودتنا إلى الوراء عاماً واحداً على الأقل".

يطلق مدراء حسابات العملاء على هؤلاء المسؤولين التنفيذيين اسماً آخر: طيور النورس. فهم يقتحمون المكان ويُحدثون الكثير من الضوضاء، ثم يغادرون مخلفين الفوضى من ورائهم، متسببين في العودة إلى نقطة الصفر أو ربما إلى ما قبل نقطة الصفر، وهو ما أشار إليه كبير مسؤولي المبيعات في إحدى كبرى المؤسسات المالية الكندية، متهكماً: "ليس لدينا بعض من طيور النورس، بل لدينا سرب كامل منها!".

إذا كانت مثل هذه التفاعلات تفسد العلاقة مع العميل، فلماذا تنتشر بهذا الشكل؟ كشفت الورش التي عقدناها أن المسؤولين التنفيذيين المنفلتين يعتقدون بشكل عام أنهم يسهمون في تعزيز المبيعات، ويرون أن سلوكهم هذا يسهم في فتح قنوات التواصل مع المسؤولين التنفيذيين للعملاء. وهذا صحيح من حيث المبدأ، ولكن عليهم أولاً أن يكوّنوا علاقات عمل متينة مع مدراء حسابات العملاء في شركتهم، والاستعانة بمساعدتهم في التحضير لزيارات العملاء، إذا أرادوا الإسهام بجدية في تعزيز المبيعات.

والخبر السار هنا أن معظم الشركات المشاركة في دراستنا التي أفادت بوجود السلوك المنفلت بين قياداتها التنفيذية، أخبرتنا أيضاً بأنها تنفذ عمليات محددة للتخفيف من حدة آثاره، وأنها أحرزت نجاحاً معقولاً في هذا السياق. وتشمل الأساليب الأكثر فاعلية إدارة حسابات العملاء الاستراتيجية، حيث يشرف المسؤولون التنفيذيون المدربون جيداً على العملاء المهمين، والحرص على الوضوح في تحديد الأدوار والمسؤوليات ووضع عملية واضحة المعالم لإحاطة المسؤولين التنفيذيين بأهم المعلومات والتشاور مع مدراء حسابات العملاء في شركاتهم قبل أي زيارة ينوون إجراءها لمقرات العملاء، وتدشين برنامج الراعي التنفيذي لأولئك الذين سيتفاعلون مع كبار العملاء. وبالمثل، فقد تعلمت شركة روبرت درساً مهماً من زيارته المشؤومة، وهو ما دعاها إلى اتخاذ القرارات التالية: يُحظر على كبار المسؤولين التنفيذيين زيارة العملاء بمفردهم إلا إذا استدعت الضرورة ذلك في أضيق الحدود ومع التنسيق المناسب مع مدراء حسابات العملاء قبل الاجتماعات وبعدها. وضعت الشركة أيضاً نظاماً مركزياً للتتبع حتى تضمن عدم إجراء أي زيارات للإدارة العليا دون تقييم البدائل والحصول على نتائج جميع الزيارات لاستخدامها في اجتماعات العملاء المستقبلية.

الزائر الاجتماعي

يشكّل المسؤولون التنفيذيون الذين يؤدون هذا الدور 19% من المشاركين في دراستنا، وهم يسعون إلى بناء علاقات شخصية مع العميل بدلاً من تحقيق إيرادات بصورة مباشرة. ويركزون على إظهار التزام شركتهم وخلق حالة من الثقة المتبادلة. يتميز هؤلاء المسؤولون بقدراتهم الفذة في التقاء الآخرين والترحيب بهم، وغالباً ما يرتبون الفعاليات التعليمية في مقر العميل وإقامة حفلات الكوكتيل في المعارض التجارية وتنظيم الرحلات لحضور المناسبات الرياضية المهمة.. إلخ. يعمل الزائر الاجتماعي على إثارة اهتمام الجمهور، ولكنه نادراً ما يتعمق في المناقشات الموضوعية حول صلب العمل التجاري. وفي الواقع، كثيراً ما يحضر الأزواج التجمعات التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي.

ورغم أن الزوار الاجتماعيين أقل ضرراً بكثير من ذوي السلوك المنفلت الأهوج، فإن الزوار الاجتماعيين يواجهون مخاطر من نوع خاص، ويتراوح تأثيرهم من إيجابي إلى حد ما إلى سلبي إلى حد ما. فعادةً ما يتطلع العملاء إلى الفعاليات المخطط لها ويغادرون بمشاعر ممتعة، لذا فإن التفاعلات بشكل عام تعزز العلاقات الشخصية. ولكن إذا أدرك العملاء أن المسؤولين التنفيذيين لا يهتمون سوى بالتقاط الصور وهم يتسامرون أو يتضاحكون مع العميل عند التوقيع على صفقة كبيرة، فقد يصابون بخيبة الأمل بسبب افتقار العلاقة إلى العمق اللازم، خاصة إذا كان المنافسون يتعاملون معهم على مستوى أكثر وضوحاً.

وكثيراً ما حرص الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الهندسية الأوروبية على التقاء عملاء شركته في المعارض التجارية والمناسبات الاجتماعية. وبعد مرور بعض الوقت تلقى دعوة لزيارة المقر الرئيسي لأحد العملاء في الولايات المتحدة، وقَبِلَها. بدت هذه خطوة مفيدة في ظاهر الأمر، ولكن على الرغم من إبلاغه مديرة حسابات هذا العميل بالزيارة، فقد قرر القيام بالرحلة بمفرده. كان الرئيس التنفيذي للعميل قد اعتاد الزيارات البنّاءة من المورّدين ذوي الأداء العالي، وكان في انتظاره مع حاشية من قادة الابتكار وخبراء الخدمات اللوجستية ومدراء المشتريات. بدت عليه علامات الاندهاش، حتى إنه قال لزائره متسائلاً: "تسعدني رؤيتك، ولكن أين مديرة حساباتنا، لماذا لم تصحبها معك هي وفريقها؟" لم تكن العلاقة الاجتماعية البحتة كافية دون مشاركة مديرة حسابات العميل من وجهة نظر الرئيس التنفيذي للشركة الأميركية، كما هو الحال بالنسبة للكثيرين غيره ممن تحدثنا معهم.

وإذا تم إهمال أمر الزائر الاجتماعي، فيمكن أن يتحول بكل سهولة إلى منفلت أهوج. فقد كان أحد المورّدين في قطاع المشروبات يتمتع بعلاقة وطيدة مع عميل مهم إلى أن انضم مسؤول تنفيذي جديد إلى مجلس الإدارة. وحدد مدير الحساب موعداً لعقد اجتماع تمهيدي مع الإدارة العليا للعميل، لكن المسؤول التنفيذي أرجأ الاجتماع ثلاث مرات متذرعاً بأسباب واهية. أحس العميل بالإحباط الشديد، حتى إنه لجأ إلى التعامل مع شركة منافسة أكثر قدرة على مراعاة مصالحه، وفتح معهم مناقشات حول تصميم عبوات وأغلفة الجيل التالي من المشروبات، وهو ما أدى إلى تكبد المورّد السابق خسائر ضخمة في الإيرادات.

صانع الصفقات

يوجّه المسؤولون التنفيذيون في هذا الدور كل تركيزهم إلى الإيرادات ولا يبالون كثيراً ببناء العلاقات. وينتمي 18% من المسؤولين التنفيذيين المشاركين في دراستنا إلى هذه المجموعة. ويعتبر سام بالميسانو مثالاً متطرفاً لسلوك عقد الصفقات، لكن دعونا نلقِ نظرة على مثال أكثر شيوعاً.

تعاقدت إحدى الشركات العالمية المتخصصة في صناعة أنظمة الطلاء على توريد تقنية إنتاجية صديقة للبيئة وموفرة للتكاليف إلى إحدى الشركات الألمانية الرائدة في صناعة السيارات. وعلى الرغم من الأداء الجيد للتقنية الحديثة في الاختبارات المعملية والميدانية، فإن شركة التوريد لم تتمكن من تركيبها على خط الإنتاج الرئيسي للعميل، وكان الإطار الزمني المتفق عليه لتنفيذ العملية يوشك على الانتهاء. لذا، توجّه الرئيس التنفيذي لشركة التوريد لزيارة كلٍّ من المقر الرئيسي للعميل ومعاينة خط الإنتاج، بعد التشاور مع مدير حسابات العميل، ونجح في تمديد فترة السماح. واستطاعت شركته استغلال الوقت الإضافي حتى تمكنت من حل المشكلة في الموقع وإنقاذ الصفقة.

قد يكون هذا التدخل ضرورياً لإتمام الصفقات. فحينما يفكر العميل في إمكانية التعاقد مع مورّد جديد من عدمه، فإن نجاح أو فشل الصفقة لا يتوقف على عرض القيمة الذي يقدمه مدير حسابات العملاء، بل يتوقف على احتمالية وفاء المورّد بالتزاماته. ولن تكون وعود مدير الحساب كافية وحدها لطمأنة العميل، ولا يمكن ضمان الالتزام التام بتسخير موارد الشركة إلا إذا تدخل أحد كبار المسؤولين التنفيذيين، وأحياناً الرئيس التنفيذي نفسه. والأمر نفسه ينطبق على العملاء الذين يتخذون قرارات الشراء في أغلب الأحوال، حيث يتفاوض مدراء الإدارة الوسطى على الصفقات ويقدمون التوصيات، ولكن كبار المدراء هم أصحاب الكلمة الأخيرة بشأن المورّد الذي سيقع عليه الاختيار. (تذكر كيف تجاهل الرئيس التنفيذي لشركة "ميرك" كل مستشاريه وتعاقد مع شركة "آي بي إم"). وكم لاحظنا تدخل كبار مدراء العميل في عمليات الشراء واتخاذهم قرارات مضادة لقرارات مدراء الإدارة الوسطى، حتى إنهم كانوا لا يترددون في تحمل الشروط الجزائية نظير إلغاء عقود موقّعة مع مورّدين لا يريدون التعامل معهم.

لكن نهج صانع الصفقات ينطوي أيضاً على بعض المخاطر. فإذا تم تصعيد المفاوضات بشكل متكرر إلى المستويات التنفيذية، فقد يصبح التفويض التصاعدي هو القاعدة، وهي طريقة غير مستدامة لممارسة الأعمال التجارية. ورغم أن الفريق التنفيذي الأعلى قد يكون ذا قيمة لا تقدر بثمن في إتمام الصفقات شديدة الصعوبة أو الحاسمة، فقد يشعر العملاء بالإحباط بسبب تلقيهم طلبات تلو الطلبات لعقد اجتماعات "عاجلة".

ولا بد من مراعاة الهيكل التنظيمي الداخلي لإتقان دور صانع الصفقات، لكن مع تركيزهم على الإيرادات بدلاً من العلاقات، قد يهمل صنّاع الصفقات التواصل مع أهم الجهات الفاعلة في شركاتهم، وهو ما يؤدي أحياناً إلى أخطاء فادحة. فقد ألغى صانع الصفقات لإحدى وحدات العمل بإحدى الشركات العالمية المتخصصة في صناعة مواد الطلاء مشروع بحث وتطوير يجري تنفيذه بالتعاون مع أحد العملاء لأنه اعتبر أن الإيرادات المحتملة المقدرة بنحو 300,000 يورو غير كافية. وغاب عن نظره الإيرادات المقدرة بنحو 20 مليون يورو التي كان من المتوقع أن يحققها المشروع لوحدة عمل أخرى بالشركة.

ومن هنا يجب أن يظل صانع الصفقات على اتصال دائم بمدراء حسابات العملاء وأن ينظر إلى آرائهم بعين الاعتبار. فقد يسرف صنّاع الصفقات أحياناً في تقديم التنازلات في خضم حماسهم لتأمين الأعمال التجارية. وإذا اشتبه العملاء في إمكانية الحصول على تخفيضات أكبر من المسؤولين التنفيذيين ذوي المناصب الأعلى، فقد يستمرئون تجاوز مدراء حساباتهم أو يطلبون مشاركة صنّاع الصفقات في كل المفاوضات. انظر مثلاً إلى الإجراءات المتطرفة التي لجأ إليها أحد مدراء الحسابات عندما قرر رئيس قسمه مرافقته لإتمام صفقة مهمة. فقد قال لنا مدير الحساب ضاحكاً: "ضغط العميل من أجل الحصول على تخفيضات كبيرة في الأسعار بعد وقت قصير من بدء الاجتماع. كان رئيس القسم شديد التركيز على الفوز بالصفقة لدرجة أنه كان على وشك الموافقة على التخفيضات المطلوبة، وهو ما كان سيقلل أرباحنا بأكثر من مليوني دولار. لم أكن أعرف كيف أوقفه، لذا ادعيت أنني أُصبت بنوبة قلبية. انفضّ الاجتماع، وبعد بضعة أسابيع تفاوضت على سعر أفضل بكثير".

بطل النمو

يعكس هذا الدور السلوك الأكثر إنتاجية في مواجهة العملاء. حيث يركز القادة في هذه المجموعة بشدة على تعزيز كلٍّ من العلاقات والإيرادات، وعندما تتاح أمامهم فرص النمو، فإنهم يعملون كنماذج يحتذي بها الآخرون في المؤسسة. ولا تنطبق هذه المواصفات بكل أسف إلا على أقل نسبة من المسؤولين التنفيذيين المشاركين في دراستنا، بنسبة 14% فقط.

ظل جون تشامبرز، الرئيس التنفيذي لشركة "سيسكو" لسنوات عديدة، من أبطال النمو في الشركة. لقد تعلم حيل التفاعل مع العملاء كمندوب مبيعات في "آي بي إم" وشغل منصب النائب الأول لرئيس شركة "سيسكو" لشؤون المبيعات والعمليات التشغيلية في مختلف أنحاء العالم قبل توليه منصبه الحالي. وكثيراً ما كان يرافق مدراء حسابات العملاء خلال زياراتهم إلى عملاء الشركة ويطلب ملاحظات فورية حول ما يمكنه فعله بشكل أفضل لتعزيز القيمة التي يقدمها للعملاء. كما استفاد من تقنية الشركة للتفاعل مع العملاء عبر الوسائل الافتراضية، قبل وقت طويل من شيوع مكالمات مؤتمرات الفيديو إثر تفشي جائحة "كوفيد-19".

ولكي يكونوا أبطالاً فاعلين للنمو، يجب أن يتدخل المسؤولون التنفيذيون في شركات التوريد بشكل مباشر في المفاوضات الجارية مع العملاء الاستراتيجيين بالإضافة إلى متطلبات وظائفهم اليومية، كما يجب عليهم التعرف على وجهة نظر العميل، حتى لو اضطرهم ذلك إلى حضور جلسات مناقشة استراتيجية العملاء. يدعم أبطال النمو العمليات التي تهدف إلى تحسين أداء الأعمال، مثل استخدام مقاييس ربحية العملاء وأنظمة أفضل الممارسات. والأهم من ذلك أنهم يمهدون الطريق للتغيير الثقافي، حيث يتخذ الآخرون في المؤسسة من سلوك أبطال النمو نموذجاً يُحتذَى به، وغالباً ما يصبحون هم أنفسهم أكثر تركيزاً على العملاء.

وأبطال النمو على استعداد لكسر الحواجز الداخلية (وأحياناً القواعد الفعلية) في إطار سعيهم لنجاح العملاء على المدى الطويل. وقد أقدمت شركة "آي بي إم" على فصل مهندس متمرس لأنه قدم دعماً تقنياً حساساً لأحد كبار عملائها. وأدرك مدير الحساب أن حرمان الفريق من هذا الموظف سيضعف موقف الشركة بشدة مع العميل، لذا بادر بالاتصال بـ"المسؤول التنفيذي للشراكة"، وهو مصطلح يُطلَق في شركة "آي بي إم" على الراعي التنفيذي. لم يتمكن "المسؤول التنفيذي للشراكة" من التراجع عن قرار فصل الموظف، لكنه وافق على الاحتفاظ به كاستشاري وتأمين التمويل اللازم لهذا المنصب المستحدث. وظل هذا المهندس يعمل بهذه الصفة لمدة 12 عاماً متصلة، وأسهم في زيادة الإيرادات من خلال الكثير من العملاء الاستراتيجيين.

غير أن أبطال النمو لهم سلبياتهم أيضاً، فقد يكونون عرضة لسلوك المحاباة والإدارة التفصيلية، خاصةً إذا كانوا في السابق مسؤولين تنفيذيين للمبيعات أو كانوا هم أنفسهم مدراء حسابات العملاء. كان أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة يابانية لتقنية المعلومات متحمساً لدعم مدير حساب عميل معين وفريقه، وحرص على إجراء مكالمات أسبوعية لمراقبة مستوى التقدم ودفع النمو. وضعت هذه الإجراءات ضغطاً هائلاً على مدير الحساب، حتى إنه قال لنا على سبيل الدعابة: "من الجيد والرائع أن يكون لديك مثل هذا المسؤول التنفيذي الملتزم، لكنني أحبه أكثر عندما يكون في إجازة!".

ولتجنب مثل هذه المزالق، يجب على الشركات وضع قواعد واضحة للتدخل، وتحديد أدوار مدراء حسابات العملاء ومسؤولياتهم، وكذلك أدوار أعضاء فريق المبيعات والرعاة التنفيذيين وأصحاب المناصب التنفيذية العليا. وننصح أيضاً بأن تواظب الشركات على البحث عن رؤى أبطال النمو وتقييمها في سياق استراتيجية المؤسسة، واستخدامها كأداة لاختبار الواقع، فقد تكشف عن الحاجة إلى تصحيح المسار. وقد بذلت شركة أدوية أوروبية جهوداً جبارة للتقرب من عملائها من خلال مبادرة تم فيها تكليف مسؤولين تنفيذيين رفيعي المستوى بالتدخل بصفتهم الشخصية لدعم الإجراءات الماسة بالعملاء الاستراتيجيين. وفي أثناء مراجعة الإدارة، قدم مدراء حسابات العملاء لأفضل 10 عملاء الرؤى الناتجة عن المبادرة، والتي أشارت إلى أن استراتيجية المؤسسة كانت منفصلة عن واقع العملاء، لدرجة أن الرئيس التنفيذي قال متحسراً: "سمعنا أن 9 من كل 10 عملاء يتبعون استراتيجية لا تتماشى على الإطلاق مع عروضنا"، وأضاف متسائلاً: "من عليه أن يتغير، نحن أم هم؟". وعلى هذا الأساس، أجرت الشركة تعديلات جذرية على استراتيجيتها الخاصة (وعملية إعداد الاستراتيجية) وشهدت نمواً كبيراً نتيجة لهذا المسلك.

إيجاد الأدوار الصحيحة

بعد تحديد الأنواع الخمسة لتدخل الإدارة العليا، سعينا إلى فهم أثر كل منها على الأداء المالي، وذلك من خلال حصر معدلات نمو المبيعات والأرباح خلال 5 سنوات لكل شركة في دراستنا، اعتماداً على بيانات "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" وغيرها من قواعد البيانات المتاحة للجمهور. لا شك أن أسلوب الرئيس التنفيذي في التعامل مع العملاء هو مجرد متغير واحد يؤثر على النمو، ولكن المبيعات والأرباح كانت ثابتة بشكل عام بين الشركات ذات المسؤولين التنفيذيين الذين يتحاشون التدخل والمسؤولين التنفيذيين الذين ينطبق عليهم وصف المنفلت الأهوج. أما الزوار الاجتماعيون وصنّاع الصفقات فقد حققوا معدلات نمو تجاوزت نظرائهم الذين يرفعون شعار عدم التدخل ومَنْ ينطبق عليهم وصف المنفلت الأهوج بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، فيما أسفر العمل تحت قيادة أبطال النمو عن تحقيق النمو بمعدل يبلغ ضعف معدل الزوار الاجتماعيين وصنّاع الصفقات، وهو ما يجعلهم المجموعة الأكثر فاعلية من غيرهم بمراحل.

هل هذا يعني أن كل مسؤول تنفيذي رفيع المستوى يجب أن يعمل كبطل للنمو في كل تفاعل مع كبار العملاء؟ ليس بالضرورة. يجب على شركات التوريد إرساء أسس أدوار أبطال النمو للعملاء الاستراتيجيين كلما كان ذلك ممكناً، ولكن إذا رفض أحد العملاء مثل هذا الأسلوب، فيجب على المسؤول التنفيذي للشركة المورّدة أن يتقمص دور صانع الصفقات أو الزائر الاجتماعي والتركيز على تنفيذه بأقصى درجات الإتقان.

كما يجب على المسؤولين التنفيذيين في شركات التوريد مراعاة السياق قبل اتخاذ قرار بشأن النهج الذي سيتبعونه. يجب أن يأخذوا في الاعتبار سلوك العميل وأهمية كل عميل لشركة التوريد والعكس صحيح، بالإضافة إلى خصائص عملية الشراء لدى العميل. فإذا تصرف العميل بطريقة تجارية بحتة، فقد يكون الاستثمار في علاقة بطل النمو مضيعة للموارد، وقد ينجح صانع الصفقات في تحقيق نتائج جيدة أو أفضل على المدى المنظور، حتى لو تم التعامل على مستوى تنظيمي أقل. قد يلجأ بعض العملاء إلى نهج أكثر انتهازية باستخدام الزوار الاجتماعيين، ولكن على المدى الطويل، سيستفيد معظم شركات من نقل علاقات العملاء إلى المستوى التالي. وقد بدأ بعض أنجح المسؤولين التنفيذيين الذين نعرفهم رحلات التفاعل مع عملائهم كزوار اجتماعيين أو صنّاع صفقات، وتطوروا في النهاية إلى أبطال النمو. وعملنا مع مسؤولين آخرين يضطلعون بدور بطل النمو في علاقاتهم مع أهم العملاء بالتوازي مع بقاء الزوار الاجتماعيين أو صنّاع الصفقات مع العملاء الآخرين.

خلاصة القول هي أن الرؤساء التنفيذيين الذين يتجنبون دور بطل النمو مع العملاء الاستراتيجيين يحرمون شركاتهم من فرص رائعة. وإذا كان العميل يسعى إلى مشاركة تعاونية تتجاوز حدود مناقشات الزوار الاجتماعيين أو صنّاع الصفقات وفشلت شركة التوريد في مجاراة رغبة عميلها، فقد يلجأ العميل إلى منافس آخر يكمل معه المشوار.

إنجاح استراتيجية النمو المطبقة لديك

ننصح بأن تجري الشركات مراجعة سنوية لكل علاقاتها مع العملاء الاستراتيجيين وإسنادها إلى أبطال النمو وفقاً لاحتمالات نشوء علاقة طويلة الأجل بدلاً من سلوك الشراء الحالي. ويجب أن يغامر أعضاء الفريق التنفيذي بالخروج من مناطق راحتهم وتحمل مسؤوليات لم يألفوها من قبل ومساعدة المسؤولين في شركاتهم على فعل الشيء نفسه. انظر مثلاً إلى شركة "هنكل" الألمانية المتخصصة في تصنيع السلع الاستهلاكية المعلبة والتي دخلت في منافسة شرسة مع شركتي "بروكتر آند غامبل" و"يونيليفر". أدت استراتيجية علامتها التجارية الصماء إلى الحد من قدرتها على التفاعل مع العملاء عبر مجموعة منتجاتها الكاملة. وبعد فترة وجيزة من توليه منصب الرئيس التنفيذي، أسس كاسبر رورستد برنامج "مقابلة العميل" لكبار المدراء في مختلف العلامات التجارية. كما دشن مسابقة بين كبار المسؤولين التنفيذيين لتتبع أنشطتهم التي تركز على العملاء. وسرعان ما أصبحت تقارير تفاعل العملاء بنداً دائماً في جدول أعمال اجتماعات الإدارة، وزادت زيارات كبار المسؤولين التنفيذيين للعملاء بشكل كبير كماً وكيفاً.

ما أهم السمات المميزة لبطل النمو؟

استناداً إلى نتائج بحثنا، وضعنا ملفاً تعريفياً بالسمات الأساسية التي يمكن للمؤسسات استخدامها للتعرف على مثل هؤلاء القادة واكتشافهم بين صفوف العاملين فيها.

1- التوافق

يحقق توافقاً شخصياً وثيقاً مع كل من المسؤولين التنفيذيين للعملاء ومدير الحساب

2- الإتاحة

يستجيب للعملاء ومدير الحساب وفريق المبيعات، دون اختلاق أعذار

3- المبادرة

على استعداد للذهاب إلى أبعد الحدود لتبني وجهة نظر العميل وكسر الحواجز الداخلية في سبيل نجاح العملاء على المدى البعيد

4- المعرفة

لديه فهم متعمّق لاستراتيجية الشركة والعميل وقدراتهما على حد سواء

5- مهارات التواصل

يستطيع "التحدث بلغة" العميل وفرق المبيعات والخبراء الوظيفيين

6- مهارات التعامل مع الأشخاص

يحرص على الالتزام بالعمل الجماعي القوي والتدريب والاستماع

7- التوجه نحو النتائج

لديه سجل حافل بتحقيق الأهداف المحددة أو تجاوزها

يجب أن يكون لدى شركات التوريد أيضاً برنامج للرعاة التنفيذيين. يمكن أن يتخذ هذا البرنامج عدة أشكال مختلفة: بعضها منظم للغاية وقائم على المقاييس، وبعضها الآخر عبارة عن ترتيبات غير رسمية بين كبار المدراء ومؤسسة المبيعات. لكن أنجح البرامج لها بعض الخصائص المشتركة. فهي تدرك أن الرعاية التنفيذية أولوية وليست نشاطاً اختيارياً، وأن الرعاة يجب أن يلتزموا بمهمات تتراوح مدتها بين سنتين وثلاث سنوات لضمان الاتساق والعمق، وأن الرعاة ليسوا هم أصحاب العلاقة مع العملاء ويجب عليهم التشاور مع مدراء حسابات العملاء قبل زيارتهم وبعدها. ويجب أن تخلو مثل هذه البرامج من الجمود، إذ يجب تقييمها وتعديلها حسب احتياجات العملاء أو تطور أولويات المورّد. فعلى سبيل المثال، قد تزداد أهمية الإدارة والتنسيق المركزيين لبرنامج الرعاية في ظل نمو شركة توريد صغيرة وتحولها إلى مؤسسة متوسطة الحجم أو كبيرة وبالتالي تتضاعف مشكلات إدارة العلاقات كماً وكيفاً.

وقد أجرينا استقصاء على المشاركين في ورشتنا، علمنا من خلاله أن الشركات التي لديها برنامج للرعاية التنفيذية تمتلك عدداً أكبر بكثير من أبطال النمو بين كبار المدراء (26%) مقارنة بالشركات التي ليس لديها برنامج كهذا (4% فقط). كما أفادوا بارتفاع مستوى الوعي بأهمية تدخل الإدارة العليا في تفاعلات العملاء واتباع أسلوب أكثر منهجية لتطبيق الأدوار التنفيذية الأكثر فاعلية بصورة استراتيجية.

نصيحة أخيرة: يجب على الشركات أن تراعي أن بعض كبار المسؤولين التنفيذيين لا يصلحون كرعاة تنفيذيين جيدين. فعلى سبيل المثال، تدرك شركة الخدمات اللوجستية العملاقة "دي آتش إل" أهمية التوافق الشديد، وقد يطلب مدراء حسابات عملائها راعياً تنفيذياً مختلفاً إذا أثبتت ديناميكية العلاقة عدم جدواها، شريطة أن يدعموا طلبهم هذا بمبرر وجيه.

قد يؤدي تدخل الإدارة العليا في علاقات العملاء بالمؤسسات المختصة بالتعامل التجاري بين الشركات إلى تحقيق أرباح هائلة للمورّدين وعملائهم. وقد أحسن أحد المشاركين في ورشتنا تلخيص هذا التحدي، إذ قال: "تقع على عاتق مدراء حسابات العملاء وفرقهم مسؤولية إدارة حصة العميل من المحفظة. أما دور الإدارة العليا فينحصر في استمالة عقل العميل". ومن هنا، فإن التركيز على العملاء ليس مجرد مشروع آخر يوضع على قائمة مهمات كبار المسؤولين التنفيذيين، بل هو مكوّن أساسي من مكونات النمو وعنصر أساسي في النجاح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي