لن تصبح مديراً عظيماً إذا لم تكن موجهاً ومشرفاً عظيماً

5 دقائق

إذا كان عملك يتضمن قيادة الآخرين، فإن أهم شيء يمكنك فعله كل يوم، هو أن تساعد أعضاء فريقك على إحراز التقدم في إنجاز عمل يشعرون بأنه مفيد لهم.

ولكي تفعل ذلك، يتعيّن عليك أن تفهم ما هو الأمر الذي يحفّز كل شخص، وتساعد على إيجاد الروابط بين العمل الذي يؤدّيه كل موظف ورسالة المؤسسة وأهدافها الاستراتيجية، بالإضافة إلى تقديم رأيك لموظفيك في الوقت المناسب، ومساعدة كل واحد منهم في أن يتعلّم وينمو على أساس دائم. كما أن التواصل الدوري مع الموظفين حول التطوير، أي تخصيص جلسات لتقديم التوجيهات والدعم والإشراف إلى المرؤوسين، هو أمر في غاية الأهمية. فقد أثبتت الأبحاث الحديثة، عملياً، أن الكفاءة الوحيدة الأهم التي تميّز المدراء الذين يتّسمون بفعالية عالية عن المدراء العاديين هي قدرتهم على الإشراف الشخصي على الموظفين وتوجيههم وكأنهم مدربين شخصيين لهم.

لكن الغريب في الأمر، هو أن هذا النوع من الإشراف والتوجيه الشخصيين ليس جزءاً مما ينتظر من المدير القيام به رسمياً. وعلى الرغم من أن الأبحاث توضح بكل جلاء أن الموظفين والمرشحين لشغل الوظائف على حد سواء، يقدّرون التعلم والتطوير المهني ويعتبرونه أهم من أي جانب آخر من جوانب الوظيفة، فإن العديد من المدراء لا يرون ذلك جزءاً مهماً من دورهم. فالمدراء يعتقدون بأنه ليس لديهم الوقت للانخراط في هذا النوع من الأحاديث، بينما يفتقر العديد من هؤلاء المدراء إلى المهارات المطلوبة للقيام بذلك. ومع هذا، فإن 70% من تعلّم الموظفين وتطورهم يحصل أثناء ممارسة عملهم، ولكن ليس عبر البرامج التدريبية الرسمية. لذلك إذا لم يكن المدراء المباشرون داعمين ومنخرطين بفعالية في هذه العملية، فإن نمو الموظفين سيكون محدوداً وناقصاً، ما يعني أن تفاعل الموظفين مع العمل واستمرارهم سيكون معرضاً للخطر.

هل بوسعك تعليم المدراء المباشرين الذين ينتمون إلى المدارس الفكرية القديمة ويركّزون على النتائج كيف يوجّهون موظفيهم ويشرفون عليهم وكأنهم مدربين شخصيين لهم؟ نعم هذا ممكن وبكل تأكيد. كما أن هذا التدريب يعزز الأداء في كلا الاتجاهين. فهي تجربة قوية لخلق ارتباط متبادل مع شخص آخر ومساعدة هذا الشخص، سواء أكان ذكراً أم أنثى، في تحقيق ما يهمّه ومساعدته على أن يصبح الشخص الذي يطمح إليه. وإن كان من شيء يمكن للمحادثات التوجيهية والإشرافية الفعالة أن تنتجه في مكان العمل، فهو بكل تأكيد الطاقة الإيجابية. فالمئات من المدراء التنفيذيين أخبروني أن مساعدة الآخرين ليتعلّموا وينموا هي واحدة من أكثر التجارب التي تشعرهم بالمكافأة وتحقيق الذات عند ممارستهم لعملهم بصفتهم مدراء.

وأنت أيضاً بوسعك أن تكون مديراً أكثر فعالية بكثير مما أنت عليه الآن – ويمكنك أن تستمتع بعملك أكثر – إذا ما خصصت وقتاً دورياً للحديث مع أعضاء فريقك وتوجيههم وإرشادهم بوصفك مدرباً شخصياً لهم جميعاً ولكل واحد منهم على حدة. فعندما تعزم على تقديم الدعم لهم حتى يتمكنوا من مواصلة تعلّمهم الدائم وتطوير أنفسهم، فهناك 5 نصائح أساسية ستساعدك على الانطلاق والنجاح في مسعاك هذا:

ليكن استماعك للناس عميقاً: ضع في اعتبارك الشعور الذي تشعر به عندما تحاول التعبير عن شيء مهم إلى شخص باله مشغول بالكثير من الأمور. ثم قارن تلك التجربة المألوفة مع التجربة الأخرى الأكثر رفاهية وارتياحاً للتواصل مع شخص يركّز عليك أنت بالكامل ويصغي بفعالية إلى ما تريد قوله. يمكنك بدء الحديث المتعلق بالتوجيه والإرشاد والذي تخوضه مع أحد موظفيك من خلال طرح السؤال التالي: "كيف تزيد من قدراتك هذا الشهر؟"، فاللغة التي تستعملها أقل أهمية من قدرتك على تصفية ذهنك، والإصغاء بإمعان، وخلق رابط مع هذا العضو في فريقك بحيث يتشجّع على الحديث بصراحة وانفتاح وعلى التفكير بطريقة مبدعة.

سَل بدلاً من تقديم الإجابات: بصفك مديراً، فأنت تتمتع بمستوى رفيع من الخبرة وأنت معتاد على طرح أفكارك للآخرين، وغالباً ما تكون قادراً على التعبير عنها مباشرة. هذا الأمر لا بأس منه عندما تحاول توضيح الخطوات الإجرائية الخاصة لمشروع معين أو عندما يطلب منك الناس النصح. أما إذا كنت في سياق محادثة توجيهية أو إشرافية مع أحد الموظفين لديك، فمن الضروري أن تحدّ من اندفاعك ورغبتك الجامحة في تقديم الإجابات. فالطريقة الفضلى لهذا النوع من المحادثات التوجيهية تعتمد على طرح الأسئلة ذات النهايات المفتوحة وليس تقديم الإجابات. فأنت تنجح كمدرب وموجه شخصي لموظفيك عندما تساعدهم على التعبير عن أهدافهم وتحدياتهم والعثور على إجاباتهم بأنفسهم. التصرف على هذه الصورة يساعد الناس على توضيح أولوياتهم وصياغة استراتيجيات فعّالة لتحقيق أهدافهم.

أنشئ تحالفاً لمساعدة الموظفين على التطور وحافظ على هذا التحالف: على الرغم من أن دورك كموجه ومشرف شخصي لا يعني تقديم الإجابات، إلا أن دعم الأهداف والاستراتيجيات التطويرية لأعضاء فريقك هو أمر أساسي للغاية. لنفترض مثلاً بأن إحدى الموظفات لديك قد ذكرت بأنها ترغب في الحصول على فهم أعمق للطريقة التي يتلقى بها زبائنكم الخدمات والمنتجات التي تقدمها شركتكم. وتقترح لذلك مرافقة أحد الفرق التنفيذية في زيارته الميدانية في الأسبوع التالي، لإجراء مقابلات مع الزبائن واستخدام المعلومات التي ستحصل عليها من المقابلات لكتابة مقال عن تجربة الزبائن مع الخدمات والمنتجات. أنت توافق على أن هذا الأمر سيكون ذا قيمة ومفيداً لكل من الموظف والشركة على حد سواء. وكل ما عليك فعله هو التأكد من إعطاء هذه الموظفة التفويض الذي تحتاجه، والمساحة والموارد الضرورية كي تنفذ خطتها التي وضعتها في رأسها. وبوسعك أيضاً أن تسلط الضوء على مقالتها بعد كتابتها بوصفها مثالاً على طريقة محددة وموجهة لتعلّم الموظف وتطوره. كما أنن المتابعة أساسية جداً لبناء الثقة وضمان سير عملية التوجيه والإشراف بفعالية. فكلما كانت متابعتك أكبر لعملية الدعم التي تقدمها لموظفيك، زادت فعالية إشرافك وتوجيهك، وكلما زادت ثقة موظفيك فيك، ازداد تفاعلكم جميعاً مع هذه العملية.

ركّز على المضي قدماً بإيجابية: غالباً ما سيجد الشخص الذي تقدم له الإشراف والتوجيه الشخصيين نفسه عالقاً في سرد تفاصيل الأمور التي تقض مضجعه وتحبطه. "أتمنّى لو كان بوسعي أن أقضي وقتاً أكبر في بناء شبكتي، لكن ليس لدي وقت إضافي. فأنا أعمل بطاقتي القصوى وبالكاد قادرة على إنجاز المهام المطلوبة مني. أتمنى لو أن الفرصة تتاح لي لحضور بعض الندوات المتعلقة بمجال عملي. لكنني لن أكون قادرة على السماح لنفسي حتى بمجرد التفكير في ذلك حتى أتمكّن من إنجاز كل مهامي ضمن المهل الزمنية المحددة". إن تنفيس الموظفة عما يختلج في صدرها يمكن أن يمنحها شيئاً من الراحة المؤقتة، لكن ذلك لا يخلق حلولاً. خذ وقتك لتعطي هذه الموظفة فرصة لتعبّر عن إحباطها وعبّر عن تعاطفك مع ذلك، بعد ذلك، شجعها على تجاوز الأمر. بوسعك أن تطرح عليها السؤال التالي: "أي من النشاطات التي ذكرتها للتو تنطوي على أكبر قدر من الطاقة الكامنة لبناء معرفتك وإضافة القيمة إلى الشركة؟"، "هل بوسعك تخصيص ساعتين من الوقت كل أسبوع لتقضيها في نشاطات تطويرية وتنموية؟"، "هل هناك مهارات أو علاقات ستزيد من قدرتك على إنجاز مهامك الأساسية؟"، "كيف يمكننا العمل بطريقة أكثر كفاءة ضمن الفريق لتخصيص بعض الوقت للتطوير وحماية هذا الوقت؟".

طبق مبدأ المحاسبة والمسؤولية: بالإضافة إلى متابعة أي التزامات قد تقدمها إلى الموظفين، يتعيّن عليك أيضاً أن تحمّل موظفيك مسؤولية صياغة خطط تطويرية وتنفيذها. فهذا النوع من المساءلة يزيد من التأثير الإيجابي لمحادثاتكم الإشرافية والتوجيهية. فإذا ما خطط أحد الموظفين لإجراء بحث لتحديد أفضل البرامج التدريبية التي ستناسب أهدافه التطويرية، اطلب منه تحديد البرامج الملائمة وكذلك تكلفتها وحجم الوقت الذي سيتعيّن عليه أن يخصصه من وقت العمل للالتحاق بهذه البرامج، واطلب منه تسليم هذه المعلومات خلال مهلة زمنية معيّنة.

إن التوجيه والإشراف الشخصيين اللذين تقدمهما لموظفيك يسهمان في بناء علاقات أقوى بينك وبين أعضاء فريقك، ويساعدان على تطوير المهارات التي يحتاجونها ليكون أداؤهم في ذروته. ويجعلهم ذلك يشعرون بملكية عملية تعلمهم. كما يمنحهم شعوراً جيداً. ففي إحدى ورشات العمل المخصصة للتوجيه والإشراف الشخصيين والتي قدتها شخصياً في شنغهاي، أكد أحد المدراء التنفيذيين الذين شاركوا في تمرين خاص بالتوجيه والإشراف أن هذا التمرين كان يشبه "لعبة القفز في الهواء". وقد كنت سعيداً برؤية هذا الرجل، الذي جاء في البداية وهو يبدو متحفظاً ومتعباً نوعاً ما، وهو لا يكف عن الابتسام طوال النهار. ولم يكن أبداً المشارك الوحيد الذي نشطته تمارين التوجيه والإشراف الشخصيين هذه.

إذاً، ما عليك سوى الانطلاق وتحقيق تلك القفزة الشخصية. فأنت بالتأكيد ستحب كثيراً متعة المحادثات الإشرافية والتوجيهية التي ستحفّز نمو موظفيك وتشجعهم على التطور.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي