تخيل أنك تجري مقابلة عمل وكل شيء فيها يسير على ما يرام، وتشعر بأنك قد تكون المرشح الأبرز لهذا المنصب. لكن لديك مشكلة؛ فقد حجزت إجازة طويلة بالفعل، في حين أن الشركة ترغب في شغل المنصب في أسرع وقت. إذ إن الوظيفة تبدأ في يوليو/تموز، لكنك حجزت في وقت سابق تذكرة طيران غير قابلة للاسترداد لموعد في أغسطس/آب.
متى تطرح هذا الأمر خلال المقابلة؟
التوقيت مهم جداً هنا، وعليك أن تفكر في التوقيت الأنسب للإفصاح عن هذه المعلومات. ومن غير المنطقي أن تظهر حماسك الكبير لشغل المنصب، ثم تصارح محاورك بعد لحظات بأنك لن تكون متاحاً لبدء العمل لعدة أشهر، سواء بسبب إجازة خططت لها مسبّقاً أو لرغبتك في إنهاء مشروع مهم في عملك الحالي قبل الانتقال إلى العمل الجديد.
القاعدة العامة هي الانتظار حتى تقرر الشركة أنك خيارها الأول. انتظر حتى تحصل على عرض شفهي قبل مناقشة أي مخاوف أو استفسارات حول الإجازة أو ترتيبات العمل المرنة، فهذا جزء من الفحص النافي للجهالة في أثناء المرحلة بين العرض والقبول. وفي هذه المرحلة، يمكنك تأطير المحادثة تأطيراً إيجابياً، معرباً عن حماسك لبدء العمل عقب "تسوية التفاصيل".
عندما يحين وقت الكشف عن خطط إجازتك، فكر بعناية فيما يعنيه ذلك لك وللشركة. وحتى إذا لم تكن قد حجزت إجازة، فمن الطبيعي والمفهوم أنك قد ترغب في إجازة فاصلة بين ترك عملك القديم والالتحاق بوظيفتك الجديدة. فقد تكون هذه واحدة من فرص قليلة في حياتك المهنية حيث تنفصل تماماً عن أجواء العمل ومتابعته. ومع ذلك، من الأهمية بمكان أن تفهم أولويات الشركة؛ فإذا كانت بحاجة ماسة إلى موظف يبدأ العمل فوراً، فعليك أن تفكر جدياً في إلغاء خططك المسبّقة، مهما كانت التكلفة.
ولكن، يجب عليك أن تحاول التحدث بعقلية صانع الصفقات وليس المتحدث باسم قلقك ومشاكلك. فلا تعتبر إجازتك عقبة ومشكلة، وتحدث عنها كأنها مجرد تفصيل بسيط يمكن تسويته قبل الانضمام إلى الشركة، جنباً إلى جنب مع وضع الرتوش الأخيرة على بنود عقدك ووصفك الوظيفي. واستخدم عبارات مثل: "أنا واثق من أن بمقدورنا تسوية هذه المسألة"، فهي أكثر فعالية من أن تبدأ كلامك بـ "معذرة، ولكن..".
هناك استراتيجية فعالة يسميها الخبراء "شطيرة السعادة"، حيث تتحدث في نقطة سلبية بين نقطتين إيجابيتين. تبدأ بالتعبير عن حماسك لشغل المنصب، ثم تعرج سريعاً على خطة إجازتك، قبل أن تنتقل فوراً إلى الحديث عن أهدافك وما تأمل تحقيقه عندما تتولى المنصب. سيكون هذا الأسلوب فعالاً في حال كانت الشركة تريدك بشدة، لأن حديثك عن قدراتك ونقاط قوتك طغى على ذكر طلبك الخاص.
من المهم أن تتدرب على كيفية تقديم هذه المعلومات، تماماً كما تتدرب باهتمام على كيفية التحدث عن نقاط سلبية أخرى. والحقيقة هي أن أي شيء تدرك أنه عائق أمام الحصول على عرض العمل لن يكون عائقاً بالفعل إلا إذا سمحت له بذلك. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يترك حديثك عن التزامات خارج نطاق العمل انطباعاً بأنك شخص ذو خبرة كبيرة، أو يخلق تصوراً خاطئاً بأن عملك ليس على رأس أولوياتك في الحياة.
بينما تتدرب على نهجك في الحوار، انتبه للرسائل الأساسية التي تنقلها؛ ما هو قدر تركيزك على احتياجاتك، وإلى أي مدى يتماشى مع منظور الشركة؟ فإذا بدأت بمناقشة حاجتك إلى فترة راحة، فستوحي لمسؤول التوظيف بأنك مجهَد ومرهق بشدة. كيف توصل له فكرة أنك متحمس ومستعد للتحدي الوظيفي الجديد، لكن جدولك مزدحم تماماً بشؤونك الشخصية؟ تريد الشركة أن ترى حماسةً حقيقية في قبولك لهذه الفرصة، وليس أن تجد أمامها مرشحاً يبدو أنه يتحقق من مواءمة ظروفه الشخصية، قبل الالتزام بما قد تكون خطوة نوعية في مساره المهني.
وتذكّر أن الصرامة التي يبدو عليها مسؤول التوظيف تخفي وراءها رغبةً في ترك انطباع ودود بالقدر نفسه الذي ترغب فيه أنت، أو أنه يريد على الأقل أن يشعر بالثقة بأنك تعتبر هذا المنصب، قولاً وفعلاً، خطوةً مثالية للأمام في مسارك المهني. ولا يريد منك سوى إظهار التزام شديد مع مخاطر تكاد تكون منعدمة. إن قدرتك على التعبير عن هذين الأمرين هي التي ستمنحك الوظيفة التي تريدها، علاوة على الإجازة التي تحلم بها.