تأخذ المسؤوليات المؤسسية والاجتماعية والبيئية للشركات مكاناً مهماً في تطوير الأعمال وتحقيق التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية، وتعكس جهود الشركات في هذا السياق تفاعلها الإيجابي مع رؤية المملكة 2030، التي تؤكد تلك الركائز المهمة لتحقيق المواطنة الفاعلة؛ وذلك من خلال التشجيع على إيجاد الحلول لمتطلبات المجتمع وتحدياته وابتكارها إضافة إلى الإسهام في خلق أفضل المجتمعات المؤسسية من خلال التحلي بالقيم والمبادئ وروح المسؤولية، وتعظيم أهمية المحافظة على البيئة لتحقيق التنمية المستدامة.
لذلك تعبّر المسؤولية المؤسسية عن التزام الشركات بمزاولة أنشطتها وتحقيق أرباحها مع مراعاة الأخلاقيات في جميع جوانب أعمالها.
من جهة أخرى، تركز المسؤولية الاجتماعية على دور الشركات في تحسين الظروف الاجتماعية ودعم المجتمعات التي تعمل فيها ويشمل ذلك الاستثمار في المشاريع الاجتماعية والتعليمية على سبيل المثال، وتعزيز فرص العمل المستدامة، وتقديم الدعم لتحديات المجتمع بما يعكس التفاعل الإيجابي بين الشركة والمجتمع.
أما المسؤولية البيئية، فتركز على تأثير الشركات على البيئة وجهودها في الحد من الآثار البيئية السلبية. ويتطلب ذلك تبني ممارسات صديقة للبيئة، مثل التوجه نحو الاستدامة والحد من الانبعاثات الضارة. ويتعين على الشركات أيضاً النظر في استخدام الموارد استخداماً فعالاً والاستثمار في تكنولوجيا تُسهم في الحفاظ على البيئة.
لذا تساعد المسؤوليات المؤسسية والاجتماعية والبيئية الشركات على تحقيق التوازن بين تحقيق الربح وتلبية التوقعات المجتمعية والحفاظ على البيئة. ويمثل تبنّي هذه الأسس مفتاحاً لبناء مجتمعات أعمال مستدامة ومتفاعلة مع المجتمع والبيئة.
وما يؤكد أهمية أدوار تلك المسؤوليات في تحقيق التقدم والازدهار على المستويين الوطني والعالمي هو البرامج والأنظمة واللوائح والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنضمة إليها المملكة العربية السعودية وتأتي في مقدمتها برامج رؤية المملكة الطموحة 2030، إذ تشجع هذه البرامج على تبني مفاهيم كل من المسؤولية المؤسسية والاجتماعية والبيئية لتحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي والمجتمعي والبيئي معاً. وفيما يلي لمحة مُوجزة عن أبرز الأطر التنظيمية المُنظمة للمسؤولية الاجتماعية والمسؤولية البيئية في المملكة العربية السعودية:
- تلتزم المملكة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالبيئة وحقوق الإنسان، التي تُعد في حكم الأنظمة واللوائح المحلية التي تُلزم الشركات المحلية بالامتثال للمعايير العالمية في مجالي المسؤولية الاجتماعية والمسؤولية البيئية، ومن ذلك:
أولاً. في مجال المسؤولية الاجتماعية
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المعتمدة بالمرسوم الملكي رقم (م/12) وتاريخ 1418/04/16هـ، (1997/08/21).
- اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، التي أقرّ ها مؤتمر العمل الدولي
المعتمدة بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 1422/01/22هـ، (2001/04/16). - بروتوكول عام 2014 المتعلق بالعمل الجبري المعتمد بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 1442/08/26هـ، (2021/04/09).
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعتمد بالمرسوم الملكي رقم (م/19) وتاريخ 1430/03/27هـ، (2009/03/24).
ثانياً. في مجال المسؤولية البيئة
- اتفاقية فينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون والتعديلات الملحقة به المعتمدة بموجب المرسوم الملكي رقم (1) وتاريخ 1413/02/06 هـ، (1992/08/06).
- بروتوكول (كيوتو) الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المحرر عام 1997 لعام 1425هـ المعتمد بالمرسوم الملكي رقم (م/57) وتاريخ 1425/10/20هـ، (2004/12/03).
- الاتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث بوقود السفن الزيتي لعام 2001 المعتمدة بالمرسوم الملكي رقم (م/13) وتاريخ 1440/02/01هـ (2018/10/12).
- يعزز المشروع الوطني للتحول الرقمي استخدام تقنيات التكنولوجيا البيئية، ما يشجع على تبني الابتكار والاستثمار في تقنيات التكنولوجيا الخضراء من الشركات لتحقيق النمو المستدام.
- صدر قرار من مجلس الوزراء رقم (448) وتاريخ 1442/08/10 هـ، (2021/03/24) لتشكيل لجنة المسؤولية الاجتماعية، التي تُعنى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ وذلك بهدف العمل على رسم الخطط والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية إضافة إلى عدد من المهام المحددة للجنة بموجب القرار من أجل العناية بكل من الجانب التخطيطي والجانب التنفيذي على حدٍّ سواء. وعلى إثرها تعمل اللجنة وفق 5 ركائز رئيسية هي:
- الحوكمة والتشريعات: تعزيز البيئة التنظيمية والبيئة التشريعية.
- الحوافز: تشجيع ممارسات المسؤولية الاجتماعية عن طريق الحوافز.
- التوعية وتنمية القدرات: بناء الوعي الوطني وتنمية القدرات البشرية في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات.
- الرقابة وقياس الأداء: تمكين الرقابة وقياس أثر أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات.
- الابتكار: تشجيع الابتكار في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات.
علاوة على ذلك، أصبح للجنة دور بارز في تعزيز إسهام القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية، ومن بين هذه الممارسات المحفزة نشر أبرز الإسهامات المجتمعية للشركات عبر صفحة مخصصة في موقعها الإلكتروني تحت عنوان (لوحة أبرز المساهمين) بهدف تشجيع المنافسة الحميدة. وقد تنوعت إسهامات الشركات في خدمة المجتمع في مجالات عديدة من بينها التنمية الاجتماعية والتعليم.
قررت المملكة العربية السعودية يوم 23 من شهر مارس/آذار من كل عام ليكون يوماً للمسؤولية الاجتماعية وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (320) وتاريخ 1444/04/28هـ، (2022/11/23)؛ وذلك نظراً لاهتمام المملكة العربية السعودية في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية.