في 27 يناير/كانون الثاني 2017، وقع الرئيس ترامب على أمر تنفيذي يحظر مواطنين، بمن فيهم أطباء، من سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً. يمكن أن يكون لذلك تأثير ملموس على نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة. وقد يكون الكثير من الأطباء ممنوعين من العودة إلى الولايات المتحدة بعد مغادرة البلاد. فحسب بيانات من عام 2010، يوجد 4,180 مواطناً إيرانياً و3,412 مواطناً سورياً يعملون أطباء في الولايات المتحدة من بين حوالي 850 ألف طبيب يقدمون الرعاية المباشرة للمرضى.
في وقت إعداد هذا المقال، يوجد 260 شخصاً من سبع دول من المتقدمين للإقامة في مستشفيات الولايات المتحدة، ولكنهم محظورون من القدوم إلى يوم المطابقة (Match day) في الولايات المتحدة، وهو اليوم الذي يعرف فيه الطلاب ما إذا تم قبولهم في البرنامج، ويكون عادة في الجمعة الثالثة من شهر مارس/آذار من كل عام. إذا خسرت الولايات المتحدة هؤلاء المتقدمين ولم تستطع إيجاد مرشحين لأخذ مقاعدهم، تظهر لنا عملية حسابية بسيطة أن ذلك قد يؤثر على 400 ألف مريض على مدار العام المقبل وحده (مقدّر مع افتراض أن 50% منهم يطابقون معايير برامج الإقامة، ويصبحون أطباء رعاية رئيسيّن، ويشرفون على 3 آلاف مريض على مدار العام المقبل).
أكمل واحد من بين كل أربعة أطباء ممارسين تقريباً في الولايات المتحدة دراسة الطب في الخارج، حيث يأتي الكثير من خريجي الطب الدوليين إلى الولايات المتحدة للإقامة ثم يبقون هناك، مع موافقتهم على العمل في مناطق لا يوجد فيها عدد كافٍ من المتخصصين في مجال الصحة. وقد أثبتت الدراسات أن الأطباء المتدربين دولياً يزيد احتمال ممارستهم الطب في المناطق الريفية والمناطق التي لا تحظى بخدمات كافية. وفي العديد من الحالات، ينتهي الأمر بالأطباء في العمل في هذه المناطق لفترات زمنية طويلة.
لقد أبدى واضعو السياسات والجمهور مخاوف تجاه جودة العمل الذي يزاوله المهاجرون، مقارنة مع الأطباء المتدربين في الولايات المتحدة، على الرغم من الحقيقة التي تقول إن الأطباء المتدربين دولياً عليهم اجتياز ثلاثة اختبارات وإكمال الإقامة في الولايات المتحدة وامتلاك رخصة ممارسة في الولايات المتحدة. وبينما استمر الجدل حول هذه المسألة لعقود من الزمن، كانت ثمة أدلة قليلة فيما إذا كانت نتائج المرضى تختلف حسب المكان الذي أتم فيه الطبيب دراسة الطب. لقد جاءت الدراسات السابقة بنتائج مختلطة، ولكنها عادة ما أجريت على عينات اختبار صغيرة أو ركزت على مناطق جغرافية ضيقة.
وفي ورقة جديدة نشرتها "المجلة الطبية البريطانية" (BMJ)، وجدنا أنه عندما أُدخل مرضى "ميديكير" (Medicare)، إلى مستشفيات الولايات المتحدة بظروف صحية عامة، فإن احتمال وفاتهم خلال 30 يوماً من دخولهم كان أقل بنسبة 5% إذا عالجهم خريجو طب دوليون مقارنة بخريجي الطب في الولايات المتحدة. ولم نجد أي فروق في احتمال إعادة إدخال المرضى إلى المستشفى في غضون 30 يوماً بعد إخراجهم منه. كما وجدنا أن تكلفة الرعاية كانت أعلى بعض الشيء لدى خريجي الطب الأجانب مقارنة بخريجي الطب من الولايات المتحدة، على الرغم من ضآلة حجم الاختلاف.
للوصول إلى هذه النتائج، درسنا النتائج لدى مرضى "ميديكير" الذين عالجهم أطباء باطنيون مدربون دولياً وآخرون مدربون محلياً. وقسنا النتائج في شتى المستشفيات وداخل المستشفى الواحد لتحاشي إرباك تأثير المستشفيات لنتائجنا. من المعلوم أن خريجي الطب الأجانب ترجح ممارستهم للطب في المناطق الريفية والمناطق التي لا تحظى بخدمات كافية، حيث يمكن أن تكون موارد المستشفيات أقل وتزيد حدة المرض لدى السكان المرضى. يمكن أن تقود هذه العوامل إلى ارتفاع معدل الوفيات بين المرضى الذين يعالجهم خريجو طب أجانب، حتى لو كانت أساليب الممارسة لدى الأطباء وجودة الرعاية مطابقة تماماً لما يقدمه خريجو الطب المحليين. إذاً، بالمقارنة بين المرضى الذين يعالجهم خريجون أجانب مع خريجي طب محليين في مستشفى واحد، فقد قللنا على نحو فعال من آثار جودة المستشفى والخصائص السكانية من ناحية وفاة المرضى. كما عدلنا بعض خصائص المرضى الكثيرة (مثل العمر، والجنس، وحدّة المرض، والوضع الاجتماعي الاقتصادي) وخصائص الطبيب (العمر، والجنس، وعدد مرضى "ميديكير" الذين عالجوهم كل عام) لعزل تأثيرات كلية الطب عن نتائج المرضى.
نظرنا إلى الرعاية المقدمة من 44 ألف طبيب باطني في حوالي 1.2 مليون حالة إدخال إلى المستشفى. وعموماً، كان المرضى الذين عالجهم خريجو الطب الدوليون على الأرجح يتبعون لأقليّات عرقية، ويتمتعون بوضع اجتماعي اقتصادي أقل، ومصابون باعتلالات مشتركة. وبعد تعديل عوامل المريض والطبيب والمستشفى، وجدنا أن المرضى الذين يعالجهم خريجو الطب الدوليون أقل عرضة للوفاة (11.2%) مقارنة بالمرضى الذين يعالجهم خريجو الطب في الولايات المتحدة (11.6%) في غضون الأيام الثلاثين التي تتبع دخول المرضى إلى المستشفى. كانت الفروق مختلفة بشكل مذهل، ولاحظنا الأنماط نفسها عندما قارنا الأطباء في شتى المستشفيات أو داخل مستشفى واحد.
ووجدنا أن المرضى الذين عولجوا لدى خريجي الطب في الولايات المتحدة والدوليين (داخل المستشفى الواحد) بعد 30 يوماً من الدخول إلى المستشفى، كان احتمال عودتهم إلى المستشفى متساوياً. وبالمقارنة مع خريجي الطب في الولايات المتحدة، أمضى الخريجون الدوليون وقتاً أطول في علاج المرضى (من خلال المزيد من الفحوصات ودراسة التصوير التشخيصي الطبي)، ولكن الفرق كان صغيراً جداً (47 دولاراً لكل إدخال للمستشفى). وأجرينا أيضاً عدداً من تحليلات الحساسية لاختبار فيما إذا تأثرت نتائج دراستنا ببعض الافتراضات التي تشمل مقدار مدة إقامة المرضى في المستشفى، وفيما إذا أُرسل المريض إلى المنزل أو إلى مرفق خاص بإعادة التأهيل، وما إذا كان المستشفى تعليمياً. وكانت النتائج منسجمة في التحليل بأكمله.
يوجد العديد من التفسيرات الممكنة لقلة احتمال الوفاة لدى المرضى الذين يعالجهم خريجو الطب الدوليون. وأحد هذه الأسباب هي أن الخريجين الدوليين يجب أن يخضعوا لعملية اختيار بالغة الصعوبة، يجري فيها اختيار أفضل الأطباء من كل دولة، حتى يتمكنوا من العمل أطباء في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، 49.4% فقط من خريجي الطب الدوليين الذين يقدمون طلبات يحصلون على أماكن لهم في برامج الإقامة في الولايات المتحدة. كما يدعم هذه الفرضية ميل الخريجين الدوليين لتحقيق درجات أعلى في الاختبارات مقارنة بخريجي الولايات المتحدة.
يخضع الخريجون الدوليون عادة لتدريب إضافي، أولاً في مواطنهم الأصلية ثم مرة أخرى في الولايات المتحدة. لكننا لا نعرف الدرجة التي تفسر عندها أي من هذه العوامل النتائج التي توصلنا إليها. ويجب أن تتطرق الأعمال القادمة بالضبط إلى السبب في تقديم خريجي الطب الدوليين لرعاية طبية ذات جودة أعلى.
تشير نتائج دراستنا إلى أن الأطباء المدربين دولياً يقدمون رعاية ذات جودة أعلى من تلك التي يقدمها خريجو الطب المحليون، على الأقل في العلاج العام لمرضى "ميديكير". يعتبر الخريجون الدوليون مهمين في تقديم الرعاية الطبية في الولايات المتحدة، ومن الأرجح أن يكون للسياسات التي تثبط رغبة الأطباء القادمين من دول أخرى للممارسة في الولايات المتحدة نتائج غير متوخاة على صحة الشعب الأميركي، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تعاني تقليدياً من قصور في الخدمات الموجهة إليها.