ملخص: تستعد المملكة العربية السعودية لاستضافة إكسبو الرياض 2030، هذا الحدث العالمي المهم الذي سيناقش الحلول والابتكارات والتوجهات المستقبلية للقضايا المختلفة، ونجاح مثل هذه الأحداث الكبرى لا يرتبط فقط بتوفير الموقع المناسب والتجهيزات التقنية والخدمات اللوجستية فحسب، بل يتطلب أيضاً وجود قاعدة قانونية وتشريعية مناسبة للانضمام والمشاركة في الحدث والاستفادة من الفرص التي يقدمها. يستعرض هذا المقال رحلة استعداد الممكلة لهذا الحدث وتنفيذ الاشتراطات القانونية والمالية والتخطيطية التي وضعها المكتب الدولي للمعارض. كما يشرح 5 جوانب قانونية لتسهيل امتثال المشاركين للأنظمة واللوائح، وهي 1) الانضمام والمشاركة في الحدث 2) إجراءات الدخول النظامي للمملكة، 3) التراخيص وحقوق الملكية الفكرية، 4) معايير البيئة والأمن والسلامة، 5) الضرائب والجمارك.
في عالم اليوم المليء بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، تزداد أهمية تعزيز التواصل لتبادل الأفكار والرؤى حول القضايا الملحة من أجل التوصل إلى حلول فعّالة تقود إلى مجتمع أفضل. وتبرز الفعاليات والأحداث العالمية الكبرى بما فيها الأحداث الخاصة بمجال التنمية والابتكار كنقطة تلاقي بين الأعمال والترفيه، وفرصة للعمل على المشروعات ذات التأثير العالمي.
وهنا يبرز إكسبو الرياض 2030 كمحطة مهمة لاستكشاف الفرص والعمل على التحديات بمجالات الطبيعة، والعمارة، والفن، والتقنية، والعلوم، والتراث، وطرح التساؤلات واستشراف المستقبل وتخيل سيناريوهات للعقود المقبلة.
هذا المعرض الذي ستمتد فعالياته من 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2030 وحتى 31 مارس/ آذار 2031، تحت عنوان: "حقبة التغيير: معاً نستشرف المستقبل"، يستهدف تحقيق 40 مليون زيارة لموقعه ومليار زيارة افتراضية، ونحو 246 مشاركاً، وهو ما يعكس مدى أهمية هذا الحدث ودوره في تسليط الضوء على أحدث الحلول والابتكارات والتوجهات المستقبلية لمعالجتها.
ونجاح مثل هذه الأحداث يرتبط بالتخطيط والإعداد والنهج المرن لإدارة الأمور بسلاسة وتوظيف الموارد المناسبة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية من تنظيم الحدث.
لذا فإن البيئة المثالية لنجاح الفعاليات والأحداث الكبرى لا تقتصر على توفير الموقع المناسب والتجهيزات التقنية والخدمات اللوجستية فحسب، بل تتطلب أيضاً وجود قاعدة قانونية وتشريعية مناسبة للانضمام والمشاركة في الحدث والاستفادة من الفرص التي يقدمها.
رحلة الاستعداد ومطابقة الاشتراطات القانونية
تتطلب عملية تنظيم هذا الحدث وإدارته مراعاة الجوانب القانونية ذات الصلة بالمتطلبات والاشتراطات النظامية الخاصة بالمكتب الدولي للمعارض (BIE) وهي الجهة المشرفة على ضمان استيفاء المعايير والأهداف الخاصة بالمعرض بما فيها الجودة وتحقيق المنافع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمشاركين والزوار، بالإضافة إلى الالتزام بالأنظمة واللوائح الخاصة بالدولة المستضيفة للحدث لضمان الدخول والمشاركة على النحو النظامي.
ومن أولى التجهيزات المسبقة التي يشترطها المكتب الدولي على الدولة المستضيفة تقديم خطة تنفيذية شاملة تتضمن جوانب قانونية، مالية، وتخطيطية، بالإضافة إلى الخطط الثقافية، والتسويقية، وخطة ما بعد المعرض مع مراعاة أن تشمل اللوائح المنظمة للحدث ونماذج لعقود المشاركة في المعرض وغيرها من التفاصيل ذات الصلة بالمعرض. ثم تُراجع الخطة من الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض على إثره تُعدل الخطة حسب الحاجة قبل اعتمادها رسمياً. ثم يلي هذه الخطوة البدء في تنفيذ مقر مشروع المعرض من تصميم وبناء، بالإضافة إلى الترتيبات المسبقة للدول المشاركة في المعرض من خلال إرسال الدعوات الرسمية والتنسيق المستمر مع المشاركين لضمان تحقيق أقصى استفادة من المشاركة. وفي غضون مرحلة البدء بالتنفيذ على الدولة المستضيفة تقديم تقارير دورية إلى المكتب الدولي للمعارض من أجل متابعة التقدم في التجهيزات.
ونلاحظ أن رحلة الاستعداد للتجهيزات بدأت منذ العام فمن أبرز المستجدات التحضيرية الحاصلة في المملكة نجدها تتمثل في إنشاء مكتب الرياض إكسبو 2030 بالهيئة الملكية لمدينة الرياض باعتباره الجهاز المنفذ وحلقة الوصل المباشرة مع المكتب الدولي للمعارض. فمن المشاركات على المستوى الدولي للمدير العام لمكتب الرياض إكسبو 2030 المهندس عبدالعزيز الغنام في الاجتماع المنعقد بتاريخ 19 يونيو/ حزيران 2024 حينها ألقى المهندس كلمة أمام مندوبي الدول لدى المكتب الدولي للمعارض وأكد على ما التزمت به المملكة في ملف الترشيح باستضافة معرض عالمي غير مسبوق، والاستمرارية في العمل على ملف الرياض إكسبو 2030 للتسجيل وتوقيع الاتفاقية الدولية في 2025.
5 جوانب قانونية مهمة يجب الامتثال لها
ويتم اتخاذ الجوانب القانونية التي تنظم ما يسبق الحدث عادةً من أجل تسهيل امتثال المشاركين للأنظمة واللوائح ذات الصلة في الدولة المستضيفة، وقد تتجلى عدة صور من بينها:
أولاً، الانضمام والمشاركة في الحدث:
يجب على الراغبين في المشاركة في إكسبو 2030، اتباع إجراءات التسجيل الرسمية التي يحددها مكتب الرياض إكسبو 2030 أو أي جهة معنية أخرى في إصدار الضوابط والأدلة المنظمة للحدث في ظل التعاون المشترك مع المكتب الدولي للمعارض. يشمل ذلك تقديم المشارك طلب الانضمام وفقاً للمعايير المحددة، مع مراعاة تزويد الجهات المعنية بكامل بيانات المشاركة في المعرض وتقديم الوثائق اللازمة مثل التصاريح والاتفاقيات التعاقدية وفق الجدول الزمني الذي يُحدد لمواعيد إرسال كافة الوثائق المطلوبة لتسهيل عملية إنهاء الإجراءات، وخلال هذه العملية تعنى الجهة المستقبلة للطلبات والمعنية بمراجعتها وقبولها التحقق من الهوية القانونية للمنظمات والأفراد، والتأكد من تقديمها للمستندات المؤكدة على التزام بالمعايير الصحية والبيئية. وفي حال قبول المشاركة فعادة ما تنظم العلاقة بين الجهة المنظمة والجهة المشاركة بعقود إيجار تنظمها أحكام خاصة بما يتناسب مع طبيعة المعرض؛ وذلك قياساً على تجارب الدول الأخرى.
ثانياً، إجراءات الدخول النظامي لأراضي المملكة العربية السعودية:
يجب على المشاركين الحصول على تأشيرات دخول بما يتناسب مع طبيعة مشاركتهم أي وفقاً لنوع الإقامة ومدتها المتوقعة في ظل قواعد الدخول المحددة من الجهات المشرفة على الحدث، وتشمل الإجراءات تقديم طلبات التأشيرات عبر القنوات الرسمية لوزارة الخارجية السعودية، وتقديم المستندات الضرورية مثل جواز السفر، وإثباتات الاستضافة، وأي وثائق أخرى تطلبها الجهات المعنية. ومن الضروري الالتزام بالأنظمة المحلية المتعلقة بالدخول والإقامة لضمان عدم التعرض لأي تبعات قانونية أو الوقوع بأي مخالفات. فضلًا عن إدارة عملية دخول الزوار في المملكة؛ لا سيما أن حدث ذو طابع دولي من شأنه زيادة عدد الزوار من شتى دول العالم مما قد يستتبع معه إصدار تأشيرات خاصة ومؤقتة لزوار إكسبو كجزء من تنظيم الحدث تحديداً في ظل العدد المتوقع تحقيقه.
ثالثاً، التراخيص وحقوق الملكية الفكرية:
المشاركة في إكسبو 2030 قد يترتب عنها عرض أعمال متنوعة من بينها منتجات فنية وأدبية وعلمية على مستويات مختلفة؛ لا سيما أن مدة المعرض تمتد لـ (6) أشهر مما يستلزم معه حصول المشاركين على الحماية القانونية اللازمة المكفولة في نظام حماية حقوق المؤلف، على سبيل المثال من خلال إصدار التراخيص النظامية إن لزم الأمر أو تسجيل المنتج المعروض وفق إجراءات التسجيل والاعتراف لدى الهيئة السعودية للملكية الفكرية، وهي المعنية بعملية النظر والتحقق من هذه المسائل أو أي جهة أخرى يوكل لها هذا الاختصاص من الجهات المعنية، لذا يجب على المشاركين التأكد من تقيدهم بإصدار ترخيص في حال استخدامهم لأي منتجات مملوكة للغير وفقاً للأحكام التي عالجت المسألة في نظام حماية حقوق المؤلف أو براءات الاختراع أو العلامات التجارية في المشاركات المخطط عرضها في الحدث منعاً من حدوث أي تعدي أو استخدام غير مصرح به مما قد يُعرض المشارك للمساءلة القانونية جراء هذا التجاوز.
رابعاً، الامتثال لمعايير البيئة والأمن والسلامة:
يجسد هذا الحدث صورة من صور جهود المملكة في استمرار تسخير مشاريعها بما يضمن حماية البيئة وضمان الأمن والسلامة؛ لا سيما في ظل التطورات التشريعية ذات الصلة بحماية البيئة ما قد يعزز من التزام المشاركين بنظام البيئة وما يلحقه من لوائح بجانب الاتفاقيات الدولية المنضمة لها المتعلقة بإدارة النفايات، والحد من التلوث، وتطبيق إجراءات السلامة المناسبة. كما يتعين عليهم التعاون مع الجهات الحكومية المحلية مثل المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي لضمان توفير بيئة آمنة وصحية لزوار الحدث، ومنعاً من تعرض المشاركين لأي مخالفات من شأنها التأثير على مشاركتهم في الحدث؛ لا سيما أن نظام البيئة راعى حساسية الإضرار في البيئة وآثرها بعيد المدى في نوع العقوبات الجسيمة ردعًا لمثل هذه التساهلات.
خامساً، الضرائب والجمارك:
في ظل حدث ضخم يترتب عنه إيرادات قد تصل إلى 1.5 مليار دولار، من المتوقع أن تستقبل الممكلة العربية السعودية من شتى الحدود الجوية والبرية والبحرية البضائع التي ستشارك في الحدث ما يستتبع معه احتمالية إصدار أحكام وضوابط خاصة لتنظيم مثل هذا العمليات الضخمة؛ لا سيما أن حجم المشاركين المتوقع يتجاوز 230 مشارك ما يترتب عنه تسخير جهود موظفي هيئة للزكاة والضريبة والجمارك والجهات المعنية في الإشراف على تقيد المشاركين للأحكام المخصصة بهذا الشأن، ورصد المخالفات أو التجاوزات لمثل هذه الأحكام. يشمل ذلك دفع الضرائب المفروضة على الأنشطة التجارية والإيرادات المتعلقة بالمعرض، والامتثال للأنظمة الجمركية عند الاستيراد والتصدير. فعلى المشاركين الاطلاع على اللوائح المحلية واستشارة الخبراء لضمان الامتثال الكامل وتفادي أي عقوبات أو مشاكل قانونية.
قد يحمل هذا الحدث المهم معه زخماً في تطبيق عدد من التشريعات النوعية في المملكة مثل تلك المتعلقة بالابتكار، ما يستتبع معه ازدياد الأعمال القانونية بحكم تنوع الجهات الراغبة في تعيين محام متخصص في أنظمة السعودية من أجل إشرافه على المشاركة، بل من المحتمل تحالف العديد من مكاتب المحاماة نظراً للتنوع الثقافي الحاصل في مثل هذا النوع من المعارض.
ويأتي هذا المعرض في الوقت الذي تشهد فيه المملكة تطوراً في المنظومة التشريعية والقانونية لتلائم تطلعات تحويل المملكة إلى مركز عالمي للأعمال والمكان الأفضل للعيش، ويعد الرياض إكسبو 2030 فرصة مثالية للمملكة لمشاركة قصة التطور هذه.