كيف يدعم الآباء والأمهات العاملون بعضهم بعضاً؟

4 دقائق

من السهل أن نشعر، نحن الآباء والأمهات العاملون، بالارتباك بسبب الخيارات المتاحة، وهي أبعد من أن تكون مثالية. فجميعنا متعطشون للإلهام والتواصل وردود الأفعال الصادقة في هذه الأوقات العصيبة. لذا، يلجأ كثيرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مشاركة طرقهم في التأقلم، إذ يتنقلون ما بين محطات التعليم المنزلي على موقع "بنتريست بيرفكت" (Pinterest Perfect!) والاعترافات المضحكة، ("نسمح للأولاد بمشاهدة التلفاز طوال اليوم")، والسؤال اليائس ("ألم يحن موعد الاستراحة بعد؟").

لكن اليوم، يجب أن نكون قدوة يحتذى بها أكثر من أي وقت مضى. لأننا نعيش ونجاهد ونعمل في فترة غير مسبوقة، ونعاني فيها أيضاً. لذا، يجب أن يدعم بعضنا بعضاً، وأن نكون منفتحين وصادقين بشأن تجاربنا وأن نكون قادة في مكان العمل والعائلة والمجتمع. وبناء على المبادئ المذكورة في كتابنا "الآباء القادة" (Parents Who Lead)، نقدم اقتراحات مبنية على الأدلة، ودعوة للتحرك، فيما يتعلق بما يمكننا فعله اليوم.

اسع لدمج قيمك في العادات الجديدة.

نحن نواجه خيارات جديدة فيما يتعلق بالأمور التي نبذل فيها طاقتنا وانتباهنا اليوم، ومن السهل أن نجد أنفسنا عالقين في عقلية رد الفعل، يغمرنا الشعور أننا ضحايا هذه الظروف المؤسفة. ولكن هناك من حالفهم الحظ منا ويتمتعون ببعض الحرية في اختيار ما يركزون عليه والوقت والطريقة المناسبين لذلك، ويجب عليهم تحديد القيم التي تهمهم والقيام بما في وسعهم لإدخال هذه القيم إلى العادات الجديدة.

فكر بالقيم العزيزة عليك وناقشها مع عائلتك، وتحدثوا عن أكثر ما يهمكم. ثم تمعن في الطريقة التي تمكنك من إنشاء عادات جديدة تجسد هذه القيم.

إذا كانت عائلتك تثمن الاهتمام بمن يحتاج إلى المساعدة، يمكنك العثور على طريقة للتواصل الاجتماعي معهم والحرص على الالتزام بالتباعد الجسدي في نفس الوقت. سواء عن طريق خياطة الأقنعة الواقية، أو شراء البقالة لجار مسن، أو رسم رسالة ملهمة على الرصيف، لدينا كثير من الطرق لتقديم المساعدة لمن يحتاجون إليها ممن حولنا.

إذا كانت عائلتك تثمن الأمان الاقتصادي، فأخبر أبناءك أن عملك الذي أصبحت تقوم به من المنزل هو أمر أساسي من أجل سلامة العائلة وأمانها.

وإذا كانت عائلتك تثمن الصحة واللياقة البدنية، فيمكنك البحث عن الفرص المتاحة لممارسة التمارين الرياضية داخل المنزل، سواء كانت عن طريق متابعة تسجيلات فيديو لتمارين "اليوغا" أو الجري على السلالم أو تعلم رقصات موقع "تيك توك".

أكثر من المشاركة.

عندما تتخذ قرارات مبنية على القيم ستشجع الآخرين على فعل المثل. ابحث عن طرق لتسليط الضوء على واقعك الجديد، حتى وإن لم تكن من النوع الذي يفعل ذلك عادة. ربما كنت تتجنب الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي فيما مضى، وربما آن الأوان لإعادة النظر بفكرة التواصل مع مجتمعك عبر الإنترنت. ولكن إذا لم يكن الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي أمراً تجيده بحق، يمكنك البدء بالتحدث عن نفسك أكثر قليلاً في بداية مكالمة هاتفية جماعية، أو على مائدة العشاء، أو في اتصال عبر "فيس تايم"، أو أي مناسبة أخرى تتواصل فيها مع من تحبهم عن بعد.

كن منفتحاً مع الآخرين وتقبل ضعفك.

لديك الإمكانية للتحدث بصراحة عما تنجح بالقيام به في هذه الأوقات، وكذلك الأمر بالنسبة لما تفشل فيه وما يغضبك ويربكك. إن رسم صورة الشخص الذي يتدبر أموره على نحو مثالي فيما يتعلق بمتطلبات العمل والأولاد هو عبء عليك، ويولد توقعات غير منطقية لدى الآخرين ويسبب نقص الثقة. في حين يؤدي انفتاحك ووضوحك بشأن كل شيء، حلوه ومره، إلى تشجيع الآخرين على فعل المثل. يعاني كثير منا في حياة العمل على وجه الخصوص، من ضغط يدفعنا لوضع قناع "الموظف المثالي"، الذي يكرس نفسه دائماً للنجاح المهني. فنخفي واقع حياتنا كآباء وأمهات عن زملائنا خوفاً من أن نُعتبر أقل التزاماً بوظائفنا.

لذا، فكر بطريقة تمكنك من التعبير بصدق قدر المستطاع عن واقع حياتك الآن. هذا لا يعني أن تقوم بأي شيء يعرّض وظيفتك للخطر، لكن صدقك مع زملائك بشأن الصعوبات التي تواجهها هو فرصة كي يقدروا مساهمتك في العمل أكثر، كما أنه يمنحهم إحساساً أقوى بقبول الذات أيضاً.

يأخذ هذا الانفتاح عدة أشكال، فقد يكون عبارة عن اعتذار عن المشاركة في بعض الاتصالات المتعلقة بالعمل لأن احتياجات أطفالك تحظى بالأولوية، أو قد يكون ببساطة عدم الاعتذار على ظهور أحد أبنائك، أو حتى جانب من الفوضى في منزلك أثناء اجتماع افتراضي. وقد يعني الاعتذار لأبنائك عن عدم امتلاك الوقت لمساعدتهم، أو إخبار أصدقائك أن أطفالك يمضون اليوم بأكمله على ألعاب الفيديو. حتى أنه من الممكن أن يشمل الانفتاح محاولة إزالة الوصمة عن المشكلات النفسية التي تواجهها، عبر التعبير عن قلقك أو إخبار صديقك أن أدوية معالجة الاكتئاب هي ما يساعدك على الصمود في هذه الفترة.

أنت لا تعرف كيف يعاني الآخرون، وقد يساعدهم سماع أن أمورك لا تسير على نحو "مثالي" في تجاوز الصعوبات التي يواجهونها. واليوم، بما أن معظمنا يعاني من نفس المشكلة، قد تكون هذه فرصة مناسبة لاستكشاف خفايا أحجية تكامل الحياة والعمل مع أهم المعنيين فيها.

جرب وكرر.

نحن بحاجة إلى حلول غير تقليدية في محاولتنا لمعرفة طريقة التعامل مع الوضع الحالي. لذا، إن توصلت إلى حل مبتكر ناجح مع عائلتك، فاستعرضه (حتى وإن بدا لك ذلك غريباً). كن نموذجاً يحتذى به في التوصل إلى طرق جديدة للقيام بالأمور وقيادة التغيير المستدام، لأن ذلك سيكون مناسباً للجميع، وليس لك وحدك. يمكنك مشاركة الأمور التي تجربها مع فريق العمل أو العائلة أو المجتمع، كي تلهم الآخرين لينظروا إلى أبعد من الوضع الراهن.

جرب طرقاً جديدة للقيام بالأمور وكن عازماً على مراجعتها وتعديلها أو حتى التخلي عنها كلها إذا لم تكن ناجحة. أتود أن تضع جدول أعمال يومي للعائلة؟ قم بذلك، ولكن إذا أدى الأمر إلى تحميلك ضغطاً إضافياً وشعوراً بالذنب، فجرب أمراً آخر. ربما كانت قائمة الأعمال التي يجب القيام بها أفضل، أو ربما كانت هذه فرصة لاتباع نمط حياة أقل صرامة. أترغب في الاختباء في غرفة صغيرة ووضع لافتة "الرجاء عدم الإزعاج" على بابها كي تتمكن من العمل لعدة ساعات من دون مقاطعة؟ جرب ذلك أيضاً، ولكن إذا لم تشعر برغبة في ذلك، قد يكون من الأفضل أن تعمل على جهاز (اللاب توب) وأنت جالس على الأريكة بجانب طفلك، حتى وإن أدى ذلك إلى إبطاء فعاليتك.

هذه التجارب غير مسبوقة، وعلى اعتبارك نموذجاً يحتذى به، يمكنك أن تبدي للآخرين مرونتك ورغبتك في التوصل إلى ما يناسبك.

ادع الآخرين للمشاركة.

شجع زملاءك وأبناءك وأصدقاءك وعائلتك على مشاركة نجاحاتهم وإخفاقاتهم. فعلى اعتبارك قائداً وقدوة، يمكنك تنمية القدرات القيادية لدى الآخرين، وكأب أو أم، يمكنك مساعدة أطفالك على تعلم طرق ليصبحوا قادة أكثر فعالية بما يناسبهم، عن طريق توضيح قيمهم والتحدث عنها في الأوقات العصيبة، وكموظف، يمكنك إعداد الميدان لعملية مستمرة لاتخاذ القرارات الشجاعة والخلاقة والصادقة.

وأخيراً، سنتذكر يوماً كم كانت هذه الفترة صعبة، وعلى اعتبارنا نمثل قدوة لغيرنا، نأمل أن نتذكر فيما بعد أننا تمكنا من النهوض ومساعدة الآخرين، عن طريق تجسيد قيمنا وتقبل عيوبنا وضعفنا وتعميق علاقاتنا مع من حولنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي