سواء كانت عملية التواصل من خلال حضور مناسبات لمشاريع ناشئة أو المشاركة في لقاء لمناسبة اجتماعية، أو الجلوس في مقهى لتناول المشروبات في "الساعات السعيدة" (وهي أوقات محددة تقدّم فيها المشروبات بأسعار أقل)، تُعتبر هذه العملية كجزء ضروري من حياة رجل الأعمال. يوافق 78% من رجال الأعمال على أنّ التواصل مع الآخرين وبناء العلاقات هو أمر أساسي لنجاح الأعمال الناشئة، ولهذا السبب سوف تجد عدداً كبيراً جداً من المقالات عبر الإنترنت عن كيفية إتقان فن التواصل، فماذا عن تأثير التواصل على الطاقة الشخصية؟
ولكن، قد تكون عملية التواصل عملية مستنزفة للغاية. تخيّل الساعات غير المعدودة التي يقضيها رجال الأعمال في التكلم والسفر والتواصل الاجتماعي مع معارفهم والمستثمرين المحتملين. يمكن أن يكون التفاعل الاجتماعي المتواصل أمراً مرهقاً جسدياً وذهنياً لأي شخص (حتى بالنسبة للأشخاص المنفتحين). في الحقيقة، يقوم العديد من مؤسسي الأعمال الذين يتدربون تحت إشرافي بوصف عملية التواصل على أنها عملية مستنزفة، قائلين أنها أحياناً تسلبهم الطاقة التي يحتاجونها للقيام بالأعمال الفعلية لمؤسستهم.
تأثير التواصل على الطاقة الشخصية
بصفتك رائد أعمال، لن تتمكن من تجنب التواصل. ولكن، يوجد بعض التقنيات التي يمكنك استخدامها لمنع الإرهاق الناجم عن التواصل والتصدّي له:
حدد المستوى الأمثل لديك للتفاعل الاجتماعي
قد يكون وجودك مع الآخرين أمراً ممتعاً، ولكنك ستمر دائماً بمرحلة معينة، حيث يصبح الأمر مستنزفاً لك بشكل كبير. تتمثل مهمتك في إدراك ما هي هذه المرحلة. حتى تتمكن من القيام بهذا، لذلك، دوّن جميع عمليات التواصل التي قمت بها في الأسابيع الأربعة الأخيرة، وحدد عدد الساعات التي قضيتها في كل عملية. قم أيضاً بذكر الوقت الذي قضيته في أنشطة التواصل التي توجب عليك فيها أن تلتقي بالآخرين وجهاً لوجه والاندماج معهم، مثل مناسبات لمشاريع ناشئة أو عشاء غير رسمي. إذا كنت مؤسس أعمال يبذل طاقة كبيرة في الاستعداد لهذه اللقاءات الاجتماعية من خلال وضع الاستراتيجيات أو القيام بالبحث عن معلومات معينة أو التدرّب على النقاط الأساسية التي سيتم التكلم عنها، فيمكنك أيضاً تضمين الوقت الذي قضيته في أنشطة التواصل التحضيرية هذه.
ثانياً، اسأل نفسك: كم ساعة قضيت، في المجمل، في أنشطة التواصل كل أسبوع؟ كيف شعرت في نهاية كل أسبوع؟ في أي أسبوع شعرت أنه تم استنزافك أكثر من كل الأسابيع، وفي أي أسبوع منهم كنت مليئاً بالطاقة، أو على الأقل شعرت بأنه أسبوعاً مُحتملاً؟
إنّ تتبعك لعدد الساعات التي بذلتها في عمليات التواصل ومعدّلات الطاقة لديك سيساعدك على إدراك حدود قدراتك. كان لدي عميل يعاني باستمرار من الإنهاك بسبب المناسبات الاجتماعية. عندما قمنا بتتبع عدد الساعات التي يبذلها، وجدنا أنه يقضي ما بين 13 و14 ساعة أسبوعياً في أنشطة التواصل (وهو عدد كبير جداً بالنسبة له!). اكتشفنا بعد قيامنا بعدة تجارب وإخفاقات أنّ 4 إلى 6 ساعات في الأسبوع هو عدد الساعات الأمثل بالنسبة له. ستعرف أنك قد توصلت إلى المستوى الأمثل لك فور عثورك على جدول اجتماعي يمكنك تحمله على المدى الطويل ويجعلك تشعر بأنك شخص منتِج ومليء بالطاقة في نهاية الأسبوع، بدلاً من الشعور بأنك تعيس ومنهك تماماً.
رجّح الجودة على الكمية، حتى إذا كان ذلك يعني مقابلتك لعدد أقل من الناس
يُنظر غالباً إلى عملية التواصل على أنها لعبة كمية: كلما اتسعت شبكة علاقاتك، كلما كنت في حالة أفضل. ولكن إذا كنت مرهقاً في الوقت الراهن، فإنّ قيامك بالتواصل مع كل شخص مثير للاهتمام تقابله يمكن أن يعود عليك بنتائج عكسية.
لماذا؟ لأن شبكة التواصل القوية تعتمد على الانطباعات الأولى الرائعة. لكن، تتطلب الانطباعات الأولى الإيجابية امتلاكك لكميات كبيرة من الطاقة الذهنية، والاستراتيجية الاجتماعية، وتبني وجهات النظر، وهي عناصر قد لا تمتلكها إذا كنت مستنزفاً. كن استراتيجياً في طريقة اختيارك لمناسبات التواصل التي سوف تحضرها. إذا كان بإمكانك التواصل فقط لساعات قليلة في الأسبوع، فقم باختيار عدد قليل من الفرص ذات الجودة والإمكانيات العالية بدلاً من توزيع طاقتك على الكثير من المناسبات والأنشطة العادية. إنّ الفرص التي تتميز بجودتها هي تلك التي تقدم لك قيمة وفائدة طويلة المدى، وتتماشى بشكل وثيق مع أهدافك الحالية، أو تضيف التنوع والتوازن إلى شبكة العلاقات التي تمتلكها. وإذا كان وقتك محدوداً وكان لديك حدث أو مناسبة لا تتوافق مع هذه المعايير، فقد يكون تخطيها والحفاظ على طاقتك لفرصة أخرى أفضل بالنسبة لك.
اجعل زميلك في العمل أو صديقك شريكاً لك في عملية التواصل
بصفتك مؤسساً للعمل، ستمر بأوقات يتوجب عليك فيها التواصل أكثر مما تريد. خلال هذه الأوقات، فكّر في إحضار زميل لك لمساعدتك في تحقيق أهدافك المتعلقة بالتواصل. إذا كنت مؤسساً منفرداً من دون أي شريك أو زميل، فحاول إحضار صديق مُطّلع على عملك (كما يمكنك تحضيره مسبقاً من خلال تدريبه على الأسئلة الشائعة والمتداولة حول الشركة والتواصل).
إنّ إحضارك لشريك يحقق ثلاثة أهداف. أولاً، يمكن أن يساعد الدعم الاجتماعي في تخفيف الإرهاق والإنهاك، خاصة إذا جاء الدعم على شكل خدمة محسوسة مثل التواصل. ثانياً، يمكنك أنت وشريكك الانقسام لتكسبوا نطاقاً أوسع من التواصل. وهذا يعني أنه يمكنك أن تبذل معدل أقل من الطاقة وتتكلم مع عدد أقل من الأشخاص، وعلى الرغم من ذلك، ستستطيع جمع عدد كبير من العلاقات في نهاية اليوم، وذلك بفضل جهود شريكك. لجعل هذه الاستراتيجية أكثر فاعلية، فكر في اختيار شريك منفتح أكثر منك أو يشعر بالنشاط والحماس عند مشاركته بالمناسبات الاجتماعية. وبذلك، سيشعر بالاندفاع والحماس للقيام بالتواصل الاجتماعي مع الآخرين.
قم بأخذ استراحات قصيرة لتتنشط مجدداً أثناء مناسبات التواصل من أجل تجنب تأثير التواصل على الطاقة الشخصية
تظهر البحوث أنّ الاستراحات القصيرة، أو الفترات غير الخاصة بالعمل والتي تقل مدتها عن 10 دقائق، يمكن أن تساعد في تجديد موارد الطاقة للفرد حتى يتمكن من متابعة عمله. يمكن لاستراحة مدتها دقيقة واحدة أن تكون بنفس فعالية استراحة أطول مدتها خمس أو تسع دقائق! وهذا يجعل الاستراحات القصيرة حلاً مثالياً لرجال الأعمال المشغولين.
يجب على مؤسسي الأعمال ممارسة نشاط يستمتعون به، يسمح لهم بالانفصال ذهنياً عن مهام التواصل المفروضة عليهم، وذلك حتى يحصلوا على استراحة قصيرة تجدد الطاقة. يمكن أن يكون هذا النشاط بسيطاً مثل مشاهدة فيديو مضحك على موقع يوتيوب أو قراءة مقالة ممتعة عن الهاتف. ما يهم هنا هو انفصال المؤسسين تماماً عن مهمة التواصل أثناء قيامهم بهذا النشاط. لتنفصل ذهنياً عن تلك المهمة بشكل فعال، حاول أن تستأذن للذهاب لبضع دقائق، وذلك حتى تتمكن من الابتعاد عن حدث التواصل. يمكنك أن تنتقل إلى نقطة أقل ازدحاماً، كالذهاب إلى مكان ما خارج المكان الرئيسي للتجمّع، أو إلى نقطة خاصة لا يمكن أن يزعجك أحد فيها، مثل غرف الاستراحة أو الحمامات. تكمن الفكرة في إيجاد مساحة هادئة، حيث يمكنك ممارسة نشاط ممتع من دون أن يتم تذكيرك بالعمل. حتى لو تألفت المدة من مجرد دقائق قليلة، يمكن للاستراحات القصيرة جداً أن تزود مؤسسي الأعمال بالطاقة التي يحتاجون إليها لاجتياز حالات التواصل المستنزِفة.
يمكن لهذه الخطوات الأربع المتعلقة بموضوع تأثير التواصل على الطاقة الشخصية أن تساعد رواد الأعمال على إدارة طاقتهم بشكل أفضل، والتي تُعتبر كذريعة مهمة لكن محدودة للكثيرين. قد تدعم هذه الخطوات مؤسسي الأعمال على المدى الطويل، لأن إدارة الطاقة يمكن أن تعزز الإنتاجية وتحسن الأداء الوظيفي وتخلق مرونة جسدية وعاطفية وذهنية. إذ يُعرف أنّ تجديد الطاقة الشخصية يزيد من الاهتمام والمشاركة في العمل. ولذلك قم بتجربة التكتيكات الأربعة المذكورة أعلاه في المرة القادمة التي تستنزف فيها عمليات التواصل طاقتك. إذ لا تقتصر فوائد هذه التكتيكيات على توفير مزايا امتلاك الطاقة على المدى القصير، بل يمكنها أيضاً أن تساهم في إعدادك للنجاح على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: