هل ميزتك التنافسية مجدية في أسواق أخرى؟

7 دقائق
سوق جديدة

ملخصعندما تتوسع الشركات في أسواق دولية جديدة، يفترض العديد منها أن مزاياها التنافسية الحالية ستنتقل إلى هذه الأسواق بسلاسة. ولكن بالتأكيد الاستراتيجية التي نجحت في إحدى الأسواق لن تنجح بالضرورة في سوق أخرى. من خلال إجراء سلسلة من أكثر من 100 مقابلة متعمقة مع مسؤولين تنفيذيين في شركات متعددة الجنسيات، حددت المؤلفة 3 عقبات غالباً ما تواجه الشركات عند محاولة تنفيذ استراتيجية قائمة في سوق جديدة: الاختلافات في المشهد التنافسي المحلي، والاختلافات في تفضيلات العملاء المحليين، والاستعداد المحدود أو القدرة المحدودة على التكيف لتلبية تلك الطلبات المحلية. واستجابة لهذه التحديات تقترح المؤلفة أنه ينبغي للشركات الاعتراف بالمشكلة أولاً، ثم اتباع أحد هذه النُهج الثلاثة: إجراء تعديلات طفيفة أو اكتساب مزايا تنافسية جديدة تماماً أو ترك السوق بالكامل.

 

عند بناء أي عمل تجاري، تتمثل الخطوة الأولى الحاسمة في وضع استراتيجية تتناسب مع سوقك. ولكن بمجرد صياغة هذه الاستراتيجية الناجحة، ما الذي يتطلبه تنفيذها بنجاح في أسواق جديدة؟

عندما تتوسع الشركات في الأسواق الخارجية، فإنها غالباً ما تفترض أن المزايا التنافسية التي جعلتها ناجحة في أوطانها ستجعلها تنجح بكل سلاسة في أسواق عالمية جديدة. في الواقع، يمكن أن يكون هذا هو الحال في بعض الأحيان. على سبيل المثال، وجدت العلامة التجارية الحالية لشركة سيكويا (Sequoia) صدى جيداً لدى رواد الأعمال الهنود، لذلك تطلَّب توسعها في السوق الهندية تكيفاً ضئيلاً. وبالمثل، حققت إنتل (Intel) عوائد مجزية من بيع أشباه الموصّلات للعملاء في الصين لأنه يَصعُب على المنافسين تقليد تصميم رقاقاتها الإلكترونية وتكنولوجيا التصنيع التي تستخدمها.

ولكن لا تنتقل جميع المزايا التنافسية بسلاسة تامة. من خلال إجراء أكثر من 100 مقابلة متعمقة مع مسؤولين تنفيذيين في شركات كبرى متعددة الجنسيات في جميع أنحاء العالم، وجدت أنا وفريقي أن هناك 3 عوامل أساسية تحدد ما إذا كانت الميزة التنافسية ستنتقل إلى أسواق جديدة وهي: المشهد التنافسي المحلي، وتفضيلات العملاء المحليين، ومدى استعداد الشركة وقدرتها على التكيف لتلبية تلك الطلبات المحلية.

1. المشهد التنافسي المحلي

كانت العقبة الشائعة الأولى التي حددناها هي الاختلافات في المشهد التنافسي. ربما نجحت في التغلب على المنافسين في سوقك المحلية، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه يمكنك تحقيق هذا الانتصار في أسواق أخرى قد تكون محلية بالنسبة إلى منافسين آخرين لديهم نقاط قوة ونقاط ضعف مختلفة.

على سبيل المثال، على الرغم من نجاح ستاربكس في العديد من الأسواق العالمية، فقد خسرت 143 مليون دولار في السنوات السبع الأولى من العمل في أستراليا، ما أجبرها في النهاية على إغلاق 61 متجراً من أصل 84 متجراً في أستراليا. ماذا حدث؟ كانت هناك عدة عوامل مؤثرة، ولكن كان هناك عيب كبير في استراتيجية ستاربكس وهو الاستهانة بثقافة القهوة الغنية في أستراليا. على عكس الأسواق الأخرى حيث لا يعرف العملاء الكثير عن القهوة بوصفها "جزءاً من نمط الحياة"، رسم المهاجرون الإيطاليون واليونانيون مشهداً نابضاً بالحياة للقهوة في أستراليا يعود تاريخه إلى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. وبحلول الوقت الذي دخلت فيه ستاربكس السوق، كانت تتنافس مع طائفة كبيرة من المقاهي المملوكة ملكية مستقلة وتقدم نكهات أكثر بأسعار أقل وكان لديها بالفعل عملاء أستراليون لديهم ولاء قوي للعلامة التجارية، وهذا مشهد مختلف تماماً عما اعتادت عليه الشركة في موطنها.

2. تفضيلات العملاء المحليين

غالباً ما تترافق الاختلافات في المشهد التنافسي مع اختلافات في تفضيلات العملاء، إذ يلبي المنافسون (وفي بعض الحالات، يخلقون) طلبات تختلف عن الطلبات في السوق المحلية للشركة. ونتيجة لذلك، قد يكون المنتج الذي يجذب المستهلكين في سوق ما غير مهم على الإطلاق في سوق أخرى.

واجهت وول مارت (Walmart) هذه المشكلة عندما حاولت التوسع في البرازيل. كانت شركة البيع بالتجزئة العملاقة ناجحة في الولايات المتحدة إلى حد كبير لأنها وفرت للعملاء الراحة من خلال إتاحة التسوق في مكان واحد لشراء مجموعة كبيرة من المنتجات المنخفضة التكلفة. لكن العملاء البرازيليين كانوا أكثر استعداداً لقضاء بعض الوقت في البحث بهمة عن القسائم والحسومات والعروض الترويجية الأخرى، وكانوا معتادين على الذهاب إلى متاجر متعددة لشراء المنتجات بأفضل الأسعار. ونتيجة لذلك، كان عرض القيمة الذي قدمته وول مارت أقل أهمية بالنسبة إليهم، لذلك وجدت الشركة صعوبة في اكتساب زخم في السوق.

3. الاستعداد للتكيف والقدرة عليه

بالطبع لا تُعد الاختلافات في المشهد التنافسي ولا في تفضيلات المستهلكين من التحديات التي يَصعُب التغلب عليها، ولكن استعداد الشركة للتكيف مع هذه الاختلافات وقدرتها على ذلك هو ما سيؤدي إلى نجاحها أو فشلها في السوق جديدة. في بعض الحالات، قد تكون الشركة مهتمة بتغيير جوانب من منتجها أو نموذج عملها، ولكنها تواجه صعوبات في التنفيذ. وفي حالات أخرى، قد تكون الشركة غير مستعدة لإجراء هذه التغييرات على الإطلاق، سواء لأسباب أخلاقية أو عوامل ثقافية أو شواغل أخرى.

على سبيل المثال، تحدث المسؤولون التنفيذيون في أمازون الذين أجرينا مقابلات معهم عن إحدى قيم الشركة المتأصلة بعمق التي تتمثل في وضع العميل دائماً في المرتبة الأولى. وقد ساعد هذا الشركة على تحقيق نجاح هائل في العديد من الأسواق، ولكنه في الوقت ذاته جعل أمازون مقاوِمة بشدة لتغيير عناصر منتجها بطرق قد تضر بتجربة العميل.

على وجه التحديد، تستخدم أمازون لكل منتج في منصتها خوارزمية معقدة لاختيار بائع واحد فقط لإظهاره في "مربع الشراء" (Buy Box) الخاص بالمنتج (وهو المربع الموجود على الجانب الأيمن من صفحة المنتج حيث يمكن للمشترين النقر على "أضف إلى العربة" أو"شراء الآن")، مع إحالة جميع البائعين الآخرين إلى قائمة تظهر أسفل مربع الشراء. اعتاد البائعون الأميركيون على التعامل مع خوارزميات معقدة مثل هذه، وكانوا على استعداد لتحمُّلها بسبب تجربة المستخدم السلسة التي تقدمها للمشترين. لكن البائعين الصينيين وجدوا أن فكرة مربع الشراء معقدة ويَصعُب فهمها، لذا اختاروا بدلاً من ذلك البيع على منصات التجارة الإلكترونية المحلية التي لا تستخدم مثل هذه الأنظمة التقييدية، مثل تاوباو (Taobao) وجيه دي دوت كوم (JD.com). تلقت أمازون هذه الآراء، وكان لديها بالتأكيد القدرة التقنية على إزالة مربع الشراء أو إظهار البائعين الآخرين في مكان أوضح. ولكن بسبب مبدئها الأساسي المتمثل في "الهوس بالعميل"، لم تكن الشركة على استعداد لإجراء تلك التغييرات، فقد كان لدى القادة شعور قوي بأن إظهار بائع واحد فقط هو الأفضل للمشترين. وقد حدّ هذا في النهاية من قدرتها على جذب البائعين (وبالتالي المشترون) في السوق الصينية.

إذاً، كيف يجب أن يتصرف القادة عندما تفشل استراتيجية ما بإحدى هذه الطرق الثلاث؟ الاعتراف بالمشكلة دائماً ما يكون هو الخطوة الأولى. غالباً ما يكون قول ذلك أسهل من فعله، لا سيما إذا كانت شركتك ملتزمة بمنتج أو نموذج عمل كان ناجحاً للغاية في سوقك المحلية، ولكنك لن تتمكن من تحسين استراتيجيتك الخاصة بالتوسع في السوق العالمية ما لم تعرف أوجه قصورها أولاً.

بمجرد اعترافك أن هناك شيئاً ما لا يسير على ما يرام، يمكنك الاستجابة لذلك باستخدام إحدى الطرق الثلاث التالية:

تكييف العروض الحالية

من الممكن في بعض الحالات إجراء تعديلات طفيفة على الاستراتيجية الحالية لسد الفجوة بين سوقك المحلية والظروف المحلية. على سبيل المثال، تقبلت ستاربكس في النهاية حقيقة أن نموذج عملها التقليدي لم ينجح في أستراليا. لذا، بدلاً من الاستمرار في خوض معركة خاسرة مع منافسيها المباشرين (المقاهي المحبوبة للغاية التي اهتمت بالعملاء المحليين)، أعادت ستاربكس توجيه تركيزها لتلبية أذواق السياح الدوليين في سيدني وملبورن وأماكن قضاء العطلات الشهيرة الأخرى. كان هؤلاء السياح يعرفون علامة ستاربكس التجارية بالفعل، وقبل الجائحة كانوا يمثلون أكثر من ثلث سكان أستراليا، ما جعلهم قاعدة عملاء كبيرة وواعدة للغاية.

وبالمثل، حققت شركة شاومي (Xiaomi) الصينية المصنعة للهواتف الذكية نجاحاً في سوقها المحلية من خلال البيع عبر قنوات الإنترنت إلى حد كبير. ولكن عندما توسعت الشركة في أوروبا، واجهت عقبات لأن غالبية العملاء الأوروبيين كانوا معتادين على شراء الهواتف المحمولة من المتاجر التقليدية. وبمجرد أن أدركت شاومي أن نموذجها للمبيعات عبر الإنترنت لم يكن ناجحاً، دخلت في شراكة مع شركات الاتصالات ومتاجر التجزئة، حتى إنها افتتحت متاجر فعلية لبناء قنوات مبيعات ستكون أكثر فعالية في السوق الجديدة. وقد نجح هذا النهج، وأصبحت شاومي اليوم ثالث أكبر بائع للهواتف الذكية في أوروبا.

اكتساب مزايا تنافسية جديدة

في حالات أخرى، لن يؤدي إجراء تعديل بسيط إلى تحقيق النتائج المرجوة. عندما لا يكون من الممكن نقل ميزة تنافسية معينة إلى سوق جديدة، فقد يكون من الضروري وضع نهج جديد تماماً. على سبيل المثال، تحدث المسؤولون التنفيذيون في شركة إن موبي (InMobi) الهندية لإعلانات الهواتف المحمولة عن كيفية اعتمادهم على تفوقها التكنولوجي كميزة تنافسية رئيسية في سوقها المحلية، ولكن في الصين كان من المستحيل التنافس مع عمالقة الإنترنت الذين لديهم موارد تقنية أكثر بكثير تسمح لهم بتصدُّر الجانب التكنولوجي. بمجرد أن رأت إن موبي ذلك، قررت تغيير مسارها والتركيز بدلاً من ذلك على الاستفادة من سمعتها العالمية القوية لبناء شبكة واسعة من تطبيقات الشركاء والمعلنين. ونتيجة لذلك، على الرغم من أن المنافسين المحليين واكبوا بسرعة الإمكانات التقنية لشركة إن موبي، استطاعت الشركة إقامة شراكات مع أكثر من 30 ألف تطبيق محلي وأصبحت في نهاية المطاف أكبر شركة مستقلة لإعلانات الهواتف المحمولة في الصين.

واجهت شركة هيونداي (Hyundai) الكورية لصناعة السيارات مشكلة مماثلة، واتبعت نهجاً مشابهاً لحلها: وجدت الشركة أن صانعي السيارات الصينيين تمكنوا من تصميم منتجات بمستوى جودة مماثل لمستوى هيونداي وبتكلفة أقل. ونظراً إلى أنها لم تعد قادرة على الاعتماد على السعر أو الجودة كميزة تنافسية أساسية، بدأت الاستثمار بكثافة في الترويج لعلامتها التجارية والعمل على الارتقاء بها ورفع مستواها بين المستهلكين الصينيين الذين ما زالوا ينظرون إلى السيارات المصنوعة في الصين على أنها أقل تكلفة.

ترك السوق

أخيراً، في بعض الحالات، يكون أفضل قرار هو وضع حد لخسائرك وترك السوق بالكامل. خاصة إذا كنت قد وجدت بالفعل نموذج عمل يعمل بكفاءة في أسواق أخرى، فقد يكون من الأفضل لك تركيز جهودك فيها، بدلاً من محاولة التوسع في أسواق غير مربحة.

أدركت أمازون، على سبيل المثال، أن كسب السوق الصينية يتطلب موارد ضخمة وإجراء تغييرات في منتجها الأساسي، وهو أمر لم تكن ببساطة مستعدة للقيام به. وكانت في الوقت نفسه تحقق بالفعل عائدات مذهلة في العديد من الأسواق الأخرى التي تعمل فيها. ونتيجة لذلك، ربما كان قرار أمازون النهائي بمغادرة الصين هو التصرف الصائب. وبالمثل، بلغت الإيرادات السنوية لشركة وول مارت في البرازيل 1.4% فقط من إجمالي إيراداتها العالمية، لذلك بعد 7 سنوات متتالية من تكبُّد خسائر صافية، اتخذت الشركة قراراً بمغادرة البرازيل وتركيز مواردها في الأسواق الواعدة بقدر أكبر.

إن اكتساب ميزة تنافسية فعالة حتى ولو في سوق واحدة فقط ليس بالأمر الهين. وللأسف حتى الآن لا يُعد النجاح على الصعيد المحلي تذكرة ذهبية للهيمنة على الصعيد العالمي. حتى إذا ابتكرت نموذج عمل ينجح محلياً، فليس هناك ما يضمن أنه سينجح في أسواق أخرى، إذ يمكن أن تؤثر الاختلافات في المشهد التنافسي المحلي وتفضيلات العملاء بالإضافة إلى استعداد مؤسستك للتكيف وقدرتها عليه في فرصك في التوسع الدولي بنجاح. الخبر السار هو أنك إذا اعترفت بالمشكلة، فمن الممكن إجراء تعديلات كبيرة أو صغيرة للتصدي لها. وإذا فشلت كل الطرق، فتذكر أن ترك السوق والبحث عن فرص في سوق أخرى ليس بالضرورة خياراً سيئاً. تفرض الأسواق المختلفة تحديات مختلفة تماماً، وتحديد العقبات المحتملة المرتبطة بأي سوق جديدة ورسم أفضل مسار للتغلب عليها، هو قرار متروك لكل قائد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي