حدّث استراتيجية التسعير بما يتناسب مع سلوك المستهلك

4 دقائق

كيف يتسنى لمدراء التسويق إغراء المستهلكين بشراء تلك السلع والخدمات ذات الجودة الأعلى التي يقول المستهلكون إنهم يريدونها؟ كما أن "حيل تحسين الحياة" عبارة عن تغييرات صغيرة مصممة لتسهيل حياتك، فإننا نعرِّف "حيل التسعير" الثلاث على أنها إدخال بعض التعديلات الصغيرة على أساليب تجار التجزئة في عرض الأسعار على المستهلكين، بحيث يخففون من وقع الإحساس بالصدمة وتزداد القيمة المتصوّرة للمعروضات، ومن ثم فإن معرفة هذه "الحيل" تمكِّن تجار التجزئة من توجيه المستهلكين نحو خيارات أفضل، ولكنها أعلى ثمناً على نحو أكثر فاعلية.

الحيلة الأولى: تكلم عن الأسعار الأعلى في إطار التحديث.

بدلاً من عرض خيار قياسي بقيمة "200 دولار" وبديل ذي جودة أعلى بقيمة "250 دولار"، ركِّز على الفارق بينهما واعرض الخيار ذا الجودة الأعلى مقابل "50 دولاراً إضافية". ففي دراسات أجريت مؤخراً على أسلوب المستهلكين في المفاضلة بين السعر والجودة، لاحظنا أن تركيز الخطاب السعري على ميزة التحديث الإضافية نفسها (مثل إتاحة الخيار الأعلى مقابل إضافة 50 دولاراً) بدلاً من المقارنة السعرية الكاملة (مثل إتاحة الخيار الأعلى بقيمة 250 دولاراً) يجعل المستهلكين أكثر قبولاً بتكلفة التحديث، وهو ما يزيد من فرصة اختيارهم لسلعة ذات جودة أعلى ويقلل من احتمالية اعتبارها سلعة غالية الثمن، فعلى سبيل المثال عند مطالبة المستهلكين بالاختيار بين الاشتراك الأساسي في صحيفة "نيويورك تايمز" مقابل دفع "9.99 دولار في الشهر لموقع نيويورك تايمز وتطبيقها الإلكتروني" والاشتراك المميز مقابل دفع "16.99 دولار في الشهر لموقع نيويورك تايمز وتطبيقها الإلكتروني بالإضافة إلى النسخة المطبوعة والمدونة الصوتية والكلمات المتقاطعة"، وجدنا أن 23% من المستهلكين اختاروا الاشتراك المميز، ولكن عندما وُضع سعر الاشتراك المميز في إطار "إضافة 7 دولارات شهرياً"، تضاعفت نسبة المستهلكين الذين اختاروا الاشتراك المميز لتصل إلى 47%، بل ووصفوا الاشتراك المميز أنه أقل تكلفة عندما نظروا إليه من وجهة نظر التسعير التفاضلي.

وتشير بعض الأدلة غير الموثقة إلى أن مندوبي المبيعات المخضرمين يدركون بالفعل هذه الاستراتيجية في التسعير، ولكن يبدو أن عدد الشركات التي تستخدم هذه الحيلة التسعيرية محدود على الرغم من سهولة تنفيذها. تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النهج في التسعير لا ينطوي على أي خداع لأنك تقدم إلى المستهلك المعلومات كلها، ولكن كل ما هنالك أنه يعمل على زيادة القيمة المتصورة للسلعة الأعلى سعراً من خلال تحويل تركيز المستهلكين في أثناء عملية اتخاذ قرار الشراء، وهو ما يجعلهم ينظرون إلى الخيار الأعلى سعراً باعتباره خياراً أرخص نسبياً حتى وهم مدركون تمام الإدراك للسعر النهائي عند ماكينة دفع النقود.

وإليك هذا التحذير المهم: يجب عدم الخلط بين التسعير في إطار التحديث والتسعير بالتنقيط الذي يخفي الرسوم والتكاليف الإضافية عن المستهلك إلى ما بعد إبرام الصفقة، ففي حين أن التسعير بالتنقيط قد يزيد من المبيعات على المدى القصير، فقد توصل بحث أُجري مؤخراً إلى دليل يثبت أن هذه الاستراتيجية في التسعير قد يكون لها أثر سلبي على رضا العملاء والربحية على المدى الطويل.

الحيلة الثانية: ترجم التكاليف غير الملموسة إلى تكاليف مالية

يستعصي على المستهلكين تقييم الكثير من سمات الجودة والاستدامة في المنتجات، فإذا كانت غسالة الأطباق الجديدة توفر 20 كيلوواط في الساعة في كل دورة، فكم تبلغ قيمة هذه الميزة؟ يكمن الحل هنا في ترجمة التكاليف غير الملموسة إلى مقاييس يفهمها المستهلكون: وأفضل هذه المقاييس هي التكاليف المالية التي تقدم طريقة لإعادة صياغة التكلفة الإجمالية للملكية على نحو أكثر فائدة بالنسبة للمستهلكين، فعلى سبيل المثال يزيد عرض تكلفة الطاقة على مدار 10 سنوات عند استخدام أحد الأجهزة من معدل شراء الخيارات الموفرة للطاقة، لاسيما عندما تكون أكثر تكلفة، في إحدى الدراسات التي أجريت في أحد المتاجر، بلغت نسبة شراء المتسوقين لمصابيح الإنارة الموفرة للطاقة الأعلى سعراً (مقابل المصابيح غير الموفرة) 12% فقط عند وضع ملصقات الأسعار القياسية، بينما بلغت نسبة الشراء 48% عندما تضمنت ملصقات الأسعار تكلفة الطاقة لمدة 10 سنوات، والأهم من ذلك أن ترجمة تكاليف الطاقة إلى مبالغ مالية كانت لازمة، حيث كانت الملصقات التي تضمنت مقياس الكيلوواط في الساعة ذات أثر محدود، كما كان توسيع نطاق تكاليف الطاقة إلى 10 سنوات أكثر فاعلية من الاكتفاء بذكر تكلفة الطاقة لمدة عام واحد أو التكلفة السنوية. ويمكن تطبيق هذه الاستراتيجية أيضاً على أنواع الملكية الأخرى، من شراء الحبر للطابعة المنزلية إلى شراء السيارات الكهربائية مقابل تكاليف تشغيلها، أو مكيفات الهواء، أو ألواح الطاقة الشمسية.

الحيلة الثالثة: نزّل حزم التخفيضات بالترتيب الصحيح

لطالما كانت التخفيضات إحدى الأدوات المفضلة في جعبة خبراء التسويق لجذب العملاء المهتمين بالتكلفة، بداية من العروض المتاحة لفترة محدودة إلى الرموز الترويجية (البرومو كود) واسعة الانتشار على الإنترنت، وتشير "حزم" التخفيضات إلى تلك التخفيضات التراكمية التي تُقدم إلى المستهلكين بالتسلسل، مثل عرض تخفيض بنسبة 20% لمن "يشتري لأول مرة"، بالإضافة إلى تخفيض 15% بمناسبة "عطلة نهاية الأسبوع". وأثبتت الأبحاث أن تنزيل حزم متعددة من التخفيضات أكثر فاعلية من تقديم تخفيض شامل لمرة واحدة، فعرض "تخفيض بنسبة 10% بالإضافة إلى 40% أخرى"، على سبيل المثال، أكثر فاعلية من عرض "تخفيض بنسبة 50%"، حتى لو بدا خصم المبلغ الإجمالي أكبر.

علاوة على ذلك، فإن ترتيب حزم التخفيضات تصاعدياً من الأصغر إلى الأكبر (مثل عرض تخفيض بنسبة 10% بالإضافة إلى 40% أخرى) أكثر فاعلية من ترتيبها تنازلياً من الأكبر إلى الأصغر (مثل عرض تخفيض بنسبة 40% بالإضافة إلى 10% أخرى)، حيث يقع هذا التأثير غير المتماثل لأن المستهلكين يتعاملون مع التخفيض الأول بوصفه معياراً حاكماً وعلى أساسه يقيمون حجم التخفيض الثاني (حيث يبدو لهم تخفيض بنسبة 40% رائعاً بعد تخفيض بنسبة 10% الذي يمثل لهم المعيار الحاكم، في حين أن تخفيضها بنسبة 10% يبدو لهم ضئيلاً جداً بعد تخفيض بنسبة 40% الذي يمثل لهم المعيار الحاكم). وتبدو حيلة حزم التخفيضات التراكمية أكثر فاعلية في المتاجر منها على الإنترنت لأن المستهلكين على الإنترنت يرون إجمالي المبلغ المخصوم قبل اتخاذ قرار الشراء، وهو ما يقلل من فاعليتها. ونلاحظ على مستوى حياتنا اليومية أن استراتيجيات الحزم التراكمية للتخفيضات تستخدم على نطاق واسع بين تجار التجزئة الذين يعملون في آسيا، بيد أنها نادرة الاستخدام في العالم الغربي، لذا نرى أن هناك فرصة كبيرة لا يستغلها تجار التجزئة في أسواق الدول الغربية.

مع شعور المستهلكين أنهم واقعون تحت ضغوط هائلة ومحاصرون بين خفض السعر ورفع مستوى الجودة مقابل قدر أكبر من المال، تزداد أهمية أشكال التسعير وتأثيراتها على قرارات شراء المستهلكين أكثر من أي وقت مضى، لكن يتعين على تجار التجزئة التفكير بإمعان عند الاختيار بين استراتيجيات التسعير، فلا بد من الموازنة بين الزيادة الفورية في المبيعات وغيرها من مقاييس الربحية، مثل رضا العملاء ومعدل العائد لضمان استدامة العمل التجاري على المدى الطويل. وهكذا نكون قد استعرضنا ثلاث "حيل للتسعير" يمكن استخدامها لإبراز القيمة للمستهلك، وترغيبه على نحو استراتيجي في العروض الأعلى سعراً التي تقدم له مستوى أعلى من الجودة والرضا على المدى الطويل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي