3 دروس من الشركات التي تولي الغاية أهمية أكبر من الأرباح قصيرة الأجل

3 دقائق
الشركات الكبيرة

شاهدنا عدداً من الشركات الكبيرة التي تتخذ قرارات تتعارض، وفقاً للمعايير التاريخية، مع توقعاتنا من قادة الشركات الكبيرة. لنتأمل الأمثلة الثلاثة التالية:

قررت شركة التجزئة الأميركية للرعاية الصحية "سي في إس" (CVS)، عام 2014، التوقف عن بيع السجائر، بكلفة تقديرية تبلغ ملياري دولار، نظراً لأنه "القرار الصحيح الذي نحتاج إلى اتخاذه من أجل زبائننا والذي يسمح لشركتنا بمساعدة الناس في طريقهم نحو صحة أفضل"، بحسب قول لاري ميرلو (Larry Merlo)، الرئيس التنفيذي للشركة. واستطرد قائلاً "ببساطة، لا يتوافق بيعنا لمنتجات التبغ مع غاية الشركة".

كما أعلن بول بولمان (Paul Polman)، الرئيس التنفيذي لشركة "يونيليفر" (Unilever)، أنه يجب على المساهمين الاستمرار بالبيع إن لم يوافقوا على قراره بالتوقف عن تقديم نتائج ربع سنوية، والتركيز على خلق قيمة طويلة الأمد تتميز بأنها "عادلة ومشتركة ومستدامة". ويعني هذا التركيز على مضاعفة الإيرادات مع خفض البصمة الكربونية إلى النصف، والبحث عن مصادر لتمويل 100% من موادها الخام وفقاً لمبادئ بيئية واجتماعية وأخلاقية.

وسعت شركة "مارس" (Mars) للأغذية، إلى جعل نشاطاتها تتماشى مع غايتها المعلنة المتمثلة في "طعام جيد اليوم، يعني غداً أفضل"، من خلال الإعلان لزبائنها أن "البيانات الإيضاحية الجديدة ستشير إلى عدد المرات الموصى بها لاستهلاك هذه المنتجات، بناء على مقدار الوقت الذي يحتاج إليه الجسم لاستعادة التوازن بعد تناول هذه الوجبات".

في جميع الحالات الثلاث، لم يكن الإجراء الذي اتخذته الشركات مجرد إفصاح عن غايتها الذي يتعدى مجرد تحقيق العائدات إلى المساهمين، بل كان اتخاذاً لقرارات ستكلفها، على المدى القريب على الأقل، خسارات تتمثل في انخفاض الإيرادات أو ارتفاع التكاليف.

وبالتالي، فإن ما نراه لم يعد مجرد صراع بين القيام بالشيء "الصحيح" والنجاح التجاري، وإنما تفاعل معقد بين عوامل لها خصائص المفارقة، وهي حالة تتقارب فيها الاتجاهات المتعاكسة على نحو كبير. وهنا، يتمثل التحدي الرئيس في كيفية استخدام مثل هذه المفارقات لإثارة حالة توتر إبداعي، الذي يقود إلى الابتكار والنمو، بدلاً من التسبب في حالة تردد وعجز أو قرارات غير حكيمة.

يتبع القادة القادرون على حل المفارقات المسار التالي القابل للتنبؤ: تقبل المفارقات ومواجهتها والبحث عن طرق لتجاوزها. إليكم شيئاً من التفصيل حول كل خطوة:

التقبل

ينبغي توضيح توقعات مجموعة واسعة من الأشخاص المعنيين، على المدى القصير والمتوسط والطويل، مع إيلاء انتباه خاص لكل من أصحاب التوقعات غير البديهية ممن قد لا يتسمون بالصراحة، وإلى العكس منهم ممن يبدون صريحين أو سلبيين بصورة مبالغ فيها.

أما الخطوة الثانية، فهي فهم تلك المفارقات الناشئة بين هذه الآراء والمواقف والإقرار الجماعي بها (بطريقة تناسب مختلف الفئات). وأخيراً، تعد القدرة على اعتناق هذه الآراء، المتضاربة في كثير من الأحيان، دون الاستسلام للحاجة إلى التقليل من عدم الراحة والقلق، صفة أساسية من الصفات القيادية.

المواجهة

حاول التواصل مع مجموعات الأشخاص المعنيين التي تشكل جزءاً أساسياً في شركتك. وللقيام بذلك، دخلت العديد من الشركات الرائدة في عمليات تسوية للمفاوضات/النزاعات مع مجموعات مختلفة، مثل المنظمات غير الربحية ومجتمعات السكان الأصليين، لإيجاد طرق لاستيعاب أصواتهم في عملية اتخاذ القرارات في الشركة.

وعليك أن تدرك أن حل المفارقات قد يتطلب وقتاً طويلاً (شهوراً أو سنوات)، وخاصة تلك المتأصلة بشدة في الهياكل القديمة للشركة. وكما أخبرني، مؤخراً، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الأغذية الرائدة في رد له على سؤال حول السكر في منتجاتهم: "كان بإمكاننا بيع تلك المنتجات إلى شركات أخرى، لكننا بذلك نحول المشكلة إلى جهة أخرى. كما كان بإمكاننا إيقاف هذه المنتجات، لكن المساحة السوقية لهذه المنتجات لم تكن لتختفي، بل كانت لتغطي مكانها منتجات شركة أخرى. وبهذا كان الإجراء المسؤول الوحيد هو تحويل ذوق الزبائن بعيداً عن الاستهلاك المفرط للمنتجات الضارة. نعلم أن هذه مسؤوليتنا الأخلاقية وأنها ستتطلب وقتاً".

التجاوز

إن وضع استراتيجيات بالاعتماد على تسميات قديمة فيما يتعلق بالقطاع الذي تعمل فيه، أو بمقومات النجاح فيه، لن يجدي نفعاً لأنه لا يُظهر إلا نصف الصورة كاملة، وتتناقص أهميته شيئاً فشيئاً. على سبيل المثال، هل ستقول إن شركة المشروبات الخاصة بك تحقق أرباحاً عن طريق بيع نوع محدد من المشروبات، ويعتمد نمو شركتك المستمر على الاستهلاك المتزايد المرتبط بتبعات صحية واجتماعية؟ أو أن الغاية من شركتك هو جعل التفاعلات الاجتماعية أكثر نجاحاً، وهو شيء تلك المشروبات قادرة على فعله، ولكنك عمَدت إلى إعادة الصياغة هذه لأنها تفتح المجال أمام الابتكار والنمو من الأنواع المختلفة من المنتجات والخدمات كذلك.

لذلك، عليك اتخاذ قرارات شجاعة والإعلان عنها، بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات المحددة للأهداف، للتوقف عن فعل الأشياء التي لا تتماشى مع "غايتك". فالإعلان عن الأمور التي ستبدأ بفعلها لا يقل أهمية عن الأمور التي ستتوقف عن القيام بها في أثناء عملية التحول.

وبدلاً من أن يكون الناتج عن هذه العملية مجرد تصريح جذاب يحدد غاية الشركة، ستخرج بقرارات ذات أهمية كبيرة قائمة على فهم عميق للغاية، وتخدم ما هو أكبر من الاحتياجات الفورية للزبائن وطلبات المستثمرين قصيرة الأجل.

من المهم أن يفهم القادة هذه الفكرة جيداً. فقد يؤدي الفشل في حل المفارقات بين "الغاية" و"الأداء" إلى السخرية وانخفاض مستويات الثقة في أصالة الشركة وقادتها، وإلى زيادات في اللوائح التنظيمية والغرامات التي تفرضها الحكومات، والفشل في جذب موظفين على مستوى عالٍ، وفي النهاية، يؤدي إلى التأخر في النمو والابتكار وتحقيق عائدات للمستثمرين.

إذاً، الأمر ليس ببساطة "القيام بالشيء الصحيح"، ففي عالم فوضوي كهذا، قد تكون هناك العديد من "الأشياء الصحيحة" التي إن فعلنا أحدها قد يعني عدم قيامنا بالأشياء الأخرى. لذلك، سنضطر دائماً إلى القيام بالمقايضات. فالأمر يتطلب تحديد الفرص الجديدة في السوق، التي قد لا يزال بعضها ناشئاً، والاستثمار في تلك التي تتماشى مع الغاية الأسمى لمؤسستك. لا يُرضي هذا مختلف الأشخاص المعنيين الذين تقابلهم اليوم فحسب، وإنما يضع مؤسستك أيضاً على الطريق الصحيح نحو مستقبل أكثر استقراراً واستدامة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي