لقد أصبح استخدام "عبارات ضمير المتكلم" (أي تلك العبارات التي تؤكد مشاعر الشخص المتكلم أو قناعاته) نصيحة شائعة تُقدم إلى الأشخاص الذين يعملون في قطاع الأعمال، مثل قول: "أشعر بالإحباط لأنك فوّت الموعد النهائي لتقديم الميزانية مرتين"، وذلك كأسلوب لطرح النقاشات الصعبة دون التسبب في شعور الزملاء بأنهم ملامون أو أنهم يتعرضون لهجوم. في الواقع، قد تكون عبارات ضمير المتكلم مفيدة في الحالات التي تربطك فيها علاقة شخصية وثيقة مع زميل يهتم لمصلحتك، أو عندما تريد إظهار أن لمسألة معينة انعكاسات معنوية عليك.
لكن في معظم الحالات، من المحتمل أن تُضعف عبارات ضمير المتكلم حجتك بدلاً من تقويتها. وإليك هنا 3 أسباب تجعل لهذه العبارات نتائج عكسية، إضافة إلى كيفية التصرف في تلك المواقف.
يمكن اعتبارها تعبيراً عن الانفعالات، خاصة عندما تستخدمها النساء. أصيبت إحدى المتدربات لدي، والتي تشغل منصب نائبة الرئيس، بالإحباط بسبب قرار كان فريقها التنفيذي يخطط لاتخاذه، وطلبت المشورة من قسم الموارد البشرية حول كيفية إقناع عضوين رئيسيين من أعضاء فريقها حول مساوئ أحد الإجراءات ومزايا الآخر. نصحها زميلها في قسم الموارد البشرية أن صياغة حجتها باستعمال عبارات ضمير المتكلم لإظهار مدى اهتمامها ومدى قوة شعورها، سيساعدها على أن تبدو أقل سلبية وأكثر إقناعاً. ولكن عندما التقت نائبة الرئيس مع المسؤوليْن التنفيذيين، كان واضحاً أنهما غير متأثرين، وبدأ كلاهما في تجاهل آرائها علناً خلال اجتماعات الفريق اللاحقة.
وعندما أخبرتني عن المحادثة التي أجرتها معهما، لاحظت كيف بدت تعليقاتها شخصية، وكيف أنها لربما أضرّت بمصداقيتها إذا ما اعتقد المسؤولون بأن مشاعرها قد تأذت بسبب عدم الأخذ بمشورتها، بدلاً من إدراكهما بأنها كانت قلقة بشأن ضرر محتمل قد يلحق بالعمل. ثم تبادلنا الأفكار لحالة محكمة ومزودة بأمثلة محددة وتوجهات ونتائج مرجحة، وقد حضرت الاجتماع التالي مسلحة ببيانات من حالات سابقة مماثلة وتوقعات لنتائج مستقبلية، وكانت أكثر فاعلية على نحو ملحوظ عندما سمحت للأرقام بالحديث نيابة عنها بدلاً من الظهور وكأنها أخذت الأمور على محمل شخصي.
قد يبدو أن ضمائر المتكلم تتمحور حول الأفضل لك شخصياً. إليك مثال آخر مأخوذ من أحد عملائي، إذ كان لأحد مندوبي المبيعات ترتيبات معينة من أجل استخدام مكتب خاص عدة مرات في اليوم للاهتمام بحالة صحية معينة لديه. وقد تواصل معه مديره في قسم المبيعات وأوضح له أن الغرفة لن تكون متاحة لبضعة أيام بسبب أعمال البناء، ولكن يمكن للمندوب استخدام قاعة المؤتمرات، أو مكتب مدير آخر، أو قد يعمل من المنزل حتى الانتهاء من أعمال البناء. وكان رد فعل المندوب سلبياً فيما يتعلق بجميع الخيارات الثلاثة وقدم عدداً من الشكاوى الرسمية وغير الرسمية حول نقله إلى مكان آخر.
وعندما تحققت من مدير المبيعات حول الموقف الذي حصل، أفاد أنه استخدم أسلوباً مثل: "أنا بحاجة حقاً إلى التخلي عن الغرفة الخاصة لبضعة أيام" و"أحاول حقاً إنجاز هذا العمل لأجلك" كأسلوب لخلق شعور من المصلحة المتبادلة والاهتمام. ولكن ذلك الالتماس لم ينجح، إذ شعر المندوب أن المدير كان يفعل ما هو سهل بالنسبة له، وأنه لو كان يحاول المساعدة حقاً لكان قد غير جدول أعمال البناء. ناقشت مع المدير كيف يمكن لأسلوبه أن يكون حيادياً أكثر وغير شخصي وحتمي، وذلك من أجل التحضير لحالات مماثلة في المستقبل، فيمكنه القول مثلاً: "لسوء الحظ، سيكون هناك أعمال بناء في هذه الغرفة لبضعة أيام، لكن لدينا 3 أماكن إقامة مختلفة متاحة لك خلال تلك الفترة، أعلمني أي من تلك الأماكن سيكون الأفضل لك".
يمكن أن تعرّضك ضمائر المتكلم لخطر الظهور بموقف الضعيف. إن هذا الأمر مقلق على نحو خاص، لأن القادة يميلون إلى أن يكونوا أقل تعاطفاً كلما ارتقوا ضمن المؤسسات التي يعملون فيها، وهم أكثر ميلاً للاهتمام بما يمكنك إنجازه بدلاً من التعاطف مع التحديات التي تواجهك. وقد وصف أحد المدراء الذين درّبتهم خطته لمواجهة رئيسته في العمل حول مشكلة بين الإدارات، وكان عازماً على استخدام تركيب عبارات ضمير المتكلم مثل: "أشعر أنني لا أستطيع التعامل مع تلك الطريقة التي تسير بها الأمور مع القسم "س" بعد الآن" من أجل إثارة قلق رئيسته والتعبير عن مدى قوة الموقف الذي كان يتخذه. بدلاً من ذلك، اقترحت عليه أن يبدأ المحادثة بسؤال رئيسته في العمل عن النتائج التي أرادتها؛ بقول شيء أكثر موثوقية، مثل: "إن أسلوبنا الحالي مع القسم الآخر غير فعال"؛ ثم يصف الخطوات التي كان يتخذها للعمل مع الإدارة الإشكالية. أما خلافاً لذلك، فقد كان من المحتمل أن يواجه موقفاً تبدو فيه المسألة وكأنها تتمحور حول عدم قدرته على التعامل مع المشكلة أو رفضه لرؤية الموقف من وجهة نظر القسم الآخر. واتفق معي على أن رئيسته في العمل ستكون منزعجة إذا ما اعتقدت أنه يحاول تشويه صورة القسم الآخر، وأنه يؤكد على إحباطه الشخصي كما لو كان في حاجة إلى تجنب تحمل مسؤولية إيجاد حل للمشكلة.
يشعر العديد من صناع القرار بعدم الراحة تجاه المضمون العاطفي، ويمكن أن تكون ردود أفعالهم سيئة إذا شعروا أنهم متورطون في الحدث الدرامي أو أن أحداً يبتزهم عاطفياً، وغالباً ما يكون استخدام الالتماس التحليلي أو القائم على الأدلة أكثر إقناعاً من توصيفات التأثير الشخصي. بعد سنوات عديدة من العمل في مجال تقديم الخدمات الاستشارية في مكان العمل، وجدت أنه غالباً ما يكون أكثر إقناعاً أن تُخرج نفسك من المعادلة، وأن تسلط الضوء بدلاً من ذلك على ما هو مفيد للفريق أو المنظمة نفسها.