لماذا لم يعد استخدام البيانات الضخمة فقط يفي بالغرض؟

4 دقائق
الاعتماد على استخدام البيانات الضخمة فقط

أصبحت البيانات الضخمة حقيقة ثابتة للشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 1000" (Fortune 1000)، وهذا الاستنتاج توصلت إليه دراسة استقصائية موجهة للمدراء التنفيذيين حول البيانات الضخمة أجرتها شركتي على مدار الأعوام الأربعة الماضية. فهل يمكن الاعتماد على استخدام البيانات الضخمة فقط؟

تجمع الدراسة الاستقصائية تصورات مجموعة صغيرة ولكنها مؤثرة من المسؤولين التنفيذيين، وهم كبار مسؤولي المعلومات وكبار مسؤولي البيانات وكبار رجال الأعمال والتكنولوجيا في شركات على قائمة "فورتشن 1000". فالقطاعات السوقية الرئيسية ممثلة تمثيلاً كبيراً في الدراسة (ومنها قطاع الخدمات المالية)، لأن البيانات في هذه القطاعات وفيرة والاستثمارات في البيانات هائلة، ومنها أيضاً مجال علوم الحياة، حيث يتطور استخدام البيانات بسرعة. من بين نتائج الدراسة الاستقصائية ما يلي:

  • نسبة 63% من الشركات تُبلغ الآن عن استخدام البيانات الضخمة في عملية الإنتاج في عام 2015، وهو ما يشكل ارتفاعاً بنسبة 5% فقط عن عام 2012.
  • نسبة 63% من الشركات ذكرت أنها تتوقع أن تستثمر أكثر من 10 مليون دولار في البيانات الضخمة بحلول عام 2017، وهو ما يشكل ارتفاعاً عن نسبة 24% التي سجلت في عام 2012.
  • نسبة 54% من الشركات تقول إنها عَينت رئيساً للبيانات، وهو ما يشكل ارتفاعاً من 12% في عام 2012.
  • نسبة 70% من الشركات أفادت أن البيانات الضخمة لها أهمية كبيرة لشركاتها، وهو ما يشكل ارتفاعاً عن نسبة 21% التي سجلت في عام 2012.
  • تقول 27% من الشركات التي تتبوأ مكانة متقدمة في مجال الاستثمار إنها ستستثمر أكثر من 50 مليون دولار في البيانات الضخمة بحلول عام 2017، وهو ما يشكل ارتفاعاً عن نسبة 5% من الشركات التي استثمرت هذا المبلغ في عام 2015.

فقبل 4 سنوات، كانت المؤسسات والمسؤولون التنفيذيون يكافحون لفهم الفرص التي تخلقها البيانات الضخمة والتأثير التجاري لها. في حين سأم العديد من المسؤولين التنفيذيين من هذا المصطلح، فإن آخرين كانوا من أنصار الاعتقاد بأن التحليل المستند إلى البيانات يمكن أن يحول عملية صناعة القرار في عالم الأعمال. الآن، وصلنا إلى منعطف جديد: حيث تظهر البيانات الضخمة كمعيار للشركة، وينتقل التركيز بسرعة إلى النتائج التي تُفرِزها وقدرات العمل التي تتيحها. عندما كان الإنترنت ظاهرة جديدة كنا نقول "سوف نتصفح شبكة الويب العالمية"؛ أما الآن، فنحن نفعل ذلك ببساطة. إذاً، نحن ندخل مرحلة النضج نفسها مع البيانات الكبيرة.

كيف يمكن للمسؤولين التنفيذيين تحقيق القيمة من استثماراتهم في البيانات الكبيرة؟

تطوير المقاييس الصحيحة

في حين أن غالبية الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 1000" تبلغ عن أنها توظف قدرات البيانات الكبيرة، إلا أن عدداً قليلاً من هذه الشركات أظهر كيف سيستمد قيمته التجارية بمرور الوقت من هذه الاستثمارات الكبيرة. عندما أناقشُ هذا الأمر مع المسؤولين التنفيذيين، فإنهم غالباً ما يشيرون إلى أن الافتقار إلى مقاييس متطورة عالية الدقة هو دليل على عدم النضج النسبي في تطبيقات البيانات الكبيرة، كما أنه يشير إلى القسم الذي بدأت منه رعاية المؤسسة للبيانات الكبيرة ولمن يوجه هذا القسم تقاريره حالياً عن البيانات الكبيرة. من المرجح أن تكون المؤسسات التي لديها تنفيذي مسؤول عن رفع تقارير عن البيانات الضخمة إلى "مدير الشؤون المالية" قد طورت منظومة مقاييس مالية دقيقة في وقت مبكر.

هناك مشكلة أخرى تتعلق بقياس فاعلية مبادرات البيانات الضخمة وهي صعوبة تحديد تكاليفها وفصلها عن الميزانية. وهناك إشادات بالبيانات الضخمة بسبب السرعة التي توفرها للمؤسسات، نظراً للعملية التكرارية التي يمكن من خلالها تحميل البيانات، وتحديد العلاقات الترابطية والأنماط، ثم تحميل المزيد من البيانات التي تبدو أنها ذات دلالة عالية الدقة. ويمكن للمؤسسات عند اتباع هذا النهج التعلم من خلال التجربة والخطأ، حيث يمثل هذا تحدياً للقياس المبكر لأن معظم المؤسسات انخرطت في عدد من البدايات الخاطئة ولكن المحدودة في أثناء تطوير بيئات البيانات الكبيرة من أجل تلبية احتياجاتها. وبسبب العمليات غير الناضجة ونتيجة لعدم الكفاءة، كانت الاستثمارات الأولية للوقت والجهد أكبر أحياناً مما كان متوقعاً. من المتوقع أن تتراجع هذه التكاليف مع زيادة الخبرة والكفاءة.

تحديد فرص الابتكار

لا يزال الابتكار مصدراً واعداً للبيانات الكبيرة. فالسرعة والرشاقة التي تتيحها هذه التقنية تضفي على بيئات الاكتشاف مثل البحث والتطوير في مجال علوم الحياة وتستهدف أنشطة التسويق في إطار الخدمات المالية. لكن لا تزال قصص نجاح الابتكار الذي يدعم البيانات الضخمة قليلة نسبياً في هذه المرحلة. وحتى الآن انطوت معظم إنجازات البيانات الضخمة على وُفُورات في التكاليف التشغيلية أو السماح بتحليل مجموعات أكبر وأكثر تنوعاً من البيانات.

على سبيل المثال، تمكنت الشركات المالية من تعزيز قدرات مخاطر الائتمان من خلال القدرة على معالجة المعاملات الائتمانية للعملاء على مدار 7 سنوات في نفس الفترة التي استغرقتها في السابق لمعالجة بيانات المعاملات الخاصة بعام واحد، ما أدى إلى قدر أكبر من الدقة الائتمانية ومخاطر أقل من الاحتيال الائتماني. ولكن هذه العمليات تدور في المكاتب الخلفية إلى حد كبير، فهي لا تغير تجربة العملاء أو تعطل الطرق التقليدية للقيام بالأعمال التجارية. كما التزمت بعض شركات الخدمات المالية التي تفكر في المستقبل بتمويل مختبرات البيانات الضخمة ومراكز التميز. وستستفيد الشركات في مختلف قطاعات الأعمال من تنفيذ استثمارات مماثلة، ولكن التمويل لن يكون كافياً. وسوف يتطلب الابتكار في البيانات الضخمة الجرأة والخيال أيضاً.

الاستعداد للتغيير الثقافي والتجاري

على الرغم من أن بعض الشركات الكبرى استثمرت في تحسين البنية التحتية الحالية لمضاهاة مزايا السرعة والتكلفة التي تقدمها البيانات الكبيرة، فإن الأدوات والمناهج الجديدة تستبدل النظم الإيكولوجية الشاملة للبيانات. وأخذ جيل جديد من محترفي البيانات في الظهور الآن، حيث نشأ (هذا الجيل) مع استخدام تقنيات ولغات إحصائية مثل "هادوب" (Hadoop) و"آر" (R)، ومع دخولهم إلى مجال العمل بأعداد أكبر ستفتح الأساليب التقليدية لإدارة البيانات والتحليلات المحوسبة المجال أمام هذه التقنيات الجديدة.

عندما بدأتُ في تقديم المشورة لشركات "فورتشن 1000" حول استراتيجيات التحليلات المحوسبة منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، افترضت أن 95% مما هو مطلوب سيكون المشورة التقنية. وكان الواقع على عكس ذلك، حيث ترتبط الغالبية العظمى من التحديات التي تواجهها الشركات في أثناء تشغيلها للبيانات الكبيرة بالأشخاص وليس بالتكنولوجيا: في قضايا مثل المواءمة التنظيمية وأساليب العمل وتبنيها وإدارة التغيير. إذاً، يتعين على الشركات أن تفكر ملياً وتقر بأنها لا يمكنها تبني البيانات الضخمة بنجاح من دون إحداث تغيير ثقافي لديها وعدم الاعتماد على استخدام البيانات الضخمة فقط.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي