كيف تحمي مدراءك المستجدين من أنفسهم؟

14 دقيقة

قبل أن يصبح تميم (تم إخفاء اسمه الحقيقي) مديراً مستجداً، كان موظفاً فردياً متميزاً، إذ كان ذكياً وواثقاً وذا تفكير استباقي وواسع الحيلة. كان عملاؤه يحبونه وأيضاً رئيسه وزملاؤه. بالتالي، لم يُفاجأ أحد في القسم عندما عُرض عليه منصب إداري. قَبِل تميم المنصب ببعض التردد، إذ كان يحب التواصل المباشر مع العملاء وكان يكره التخلي عن ذلك، لكنه كان سعيداً بتلك الترقية بشكل عام.

لكن بعد ستة أشهر، وعندما تم استدعائي لتدريب تميم، كان من المستحيل تخيّل ذاك الشخص الواثق الذي كان عليه سابقاً، حيث كانت حالته سيئة جداً، وبدا وكأنه مرهق بكل ما يحدث حول، وحتى استخدم هذه الكلمة عدة مرات لوصف ما يشعر به. كان قد بدأ التشكيك في قدراته. فمرؤوسوه المباشرون، الذي كانوا ذات مرة زملائه، لم يعودوا يحترموه أو يحبونه. وما زاد الطين بلة أن قسمه كان يعاني من سلسلة من الأزمات الصغيرة، حيث كان تميم يقضي معظم وقته في حل تلك الأزمات، مدركاً أنه ليس التوظيف الأمثل لوقته، لكنه لم يكن يعرف ماذا يفعل بخلاف ذلك. صحيح أنه تلك المشاكل لم تُترجم بعد إلى نتائج سيئة لقسمه، لكنه كان في ورطة.

أدرك رئيسه أن تميم يقترب من خطر الفشل وأحضرني للمساعدة. وحصل تميم على المساعدة التي يحتاجها بفضل الدعم والتدريب ليصبح في النهاية مديراً فاعلاً. وفي الواقع، تمت ترقيته مرتين منذ أن عملت معه، وهو يدير الآن قسماً داخل الشركة نفسها. لكن ذاك الإخفاق الذي كان يودي به، والطريق الذي أوصله إلى هذه النقطة، يشابه ما يحصل مع كثيرين، إذ تقوم معظم المؤسسات بترقية الموظفين إلى مناصب إدارية بناءً على كفاءتهم الفنية، لكن غالباً ما يفشل هؤلاء الأشخاص في فهم إلى أي حد تغيّرت أدوارهم وكيف أن وظائفهم لم تعد تتعلق بالإنجاز الشخصي، بل بتمكين الآخرين من تحقيق ذلك، وأن قيادة الحافلة في بعض الأحيان تعني الجلوس في المقعد الخلفي، وأن بناء الفريق غالباً ما يكون أكثر أهمية من إجراء صفقة. ويمكن حتى لأفضل الموظفين مواجهة مشكلة في التكيف مع هذه الحقائق الجديدة. وقد تتفاقم هذه المشكلة بسبب انعدام الأمن الطبيعي الذي يحول دون طلب المدراء المستجدين المساعدة، حتى عندما يجدون أنفسهم في منطقة غير مألوفة تماماً. وعندما تحدث الضغوط لدى هؤلاء المدراء الجدد، يصبح تركيزهم بدوره داخلياً أيضاً، حيث يصبحون متوترين ويركزون على أنفسهم ولا يتمكنون من دعم فرقهم بشكل صائب، الأمر الذي يتسبب في انهيار الثقة، وانعزال الموظفين، ومعاناة الإنتاجية.

وتدعم العديد من الشركات هذا الانحدار المتسارع عبر افتراض أن مدراءها المستجدين سيتعلمون بطريقة أو بأخرى مهارات الإدارة الحيوية بتشربها من البقية. وقد يحصل هذا مع البعض منهم، لكن تجربتي تقول بأنهم يمثلون الاستثناء إذ يحتاج معظم المدراء المستجدين إلى تدريب إضافي. وفي حالة غياب التدريب الشامل والمكثف، والذي هو بطبيعة الحال مفقود لدى معظم الشركات، على مدير المدير الصاعد لعب دور رئيسٍ هنا. وبالطبع، لا يمكن لمعظم كبار المدراء قضاء ساعات طويلة أسبوعياً في الإشراف على عمل المدير الجديد، ولكن إذا كنت تعرف التحديات التقليدية التي يواجهها هذا المدير، ستكون قادراً على توقع بعضها قبل ظهورها وقتل أخرى في مهدها.

التفويض

قد يكون التفويض الفاعل أحد أصعب الأمور على المدراء المستجدين، إذ يُضفي كبار المدراء عليهم مسؤوليات كبيرة ومواعيد نهائية صارمة، ويمارسون الكثير من الضغوطات عليهم لتحقيق نتائج. ويتسبب ذلك في استجابة طبيعية لهم عند مواجهة تحديات مثل هذه تتمثل في "القيام بذلك فحسب"، معتقدين أن هذا ما جعلهم ينالون الترقية في المقام الأول. لكن ينبع ترددهم في تفويض المهام من مخاوف حقيقية جداً، أولها الخوف من فقدان المكانة: "إذا وضعت من يعملون لدي لأداء مشاريع رفيعة المستوى، فسينالون هم التقدير. هل سيتم ملاحظتي أصلاً؟ هل سيتمكن مديري وموظفيني من رؤية القيمة التي أضيفها؟" ثانياً، الخوف من فقدان السيطرة: "إذا سمحت لعبد الله بإنجازها، كيف سأتأكد من قيامه بذلك بشكل صحيح؟" وقد يقوم المدير الصاعد، في مواجهة هذا الخوف، بتفويض المهمة لعبد الله، لكنه سيشرف عليه عن كثب لدرجة أن الأخير لن يشعر بأنه المسؤول عن المشروع. وأخيراً، قد يكون المدير الجديد متردداً في تفويض العمل لأنه يخشى إثقال كاهل موظفيه، وقد يكون غير مرتاح إلى إسناد العمل إلى أقرانه السابقين خوفاً من كرههم له، والذين قد يكرهونه فعلاً إنما في حال شعروا أن تقدمهم متوقف بسبب قلة الفرص.

وإذا أردت أدلة على ما سبق، لاحظ إن كان المدراء الجدد يعملون لساعات طويلة بشكل مفرط، أو يترددون في تحمل مسؤوليات جديدة، أو في حال وجود موظفين لديهم غير مشغولين، أو وجود ميل للمدراء للإجابة نيابة عن الموظفين بدلاً من تشجيعهم على التواصل المباشر معك.

وتتمثل الخطوة الأولى لمساعدة المدراء المستجدين على التفويض الفعال في جعلهم يفهمون دورهم الجديد، وإدراك أن وظيفتهم الحالية تختلف اختلافاً جوهرياً عن عملهم السابق. ويجب توضيح الوضع الحالي للمدير الجديد وقيمته أمام القادة. ويعتبر تطوير الموظفين الموهوبين القابلين للترقية أمراً بالغ الأهمية في أي شركة، لكن عليه أن يجعل المدراء الجدد يعرفون أنه سيتم مكافأتهم على هذه الجهود غير الملموسة بالإضافة إلى تحقيق الأهداف التقليدية. ويعتبر فهم هذا الدور الجديد نصف المعركة في مساعدة المدراء الصاعدين، وأيضاً الهدف الذي تفترض العديد من الشركات خطأ أنه سيحدث من تلقاء نفسه.

وبعد التوضيح لمديرك المستجد كيف أن دوره حالياً مختلف، يمكنك الانتقال إلى الأمور الأخرى. وربما يعتبر ذلك أمراً بديهياً، لكن عليك أن تكون قدوة، إذ تقع على عاتقك مسؤولية تمكين المدير المستجد الذي يعمل من أجلك، وبذل ما في وسعك لمساعدته على التغلب على انعدام الأمن بشأن قيمته للمؤسسة. ثم يمكنك بعدها مساعدته في البحث عن فرص لتمكين فريقه ومشاركته.

عملت مع مدير حديث العهد كان بحاجة ماسة إلى إيجاد الوقت الكافي للتدريب والإشراف على موظفيه الذين تولى إدارتهم مؤخراً. كان قد تم الاستحواذ على شركته مؤخراً، وكان عليه التعامل مع معدل توظيف واستقالة مرتفع فضلاً عن قواعد ولوائح جديدة على مستوى الصناعة. وكان أقدم موظف في دائرته، امرأة كانت تعمل في الشركة المستحوِذة، على وشك العودة من إجازة عائلية طويلة، وكان مقتنعاً بأنه لا يستطيع طلب المساعدة منها. فبعد كل شيء، كانت تعمل بدوام جزئي وطلبت أن تتخصص في أكبر عميل للشركة. وما زاد الأمر تعقيداً شعوره أنها استاءت من ترقيته. وأثناء قيامنا بتقييم الموقف، تمكّن المدير من رؤية أن أولوية تلك الموظفة كانت إعادة التموضع كجزء مهم من الفريق. وبمجرد أن أدرك ذلك، طلب منها تحمّل مسؤوليات إشراف حرجة وموازنة ذاك الحمل عبر تقليل تعاملها مع العملاء، ووافقت على ذلك بشغف. في الواقع، عادت من الإجازة متحمسة للمشاركة مع مديرها في تطوير الفريق.

وعندما يتذمر مدير جديد حول أعباء العمل المتزايدة، اغتنم الفرصة لمناقشة قيامه بالتفويض. شجعه على المخاطرة المحدودة في البداية والاستفادة من نقاط القوة الواضحة لموظفيه. وضّح له أن الطلب من مساعده المنظَّم والموثوق به تولي زمام المبادرة في التعامل مع الإمدادات لإطلاق منتج جديد مثلاً، هو أمر ذي مخاطر أقل من مطالبة مندوب مبيعات نجم، غير معتاد على هذا النوع من العمل المفصل، القيام بذلك. وستساهم النجاحات المبكرة في بناء ثقة المدير واستعداده لتحمل مخاطر أكبر تدريجياً عبر توسيع قدرات كل عضو في الفريق. وأكّد له أن التفويض لا يعني التخلي عن المشروع، بل تقسيم مشروع معقد إلى أجزاء يمكن التحكم فيها، ولكل منها معالم محددة بوضوح لتسهيل المتابعة الفاعلة. ومن المهم أيضاً تحديد مواعيد اجتماعات منتظمة حتى قبل بدء المشروع لضمان بقاء المدير على اطلاع بالتقدم المحرز وشعور الموظفين بالمسؤولية.

الحصول على الدعم من الجهات العليا 

يرى معظم المدراء المستجدين أن علاقتهم برئيسهم هي علاقة تبعية أكثر منها شراكة، إذ أنهم سينتظرون قيامك بتحديد مواعيد الاجتماعات، ويطلبون التقارير، ويشككون في النتائج. ويمكنك الترحيب بهذا الانضباط، إلا أنه علامة سيئة بشكل عام لكونه يفرض عليك ضغطاً لا مبرر له لإبقاء قنوات التواصل مع المدير المستجد فاعلة. والأهم من ذلك، سيمنع أولئك المدراء من النظر إليك كمصدر دعم مهم. وإذا لم يروك بهذه الطريقة، فمن غير المرجح أن يروا أنفسهم بهذه الطريقة لمرؤوسيهم. والمشكلة ليست فقط في أن منصبك يرهبهم، بل هي أيضاً في خوفهم من الظهور بمظهر ضعف، إذ لا يريد المدير الذي تمت ترقيته حديثاً أن ترى نقاط ضعفه خشية أن تعتقد أنك ارتكبت خطأً في ترقيته. وعندما أسأل المدراء الصاعدين عن علاقاتهم مع رؤسائهم، غالباً ما يعترفون بأنهم يحاولون "البقاء بعيداً عن رادار المدير" وأنهم "يزنون كلماتهم التي يقولونها [للمدير] في الميزان".

ولن يطلب بعض المدراء حديثي العهد مساعدتك حتى عندما يكونون قد تولوا المنصب حديثاً جداً، إذ غالباً ما يحاول المدراء المستجدين إخفاء مشروع فاشل أو روابط معطوبة لفترة حتى يتمكنوا من إعادة السيطرة عليها. فعلى سبيل المثال، عيّنت مديرة عملت معها في إحدى شركات التكنولوجيا موظفاً عمره 20 عاماً. وكان المرحلة التحولية صعبة جداً ولم يتأقلم ذاك الشاب مع المؤسسة رغم بذل المديرة قصارى جهدها (وكانت الشركة، مثل العديد من الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا، موجهة نحو الشباب). وبدلاً من التواصل مع رئيسها طلباً للمساعدة، واصلت المديرة التعامل مع الموقف وحدها. واستقال الموظف في نهاية المطاف في أكثر أوقات السنة ازدحاماً، وتعرضت المديرة الشابة لعقوبة مزدوجة متمثلة في نقص عدد موظفيها في أسوأ لحظة ممكنة وإدراكها أنها فقدت مساهماً محتملاً مهماً.

ما هو دور مدير المدير المستجد؟ يمكنك البدء عبر توضيح التوقعات، وشرح العلاقة بين نجاح المدير المستجد ونجاحك، لكي يفهم أن التواصل المفتوح ضروري لتحقيق أهدافك. واشرح أنك لا تتوقع أن تكون لديه جميع الإجابات، وقم بتعريفه إلى مدراء آخرين داخل الشركة ممن قد يكونوا مفيدين، وشجعه على التواصل معهم حسب الحاجة. ودعه يعرف أن الأخطاء تحدث ولكن التستر دائماً أسوأ من الجريمة. أخبره أنك ترغب في أن يدعوك بشكل عرضي على الغداء كل فترة وأخرى بالقدر الممكن ولأطول فترات ممكنة.

وتعد فترات الغداء المشتركة والجلسات السريعة مهمة، لكنها لا تكون كافية في العادة. فكر في الاجتماع بانتظام مع المدير الجديد، ربما أسبوعياً في المراحل الأولى من توليه المنصب، ثم نصف شهرية أو شهرية مع زيادة ثقة المدير المستجد بنفسه. وستساهم هذه اللقاءات في تطوير علاقة مهنية بينكما، وتزودك بنظرة ثاقبة حول كيفية تعامله مع الوظيفة، وتساهم في تنظيم أفكاره بشكل منسّق. وضح له الاجتماعات هذه لأجله وأن عليه تخطيط جدول أعمالها بالشكل الذي يراه، وأنت هنا لطرح الأسئلة والإجابة عليها وتقديم المشورة. وتتمثل الرسالة التي ترسلها في أن عمل الفرد مهم لك وأنك شريك أعمال ملتزم. وبشكل أكثر دقة، أنت تقوم بتصميم نماذج مباشرة لتمكين المرؤوسين وتوجيههم في وقت واحد.

إظهار الثقة

وثمّة تحدي نواجهه جميعاً وهو أن نبدو واثقين عندما لا نشعر بالثقة، وتزداد حاجتنا إلى إظهار ذلك بشكل خاص عندما نكون في مصاف كبار المدراء. وغالباً ما يركز المدراء المستجدون على أنفسهم لدرجة عدم إدراكهم للحاجة أو الصورة التي يعرضونها، إذ يركزون بشكل كبير على الجوهر لدرجة نسيانهم أهمية المظهر. وتعد الأسابيع والأشهر الأولى من تقلُّد المنصب الجديد فترة حيوية للقادة الجدد للتواصل مع الموظفين. ومن غير المرجح أن يلهموا فرقهم وينشطوها إذا لم يكونوا يُظهرون الثقة.

وأعمل بشكل روتيني مع مدراء جدد لا يدركون كيف يضر سلوكهم اليومي بمؤسساتهم. ففي إحدى شركات التكنولوجيا سريعة النمو، واجهت مديرة الخدمات، لينا، مستويات توتر مرتفعة، إذ كانت حالات انقطاع الخدمة شائعة جداً، وكانت خارجة عن إرادتها، في حين كان العملاء بدورهم صارمين، وكانوا أيضاً تحت ضغط كبير. كان موظفوها الذين يتزايد عددهم باستمرار قليلي الخبرة، بينما كانت المناوشات بين العملاء المحبطين والموظفين أمراً دائماً وشبه يومي. لقد بدت لينا متعبة ومندفعة وخائفة من إخفاق مشروعها الجديد. وربما كان التحدي كبيراً للغاية بالنسبة لمدير مستجد، لكن هذا ما يحدث في الشركات سريعة النمو. فمن جهة، كانت لينا تقوم بعمل ممتاز للحفاظ على سير العمل، إذ كانت قاعدة العملاء تنمو، ومعدل ولائهم للشركة مرتفعاً جداً، في سبب يعود إلى حد كبير إلى حيويتها وسعة مواردها. ولكن على مستوى آخر، كانت تتسبب أيضاً في الكثير من الضرر، إذ كان لسلوك ليندا المندفع تداعيات خطيرة. أولاً، حدّدت عن غير قصد معيار السلوك المقبول في إدارتها، وبدأ موظفوها الذين يفتقرون إلى الخبرة في عرض السلوكيات نفسها. والأهم من ذلك، كانت الأقسام الأخرى مترددة في التواصل مع ليندا أو فريقها، خوفاً من إزعاجهم أو إثارة رد فعل لا يُحمد عقباه. لكن لكي تتوصل الشركة إلى حلول حقيقية لمشاكل الخدمة، تحتاج الأقسام إلى تبادل المعلومات بشكل مفتوح، الأمر الذي لم يحدث هنا. ثانياً، لم تكن لينا تعرض نفسها أمام الإدارة العليا على أنها مناسبة للترقية، إذ كانوا سعداء بقدراتها على استكشاف الأخطاء وإصلاحها، لكنهم لم يروا فيها مديراً كبيراً واثقاً وذي خبرة في المجال. وكانت الصورة التي تعرضها لينا عن نفسها هي التي أدت في النهاية إلى كبح حياتها المهنية وقسمها.

لا يعرض كل مدير صاعد المشاكل نفسها التي عرضتها لينا، إذ قد يبدو البعض متعجرفاً بشكل مفرط، في حين يُشكّك آخرون في أنفسهم طوال الوقت. وسواءً أكان يظهر على المدراء لديك التوتر أم التعجرف أم عدم الأمان، ستكون ملاحظاتك الصادقة أفضل وسيلة مساعدة لهم. ويمكنك مساعدة المدراء المستجدين عبر إخبارهم أنه من الآمن دائماً التعبير عن مشاعرهم ضمن اجتماع فردي بينكما خلف أبواب مغلقة، وعليك أن تشرح لهم كيف سينظر الناس إليهم بمجرد توليهم المناصب القيادية، إذ يراقبهم موظفوهم عن كثب، فإذا كانوا يرون فيهم الاحتراف والتفاؤل، فمن المحتمل أن يظهروا بدورهم هذه الخصائص أيضاً. وأكد أيضاً على أهمية السلوك الأخلاقي الذي يعرضونه، أي إدراكهم الدائم لصورتهم أمام الآخرين. وإذا لاحظت وجود مدير يعرض صورة غير إيجابية، فأخبره على الفور.

ويجب أن تكون أيضاً متيقظاً عندما يحاول المدراء الجدد تقويض سلطتهم الخاصة. ارتكبت لينا خطأً تقليدياً لمدير مستجد عندما حاولت حث موظفيها على تنفيذ مبادرة صدرت من رئيسها. فلدى تقديمها المبادرة، قالت لفريقها إنه من المهم تنفيذها لأنها جاءت من نائب رئيس القسم الأول. وبينما كانت نواياها جيدة، والتي كانت حشد الفريق على الأداء، شجعت كلماتها قيام المجموعة بصب تركيزهم على مديرها بدلاً من التركيز عليها. ولا توجد وسيلة أسرع لفقدان المدير المستجد لمصداقيته مع موظفيه من الظهور وكأنه بوق الإدارة العليا. ولن يُضير ذكر أن الإدارة العليا ستقوم بالتحقق من هذه المبادرة، ولكن يجب على المدير المستجد الحرص على عدم اعتباره مجرد رسول.

ويعتبر التدريب في الوقت المناسب في كثير من الأحيان الطريقة الأكثر فاعلية لتدريب المدير المستجد على كيفية إظهار الثقة. فعلى سبيل المثال، وفي المرة الأولى التي تطلب فيها من مدير جديد تنفيذ مبادرة، قم بأخذ بعض الوقت الإضافي لتوجيهه خلال العملية. ولا يجب على مرؤوسيك أن يُعجبوا بك بالضرورة، لكنهم عليهم أن يثقوا بك. تأكد من امتلاك المدير الجديد للرسالة التي يعرضها أمام الآخرين.

ويعتبر تسريح العمال مثالاً كلاسيكياً حول رسالة سيعاني مدير مستجد في توصيلها. لا تسمح للمدراء المبتدئين بالقيام بذلك من دون تحضير كافٍ، وقم بمشاركة أكبر قدر ممكن من المعلومات. وتأكد من استعداده لجميع الأسئلة وردود الفعل المحتملة من خلال الطلب منه القيام بجولة غير رسمية معك. قد تتفاجأ بمدى ضعفه في نقل الرسالة في محاولاته القليلة الأولى. وقد يساهم بعض التدريب البسيط على صورة مديرك وشركتك.

التركيز على الصورة الكبيرة

لدى المدراء المستجدين قدرة مدهشة على السماح للمهام العاجلة بالتغطية على المبادرات الشاملة. وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لأولئك الذين تمت ترقيتهم من داخل الشركة لكونهم جاؤوا للتو من الخطوط الأمامية حيث اعتادوا مواجهة المشاكل طوال الوقت. ويعمل المدير المستجد غريزياً على إنقاذ أي عميل أو موظف محتاج فوراً لكونه مدير مستجد كان مؤخراً مساهماً فردياً ذي خبرة فنية كبيرة. إن إحساس المستجد بالإنجاز الناتج عن عمليات الإنقاذ هذه مغرٍ ومبهج أكثر بكثير من اجتثاث سببه. وما الذي يمكن أن يكون أفضل لروح الفريق من قيام القائد بالقفز في الخندق والقتال إلى جانبهم؟

بالطبع، يُظهر القائد روح فريق كبيرة إذا انضم إلى القوات في حالات الطوارئ. ولكن هل كل هذه حالات طوارئ حقيقية؟ هل يتم تمكين أحدث الموظفين للتعامل مع التحديات المعقدة؟ وإذا كان المدير المستجد مشغولاً في إطفاء الحرائق، فمن يفكر استراتيجياً في الإدارة؟ إذا كنت المدير الأقدم وكانت هذه الأسئلة تطغى في رأسك، فقد يكون لديك مدير مستجد لا يفهم دوره تماماً أو يخشى القيام به.

عملت مؤخراً مع مدير شاب اعتاد على الاستجابة لنهر مستمر من المشاكل، وكان متردداً في منح أي وقت للعمل على المبادرات الاستراتيجية التي حددناها. وعندما قمت بالتقصي قليلاً، كشف أنه شعر أن جزءاً مهماً من دوره يتمثل في انتظار ظهور أزمة. وتساءل قائلاً "ماذا لو قمت بجدولة أمر وحدث شيء عاجل وأثار هلع شخص ما؟" عندما أشرت إلى أنه يمكنه دائماً تأجيل جلسات استراتيجيته في حالة حدوث حالة طوارئ حقيقية، بدا مرتاحاً. لكنه رأى أن مفهوم توفير الوقت للتفكير في الأعمال التجارية أمراً زائداً عن الحد، على الرغم من حقيقة أنه سيُطلب من مجموعته رفع الإنتاجية بشكل كبير في السنة المالية التالية، ولم يفعل شيئاً للاستعداد لهذا الواقع.

ويمكن للمدراء الكبار مساعدة المدراء المستجدين من خلال الشرح لهم أن التفكير الاستراتيجي هو مهارة ضرورية للتقدم الوظيفي: فبالنسبة للمدراء الجدد، قد يكون 10% من عملهم استراتيجياً و90% تكتيكياً. ومع صعود المدراء التنفيذيين السلم الوظيفي، ستزداد النسبة الأولى وتقل الثانية. ويجب على المدراء إثبات أنهم قادرون على التفكير والتصرف بشكل استراتيجي لإثبات نجاحهم في المستوى التالي. ويمكنك استخدام الاجتماعات المجدولة بانتظام لمساعدة مدرائك على التركيز على الصورة الأكبر. ولا تسمح لهم بمراجعة أحدث النتائج والانتقال، بل اطرح أسئلة تسبر ما فهموه من هذه النتائج. فعلى سبيل المثال، "ما هي الاتجاهات التي تراها في السوق والتي قد تؤثر عليك خلال الربعين القادمين؟ أخبرني كيف يستجيب منافسوك لتلك الاتجاهات نفسها". ولا تدعهم يتحدثون عن التدريب الرائع الذي حصل عليه موظفوهم من دون أن تسألهم: "ما هي المهارات الإضافية التي نحتاجها لزيادة إنتاجية الموظفين بنسبة 25% في العام القادم؟" إذا لم تكن راضياً عن إجابات مديرك، أخبره أنك تتوقع منه التفكير بهذه الطريقة: لا يُتوقع منه تقديم جميع الإجابات، لكن عليه المشاركة في عملية التفكير الاستراتيجي بشكل كامل.

ويركز المدراء المستجدون على الأنشطة بدلاً من الأهداف، على اعتبار أنه يمكن إنجاز الأنشطة بسرعة (على سبيل المثال، إجراء ندوة لتحسين مهارات العرض لموظفي المبيعات)، بينما يستغرق تحقيق الأهداف عموماً وقتاً أطول (على سبيل المثال، تعزيز فعالية موظفي المبيعات). ويمكن للمدير الأعلى مساعدة مدير مستجد في التفكير بشكل استراتيجي من خلال طلب أهداف مكتوبة تميز بوضوح بين الأهداف والأنشطة الداعمة لها، حيث سيساعد إصرارك على انضباط تحديد أهداف مدرائك الجدد (وحتى الأقدم) على تنظيم خططه الإستراتيجية. وغالباً ما يتم التغاضي عن الأهداف الحرجة والمتصلة بمهارات الموظفين، مثل تنمية قدرات الموظفين، لصعوبة قياسها. ويجعل وضع مثل هذه الأهداف في شكل مطبوع مع خطوات عمل واضحة تلك الأهداف ملموسة، مما يجعل الشعور بالإنجاز عند تحقيقها واحتمال أكبر بأن تتم مكافأتها. سيكون المدراء ذوو الأهداف الواضحة أقل إغراءً لأن يقوموا بأنشطة قصيرة الأجل. وبنفس القدر من الأهمية، سيساعدك ذلك على ضمان أن تفكيرهم ينصب على المشكلات الصحيحة وأن ينشرون فرقهم بشكل فعال.

إعطاء ملاحظات بناءة

يميل البشر إلى تجنب المواجهات، ويشعر معظم الناس بالحرج عندما يتعين عليهم تصحيح سلوك الآخرين أو تصرفاتهم، وينطبق هذا الأمر على المدراء المستجدين والذي غالباً ما يتجنبون التطرق إلى القضايا المهمة مع موظفيهم. ويكون السيناريو النموذجي لهذا الأمر شيئاً على غرار: موظف يكافح لتحقيق أهداف الأداء أو يتصرف بشكل غير لائق في الاجتماعات، في حين يجلس المدير، ويشاهد، ويأمل أن تتحسن الأمور بطريقة سحرية. ويلاحظ الموظفون الآخرون الموقف ويصابون بالإحباط بسبب تقاعس المدير عن العمل. ويتزايد إحباط المدير الخاص، لكونه لا يصدق أن المرؤوس لم يفهم. وباتت مشكلة الأداء المباشر الآن مشكلة مصداقية. وعندما يعالج المدير المشكلة في النهاية، يقوم بإضفاء طابع شخصي عليها، ويسمح للإحباط بتلويث المناقشة القائمة بينه وبين هذا الموظف ليجد الموظف نفسه في وضعية دفاعية محاولاً صد الهجوم الموجه ضده.

وينتظر معظم المدراء عديمي الخبرة وقتاً طويلاً للغاية للتحدث مع الموظفين حول مشاكل الأداء. ويمكن أن يساعد المدير الأقدم عبر تهيئة بيئة لا يُنظر فيها إلى التعليقات البناءة على أنها نقد ولكن كمصدر للتمكين. ويبدأ هذا بالتعليقات التي تقدمها لمديرك المستجد حول تطوره. وقد يكون الأمر بسيطاً مثل إقناعه بإخبارك بمكامن ضعفه قبل أن تصبح مشكلات. ويمكنك أن تقول مثلاً لمديرك الجديد بعد مراجعة أداء جيدة: "لديك مستقبل مشرق هنا بكل المقاييس، لذلك من المهم أن نتحدث عما لا تريد أن أعرفه. ما هي الأمور التي تشعر بأقل ثقة ممكنة حيالها؟ كيف يمكننا معالجة تلك المناطق بحيث تكون مستعداً لأي فرصة تنشأ؟" ومن المحتمل أن تتفاجأ من مدى رغبة معظم المؤدين المتميزين في الحديث عن احتياجاتهم التطويرية. لكن من غير المحتمل قيامهم بذلك ما لم تذكر ذلك بنفسك في المقام الأول.

وأكثر من ذلك، لن تكون الملاحظات الواجب على المدير تقديمها لموظفيه إيجابية أو سهلة الطرح، لكن يتمثل الأمر الأساس هنا في مساعدة المرؤوسين على تحقيق أهدافهم، حيث ستصبح في ظل هذه الظروف حتى القضايا الشخصية البغيضة ودودة.

أدار أحد عملائي عضواً ذي أقدمية من أفضل الموظفين أداءً، لكن كان لا يساعد الآخرين في القسم على التقدم مسبباً لهم الاستياء. وبدلاً من تجنّب المدير الأقدم إحداث مشكلة لأنه لا يريد إخبار الموظف بأنه ذي موقف سيء، اتبع منهجاً أكثر إنتاجية، حيث استفاد من معرفته بأهداف ذاك الموظف الشخصية لتقديم ملاحظاته، قائلاً له: "أعرف أنك حريص على تولي منصب إداري بسرعة، وأحد أهدافي هو مساعدتك في تحقيق ذلك. ولا يمكنني فعل ذلك إلا إذا كنت صادقاً تماماً معك. جزء كبير من الإدارة هو تطوير مهارات أقوى موظفيك. أنت لا تثبت أنك تستمتع بهذا الدور. كيف يمكننا أن نعمل معاً على ذلك؟" ولا يوجد لوم هنا ولا تحذير، بل فقط عرض المساعدة له لكي يحصل على ما يريد. ولكن مع ذلك وصلت الرسالة بوضوح وبشكل كامل.

أدت جلسة العصف الذهني التي أجريناها مع هذا العميل حول طرق تقديم تعليقات نقدية إلى هذا النهج. ففي كثير من الأحيان، يمكن أن تساعد جلسات العصف الذهني المدراء المستجدين على رؤية أنه يمكن تحويل المشكلات الشخصية العالقة إلى مشكلات تتعلق بالعمل. ففي حالة الموظف ذي الأقدمية غير المساهم، لم يكن هناك حاجة إلى مناقشة موقفه، بل أفعاله. وتعتبر التوصية بتغيير في العمل أسهل بكثير من التوصية بتغيير في الموقف. ولا تنس أبداً الحكمة التي تقول بأنه لا يمكنك مطالبة الأشخاص بتغيير شخصياتهم، لكن يمكنك المطالبة بتغيير سلوكياتهم.

وفي الواقع، يجب على كبار المدراء مشاركة التقنيات الخاصة بهم للتعامل مع المحادثات الصعبة. أصبح أحد المدراء الذين عملت معهم دفاعياً عندما تساءل أحد الموظفين عن حكمه. لم يكن بحاجة حقاً لأن يخبره أن سلوكه يقوض صورته وفاعليته. لقد احتاج مني لأن أقدم له بعض التقنيات التي من شأنها أن تمكنه من الاستجابة بشكل مختلف في حرارة اللحظة. لقد درب نفسه على الرد بسرعة وبجدية مع مجموعة صغيرة من الأسئلة مثل، "هل يمكن أن تخبرني المزيد عن ماذا تقصد بذلك؟" وأعطته هذه التقنية البسيطة الوقت اللازم للم شتات أفكاره والمشاركة في حوار منتج بدل أن يكون دفاعياً. كان قريباً جداً من التوصل إلى هذه التقنية بنفسه.

التفويض، والتفكير الاستراتيجي، والتواصل. قد تعتقد أننا في محاضرة في مقرر الإدارة لطلاب السنة الأولى في الجامعة، وأنت محق. غالباً ما تكمن أهم عناصر الإدارة في رحلة المدراء في بداية حياتهم المهنية. ولأنها أساسيات، غالباً ما يعتبرها مدراء المدراء المستجدين أمراً مفروغاً منه يجب أن تكون لدى الجميع، متجاهلين حقيقة أن هناك عدد غير عادي من الناس يفشلون في تطوير هذه المهارات. لقد حافظت على تقديم انطباع في هذه المقالة أن من يعاني مما سبق هم فقط المدراء المستجدين لأنهم لم يتقنوا هذه المهارات الأساسية. ولكن الحقيقة هي أن المدراء على جميع المستويات يرتكبون هذه الأخطاء. وسيكون لأي مؤسسة تدعم مدراءها الجدد من خلال مساعدتهم على تطوير هذه المهارات مزايا مدهشة على المنافسة.

ظهرت نسخة من هذا المقال في عدد أبريل 2002 من مجلة هارفارد بيزنس ريفيو.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي