اتخذ القرارات الصحيحة الآن بخصوص موظفيك لتزدهر بعد الأزمة

5 دقائق
اتخاذ القرارات الصحيحة بعد الأزمة

ينتاب كبار المسؤولين التنفيذيين اليوم القلق بشأن اتخاذ القرارات الصحيحة بعد الأزمة وماهية الأزمة الحالية وفترة الانكماش التي قد تليها. وعلى الرغم من أن شعورهم بالقلق مُبرّر، يجب على القادة ألّا ينسوا أن فترة الانكماش قد تمثّل فرصة رائعة للنمو. وبالتالي، لا ينطوي التحدي على تجاوز هذه الفترة فحسب، وإنما على الحفاظ على الشركة قائمة وعلى إعادة تنظيم أعمالها بغية تحقيق النجاح. ويعتمد تحقيق هذا الهدف على القرارات التي يجب عليك اتخاذها اليوم، والتي قد لا تكون واضحة تماماً.

اتخاذ القرارات الصحيحة خلال الأزمة

ولكي تضمن اتخاذ قرارات صحيحة، يجب عليك أولاً التحقق من بعض الشروط الأساسية، والتي تتمثّل في امتلاكك ما يكفي من المال لإدارة الشركة، فمراجعة الدليل الإرشادي عديمة الجدوى في هذه المرحلة، بل ما يهم هو اتخاذ قرارات صحيحة بشأن موظفيك؛ وعندها فقط سيكون نهجك استراتيجياً. وتنقسم القرارات المتعلقة بالموظفين إلى أربع فئات:

1. إعادة تحديد الغرض

بمجرد أن تضمن قدرتك على الحفاظ على الشركة قائمة، يجب عليك تحديد الأقسام المتوقفة عن العمل مؤقتاً وإعادة تحديد الغرض منها بسرعة، سواء كانت مصانع أو خطوط إنتاج أو حتى موظفين. لماذا يُعتبر هذا النهج استراتيجياً؟ السبب بسيط: فالتفكير في الأعمال التي يمكن أن يؤديها موظفوك في ظل الأزمات قد يجذب انتباهك إلى القطاعات المتجاورة والشراكات الاستراتيجية المحتملة لمرحلة ما بعد الأزمة.

اقرأ أيضاً: إدارة الموارد البشرية خلال الأزمات؛ دروس الأزمة الاقتصادية اللبنانية ووباء كورونا

ابدأ التفكير فيما قد يحتاج إليه بلدك أو مجتمعك لمساعدتهم في تجاوز الأزمة. على سبيل المثال، تقوم فرق "فورمولا ون" (Formula One) في المملكة المتحدة بإعادة تجهيز المصانع لإنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي. وفي فرنسا، أعادت شركة "إل في إم آتش" (LVMH) العملاقة للعطور تطويع مصانعها لإنتاج معقمات اليدين. أما في الولايات المتحدة، اتخذت شركة "تروبيكو جوس" (Tropico Juice) قراراً بإنتاج معقمات اليدين وتوزيعها مجاناً. كما لجأت الشركات التي تمتلك شبكات حياكة إلى إنتاج الكمامات الطبية.

وقد تتخذ عملية التطويع أيضاً شكل اقتراض الموظفين وإقراضهم. فإذا كنت تدير سلسلة من متاجر البيع بالتجزئة التي أُجبرت على إغلاق متاجرها، يمكنك إرسال موظفيك للعمل في شركة أخرى بشكل مؤقت. على سبيل المثال، أقرض أحد تجّار تجزئة الأزياء في المملكة المتحدة 5,000 موظفاً إلى متجر بقالة بدلاً من منحهم إجازات مؤقتة. وفي حال كان لديك سائقو توصيل اعتادوا توصيل الإمدادات إلى المطاعم، يمكنهم توصيل منتجات شركات مماثلة إلى المنازل بدلاً من ذلك. حدّد ما إذا كان يجب أن تكون مقرضاَ للموظفين أو مقترضاً لهم وهوية الشركات التي ترغب في اتباع هذا النهج معها.

2. الإدماج

إن أهمية التواصل من الناحية الاستراتيجية واضحة وضوح الشمس. وينطوي جزء من مرحلة الحفاظ على الشركة قائمة على إشراك موظفيك وإدماجهم وضمان وجود تواصل واضح ومتسق معهم وإجراء لقاءات مراجعة متكررة. ومن الضروري أن ينطوي الهدف من هذا التواصل على مناقشة أمور الرفاهة والحديث حول آخر التطورات، وليس من أجل مناقشة أمور الإدارة التفصيلية، فقد لا يتمكّن جميع الموظفين من العمل مدة ثماني ساعات في اليوم ومتابعة تعليم أطفالهم في الوقت نفسه.

وتعتمد كيفية إدارة نهج التواصل على وضع شركتك اليوم؛ هل أعمال شركتك ثابتة ونشطة، مثل توصيل طلبيات الطعام أو البقالة أو برمجيات التعاون، أم أنها متوقفة عن العمل بشكل مؤقت وبدأت حالة الذعر تتسلل إلى قلوب قادتها، مثل قطاع الفنادق والترفيه، أم أن أعمالها لا تزال قائمة لكنها تباطأت بشكل ملحوظ، مثل العديد من القطاعات في الوقت الحالي؟ إذا كان لديك مزيج من هذه الحالات، فتأكد من أن تتّبع نهجاً متّسقاً في التواصل مع الموظفين، شرط أن يلائم هذا النهج احتياجات كل مجموعة منهم.

اقرأ أيضاً: أيها القادة.. هل لديكم رؤية واضحة لمستقبل ما بعد الأزمة؟

وأنصحُ بتعيين شخص تنطوي مهمته على "الاهتمام" بقضايا اندماج الموظفين ورفاههم خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. وتخصّص الشركات الكبيرة بالفعل موظفاً واحداً لكل وحدة عمل. ويفضّل ألّا يكون هذا الشخص هو الرئيس التنفيذي، لئلا تصبح مسؤولية الاهتمام في الموظفين مهمة ضمن قائمة مهامه التي قد يتخطاها يوماً ما، وهي عاقبة لا تستطيع الشركة تحمل حصولها في الوقت الحالي. ومن الأفضل أيضاً عدم إسناد هذه المهمة إلى رئيس الموارد البشرية، بل ابحث عن شخص يشعر الناس أنه قادر على التعاطف معهم ولديه مصداقية.

وبصفتك رئيساً تنفيذياً، يجب عليك التحقق بشكل يومي أو مرتين أسبوعياً مع الشخص الذي تُسند إليه مهمة الاهتمام بالموظفين لتكون على دراية بأداء الموظفين، ومعالجة أي مشكلات يصعب عليه حلّها؛ ومن الضروري أن يدرك الموظفون أن الإجراءات التي تتخذها تستند إلى المعلومات التي حصلت عليها. والأهم من ذلك، تذكر أن الحديث حول التغيير والغموض بشكل عام يخيف الموظفين ويقوّض مصداقيتك للقيادة في ظلّ الأزمة.

3. التعلم ثم التعلم ثم التعلم.

إن الوقت الذي نعيشه اليوم ليس مناسباً لتسوية منحنى التعلم، فالناجحون سيزيدون من حدة المنحنى هذا العام. إن التعلّم هو إحدى العمليات التي قد يجري تخطّيها خلال مرحلة الحفاظ على الشركة قائمة، إلا أنه سيميّز أولئك الذين ستزدهر أعمالهم.

فبالنسبة للعمال الذين لا يشاركون في العمليات المهمة في الشركة والذين لم يحصلوا على أي إجازات، يمكنك أن تشجعهم على فكرة التعلّم المشترك بين الأقسام. ونظراً إلى استمرار فريق المبيعات بمزاولة أعماله القائمة على التواصل مع الزبائن وإجراء عمليات البيع من المنزل هذه الأيام، من المفترض أن يكون لدى أعضاء الفريق ساعات استراحة أكثر من المعتاد خلال الأسبوع. ويمكنهم قضاء هذا الوقت مع موظفي خدمة العملاء لفهم سمات الزبون المثالي بشكل أفضل أو المساعدة في إعداد برامج للزبائن. ضع قائمة باحتياجات التعلّم المطلوبة في كل قسم واستغل هذا الوقت لتلبية هذه الاحتياجات.

وحثّ موظفيك على تخطّي الأساسيات واطلب منهم التفكير في الأسلوب الذي قد تتبعه الشركات المنافسة في تحدي كل جانب من جوانب سلسلة القيمة وكيفية تحقيق النجاح. والفشل في اتباع ذلك النهج يعني أنك تفترض أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه في شهر يناير/ كانون الثاني 2020، وأن بإمكاننا مزاولة أعمالنا كما من قبل، وهذا أمر مستحيل. ومجدداً، لا تنسَ أن الأهمية الاستراتيجية للتعلّم واضحة وضوح الشمس.

اقرأ أيضاً: أعد تصورك عن مؤسستك غير الربحية حتى تصمد أمام الأزمة الراهنة

4. تسريح العمّال

نعم، من المحتمل أن تضطر إلى تسريح بعض الموظفين في الأشهر المقبلة مع تزايد الضغوطات نتيجة تمديد إجراءات الإغلاق العام وغيرها من الإجراءات الصارمة. وتُعتبر عمليات تسريح العمال مهمة صعبة ومرهقة عاطفياً، إلا أن مواجهتها يُعدّ جزءاً من وظيفتك كقائد. ويجب أن تكون مهمة الحفاظ على الميزانية العمومية والحفاظ على شركتك قائمة أهم أولوياتك. وفي حال كانت هذه المهمة تستلزم تسريح العمال، فمن واجبك اتخاذ هذه الخطوة، وفي حال فشلت في تسريحهم، فأنت تعرّض السلامة المالية للشركة للخطر ومن المحتمل أن يبقى موظفوك دون عمل.

تأكد من أن تفهم المؤشرات الاقتصادية للوحدة قبل تسريح أي عامل. أجر تقييماً على الحلول التي تقدّمها أو على السوق أو على شريحة الزبائن لتحديد العمليات التي يجب إيقافها بشكل نهائي أو العمليات التي يجب إيقافها بشكل مؤقت أو تقليل الإنتاج فيها في ضوء الطلب الحالي، ودع تلك القرارات تحدد ما إذا كان يجب تسريح بعض العمال والأقسام التي يجب تسريح العمال فيها.

وفي حال كنت مضطراً إلى تسريح العمال، فمن الضروري اتباع هذا الإجراء بشكل مباشر دون أي تأخير. ومن الضروري أن تعمل على طمأنة موظفيك المتبقين أن هذا التسريح هو التسريح الوحيد الذي تتوقعه في الوقت الحاضر. فالعمل في شركة تمتلك جولات متعددة من عمليات التسريح من العمل هو أمر محبط وصعب وقد يُثير قلق الموظفين الذين تودّ الاحتفاظ بهم. قد يكون تسريح العمال في هذا الوقت العصيب عملية صعبة، لذلك، في حال تعيّن عليك اتخاذ هذا الإجراء، فيجب عليك أن تكون إنسانياً وسخياً قدر الإمكان.

لا يمكنك دائماً حماية الوظائف، ولكن يمكنك حماية الموظفين الذين غالباً ما يكونون أكثر الأصول استراتيجية في الشركة. قم بمراجعة آلية الاستجابة الحالية للأزمة في بلدك، على سبيل المثال، تساعد الكثير من البلدان في دفع مبالغ كبيرة من رواتب الموظفين للشركات التي لم تتّخذ إجراء تسريح العمال. أعد النظر في خيارات التطويع أو الاقتراض. وفي حال لم يكن ذلك كافياً، فيجب أن يكون خيارك الأول هو التعاقد مع العمّال أو الوكالات أو الموظفين الذين يُشرفون على سن التقاعد، أو أولئك الذين يُبدون استعداداً للتقاعد المبكّر. امنح الموظفين إجازات إذا لزم الأمر، وقدّم لهم أفضل المزايا، وامنحهم رسائل توصية استثنائية تمكّنهم من انتهاز فرص عمل أخرى.

نمرّ في وقت لن ينساه أي أحد منا أبداً، وهو وقت قد يكسب فيه الناس سمعة أو يخسرونها. فعند تقييم أسلوبك في القيادة، سيتذكر الناس النهج الذي تتّبعه في التواصل والقرارات التي اتخذتها من أجل اتخاذ القرارات الصحيحة بعد الأزمة وفقاً للخيارات التي كانت متاحة بين يديك. لذلك، كن صادقاً ومنفتحاً وتحلّ بالشجاعة لإعادة تنظيم شركتك بغية تحقيق النجاح والازدهار على حد سواء.

اقرأ أيضاً: أزمة كورونا يجب ألّا تؤدي إلى تسريح الموظفين وإليكم السبب

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي