كيف تعالج مشكلة إهدار الوقت في مؤسستك؟

5 دقائق
علاج ضياع الوقت

بعد مرور عام على الموظفين في وظائفهم، كم هو عدد الموظفين الذين لا زالوا يملكون الطاقة الجامحة والحماس الذي بدؤوا به يومهم الأول في العمل؟ وكم عدد أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بأنهم قادرون على صنع الفرق؟ وهل استطاعوا علاج ضياع الوقت؟

تقتل الأعمال الروتينية غير المجدية والبيروقراطية والتفاصيل الإدارية طموح عدد كبير من الموظفين وتستنزف طاقاتهم وتُضعف معنوياتهم وتُضيع الوقت بالنسبة للشركات التي تحتاج التزام موظفيها وطاقاتهم الكاملة.

"السحب التنطيمي" وعلاقته بضياع الوقت

من الطبيعي أن تزول طرافة أي عمل جديد بعد مدة معينة، ولكن يمكن تنشيط الموظفين وربطهم أكثر بالعمل إذا ما استطاعت الشركات إزالة المسببات الحقيقية لما يسمى بالسحب التنظيمي، والذي يتمثل في كل الممارسات والإجراءات والتنظيمات التي تستهلك أوقات الموظفين وتحد من الإنتاجية، وليس إزالة أعراضه فقط. قد تبدو هذه الأعراض للكثيرين مجرد متاعب بسيطة يمكن إزالتها من دون بذل الكثير من الجهد. تُعد الكثير من العمليات والكثير من الاجتماعات والأهداف بلا معنى والكثير من الوقت المهدر على عمل لن يهتم به أحد.

اقرأ أيضاً: طرق مقترحة لشراء الوقت السعيد بالمال

ولكن هذه الأعراض تنبع من مشاكل أساسية، ولهذا ينتهي الأمر بهذه الشركات بالوقوع في مشاكل وهدر لأوقات ومواهب وطاقات قواها العاملة عندما تفقد تركيزها على الأمور المهمة وتنفق المال على أمور لا تُحدث فرقاً بالنسبة للموظفين أو مستقبل الشركة وتستخدم نماذج تشغيل غير صالحة.

ما هو علاج ضياع الوقت؟

بإزالة المسببات الحقيقية للسحب التنظيمي، يمكن للشركات أن تقلل من الأعمال غير الضرورية وأن تُعيد تنشيط القوى العاملة، وفي الوقت نفسه، توضع الشركة في مسار أفضل. يمكن للشركات تحقيق هذه الأهداف عن طريق القيام بالمبادرات التالية والتي يشار إليها بالثلاثة آر (The Three R's):

إعادة التركيز على الأولويات.

إعادة تعيين.

إعادة تصميم نموذج التشغيل.

يمكن لهذه المبادرات مجتمعة إزالة الفوضى والإلهاء اللذين يسببان السحب

إعادة التركيز على الأولويات الاستراتيجية

الخطوة الأولى: هي إعادة تركيز الشركة على أهم الوحدات وشرائح العملاء والمناطق الجغرافية التي تحقق للشركة نمواً مربحاً. لتحقيق هذا، يجب على المدراء التنفيذيين إزالة أي مصادر لقيم غير مربحة ضمن وحدات الشركة.

عندما تبحث عن قرب، ستجد أنّ معظم الشركات وسّعت استثمارها لعلامتها التجارية ومنتجاتها للعملاء وكانت النتيجة أنها لم تعد متميزة كما أصبح الربح ضعيفاً. وتقود هذه العمليات المتكاثرة إلى التعقيد، والذي بدوره يساهم في إحداث ذلك السحب التنظيمي بالإضافة إلى التكاليف التي تسلب الموارد اللازمة لتنفيذ أفكار أفضل وأكثر ربحاً.

اقرأ أيضاً: كيف تجد الوقت لإنجاز الأعمال المهمة؟

على سبيل المثال، تتنافس شركات بيوفارما كبيرة في العديد من الفئات وتميل إلى تجميع مواقف أتباعها، ولكن هذا يؤدي إلى خفض عائدات المساهمين. فقد وجدت دراسة أجرتها شركة باين (Bain) مؤخراً أنّ أكبر من يساهمون في ما يسمى بـ"خلق القيمة" في مجال البيوفارما هم مدراء الفئات، وأنّ أولئك الذين يجمعون بين القيادة والتركيز على الاستثمار ضمن فئاتهم يحققون عائدات أكثر من ضعفي عائدات الشركات متنوعة الأتباع. وهذا السبب الذي دفع الكثير من شركات الفارما إلى بيع مشروعهم التجاري أو جزء منه، مثل بيع شركة نوفاتيس للقاح الإنفلونزا الخاص بها لشركة سي إس إل، وكبيع شركة بريستول ماير سكويب لعقار مرض السكري لشركة أسترازينيكاAstraZeneca) )، وبيع شركة بيوجين لمشروعها الخاص بمرض الدم الهيموفيليا.

تُعد عملية تحويل جزء من استثمار في مشروع أدوية شجاعة إدارية. ومن المرجح أن تعاني الشركة خلال عملية الانتقال، إلا أنّ النتيجة النهائية ستقود إلى استثمار بربح أكبر موجه نحو النمو. غالباً ما تلجأ الشركات لإجراء عمليات الفصل للتخلص من الأجزاء الأبطأ نمواً والأقل ربحاً من مشروعها. ولكن إذا لم تقم الشركات بمعالجة العوامل الأساسية التي تتسبب بوصول الشركة إلى هذه المرحلة، سيبقى أداؤها أقل من التوقعات الداخلية والخارجية.

إعادة تعيين الميزانيات

تؤثر الطريقة التي تنفق فيها الشركات أموالها على إحداث السحب التنظيمي من خلال إبقاء العمل غير الأساسي على حساب العمل الأكثر أهمية. ولكن اتخاذ القرارات بشأن إيقاف تمويل أجزاء من المشروع يعدّ عملية صعبة.

لتحقيق الميزانية المناسبة، نقترح استخدام طريقة الميزانية الصفرية حتى تكون الخيارات أوضح. وهي تساعد أيضاً على حل المعضلة التي تواجهها الشركات عندما تقوم بعملية خفض الميزانية وهي: هل على الشركات إيقاف العمل أولاً ثم خفض الميزانية، أم تقلص الميزانية، ما سيسبب إيقاف الأعمال غير الضرورية؟

في حين أنّ النهج السابق أكثر ملاءمة من إجراء تغيير في منظور الإدارة، غالباً ما نجد أنه لا يؤدي إلا إلى تغيير تدريجي، ولهذا نفضل استخدام طريقة الميزانية الصفرية

ما يميز استخدام الميزانية الصفرية والأهداف المرنة أنها تتحدى التفكير التقليدي وتجلب أفكاراً أكثر جرأة. ستقوم الشركات ذات الرؤية العميقة بعمل هذا التغيير قبل أن يطالب به السوق أو أي مستثمر نشط. وكمثال بسيط على هذا: قبل أن تستخدم شركة ثري جي كابيتال (3G) نظاماً يعتمد على الميزانية الصفرية لتوضيح الأدوار والأهداف وإزالة الطبقات وتوحيد العمليات في شركة كرافت هاينز، أفاد أحد المدراء أنه كافح ليكون قادراً على التعامل مع كميات كبيرة تصل إلى 300 بريد إلكتروني واجتماعات غير مثمرة في اليوم العادي. أما الآن، يصل إلى بريده الإلكتروني أقل من 40 رسالة يومياً، بالإضافة إلى أنّ الاجتماعات أصبحت أكثر تركيزاً وفعالية. تستطيع المنهجية الصفرية إعادة تعيين بنية التكاليف واستبعاد التكلفة مع مرور الوقت.

إعادة تصميم نموذج التشغيل

بعد عملية تنظيم الاستثمار وإعادة تعيين الميزانية، من المهم إعادة تصميم نموذج التشغيل: وهي طريقة التنظيم التي تتبعها الشركة لتحقيق استراتيجيتها، لإزالة أي عمل غير ضروري أو العمليات الخاطئة التي تعثّر الأمور.

يعدّ التفكير من وجهة نظر العميل بمثابة عدسة قوية لتوضيح الأعمال غير الضرورية، يمكن تحقيق ذلك عن طريق طرح هذا السؤال: "كيف يمكن لهذه العملية أن تخدم العميل بشكل أفضل؟"، كما يمكن للشركات أيضاً أن تبحث عن التعقيد وعدم الكفاءة الكامنين في مناطق ضعف المؤسسة: مثل البحث في عمليات الوحدات متعددة الوظائف ومتعددة المناطق الجغرافية أو متعددة المشاريع، حيث لا تقع المسؤولية على أي مدير تنفيذي أو فريق معين، فلكل مؤسسة مناطق ضعف، وهي الفرصة المثمرة لأي تحسينات أو إعادة تصميم، فحيثما وُجدت عدم الكفاءة في العمليات، على الشركات أن تفكر في التوسع والمركزية والاستعانة بالمصادر الخارجية.

تعمل المؤسسات على العمليات الرسمية وغير الرسمية، وعلى المدراء التنفيذيين البحث عن التعقيد والهدر في كلا النوعين. أما العمليات الرسمية فهي تكرس طرق العمل ولذلك يكون من السهل تنظيمها بشكل منهجي. ولكن العوامل المخفية وغير الرسمية والتي تسبب السحب التنظيمي يتم التغاضي عنها. وغالباً ما تكون هذه العوامل سلوكية، على سبيل المثال، الطريقة التي يتخذ بها فريق الإدارة القرارات.

اقرأ أيضاً: هل خدعتك إحدى هذه النصائح المتعلقة بإدارة الوقت؟

كمثال على هذا، انظر إلى التحول الاستثنائي في شركة فورد، ففي العام 2006، حدد المدير التنفيذي آلان مولالي - الجديد آنذاك- مع فريقه الخبير مساراً استراتيجياً جديداً، وقاموا أيضاً بإصلاح نموذج التشغيل الخاص بفورد! وبذلك انتقلت الشركة من مشروع إقليمي إلى نموذج وظيفي عالمي مما هيأ الطريق لعمليات أكثر كفاءة وفعالية مثل تقليل عدد منصات المركبات. كما تغيرت القوانين والسلوكيات أيضاً، فقد وافق مولالي في وقتها على إجراء مناقشة صادقة حول مشاكل الشركة. وشجع آلان فريقه على تبسيط طرق العمل للتخلص من الاجتماعات غير الفعالة وتحرير آلاف ساعات العمل غير المجدية.فبفضل استراتيجية جديدة وإعادة تصميم لنموذج التشغيل، عادت فورد إلى الربح دون مساعدة دافعي الضرائب الأميركيين.

باتباع هذه الخطوات، يمكن رفع إمكانية الأداء للشركة من خلال خلق بيئة يتم فيها تحويل طاقة الفرد وإبداعه إلى إنتاجية، ويمكن لها أن تكون بداية لدورة إبداعية، حيث يقود الأداء المحسّن إلى تحرير رأس مال وسيولة لتمويل فرص نمو جديدة ومواهب تعود على الشركة بالنفع وتفتح مستويات جديدة من الأداء التنظيمي. وسيجد الموظفون العاملون في مثل هذه البيئة أنه يمكن لروح الموظفين الجديدة أن تستمر وأنه يمكن لعملهم أن يغذي طاقاتهم الفردية بدلاً من تدميرها بسبب عدم معرفة علاج ضياع الوقت.

اقرأ أيضاً: ما هي الخرافة الأكبر في إدارة الوقت؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي