ملخص: هل سبق لك أن شعرت بالإرهاق بعد يوم عمل استمر لمدة 12 ساعة ولكنك لم تنجز ما يكفي؟ نقضي أيامنا في محاولة إنجاز المهمات المدرجة في قوائمنا، وعلى الرغم من ذلك يبدو أننا لم ننجز ما يكفي، أو الأسوأ من ذلك: أننا لم ننجزها بكفاءة. إذاً، كيف يمكننا إنجاز الكثير بطرق تبدو عملية وجيدة؟
- وائم أهم أعمالك مع نمطك الزمني. فاحرص على جدولة المهمات التي تتطلب أكبر قدر من الطاقة الذهنية في الأوقات التي تكون فيها في ذروة نشاطك.
- خطِّط ليومك في الليلة السابقة، وقم بذلك في نهاية يوم عملك بحيث يظل كل ما تحتاج إلى القيام به غداً حاضراً في ذهنك.
- ابنِ عادات مختلفة (مثل تلك التي تتصل بمكان عملك وزمانه) لأنواع المهمات المختلفة. وبمرور الوقت سيربط دماغك تلك الإشارات المادية والزمانية بمهمات محددة.
- لا تجعل جدول مواعيدك مزدحماً للغاية، إذ يمكن أن يمنحك اليوم المزدحم للغاية إحساساً زائفاً بالإنجاز ولا يترك أي مجال للحظات الإبداع والإلهام.
حقيقة طريفة: 96% من الأشخاص يتفقدون هواتفهم المحمولة في غضون ساعة واحدة من الاستيقاظ في الصباح (ونسبة هائلة من الأشخاص تبلغ 61% يلقون نظرة خاطفة عليها خلال الدقائق الخمس الأولى).
على الرغم من أن تفقُّد هواتفنا بمجرد أن نفتح أعيننا في الصباح قد يبدو غير مضر، فإنه يؤهلنا لقضاء يوم "مشحون".
فكر في الأمر.
إذا كان أول شيء تفعله عند النهوض من السرير هو فتح بريدك الإلكتروني أو قراءة رسائلك النصية أو الاستماع إلى رسائلك الصوتية، فأنت بذلك تضع نفسك في المرتبة الثانية. وسواء كانت الأخبار جيدة أو سيئة أو إذا لم تكن هناك أي أخبار جديدة، فأنت تسمح للآخرين بتحديد حالتك المزاجية في هذا اليوم.
يرتكب معظمنا هذا الخطأ، وهو يؤثر حتماً على إنتاجيتنا.
أقضي معظم وقتي في التفكير في هذا الأمر: كيف يمكننا أن نكون أكثر إنجازاً بطرق تبدو عملية وجيدة؟ وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أجريت مقابلات مع أشخاص في كل مجال، مثل النشر والترفيه وعالم الشركات، لمعرفة كيف يمكننا تنظيم أيامنا على نحو استباقي لتحقيق أقصى استفادة منها.
ومن خلال هذه المناقشات، سمعت مراراً وتكراراً أنه لا يمكنك أن تدع أولويات الآخرين تحدد مسار يومك، بل يجب الانتباه إلى ما تفعله بعد استيقاظك وتنظيم وقتك وإدراج المهمات في جدولك بطريقة ملائمة.
فيما يلي 4 نصائح من أشخاص يتمتعون بقدرة عالية على الإنجاز، وقد أفادتني وآمل أن تفيدكم أيضاً.
1. وائم أهم أعمالك مع نمطك الزمني
إن "النمط الزمني الشخصي" (chronotype) ليس سوى طريقة منمقة لقول "ساعتك البيولوجية". وهو يشير إلى دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية التي نمر بها جميعاً على مدار 24 ساعة. لكل شخص نمط زمني مميز، وهو يؤثر على وصول طاقتنا إلى أعلى وأدنى مستوياتها طوال اليوم.
يُعد 10% تقريباً من الأشخاص نهاريين، أي يشعرون بأكبر قدر من النشاط في الصباح. وعلى النقيض، يُعد 20% من السكان ليليين، وهم الذين يعملون على نحو أفضل في الليل. يُصنَّف معظمنا في فئة ما بين هذين الفئتين، وهم الذين يكونون في ذروة نشاطهم قبل وقت الظهيرة وينخفض مستوى طاقتهم بعد الغداء ثم تتجدد طاقتهم في وقت متأخر بعد فترة الظهيرة.
أخبرني دان بينك، مؤلف كتاب "الأسرار العلمية للتوقيت المثالي" (When: The Scientific Secrets of Perfect Timing)، أن الانتباه إلى نمطك الزمني وتنظيم مهماتك وفقاً للأوقات التي تكون فيها في ذروة نشاطك يمكن أن يساعدك على إنجاز الكثير في وقت أقل.
إذ قال لي: "في الأيام التي أخطط فيها للكتابة، أفعل ذلك في الصباح عندما أكون في أقصى درجات نشاطي، وأحدد لنفسي عدد كلمات ولا أفعل أي شيء آخر إلى أن أصل إليه. ولا أضع هاتفي على مكتبي في أثناء الكتابة، ولا أتفقد بريدي الإلكتروني. وبمجرد أن أحقق هدفي، يصبح بإمكاني القيام بأشياء أخرى". يستفيد بينك بشكل كامل من الطاقة التي تكون لديه عند الاستيقاظ من خلال استغلال فترة الصباح في إنجاز عمل يحتاج إلى تركيز عميق، وتجنُّب جميع المشتتات.
أما عندما ينخفض مستوى طاقته في منتصف الظهيرة، فإنه يميل إلى إنجاز مهمات أسهل. قال: "أقضي هذا الوقت في الرد على رسائل البريد الإلكتروني وحفظ الملفات وتصفحها سريعاً. وعندما تتجدد طاقتي عند الثالثة أو الرابعة مساءً، أقوم بمهمات لا تتطلب مني أن أكون مقيداً ومتيقظاً، مثل إجراء المقابلات. فخلال هذا الوقت يكون لدي قدر أكبر من التحرر الذهني والإبداع والانفتاح على الأفكار".
ونتيجة للالتزام بهذا الجدول الزمني، كان الكتاب السابق ذكره هو الكتاب الوحيد الذي سلّمه بينك للناشرين في الوقت المحدد.
نصيحة من خبير: للتخطيط ليوم عملك على نحو أفضل، ابدأ عملية إعادة تنظيم يومك بتقييم نمطك الزمني من هنا. ووائم المهمات التي تتطلب أكبر قدر من الطاقة الذهنية مع الأوقات التي تكون فيها في ذروة نشاطك.
2. خطط ليومك في الليلة السابقة
لن يكون يومك مثمراً ما لم تخطط له مسبقاً. عندما ندوّن ما ننوي القيام به في يومنا، ومتى ننوي القيام به وأين، تزداد احتمالات أن نحقق أهدافنا.
أخبرتني المستشارة التنفيذية للقدرة على الإنجاز بشركة جوجل، لورا ماي مارتن، أنها تخطط ليومها في الليلة السابقة. فهي تدون أهم 3 أولويات في نموذج الخطة اليومية الذي أنشأته. إذ تقول مارتن: "أكتب أسفل الأولوية الأولى: أي شيء آخر سيكون مصدر إلهاء إلى أن أنجز هذه المهمة. وبذلك ستكون هذه هي المهمة الوحيد التي أحتاج إلى إنجازها في ذلك الوقت".
ثم تستخدم النموذج نفسه للتخطيط ليومها على مستوى جزئي، أي ساعة بساعة. إذ تقول: "حتى مجرد كتابة أنني أخطط لممارسة التمارين الرياضية ما بين السابعة والثامنة صباحاً يجعلني أكثر ميلاً إلى القيام بذلك". تتضمن عملية مارتن أيضاً ما تشير إليه بـ "المهمات الخفيفة"، وهي مهمات يمكنها القيام بها بين الاجتماعات لأنها لا تتطلب سوى بضع دقائق، مثل إجراء مكالمة هاتفية أو الرد على رسائل البريد الإلكتروني.
نصيحة من خبير: تحكم في يومك من خلال إجراء بعض التخطيط الدقيق. جرِّب استخدام نموذج خطة مارتن اليومية لمدة أسبوع واحد. ويُعد الوقت المثالي لتعبئته هو نهاية يوم عملك بحيث يظل كل ما تحتاج إلى القيام به غداً حاضراً في ذهنك.
3. ابنِ عادات مختلفة لأنواع المهمات المختلفة
يُعد تحديد المكان الذي ستعمل منه طريقة أخرى لتنظيم يومك. يمكنك القيام بما يقوم به الأستاذ بجامعة جورجتاون ومؤلف كتاب "العمل العميق" (Deep Work)، كال نيوبورت، فهو يربط عمداً بين المواقع المختلفة والأنواع المختلفة من المهمات.
أوضح نيوبورت: "عندما أحاول حل مسألة نظرية في علوم الكمبيوتر، فإن العادات التي أتبعها غالباً ما تتضمن المشي في طرق مختلفة حول مدينتي".
ولكن يتبع نيوبورت طريقة مختلفة تماماً عند كتابة أعماله؛ إذ يقول: "لدي في منزلي طاولة مصممة حسب الطلب تذكّرني بالطاولات الموجودة في مكتبة الجامعة التي كنت طالباً فيها، وكانت بها مصابيح من النحاس الأصفر بجانب رفوف الكتب الخشبية الداكنة. عندما أجلس عليها في أثناء الكتابة، يكون هناك ضوء ساطع مسلط على المكتب، ولا يكون هناك سوى أنا وحاسوبي".
فكر في الفئات الرئيسية للعمل الذي تقوم به، وابدأ ببناء عادات بناءً عليها. قد تتضمن هذه العادات موقعك الجغرافي أو الوقت من اليوم الذي تنجز فيه مهمة معينة. على سبيل المثال، قد تفضل إفراغ صندوق البريد الوارد بينما تجلس في شرفة مشمسة، وقد تفضل إجراء مكالماتك عبر برنامج "زووم" في غرفة نومك في أجواء هادئة.
نصيحة من خبير: مارس هذه العادات لمدة أسبوعين على الأقل. يستغرق الوصول إلى حالة التدفق الذهني وقتاً، ولكن عندما تصل إليها، سيصبح الأمر أسهل وسيحدث بسرعة أكبر كلما زادت ممارستك له. وسيبدأ عقلك في ربط إشارات مثل بيئتك المادية والوقت من اليوم بأنواع معينة من المهمات.
4. لا تجعل يومك مزدحماً بالكامل
من السهل افتراض أن جداول مواعيد الأشخاص الأكثر إنجازاً مزدحمة للغاية طوال يومهم. إلا أن معظم الأشخاص الذين تحدثت معهم قالوا العكس تماماً.
على سبيل المثال، أخبرني رئيس قسم العمل عن بُعد في غِت لاب (GitLab) وهي أكبر شركة في العالم يعمل جميع موظفيها عن بُعد، دارين ميرف، أن ازدحام يومك بالمواعيد يُعد مخاطرة كبيرة.
فقد قال: "إذا كان يومك مليئاً بالاجتماعات، فلن يترك هذا أي مجال على الإطلاق للاستجابة لأحداث الحياة. إذا اصطدم إصبع طفلك بشيء ما، على سبيل المثال، وتحتاج إلى وقت لعلاجه ولو حتى 8 دقائق من يومك، فقد يكون لذلك تأثير سلبي كارثي على صحتك النفسية وعلى جداول مواعيد الأشخاص الآخرين".
عندما لا يكون لديك وقت فراغ في جدول مواعيدك، فإنك لا تترك لنفسك إلا مساحة ضئيلة لإجراء محادثات عفوية أو الاستمتاع بلحظات الإبداع والإلهام.
نصيحة من خبير: يمكن أن يمنحك اليوم المزدحم بالكامل إحساساً زائفاً بالإنجاز. إذا بدا جدول مواعيدك مزدحماً، فقم بجدولة وقت لعدم القيام بأي شيء عن عمد. يمكنك استخدام هذا الوقت كوقت احتياطي للتعامل مع المهمات التي تتجاوز الوقت المحدد لها أو المهمات غير المتوقعة التي تظهر فجأة خلال اليوم. أو يمكنك حتى استخدامه للقيام بأنشطة عفوية والتوصل إلى أفكار غير متوقعة.
لا تتعلق الإنتاجية بعدد ساعات العمل أو عدد المهمات التي تنجزها وتحذفها من قائمتك، بل تتعلق بالقيام بما تحتاج إليه للعمل بطريقة تستغل بها وقتك بكفاءة وفعالية. وهذا يبدأ بالتخطيط ليومك، فلا تتركه للصدف، واستخدم النصائح الواردة أعلاه للبدء.