إلحاق عدد أكبر من الطلاب بالجامعة دون تجاوز ميزانيات المدارس

4 دقائق

منذ سنوات قليلة، أعلنت ابنتي نورا، البالغة من العمر الآن ثماني سنوات، رغبتها الحازمة في تعلم العزف على البيانو. وبفرحة وسذاجة والد يعيش تجربة الأبوة لأول مرة، ألحقتها بدروس لتعليم البيانو، على أمل أن أمضي معها أوقاتاً ممتعة أمام البيانو.

لو كنتَ والداً لطفل صغير تلقى بعض الدروس الموسيقية على سبيل الهواية، فلن تكون "المتعة" أول ما يخطر على بالك؛ فسرعان ما ينطفئ بريق حداثة التجربة، ويحل محله الإدراك بأن تعلم عزف آلة موسيقية يتطلب تقدماً بطيئاً وتراكمياً. لقد أخذنا نتعلم العزف معاً لعامين كاملين، وعلى الرغم من أنني على يقين من أننا سوف نُكرس وقتاً أطول حتى للتفاوض بشأن الممارسة بدلاً من العزف بالفعل، إلا أنني مذهول من صعوبة بعض المقطوعات التي تعلَّمتها.

فالانتقال من عزف مقطوعة "Chopsticks" البدائية إلى عزف مقطوعة موسيقية كاملة لا يتطلب فقط مجهوداً مضنياً، وإنما عدة مقومات أخرى منها: دعم أبوي ومعلمين بارعين وممارسة مستمرة وصبر، وبالطبع توافق بين العينين والقدمين واليدين والمخ.

ومن هذا المنطلق، فتعلم العزف على البيانو لا يختلف كثيراً عن الالتحاق بالجامعة. في بحثي الخاص، دققتُ في الحلول المحتملة لتجاوز العراقيل التي تعترض طريق الطلاب، خصوصاً أبناء العائلات محدودة الدخل، والتي تحول بينهم وبين الاستعداد الجامعي والالتحاق بالجامعات والنجاح في نهاية المطاف. فيما يلي واحدة من النتائج المهمة التي انتهيت إليها: لا وجود لعامل وحيد كبير، ولكن، هناك مجموعة من العوامل متوسطة الحجم.

فصَّلت أنا وجودي سكوت-كلايتون، في مراجعة حديثة للمواد الاقتصادية التي تعرضت للالتحاق بالجامعات، من بين جملة أمور أخرى، كيف أن الالتحاق بالجامعة عملية تراكمية، وأوردنا تفصيلاً لعدد من العراقيل التي يمكن أن تواجه الطلاب على طول الطريق. يتطلب الاستعداد الأكاديمي أن يختار الطلاب المناهج التعليمية المناسبة لهم (أو يقع الاختيار عليهم للالتحاق بها)، بدايةً من المرحلة الإعدادية. ويتطلب الحصول على الدعم المالي الضروري التعامل مع العديد من العراقيل والمشاق المتمثلة في نماذج الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب (FAFSA). وعندما يكون لدى الطلاب أسئلة، فهم يحتاجون إلى أن يعلموا إلى أين يتوجهون لالتماس المساعدة، وعليهم استجماع شجاعتهم للمطالبة بالمساعدة والعون.

وبالنسبة للنظم المدرسية التي تسعى إلى الابتكار والارتقاء بالنتائج في مجال الاستعداد للجامعة والالتحاق بها، ربما كان من المنطقي النظر إلى الموارد من الموظفين باعتبارها قيداً معرقلاً. على الرغم من أن الجمعية الأميركية لمرشدي المدارس توصي بنسبة حالات الطلاب إلى المرشدين التي تقدر بنحو 250 إلى 1، نجد أن المرشد الواحد في المدرسة الحكومية يضطلع الآن بحالات تتجاوز ضعف هذه النسبة. ومع ذلك، فأنا أعلم يقيناً أن كثيراً من المدارس الحكومية ليس لديها الميزانية لتعيين موظفين إضافيين. ما الخيارات الأخرى المتاحة إذاً؟

من بين الخيارات التي ألجأ إليها بانتظام، الاستخدام الأفضل للبيانات لفهم مستوى الطلاب الحالي والمستوى الذي ينبغي أن يكونوا عليه. على سبيل المثال، لأنّ مهارات الرياضيات تُصقل بشكل تراكمي بمرور الوقت، فمن الممكن أن يعتمد الاستعداد لمستوى الرياضيات الجامعي على قرارات الانتساب للدورات الدراسية منذ الصف الدراسي السادس. لكن الأنماط القومية تُطلعنا على أن طلاب المدرسة المتوسطة الذين لديهم إمكانات تؤهلهم للنجاح في المسار المؤهل للجامعة غالباً ما يُغض الطرف عنهم، ويسري ذلك على نحو يفتقر للتناسب على الأطفال من أصحاب البشرة السمراء والأطفال من أصل إسباني والأطفال أبناء الأسر محدودة الدخل. واستجابةً لتلك المشكلة، نفّذ نظام المدارس الحكومية لمقاطعة ويك في ولاية كارولاينا الشمالية مؤخراً سياسة التكليف بمقررات دراسية تستعين المقاطعة بموجبها بالأداء الأسبق في الاختبار الموحد لتنفيذ إلحاقات أكثر منهجيةً بمقرر الرياضيات. وكما أوضحتُ وزملائي، فإن هذه السياسة لم تُلحق عدداً أكبر من الطلاب بمسار مؤهل للرياضيات الجامعية بدايةً من المدرسة الإعدادية فقط، وإنما قوضت أيضاً العلاقة بين الإلحاق بالمقررات وسمات الطالب كالعِرق والدخل.

من الممكن أن توجه حلول تقنية بسيطة أيضاً الطلاب نحو الاتجاه السليم وتكفل دعماً للمحتاجين إليه. إننا نعلم جميعاً أن تعبئة نماذج الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب يشكل عقبة هائلة أمام الحصول على المساعدات المالية للالتحاق بالجامعة. هناك خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح، تتمثل في جهود الحكومة الفيدرالية لإمداد المدارس الثانوية الأميركية بالمعلومات المتعلقة بحالة تعبئة الطلاب لنماذج الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب: هل سلّم طلاب المدارس نماذج الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب؟ هل استكملوها؟ هل يلزمهم استكمال خطوات الإفادة الإضافية المعروفة باسم "إثبات الدخل"؟ ولكن، رغم أن مشاركة المعلومات هذه ضرورية، فهي ليست كافية لو كان اتخاذ الإجراءات يعول على جهود موظف المدرسة المثقل بالفعل. ولمساعدة النظم المدرسية على استغلال المعلومات استغلالاً أفضل، تعاونت أنا وبن كاسلمان، العام الماضي، مع مجموعة من المناطق التعليمية في ولاية تكساس ومزود خدمات التقنية "وان لوجوس إديوكيشن سولوشنز" (OneLogos Education Solutions) من أجل ابتكار نظام للرسائل النصية لتذكير الطلاب بأهمية الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب، ولتقديم ملاحظات مخصصة حول التقدم الذي أحرزوه في هذه العملية. لقد حوّل النظام البيانات إلى إجراءات دون مطالبة المرشدين بالتدقيق في جداول بيانات غير عملية لمعلومات الطلاب، أو الإلحاح على الطلاب كلٍ على حدة للاجتهاد في تعبئة النماذج. وإلى الآن، شهدنا تحسينات كبيرة في تقديم نماذج الطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب في الوقت المناسب نتيجة لذلك.

وتوجد ميزة مهمة للتواصل النصي، ألا وهي أنه بث رسائل للطلاب وحثهم على طرح أسئلة كلما احتاجوا إلى المساعدة باستخدام وسيلة تواصل بديهية لشباب اليوم (التراسل النصي). وفي إطار جهود التدخل المتعلقة بالطلب المجاني للحصول على المساعدة الفيدرالية للطلاب، فضلاً عن الجهود الأخرى للانتقال إلى الجامعة التي صممناها ونفذناها، يُمثل التراسل النصي طريقة فعالة لفتح قنوات الاتصال، وتقديم الدعم لمن يحتاجون إليه.

والمهم، أنه على الرغم من جهود ولاية تكساس بإلزام مرشدي المدارس رصد الرسائل الواردة من الطلاب والاستجابة لها، فإن شغل وقت الموظفين ليس متطلباً بضرورة الحال. وفي جهود أخرى على نطاق الولاية في ديلاوير العام الماضي، اضطلع طلبة الدراسات العليا من جامعة "ديلاوير" (Delaware) في المقام الأول بمراسلات نصية شبيهة مع طلاب الثانوية العامة وآبائهم. ولذلك، فالنظام المدرسي الذي تُستنفد طاقاته إلى أقصى حد ممكن يستطيع اللجوء إلى عاملين متطوعين وتعبئتهم كحل محتمل.

ومثل تطوير القدرات الموسيقية، يُعتبر الاستعداد للجامعة والالتحاق بها عملية مقعدة تتطلب المضي خطوة بخطوة والعناية الشديدة والمثابرة، ولا يوجد حل سريع أو سحري تستطيع المدارس تنفيذه لتأهيل عدد أكبر من طلابها للجامعة. لكنَّ استغلال البيانات والتقنية المتاحة استغلالاً أفضل يمكن أن يساعد المدارس ذات الميزانيات المحدودة على إحراز تقدم بسيط يضاف إلى الكثير إجمالاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي