أسئلة القراء: كيف أقنع قادة الشركة بأن أعمل عن بعد من دولة أخرى؟

6 دقائق
إقناع الشركة بالعمل عن بعد
shutterstock.com/7maru

سؤال من قارئ: أقطع رحلة تصل مدتها إلى 90 دقيقة يومياً للتنقل من المنزل إلى العمل والعكس، وهذه الرحلة تتعبني، ولهذا أقنع الشركة بالعمل عن بعد. أرغب في العمل عن بعد، وليس من المنزل فقط، بل من بلد آخر. لكنني موظف براتب شهري لدى شركة عائلية كبيرة لم يسبق لأحد فيها أن عمل عن بعد. وبدعم من مديري الذي هو الرئيس التنفيذي للشؤون المالية تمكنت من الحصول على شيء من المرونة، وبدأت بوضع تكنولوجيا المعلومات الأساسية للعمل عن بعد، وأجريت دراسة معمقة مع مستشار متخصص وأعدت ترتيب أنظمتنا وفقاً لسير العمل والأقسام، وأعددت أنظمة الأمان كي نتمكن من الوصول إلى كل شيء من خارج المكتب. ثم بدأت بالعمل من المنزل في أثناء بعض عطل نهاية الأسبوع ولاحظت أنه منتج أكثر من العمل من المكتب. ثم انتقلت إلى العمل من المنزل ليوم أو اثنين في قلب الأسبوع، ثم عملت لمدة أسبوع كامل من منزل على الشاطئ في أثناء فترة كان سير العمل فيها بطيئاً. لم يمانع مديري ذلك إطلاقاً، لكن رؤساءه ومالك الشركة يفضلون الأساليب التقليدية، صحيح أنهم لم يبدوا رفضاً صريحاً لكنهم قاوموا فكرة العمل عن بعد. حلمي أن أتمكن من العمل من بلد أوروبي لمدة شهر، من منا لا يرغب في نقل مكتبه إلى إسبانيا مؤقتاً؟ 

 سؤالي هو: ماذا أفعل؟ علماً أنني أحرزت تقدماً في مسيرتي المهنية وأرغب في الاستمرار.

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من "هارفارد بزنس ريفيو".

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من "هارفارد بزنس ريفيو".

آشلي ويلانز: أستاذة في كلية "هارفارد للأعمال"، ومؤلفة الكتاب الجديد "الوقت الذكي: كيف تسترد وقتك وتعيش حياة أكثر سعادة؟" (Time Smart: How to Reclaim Your Time and Live a Happier Life).

آشلي ويلانز: لقد تغيرت الأمور بسبب الجائحة، والآن هو أنسب وقت للتخلي عن الأساليب القديمة وإعادة تصميم طرق العمل والبدء بهذه النقاشات. اضطر كثير من كبار القادة الذين تحدثت معهم لتغيير آرائهم حول عمل الموظفين من منازلهم لأنه الطريقة الوحيدة لضمان استمرار شركاتهم بالعمل. لذا سيكون من المفيد أن يتوجه أحد الموظفين إلى القيادة العليا ويقول إنه يريد الاستمرار في العمل عن بعد لفترة غير محددة بعد أن أثبت إنتاجيته في العمل بهذه الطريقة.

أليسون بيرد: ينطبق ذلك على بعض المؤسسات. فمن الممكن أن يعمل الموظفون من منازلهم، بل من أي مكان في العالم، وبمقدورهم توظيف أشخاص يعيشون في قارات أخرى. لكنني أرى الجانب المعاكس أيضاً، فثمة قادة متحمسون بدرجة كبيرة للعودة إلى الوضع "الطبيعي"، ويرغبون في عودة موظفيهم إلى مكاتبهم ويستمتعون بالعودة إلى عقد الاجتماعات الشخصية. ويبدو أن قادة الشركة التي يعمل فيها صاحب السؤال هم من هذا النوع. كيف سيتمكن من التغلب على مقاومة هؤلاء القادة لفكرة العمل عن بعد خاصة إذا استمروا بالرفض والإصرار على العودة إلى العمل بالطرق القديمة لأنهم يعتبرونها ناجحة؟

آشلي ويلانز: يجب تحديد مصدر المقاومة، هل هو اعتبار أن الموظف لن يكون منتجاً بنفس الدرجة؟ أم أن سلوكه في العمل عن بعد يؤثر على زملائه في الفريق حتى إن لم يكن مقصوداً؟ لاحظنا أمرين يمكن أن يحدثا عندما يعمل أحد أفراد الفريق عن بعد من منطقة زمنية مختلفة، فكثيراً ما يطلب فترة سماح لإجراء المكالمات الهاتفية أو أن يكون جدول عمله مختلفاً عن جدول عمل بقية أفراد الفريق. من الواضح أن ذلك يؤثر على الموظف نفسه وعلى جميع من حوله، فإذا كان صاحب السؤال يحاول الانتقال للعمل عن بعد من أي مكان بعيد عن فريقه فعليه أن يوضح منذ البداية أنه عازم على البقاء مع فريقه ضمن المنطقة الزمنية نفسها، أو أنه لن يرسل الرسائل الإلكترونية خارج ساعات عمل فريقه أو أن يوضح جيداً كيف سيتعامل مع اختلاف التوقيت إذا كان سيذهب إلى مكان يقع ضمن منطقة زمنية مختلفة مثلاً. من الضروري مناقشة هذه الأمور مسبقاً والاتفاق عليها.

دان ماغّين: أعجبت كثيراً بالأسلوب المنهجي الذي اتبعه صاحب السؤال في تعامله مع هذه المشكلة. أولاً، قام بعمل جيد جداً في إعداد التكنولوجيا وأنظمة الأمان، ثم اختبر سير العمل من المنزل في عطلة نهاية الأسبوع، ثم في يوم واحد في قلب الأسبوع ثم يومين. أرجو من كل من يرغب بالعمل من المنزل أن يتعامل معه على أنه اختبار وأن يتعلم ويجرّب، وأن يعتبره نظرية ويحاول إثباتها تدريجياً بدءاً من تجارب صغيرة.

آشلي ويلانز: هذا النوع من دورة التكرار الاختبارية السريعة هو فكرة رائعة ومدروسة. لكنني أتساءل، هل أشرك صاحب السؤال زملاءه في قراراته بشأن العمل عن بعد، أم سعى إلى دفعهم للتأقلم معه لاحقاً بعد أن نفذ فكرته؟ فمن الضروري أن يتبع أسلوباً منهجياً في صناعة هذا النوع من القرارات وتغيير طريقة العمل، لكن عليه أيضاً أن يساعد زملاءه كي يتمكنوا من دعمه وتقديم النصح له فيكون لهم دور في صناعة القرار أيضاً. وربما كانوا مطلعين على طرق عمل تتمتع بالكفاءة في فرق أخرى أو لدى موظفين آخرين، وإذا سمح لهم بإدخالها إلى طرق عمله، فستزداد كفاءة عملياته أيضاً.

أليسون بيرد: يبدو أنه يطلب العفو لا الإذن، لكنه أشرك مديره الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في الأمر علماً أنه يتمتع بمنصب مرموق في الشركة. لذلك أعتقد أنه سيستفيد من دعم هذا المدير له ودعم بعض زملائه الذين قد يستفيدون من العمل عن بعد أيضاً لا سيما في عصر "كوفيد"، قد لا يرغب زملاؤه في العمل من إسبانيا مثله، وإنما من المنزل يومين في الأسبوع. وعندئذ إذا توجه إلى الرئيس التنفيذي وعرض عليه الأمر ووضح له طريقة تنفيذه وأنه سيزيد كفاءة المؤسسة ويعزز قدرتها على استقطاب أصحاب المواهب وبيّن له أن العمل عن بعد لن يكون مجرد مبادرة لطيفة يقدمها لموظفيه بل أمراً يعود بالفائدة على المؤسسة بأسرها على المدى الطويل.

آشلي ويلانز: من الضروري أن يبين للقيادة العائد على الاستثمار الذي ستجنيه من العمل عن بعد. وهذا النوع من المحادثات يساعد في إحداث تغيير في المؤسسات التي تبدي مقاومة لخيارات العمل عن بعد، والتي قد تكون محقة فيها لسبب ما.

دان ماغّين: هل يدخل اختلاف المنظور في هذه المشكلة؟ فنحن ننتقل من موضوع "العمل من المنزل" إلى "العمل من أي مكان"، ويختلف الأمر بين أن أكون مضطراً للذهاب إلى مكان آخر من المدينة لقضاء حاجة ما فأطلب من مديري إنجاز عملي عن بعد من هناك، وأن أكون ذاهباً إلى جزر هاواي مثلاً فأطلب من مديري العمل من هناك، فجزر هاواي معروفة بأنها منطقة سياحية لقضاء الإجازات والاستجمام لا للعمل الجاد. هل تعتقدين يا آشلي أن رغبة صاحب السؤال في الذهاب إلى إسبانيا هي سبب مقاومة القيادة؟

آشلي ويلانز: لا شك في أنها جزء من سبب قلق القيادة. وربما كانت إجازة الموظف على الشاطئ تشير إلى اهتمامه بالذهاب إلى الشاطئ أكثر من اهتمامه بالمؤسسة. من الممكن أن تسيء الإدارة فهم الموقع الذي يرغب في العمل منه خاصة إذا لم تكن لدى الشركة قواعد محددة للعمل عن بعد، وقد ترى أن الموظف الذي يرغب في العمل عن بعد من شاطئ البحر سيقضي وقته في الاستجمام لا في العمل. لذا أعتقد أن هذا التفصيل تحديداً لم يلق قبولاً لدى القيادة العليا وأدى إلى مقاومتها للفكرة.

أليسون بيرد: يقول صاحب السؤال إنه أحرز تقدماً مهنياً ويرغب في الاستمرار بهذا التقدم، ترى، إذا سمحت له القيادة بالعمل من إسبانيا كما يرغب، فهل سيكون بالنسبة لها موظفاً جديراً بالترقية وقادراً على تولي المهمات التي يتمنى توليها ومن الممكن تسليمه منصباً قيادياً يوماً ما؟ إذ إنه لن يكون قادراً على الحضور شخصياً كما تطلب القيادة.

آشلي ويلانز: هذا سؤال مهم لكن ليس له جواب واضح. ثمة أبحاث تبين أن الناس يعتقدون غالباً أن الاهتمام بأمر ما يعني الاستعداد للانتظار في الطابور لأجله. تشير طريقتك في إنفاق وقتك إلى مدى التزامك، وإذا كنت تعمل عن بعد في مؤسسة ترى أنك تقضي وقتك في الاستجمام على الشاطئ وليس في العمل أمام جهاز الكمبيوتر، فقد لا تكون هذه المؤسسة هي المكان المناسب لك للأسف. من الصعب جداً أن يتمكن شخص واحد من تغيير ثقافة مؤسسة بأسرها، قد يكون ذلك ممكناً لكن من الأفضل بالنسبة لصاحب السؤال أن يبحث عن مؤسسة ينسجم تفكيرها مع تفكيره. إنها معضلة، فمن الصعب أن يثبت التزامه عندما يكون الوحيد الذي لا يمكنه الحضور إلى المكتب شخصياً مثل بقية الموظفين.

أليسون بيرد: أجبرت هذه الجائحة الكثير من الشركات على تبني سياسة العمل من أي مكان. وإذا رأى صاحب السؤال أنه يواجه مزيداً من العقبات في هذه الشركة فبإمكانه البحث عن فرص في شركات أخرى.

دان ماغّين: أولاً، نشيد بالأسلوب المنهجي الذي اتبعه صاحب السؤال في وضع أساسات العمل من أجل إقناع الشركة بالعمل عن بعد، ونرى أن الخطوة التالية التي قام بها هي تحديد الأطراف المعارضة، والآن يجب عليه أن يسأل عمن يعارض فكرة العمل عن بعد والمشكلة التي تسبب هذه المعارضة، هل هي مشكلة منظور أم سلوك أم هي قلق بشأن الأداء؟ سيضطر للقيام بدراسة الجدوى التجارية لسياسة العمل عن بعد والتمعن في العائد على الاستثمار الذي ستحققه له وللشركة بأسرها. قد تشكل الجائحة عاملاً مساعداً له لأن الكثير من الشركات شهدت إنتاجية كبيرة ناجمة عن عمل موظفيها من منازلهم أو من أي مكان آخر. نرى أن عليه الانتباه لما يعتقده القادة فيما يتعلق بالعمل من خارج المكتب من أي مكان، سواء كان يعمل من موقع سياحي على الشاطئ أو من إسبانيا، لأنه سيعطي انطباعاً بأنه لن يبذل جهداً كافياً في العمل ويجب عليه تغيير هذا الانطباع. وأخيراً، لن تتغير آراء بعض المدراء حول العمل من المنزل أو من أي مكان حتى مع مرور الوقت وهذا سيضع صاحب السؤال أمام عدة خيارات، فإما أن يبقى في هذه الشركة ويصرّ على العمل عن بعد حتى وإن تسبب ذلك في إعاقة تقدمه، وإما أن ينسى الأمر ويلتزم بالعمل من المكتب، أو أن يحاول الحصول على عمل في شركة أخرى تتبع سياسة العمل عن بعد سواء كان من المنزل أو من أي مكان كما يرغب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي