يُعتبر طردُ موظف ما من عملِه واحدةً من أكثر مهام الإدارة بشاعة. كما أنّ هذه المهمّة سوف تستثير على الأغلب مزيجاً من المشاعر المختلطة تتراوح ما بين التعاطف، والحزن، والقلق. وحتى لو كان التخلّي عن الموظف (أو مجموعة الموظفين) يشكّل خدمة لمصالح الشركة، فإنك لا ريب ستشعر بالذنب. فما هي الطريقة الفضلى التي يمكنك استعمالها لتوصل إلى الموظف المُسرّح هذا الخبر؟ وكيف تحقق التوازن ما بين أن تكون مباشراً وصريحاً في كلامك، وأن تُظْهِرَ تعاطفك في الوقت ذاته؟ وإلى أي مدى يحقّ لك إبداء عواطفك؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
يُعْتَبَرُ الإشراف على عملية تسريح الموظفين "مهمّة بغيضة من مهام الإدارة التي يخشاها الكثيرون"، بحسب لورنس جاي ستايبل، وهو الاستشاري في مجال إدارة المسارات المهنية ومدير تنفيذي مقيم في كلية سوير للأعمال في جامعة سوفولك. فهذه مَهمّة لا يحصد المرء من ورائها لا حمداً ولا شكوراً، وكما يقول ستايبل "لا يحصل أحد أبداً على ترقية لأنه يجيد طرد الموظفين. لكن حياتك المهنية يمكن أن تنحرف عن سكّتها إذا لم تعامل الناس بطريقة تحفظ لهم كرامتهم". فكلّ موظفيك وزبائنك سيُراقبون الطريقة التي ستدير بها هذه العملية. "يجب أن تكون الطريقة التي تطرد الناس بها انعكاساً وتجسيداً للكلمات الواردة في رسالة المؤسسة وأهدافها". كما تنطوي عملية طرد موظف معيّن أو مجموعة من الموظفين من العمل على صعوبة خاصّة عندما لا تكون أنت شخصياً متّفقاً مع القرار، كما يقول آندي مولينسكي، أستاذ السلوك المؤسسي في كلية الأعمال الدولية في جامعة برانديز. "سوف تشعر بأنك في حالة نزاع داخلي، وبأنك غير قادر على التصرّف، كما ستحسّ بالإحباط". ومع ذلك، وبصفتك مديراً فأنت قد تُضطر إلى فعل الشيء الأنسب لمصلحة الشركة. وإليك فيما يلي الأسلوب الأنسب لإدارة هذه العملية بطريقة واضحة ومُحترمة، سواء كنت تقوم بتسريح موظف واحد فقط أو تتخلّى عن فريق بأكمله.
حاول أن تحصل على التدريب المناسب
تحتاج المؤسسات كلّها إلى وجود "عملية فعّالة وكفوءة ومعيارية" للتعامل مع تسريح الموظفين "وينبغي على الجميع، سواء كانوا مدراء حاليين أو مدراء محتملين، أن يحصلوا على تدريب في كيفية التعامل مع هذه المسألة"، حسبما يقول ستايبل الذي يضيف قائلاً: "التدريب يجعل هذه المهمّة تنطوي على قدر أقل من الخوف". لكن المشكلة، وفقاً لمولينسكي، تكمن في أن معظم المؤسسات "لا ترى بالضرورة الحاجة إلى توفير تدريب شامل، لأن ذلك يكلّف وقتاً ومالاً، ولاسيما أن عمليات تسريح الموظفين هي أمور لا تحصل بوتيرة متكرّرة نسبياً". لكن ذلك برأيه خطأ. فالشركات التي تسيء إدارة عملية تسريح الموظفين "سوف تعاني من تبعات هائلة"، بما في ذلك تعرّضها للمقاضاة جرّاء التسريح التعسّفي، ناهيك عن الأذى الذي سيطال سمعتها. ويضيف قائلاً: "لا يحتاج المرء إلى أن يكون عبقرياً ليعرف ضرورة استثمار الموارد في هذا الأمر". فإذا لم تكن شركتك توفّر هذا التدريب، يقترح مولينسكي طلب النصح والمشورة من مرشدين وموجهين لديهم خبرة عملية في موضوع تسريح الموظفين.
تمرّن على العملية
لا تحاول إنجاز هذه المهمّة دون تحضير مسبق – وبالتأكيد لا تحاول أن تأخذها على عاتقك بمفردك، يقول ستايبل. فإيصال هذا الخبر إلى الموظف بحضور شخص واحد آخر على الأقل هو أمرٌ يبعث على قدرٍ أكبر من الارتياح، وهو أنسب قانونياً. يقول ستايبل: "من الناحية المثالية، يجب أن تعمل بشكل وثيق مع استشاري من شركة تساعد في إعادة توظيف الموظفين المسرّحين لتعينك في إدارة هذه العملية". وإلا بوسعك الاستعانة بشخص من قسم الموارد البشرية. حاول أن تتمرّن على قول الأشياء التي تخطط لقولها للموظف، وحاول أن تمثّل الدور مع زميل لك بشكل مسبق، تحسّباً لردّ فعل الموظف المُسرّح. "خلال هذه التجربة، حاول أن تتوقّع السيناريوهات الأسوأ. فالشخص المعني قد يبكي، وقد يتطرّق إلى ذكر عائلته متوسّلاً كأن يقول: "ابنتي ستلتحق بالجامعة هذا الخريف، فكيف سأستطيع أن أسدّد لها أقساطها؟" لذلك فأنت بحاجة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار الكيفية التي ستتعامل بها مع عواطفك وانفعالاتك" في هذه الأوضاع. يجب أن يكون لديك سيناريو جاهز لتتّبعه، لكن لا تحاول الاتكال عليه بالكامل، كما يحذّرك مولينسكي. "يتمثّل خطر السيناريو المجهّز سلفاً في أنك قد تتصرّف بطريقة مفرطة في الآلية وعدم التلقائية، وقد تنأى بنفسك زيادة عن اللزوم إلى درجة تفشل معها في إظهار حساسيتك الشخصية"، كما يقول. "وفي الوقت ذاته، لا ينبغي عليك أن تفرط في تأثّرك كثيراً نتيجة جهدك الرامي إلى إظهار التعاطف إلى حدٍّ يمنعك من إيصال الرسالة المطلوبة". لذلك فإن التمرّن المُسبق يساعدك "في تحقيق التوازن المطلوب".
حضّر العناصر والأشياء اللوجستية المطلوبة
يجب أن يتمتّع المكان الذي ستستعمله لإيصال الرسالة إلى الموظف المعني حول تسريحه بشيءٍ من الخصوصية، كأن تؤدّي هذه المهمّة في غرفة هادئة أو في مكتب جانبي، كما يقول مولينسكي. ضع علبة للمناديل الورقية (المحارم) ضمن متناول اليد. فالهدف يتمثّل في أن تكون أنت "في أقصى درجات الراحة وأنت توصل الرسالة المطلوبة"، على أن تحفظ أيضاً "كرامة الشخص المُسرّح". وثمّة أمرٌ آخر يجب أن توليه الاعتبار ألا وهو سلامتك النفسية. "غالباً ما يتّخذ ردّ فعل الشخص المُسرّح شكل الصدمة أو الحزن، لكنه يمكن أن يتطوّر به الأمر ويغضب غضباً شديداً". وبناءً على ذلك فإن ستايبل ينصحك بأن "تدع الشخص يكون قريباً مباشرةً من الباب في حال انفعاله الشديد" وحاجته إلى مغادرة الغرفة. وفي هذه الحالة، ينصحك ستايبل أيضاً بأن "تسهّل على الشخص إمكانية الاندفاع السريع إلى الخارج". ورغم أنه "ليس هناك توقيت صحيح ضمن النهار" لتقول لشخص ما بأنه لم يعد على رأس عمله – لأن كل الأوقات بصراحة تُعتبر مريعة وسيئة – "حاول أن تقوم بهذه العملية يوم الجمعة أي في آخر يوم عمل في الأسبوع، لأن ذلك يعتبر فرصة لهذا الشخص لكي يتعامل مع الأمر خلال عطلة نهاية الأسبوع"، كما يقول. "إذا فعلتها في أول يوم عمل في الأسبوع أي يوم الاثنين، فإن الجميع سيتحدّثون في الأمر طوال الأسبوع". وإذا كنت ستغلق قسماً بأكمله، فإن مولينسكي ينصح بأن تعلن عن تسريح جميع العمّال دفعة واحدة، "بما أنهم جميعاً يعانون من المصير ذاته".
استعمل أسلوباً مباشراً وصريحاً
يجب أن يكون السيناريو المتّبع لتسريح موظف معيّن واضحاً ومباشراً نسبياً، على حدّ رأي مولينسكي. "اذهب إلى صلب الموضوع بسرعة: كن مُباشراً وصريحاً، ولا حاجة للأحاديث الجانبية". أمّا ستايبل فيوصيك بأن تبدأ الحديث على النحو التالي: "لديّ بعض الأخبار غير السارّة لأنقلها لك اليوم" لأن ذلك يهيّئ الشخص عاطفياً لتلقّي الأمر. والحال هنا يشبه أن تقول لشخص ما: "أنا على وشك أن ألكمك في معدتك" في مقابل لكمه مباشرة دون تنبيه مسبق". بعد ذلك يمكنك أن تقول شيئاً من قبيل ما يلي: "الغرض من هذا الاجتماع هو إخبارك بأن مستقبلك المهني مع هذه الشركة قد وصل إلى نهايته". في الخطوة التالية، قدّم للشخص المعني ملفاً يتضمّن الترتيبات الإدارية الخاصّة بإنهاء العمل. وإذا كانت مؤسستك قد استعانت بشركة متخصّصة في تقديم خدمات البحث عن عمل جديد للموظف المُسرّح في مكان آخر، فبوسعك أن تقول: "كجزء من الاحترام الذي نكنّه لك، فقد كلّفنا شركة لتساعدك في الوقوف على قدميك مجدّداً". بعدها سلّم زمام الاجتماع إلى الاستشاري أو ممثل قسم الموارد البشرية ليشرح الخطوات التالية. يقول ستايبل: "لا داعي لأن يكون الاجتماع طويلاً ومديداً. قل الأشياء التي يجب أن تقولها، ثمّ غادر الغرفة بعدها. وهنا يأتي دور الشركة التي ستساعد الموظف في العثور على عمل لاحق لكي تتولّى زمام المبادرة بعدك".
لا تدع شيئاً يشتت انتباهك ويخرجك عن المسار المرسوم
أثناء محاولة الشخص الذي يخسر وظيفته استيعاب ما يحصل له، قد تبدر منه ردود أفعال فيها شيء من الانفعال. فقد ينفجر باكياً؛ وقد يبدأ بنوبة من الصراخ؛ وقد تكون لديه أسئلة. ولكن أنت وبوصفك المدير لا يتعيّن عليك أن تتجاوب معه. "فأنت لا تريد للحديث أن يتطوّر إلى جدال أو نقاش أو مناظرة"، يقول مولينسكي. لا تحاول التطرّق إلى سوء أداء الموظف، أو تحاول تذكيره بأنه قد تلقّى العديد من الإنذارات. عوضاً عن ذلك، يقترح ستايبل قول شيء من هذا القبيل: "إذا كنت تودّ مناقشة مدى عدالة هذا القرار، يُسعدني أن أحدّد لك موعداً لمناقشة الأمر الأسبوع المقبل – فليس الآن هو الوقت المناسب لفعل ذلك"، مضيفاً بأنه لم يسبق له قط أن "مرّ بحالة طلب فيها موظف مُسرّح من عمله موعداً لاحقاً لمناقشة الأمر".
اظهر تعاطفك
عندما تُوكلُ إليك مهمّة إخبار شخص ما تربطك به علاقة عمل جيّدة بأنه سيسرّح من وظيفته، "فإنك على الأغلب ستشعر بحالة تعاطف حقيقية وعميقة" مع ذلك الشخص، كما يقول مولينسكي. في هذه الحالات، "اعرض تقديم دعمك"، من خلال طمأنته، مثلاً، إلى أنك ستعطيه كتاب تزكية ممتازاً أو من خلال عرضك عليه إمكانية تعريفه على بعض معارفك. وهذا بالتأكيد ليس شيئاً ستقدّمه إلى كلّ الناس، ولكن إذا كانت علاقتك تستدعي ذلك وكنت "تشعر بأن ذلك هو الشيء الطبيعي"، فهذا ما ينبغي عليك فعله. والأهم من كلّ ذلك، هو ألا تتحدّث عن الصعوبة التي واجهتها شخصياً في اتخاذ هذا القرار. فبحسب ستايبل "هذا أمر غير مهمّ ولا علاقة له بالموضوع. فالموظف لا تهمّه مشاعرك في هذه اللحظة".
حاول لاحقاً أن تفضفض وأن تخفف عن نفسك و أن تراجع الكيفية التي سارت بها الأمور
يُعتبر تسريح موظف معيّن من عمله مهمّة شاقّة "تترك تبعاتها" حتى على أكثر المدراء خبرة وأطولهم باعاً، بحسب ستايبل، الذي ينصحك بعدم إهمال سلامتك النفسية. يقول ستايبل: "بعد أن تكون قد انتهيت من نقل الخبر، حاول أن تجد طريقة لتستعيد بها لياقتك الجسدية والنفسية". حاول أن تتمشّى، أو أن تأخذ استراحة قيلولة، أو أن تمارس رياضة رفع الأثقال. "مهما كان الأمر الذي ستفعله، فلا تحدّد موعداً لاجتماع آخر بعد ذلك مباشرة – بل امنح نفسك بعض الوقت لكي تهدأ". ومن المهم أيضاً "مراجعة كيفية سير العملية" مع مدير قسم الموارد البشرية الذي ساعدك في تنفيذ عملية التسريح، يقول مولينسكي. فذلك يسمح لكما بأن "تتأملا معاً كيف سارت الأمور وما هي الأشياء التي كان بوسعكما أن تفعلاها بطريقة مختلفة"، كما يقول. فدائماً هناك مجال لإدخال التحسينات. "إنها لحظة مفعمة بالانفعالات والعواطف، ولكنها في الوقت ذاته، مهمّة يجب أن تنجز وهي مهارة، وبوسعك دوماً أن تحسّن أداءك فيها".
مبادئ يجب تذكّرها:
أمور ينبغي عليك القيام بها:
- هيئ مكاناً يتّصف بالخصوصية والهدوء لتخبر فيه الموظف بتسريحه من العمل
- استعن بشركة خارجية معنية بمساعدة الموظفين المسرّحين من عملهم على العثور على عمل جديد، أو بمدير قسم الموارد البشرية ليساعدوك في العملية
- اعمل على استعادة لياقتك النفسية والجسدية بعد هذا الحديث المتعب
أمور لا ينبغي عليك القيام بها:
- لا تحاول إنجاز هذه المهمّة دون تحضير مسبق – حاول أن تتمرّن مسبقاً على الحديث وأن تتنبّأ بردّ فعل الشخص المعني
- لا تتحدّث عن حجم الصعوبات التي واجهتها وأنت تتّخذ القرار – فالموظف لا تهمّه مشاعرك في هذه اللحظة
- لا تكن قاسي القلب – فإذا كانت تجمعك بالموظف علاقة قوية، حاول أن تقدّم له الدعم من خلال عرضك عليه بأن تعرّفه على بعض معارفك ومن خلال تزويده بكتاب تزكية ممتاز
الحالة الدراسية الأولى: اظهر لطفك وساعد الشخص في عملية الانتقال لتكون بأكبر قدر من السلاسة
بعد أن أبلغت وزارة الدفاع الأميركية شركة "آرو جيت ميديكال"، المعنية بالنقل الجوي للحالات المرضية الإسعافية، بأنه ونظراً لنقص في التمويل، فإنها لن تجدّد عقدها معها، شعرت دانييلا ويلسون، التي تشغل منصب رئيسة الشركة ورئيستها التنفيذية "بأنها منهارة".
تقول دانييلا: "لم يكن عمر شركتنا يزيد على السنتين، ولم نكن قد نوّعنا محفظة أعمالنا بعد – فقد كنّا معتمدين على ذلك العقد بنسبة 100%".
خسارة العقد كانت تعني بأن على دانييلا تسريح 26 عاملاً. وقد كان شعورها مريعاً. "كنت قريبة جداً من كل واحد من موظفي شركتي. كانوا من الناس الذين تركوا وظائفهم الآمنة كممرضين وممرضات في مجال العناية المشدّدة وفي مجال الإسعاف لأنهم كانوا مؤمنين بالقضية ولأنهم كانوا يؤمنون بي أنا شخصياً".
قبل أن تقوم دانييلا بنقل الخبر السيء إليهم، قامت بتصميم ملفات تضمّ بعض المعلومات، بحيث يشمل كل ملف رزمة إنهاء العمل، والإجازات المدفوعة المستحقة، فضلاً عن المعلومات الخاصة بكيفية التقدّم بطلب للحصول على معاش البطالة والتغطية التأمينية الحكومية. كما أنها ضمّنت الرزمة كتاب تزكية شخصياً لكل واحد من الموظفين بحيث كان كل كتاب منها مصاغاً بحسب طبيعة عمل كل موظف وأسلوب أدائه. تقول دانييلا: "كنت أرغب بأن أزوّدهم بالمعلومات التي تقوّيهم وتساعدهم في التعامل مع هذه العملية. كنت أحاول أن أجعل الأمر يسير بأكبر قدر من السلاسة بالنسبة لهم".
وقد اتخذت قرارها بإخبار الجميع في الوقت ذاته. لذلك جمعت أعضاء الفريق معاً في قاعة الاجتماعات في الشركة وتحدّثت بطريقة "مباشرة وقائمة على الحقائق". تقول دانييلا: "حاولت أن أفكّر ما هي الأشياء التي كنت أرغب بسماعها فيما لو كنت أنا من يتلقّى هذه الأخبار".
قرأت مقاطع من الرسالة الحكومية التي تلقتها، والتي شرحت مشكلة التمويل وكذلك أثنت على حرفية الشركة وتفانيها في الخدمة. "لقد شكرتهم. وكان الوضع مفعماً بالكثير من الانفعال والعاطفة. ولكن عندما تكون الانفعالات والعواطف صادقة، فمن المهم إظهارها. فأنا أؤمن بأن الموظفين هم سفراء الشركة – وحتى من يغادرها منهم".
لازالت دانييلا هي الرئيسة التنفيذية لشركة "آرو جيت ميديكال"، التي تضمّ اليوم 150 موظفاً ومحفظة أعمال متنوّعة.
الحالة الدراسية الثانية: تصرّف بطريقة حازمة وانقل الخبر إلى الموظفين المعنيين بشكل مباشر
في العام 2009، أصبح تيد كاركوس الرئيس التنفيذي لشركة بروفيز لابز، المصنعة لـ "كولد إيز" (Cold-EEZE) وهي المصاصات المنكّهة المضادّة للرشح. لقد كان الوقت عصيباً: فالمبيعات كانت في تراجع؛ والمعنويات كانت منخفضة؛ بينما كانت متاجر التجزئة قد هدّدت بتقليص المساحات المخصّصة لعرض المنتج على الرفوف.
كان تيد قد لاحظ بأن التكاليف غير المباشرة مرتفعة للغاية وبأنه يتعيّن عليه تسريح عدد كبير من العمّال. وقد راجع نقاط قوّة ونقاط ضعف موظفيه البالغ عددهم 26 شخصاً ليرى ما إذا كان كل واحد منهم مناسباً لموقعه أم لا. وقد ساعدته هذه المراجعة في أن يدرك الحاجة إلى تسريح عدد كبير منهم، بمن فيهم المسؤول المالي للشركة، ولنفترض أن اسمه هو مايكل.
عَلِمَ تيد بأن عليه أن يتصرّف بشكل حاسم. يقول تيد: "عندما تتّخذ قراراً بالتسريح، لا يتعيّن عليك أن تماطل في التنفيذ". لذلك دعا إلى عقد اجتماع مع مايكل بحضور مسؤول العمليات لديه. "كان النقاش قصيراً ومهذباً. وكنت واضحاً ومباشراً في نقل الخبر إليه، وبعد ذلك سلّمته الرزمة الخاصّة بإنهاء العمل". أمّا مايكل، فقد كان "مصدوماً تماماً".
كان تيد معجباً بمايكل شخصياً لذلك عرض عليه أن يساعده في العثور على وظيفة جديدة، لكنه أبقى الحديث على مساره المطلوب من خلال تذكيره لنفسه بما "كان يمثّل المصلحة الفضلى" للشركة. "أولاً وقبل كل شيء، يتعيّن عليّ حماية مصالح المساهمين في الشركة. أنا مسؤول تجاههم وتجاه مجلس الإدارة. وهذا يضعني على المحك"، يقول تيد.
خلال عام من الزمن، لم يبقَ من المجموعة الأصلية سوى خمسة موظفين؛ وقد عمل تيد على تبسيط عمل الفريق من خلال الاستعانة بعشرة أشخاص فقط ليحلّوا مكان من جرى تسريحهم. ونتيجة لذلك، فقد قلّل التكاليف غير المباشرة بمبلغ مليوني دولار تقريباً.
أمّا اليوم فإن معدّل دوران الموظفين في شركة بروفيز لابز قد بات منخفضاً للغاية وأصبح لدى تيد فلسفته الخاصّة بالنسبة لتسريح الموظفين، حيث يقول في هذا الصدد: "أنا مهتمّ جداً بكلّ موظف من الموظفين، وحتى من يتعيّن عليّ طردهم من وظائفهم. فأنا أودّ مساعدتهم في العثور على الوظيفة المناسبة لهم. فلا أحد يجب أن يعمل في مكان لا تتطابق فيه نقاط قوّته مع متطلّبات الوظيفة".