ملخص: دفعت موجة دوران الموظفين التاريخية الشركات لبذل جهد كبير في تعيين الموظفين الجدد وإعدادهم. ولكن ماذا بشأن من يبقون في وظائفهم؟ يتفاجأ كثير من الموظفين الذين يجدون أنفسهم محاطين بالعديد من الوجوه الجديدة في فرقهم بأنهم أصبحوا الأقدم فيها. إذا كنت في وضع مماثل، فبإمكانك اتباع 4 طرق لإدارة نفسك وفريقك: أولاً، أتح لنفسك المجال لفهم التغييرات حولك، ثم ركز على تطوير خطتك من أجل إعداد نفسك للعمل من جديد، وأدرك أنك ستضطر إلى إرشاد زملائك الجدد، لكن لا تنس أن تتعلم منهم في نفس الوقت، وأخيراً، فكر في إمكانية تحقيق النمو في شركتك الحالية من دون أن تصرف النظر عن خيار المغادرة إذا أتيحت لك الفرصة المناسبة، وتجنب حرق الجسور مع زملائك السابقين كي تضمن حصولك على أكبر عدد ممكن من الخيارات.
واحدة من عملائي هي مسؤولة تنفيذية تعمل في شركتها منذ أكثر من 20 عاماً، وعلى مدى الأشهر الماضية انتقل كثير من أقرانها من الشركة كجزء من موجة دوران الموظفين التي شهدها عام 2021. فأصبحت الآن محاطة بموظفين جدد وتخشى أن يتم ربطها بالطرق القديمة والنظر إليها ظلماً على أنها تعمل على نحو غير ابتكاري أو غير استراتيجي أو أنها غير عازمة على المجازفة لأنها موظفة قديمة في الشركة.
عميلتي ليست الوحيدة في ذلك، إذ وصلت نسبة الموظفين الذين يعتزمون مغادرة وظائفهم هذا العام حول العالم إلى 40% لتسجل رقماً تاريخياً. قد تجد نفسك في نفس هذا الموقف وتتساءل عما سيحدث للموظفين الذين يبقون في وظائفهم؛ حين تركز الشركات بشدة على دمج موظفيها الجدد ودعمهم قد يشعر الموظفون القدامى المخلصون بأنهم منسيون، وفي كثير من الحالات، فإن وجود الموظف الجديد في شركة جديدة يؤتي ثماره، فمن يتم توظيفهم من خارج الشركة يتمتعون بامتيازات لا تتاح للموظفين الذين تم تعيينهم من داخل الشركة في مناصب مماثلة، كما أنه مع انضمام عدد كبير من الموظفين الجدد إلى الفريق تتغير بيئة العمل بطرق خفية وأخرى جلية في آن معاً.
إذا وجدت نفسك فجأة الفرد الأقدم في فريق من الموظفين الجدد، فبإمكانك اتباع 4 طرق لإدارة نفسك وفريقك:
أتح لنفسك المجال لفهم التغييرات حولك
عندما ترى أن الآخرين يغادرون الشركة قد تشعر برغبة في أن تبدأ أنت أيضاً بالبحث عن فرص جديدة، وقد تشعر نتيجة لمغادرتهم بأنه قد تم إقصاؤك اجتماعياً لأنك بقيت وحدك. وليس مستغرباً أن تنخرط فيما يسميه علماء النفس "التنبؤ الوجداني"، إذ تتخيل الندم الذي يحتمل أن تشعر به في المستقبل إذا لم تتبع خطى الآخرين. لكن قبل أن تتخذ أي خطوة متسرعة امنح نفسك الوقت للتفكير على نحو منطقي بالخطوات التي يجب أن تتخذها للمضي قدماً.
ابدأ بالتفكير وحدك أو بمساعدة شريك موثوق في قيمك وأهدافك الجوهرية بغض النظر عن حركة الآخرين، واسأل نفسك: "ما الذي يهمني حقاً في حياتي المهنية الآن وفي المستقبل؟"، ثم اعمل بصدق على تقييم قدراتك وسمعتك الحالية والنواحي التي لا تزال بحاجة إلى التطوير لديك كي تصل إلى حياة العمل التي تعتبرها مثالية. وفي نفس الوقت استكشف درجة توافق قيمك وأهدافك مع تعريف شركتك للنجاح في دورك. قد ترى أن مجموعة من المعايير مختلفة عن معايير شركتك هي التي تحفزك، أو أنك بحاجة إلى قليل من التأقلم كي تصل إلى شعور الرضا عن بقائك.
يكمن السر في إجراء التأمل الذاتي والمراقبة بصبر قبل اتخاذ أي إجراء، فذلك سيمكّنك من اتباع أسلوب موضوعي لتقييم قدرة شركتك على التجاوب مع نموك وتعزيز مسارك المهني بدرجة كافية كما تدعم زملاءك الجدد.
طور خطة من أجل إعداد نفسك للعمل من جديد
من المحتمل أن يتم تزويد الموظفين الجدد حولك بخطة متسقة لإعدادهم مؤلفة من أنشطة مدروسة مع الزملاء لتمكين مشاركة المعرفة وضمان تلاؤمهم مع المعايير الثقافية التي وضعت قبل وصولهم. إذا كان لديهم كتيب إرشادات مصمم لمساعدتهم على التفوق، فلم لا تحذو حذوهم وتعدّ نفسك للعمل من جديد؟ فذلك سيفتح عينيك على الفرص الاستراتيجية لإضافة المزيد من القيمة ويحافظ على قدرتك التنافسية مع أقرانك إلى جانب أنه سيجدد إحساسك بالهدف في العمل.
كن معلماً وتلميذاً في آن معاً
إلى جانب وضع الخطة من أجل إعداد نفسك للعمل من جديد، فكر في مساعدة زملائك الجدد على خوض عملية إعدادهم للعمل، فذلك قد يعزز صورتك كقائد ويحقق التناغم في آليات التنافس بالمكتب، احرص على تحقيق التوازن المناسب بين دورك كراع حكيم لتقاليد الشركة ووكيل مرن للتغيير المستقبلي.
من المؤكد أن عملك كموظف قديم في الشركة على مشاركة الحكمة المؤسسية مع زملائك الجدد سيشكل مساهمة ذات قيمة، لكن احذر من الأوقات التي يؤدي الاعتماد فيها على التقاليد إلى إعاقة تحفيز الآخرين للمضي قدماً والترحيب بالتغيير. تتمثل أفضل استراتيجية في العمل على التعليم والتعلّم في آن معاً. شارك خبراتك مع زملائك الجدد بوصفك موجهاً حكيماً لكن احرص على التماس آرائهم التي يقدمونها بعقلية المبتدئ، وبذلك ستبقى مواكباً للتغييرات وسيؤدي انفتاحك إلى زيادة نفوذك بين زملائك في نفس الوقت.
حافظ على كفاءتك ولا تكن قانعاً
من الممكن ألا تشعر بالرضا حتى بعد القيام بكل ما سبق لتحقيق الفائدة القصوى من التغييرات المحيطة بك، ومن الممكن أن تشعر بأنك لن تتساوى مع زملائك الجدد أبداً وقد تتأكد من صحة شعورك، فتبدأ بالبحث عن عمل في مكان آخر تشعر بالانتماء إليه. ينطوي بقاؤك في شركتك لمدة طويلة على بعض العيوب، لا سيما إذا تنامى لديك شعور بالاستياء والإحباط. ومن الناحية المالية، من الممكن أن تجد نفسك واقفاً عند مستوى أدنى من مستوى الموظفين الجدد بسبب ما يسمى "ضغط الراتب"؛ أي إن شركتك تدرك العائد المالي الذي تجنيه من جذب أصحاب المواهب العالية ولذلك فهي على استعداد لدفع أجور أعلى للمرشحين الخارجيين أكثر من استعدادها لزيادة رواتب موظفيها الحاليين.
وأحد العيوب الأخرى لبقائك في شركتك مدة طويلة جداً هو أنه من المحتمل ألا تتقدم على الإطلاق إلى المستويات التي يدخل إليها الموظفون الجدد، والأسوأ هو كما بينت الدراسات أنه قد تتم إقالتك من الشركة قبل أن تكون مستعداً لذلك إذا كنت قد تجاوزت سن الخمسين. لذلك فكر في إمكانية تحقيق النمو في شركتك الحالية، ولكن لا تصرف النظر عن خيار المغادرة إذا أتيحت لك الفرصة المناسبة، وتجنب حرق الجسور مع زملائك السابقين كي تضمن حصولك على أكبر عدد ممكن من الخيارات.
انفعل أحد القادة الذين عملت معهم بشدة عندما اكتشف أن العديد من زملائه يغادرون الشركة، إذ أخذ الأمر على محمل شخصي وشعر بادئ الأمر أنهم تخلوا عنه ثم فقد ثقته بقيمته التي لم يفكر فيها من قبل في سوق العمل.
سيطر غروره عليه وأخذ يتساءل: "كيف حصل فلان على هذه الوظيفة؟" وعندما وقع ضحية لوهم التفوق حطّ من شأن كفاءة زملائه وبالغ في تقدير كفاءته، أدى شعوره المزدوج بالدونية حيال قيمته وتفوقه مقارنة بزملائه السابقين إلى زيادة أنانيته وتفكيره بنفسه بدلاً من أن يغتبط بوظائفهم الجديدة. في النهاية، فقد علاقات صداقة مهمة وروابط خارجية كان من المحتمل أن تكون مفيدة له في حال قرر البحث عن وظيفة. لا ترتكب هذا الخطأ بل استثمر في علاقاتك مع زملائك المغادرين تماماً كما تستثمر في علاقاتك مع الموظفين الجدد حولك.
إدارة حياتك المهنية مع تغير آليات مكان العمل
استخدم المسؤولون التنفيذيون الذين عملت معهم المبادئ السابقة ونجحوا في ذلك؛ قام أحدهم وهو مسؤول تنفيذي عمل في شركته لأكثر من 25 عاماً بصياغة خطة خاصة به لإعداده للعمل من جديد على مدى 90 يوماً، ووضع خريطة لأصحاب المصلحة الرئيسيين ليتمكن من التأثير في المستويات الأعلى والأدنى منه وبين أقرانه، وركز على معايير النجاح الرئيسية مثل أهداف العمل والاستراتيجية والتنفيذ وتطوير الموظفين، ثم حدد وتيرة معينة لمقابلة هؤلاء الزملاء بهدف الاتفاق على الأداء في كل مجال من مجالات التركيز وجمع التعليقات والآراء باستمرار واستكشاف طرق جديدة لإضافة القيمة إلى أولوياتهم. قال بعد مرور الشهر الأول من تنفيذ خطة إعداد نفسه للعمل إن زملاءه أعجبوا بمبادرته حتى إنهم بدؤوا يطلبون آراءه، كما رفعت هذه الإجراءات معنوياته ومنحته المرونة والتفاؤل على الرغم من التغييرات المرهقة التي تجري حوله.
ووجد عميل آخر، وهو نائب رئيس إحدى شركات مجموعة "فورتشن 500" نفسه فجأة محاطاً بعدد من نواب رؤساء ومدراء إدارة جدد تم تعيينهم من شركات منافسة. نظراً لمعرفته الكبيرة بالشركة وخبرته الواسعة، التزم بتقديم التوجيه لهؤلاء الموظفين الجدد، كان قد اطلع على دراسة حديثة بينت أن احتمالات حصول الموجهين على الترقية أعلى 6 مرات مقارنة بغيرهم، كما عملنا في التدريب الذي قمنا به على استكشاف قدرته على التعلم من المتدربين أنفسهم.
من الصعب أن تدير حياتك المهنية ومن الصعب إعداد نفسك للعمل في مكان العمل التنافسي والمتغير باستمرار، وحتى عندما تلتزم بالبقاء في شركتك فمن الممكن أن يوقع دخول الزملاء الجدد ومغادرة الزملاء القدامى تأثيراً عميقاً على تقدمك المستقبلي ورضاك عن نفسك. لكن باتباع هذه الاستراتيجيات ستضمن أن تستجيب للتغييرات في شركتك على نحو يزيد قيمتك المحتملة إلى أقصى حدّ سواء بقيت أو غادرت.