إليك هذا المقال الذي يتناول تدريب موظف جديد تحديداً. لا أحد يمتلك تأثيراً أكبر على نجاح الموظفين الجدد أكثر من المدراء الذين قاموا بتوظيفهم. لماذا؟ لأنّ مدير التوظيف يفهم أكثر من أي شخص آخر ما يحتاجه الموظفون للإنجاز، وما يتطلب الأمر من مهارات وموارد وعلاقات كي يصبحوا قادرين على العمل بفعالية تامة.
كما أنّ للمدراء النصيب الأكبر في عملية إعداد الموظفين الجدد بفعالية. وقد بينت الأبحاث أنّ مراعاة التنظيم في عملية إعداد الموظفين الجدد تزيد سرعة إلمامهم بمهماتهم في العمل بنسبة 50%، ما يعني أنهم يصبحون قادرين على الإسهام في تحقيق الأهداف المرغوبة بسرعة وكفاءة أكبر. كما أنّ عملية إعداد الموظفين الجدد الفعّالة تقلل من معدلات الفشل بشكل ملحوظ، وتزيد إشراك الموظفين واستبقاءهم.
كيفية تدريب موظف جديد
كلما بدأ المدراء بدعم الموظفين الجدد في مرحلة مبكرة، يكون أفضل. ويعتبر الوقت الذي يفصل بين قبول شخص ما لعرض وقدومه للعمل مورداً قيِّماً يمكن استخدامه للشروع فوراً في العملية. ولكن حتى إذا لم يكن الموظفون الجدد على رأس عملهم بالفعل، توجد الكثير من الطرق لتجهيزهم بسرعة أكبر.
وبالطبع، تتمثل نقطة البداية في الاهتمام بـ "أساسيات إعداد الموظفين الجدد"، مثل التوثيق، والتدريب على الامتثال، والمساحة والدعم والتكنولوجيا. ولحسن الحظ، تُحسِن معظم الشركات العمل مع هذه العناصر إلى حد ما.
ويبدأ العمل الحقيقي للمدراء من العمل الأعمق، وهو دمج الموظفين الجدد. وإليك سبع طرق رئيسة لإنجاز ذلك:
- افهم التحديات التي تواجههم.
تعتبر عملية إعداد الموظفين الجدد من بين أصعب أنواع الانتقالات الوظيفية. لماذا؟ لأنّ الموظفين الجدد، حتى لو كانوا من المتخصصين ذوي الخبرة، غير ملمّين بالعمل، ولا يفهمون كيف تسير الأمور حقاً، ويفتقرون إلى العلاقات الراسخة، ويتعين عليهم التكيف مع ثقافة جديدة. وقد أظهرت الأبحاث أنّ التحديات في التصنيفين الأخيرين تمثل أهم أسباب سرعة دوران الموظفين. يجب على الموظفين الجدد تعلم الكثير، وقد يشعرون بالضعف إلى حد ما، حتى لو بدوا واثقين ظاهرياً. ويزيد احتمال حدوث ذلك في حالة نقل الموظفين لأماكن سكنهم من أجل وظائفهم، لذا فهم يواجهون أيضاً تغيرات في حياتهم الشخصية، أو إذا كانوا ينتقلون إلى مستوى وظيفي أعلى، وعليهم التكيف مع المنصب الإداري الجديد.
وقد يستجيب البعض لذلك من خلال الحذر والالتزام بما يعرفونه بالفعل، بينما قد يلجأ آخرون إلى إجراءات مبالغ فيها، فيتصرفون وكأنهم يمتلكون "الإجابة"، بدلاً من طرح الأسئلة ومعرفة كيف يمكن إضافة قيمة.
لذا من المهم بالنسبة للمدراء أن يعيدوا طمأنة الموظفين الجدد بأنّ التعلم أهم من إنجاز الأشياء في الأيام الأولى.
- ارفع سرعة تعلمهم.
كلما أسرع موظف جديد في التعلم حول المؤسسة ودوره، سيكون أقدر على الإنجاز في الشهور الأولى بالغة الأهمية. ولزيادة سرعة عملية التعلم، يجب على المدراء التركيز أولاً على ما سيحتاج الموظفون إلى تعلمه في ثلاثة جوانب. التعلم التقني هو نظرة إلى أساسيات العمل، مثل المنتجات والزبائن والتكنولوجيات والأنظمة. التعلم الثقافي هو تعلم ما يخص المواقف والمعايير السلوكية والقيم التي تساهم في تكوين الطابع الفريد للمؤسسة. التعلم السياسي يُركز على فهم كيفية اتخاذ القرارات، وكيفية الاستفادة من القوة والتأثير، وتحديد الجهة التي ستحتاج المؤسسة إلى دعم منها أكثر من أي جهة أخرى.
كما يتعين على المدراء أيضاً التفكير بشأن الطريقة التي تمكنهم من مساعدة الموظفين الجدد. ولا يعني ذلك تقديم أفضل المعلومات المتاحة بشكل شخصي في أقرب وقت ممكن فحسب، بل التفكير أيضاً في الشخص الأنسب لتلقينهم هذه الدروس المهمة.
- ادمجهم في الفريق.
من المحتمل أنّ الموظفين الجدد سيعملون بشكل مستقل، ولكن الأرجح أنهم سيكونون جزءاً من فريق ما (أو عدة فِرق). وكلما أسرعوا في بناء علاقات عمل فعالة مع نظرائهم، فهو أفضل، وثمة الكثير من الأمور التي يمكن أن يفعلها مدير التوظيف في هذا.
وتتمثل نقطة البداية في التأكد من فهم الفريق لسبب توظيف الشخص الجديد، والدور أو الأدوار التي سيؤديها. كما أنّ من المهم أن يقدم المدراء الموظفين الجدد بشكل رسمي، إلى الجميع، في أقرب وقت ممكن بعد وصولهم، وتوضيح أنه يُأمل أن تساعد الفرق الزملاء الجدد في التأقلم والارتقاء إلى أعلى منحنى التعلم. ومن شأن استثمار مبدئي بسيط من الوقت والجهد في ربط الموظف الجديد بالفريق أن يحقق نتائج على صعيد الإنتاجية والأداء على المدى البعيد.
- أقم علاقات بينهم وبين أصحاب المصلحة.
من الأرجح أن يوجد خارج الفريق المباشر الذي يشكل الموظف الجديد جزءاً منه الكثير من أصحاب المصلحة الآخرين الذين سيكون لهم أهمية، ليس فقط لتعلم الموظف الجديد، بل أيضاً لنجاحه في وظيفته. وقد لا يكون من الواضح مَن هم هؤلاء الأشخاص، أو سبب أهميتهم، أو الطريقة الأفضل للتواصل معهم.
وتكمن إحدى الطرق السهلة التي تمكّن المدراء من تيسير هذه العلاقات بأن يضعوا قائمة بأسمائهم، تشمل ملاحظات مختصرة حول كل منهم، ثم التعريف بهم، وتوضيح السبب الذي يجعل التواصل معهم مهماً. ثم تحديد موعد، ربما في غضون 30 إلى 45 يوماً، للتواصل مع أصحاب المصلحة للتأكد من نضج شبكة علاقات الموظف الجديد.
حدّد لهم هدفاً.
لا يستطيع الموظفون البدء في العمل قبل أن يحدد المدراء توقعات واضحة بشأنهم، ولا يتعين عليهم ذلك. ويساعدهم التوجيه السليم على الإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسة:
- ماذا عليّ أن أفعل؟ هذا يعني تحديد أهدافهم والأطر الزمنية لإنجاز هذه الأهداف، إلى جانب التدابير التي ستُستخدم لتقييم تقدمهم.
- كيف يتعين عليّ البدء بذلك؟ يعني ذلك كله أن تكون دقيقاً بشأن الاستراتيجيات التي يتعين عليهم استخدامها لإنجاز الأهداف، بما في ذلك الأنشطة التي يتعين أو لا يتعين عليهم وضعها على رأس الأولوية.
- لماذا عليّ أن أشعر بدافعية لإنجازه؟ هذا يعني إيصال الرؤية حول ما تسعى المؤسسة لإنجازه، ومساعدة الموظفين الجدد في رؤية الدور الذي يؤدونه لتحقيق تلك الرؤية.
وحتى إذا جرت مناقشة التوقعات خلال عملية التوظيف، أنت بحاجة إلى محادثة عميقة أكثر بمجرد أن يبدأ الموظفون الجدد عملهم، لضمان عدم قدومهم إلى العمل مع تصورات خاطئة حول ما يجب عليهم فعله ليكونوا ناجحين.
- ساعدهم في تحقيق نجاحات مبكرة.
النجاحات المبكرة هي أداة قوية تمكّن الموظفين القادمين من بناء الثقة والمصداقية. فغالباً ما يُريد الموظفون الملتحقون حديثاً بالوظيفة والمؤسسة أن يثبتوا أنّ بوسعهم القيام بمهامهم كافة، ويقعون في فخ محاولة تحمّل أعباء إضافية في وقت مبكر جداً، وبالتالي يتجاوزون حدود طاقتهم.
ويقع على عاتق المدير معرفة كيفية تدريب موظف جديد وبالتالي الحفاظ على تركيز الموظفين الجدد على العمل الأساسي الذي يتعين عليهم وضعه على رأس الأولويات، ومن خلال توجيههم إلى طرق لفعل ذلك فسيتقدمون بشكل سريع نحو هذه الأهداف. وجزء من ذلك تعليمهم كيفية "تسجيل" النجاحات بطرق تنسجم مع ثقافة المؤسسة. أنت تريد من الموظفين أن يحققوا أول نجاحاتهم بالطريقة المناسبة.
- درّبهم ليتمكنوا من تحقيق النجاح.
أخيراً، لا يقدم المدراء الذين يأخذون عملية إعداد الموظفين الجدد على محمل الجد دعماً مبكراً مكثفاً ثم يتركون الموظفين الجدد "للغرق أو السباحة". إذ يتطلب الأمر وقتاً بالنسبة للموظفين الجدد كي يصبحوا مندمجين بالكامل وقادرين على العمل باستقلالية تامة وبصورة مثمرة. لذا، فمن المهم أن يستمر مدراء التوظيف في ربط موظفيهم وتدريبهم. ويمكن أن يكون ذلك بسيطاً كتحديد اجتماعات متابعة منتظمة للسؤال عن كيفية سير الأمور، وقد تُعقد هذه الاجتماعات كل أسبوعين، حتى الانتهاء من مناقشة المواضيع كلها.
ويتعين على المدراء التدخل عند رؤية الموظفين الجدد يعانون. ومن الأخطاء الشائعة معاملة الموظفين الجدد بلطف شديد، والاعتقاد أنّ من الأفضل إعطاءهم بعض الوقت للتكيف، وبأنّ المشاكل المبكرة المتعلقة بالعلاقات مع النظراء والانسجام الثقافي مثلاً ستحل نفسها بنفسها. قد يتسبب ذلك بسهولة في نشوء حلقات مفرغة يحفر فيها الموظفون، عن غير علم، حفراً لا يستطيعون الخروج منها. وكلما تواصلت الاتجاهات السلبية، يصعب عكسها.
وبينما يطبق المدراء هذه المبادئ التوجيهية، يتعين عليهم الأخذ في الحسبان أنّ تدريب موظف جديد وعملية إعداد الموظفين الجدد الفعالة لا تخص مساعدة الموظفين الخارجيين فحسب. إذ يمكِن أن يواجه الموظفون الذين يقومون بانتقالات داخلية تحديات بالدرجة نفسها من الصعوبة أو أصعب. وهذا هو الحال بشكل خاص عند انتقالهم من وحدات مختلفة، أو عندما تكون شخصياتهم مصقولة بثقافات مختلفة، أو عند انتقالهم من مناطق جغرافية مختلفة. يتعين على المدراء استخدام النهج نفسه لتسريع انضمام الجميع إلى فرقهم.
اقرأ أيضاً: