يمكن للتدريب على القيادة أن يؤدي إلى إحداث فرق كبير في إعداد المهنيين؛ للتقدم في وظائفهم والنجاح في الأدوار القيادية. ثمّة الكثير من الشركات التي تقدّم برامج تعليم القيادة للموظفين ذوي الإمكانات العالية، ولكن هذه البرامج لا تتلقى الكثير من الاهتمام دائماً؛ إذن، كيف بإمكان القياديين وأقسام الموارد البشرية، تحفيز المهنيين على التسجيل في برامج تنمية المهارات القيادية؟
بالنظر إلى كيفية الاحتفاء بالقادة السياسيين ورجال الأعمال في المجتمع الحديث؛ فقد يفترض العديد من مدراء الموارد البشرية أن تسليط الضوء على إمكانية التحول إلى قادة؛ من شأنه أن يحفز الموظفين على المشاركة في تنمية المهارات القيادية. اختبرنا هذه الفكرة في بحثنا الحالي.
لتقييم ما إذا كان الوعد بالتحول إلى قادة يحفز الموظفين على المشاركة في التدريب؛ أخذنا عيّنات من 530 شخصاً يعملون في الولايات المتحدة الأميركية، ولم يسبق لهم أن شاركوا في دورة تنمية للقيادة. قدّمنا للموظفين وصفاً لدورة القيادة، ومع ذلك كان ثمّة رأيان؛ ذكر أصحاب الرأي الأول أن البرنامج سيساعد الطلاب على التحول إلى قادة يتّخذون قرارات فاعلة، في حين قال أصحاب الرأي الثاني، إن البرنامج سيساعد الطلاب على تعلُّم مهارات القيادة وتحسينها، مثل اتخاذ القرارات الفاعلة. وبصرف النظر عن هذا، كان الوصفان متطابقين. لقد سألنا الناس عن مدى الصعوبة التي كانوا يظنون أن الدورة التدريبية ستكون عليها، ومدى اهتمامهم بالمشاركة فيها.
ظنّ المشاركون الذين شاهدوا وصفاً لدورة تدريبية تركّز على "التحول إلى قائد"، أن الدورة ستكون أكثر تحدّياً وصعوبة، مقارنة بمن شاهدوا وصفاً لدورة تدريبية تركّز على تعلُّم مهارات القيادة. وأولئك الذين رأوا دورة "التحول إلى قائد" كانوا أقل اهتماماً بالتسجيل فيها.
تشير هذه النتيجة إلى أن كيفية وضع إطار لتعليم القيادة، يمكن أن تؤثّر في اهتمام الناس بمتابعتها. وعلى الرغم من أننا لم نطلب من الأشخاص توضيح إجاباتهم، إلّا أننا نعتقد أن دورة تدريبية تركّز على "التحول إلى قائد"، يمكن أن تثني الناس عن اتخاذها؛ لأنه ليس من الواضح كيف سيتحقق ذلك. لا يوجد طريق سهل وواضح ليتحول إلى قائد على الفور، ومن ناحية أخرى، قد يكون التركيز على تعلُّم مهارات القيادة أكثر تحفيزاً؛ لأن المهمة تبدو معقولة وقابلة للتنفيذ.
في تجاربَ إضافيةٍ، وجدنا - أيضاً - أن وضع إطار لمحتوى تعليم القيادة، قد يؤثّر في مدى فاعلية الدورة التدريبية؛ على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، قدّمنا للطلاب مجموعة مواد تعليمية حول "سبعة نماذج لكيفية أن نكون قادة"؛ تلقّى نصف الطلاب محتوى موضوعاً في إطار من حيث القادة (على سبيل المثال: "القيادة تتمحور على القائد، ما نقاط القوة والضعف؟")، في حين أن الآخرين تلقّوا المحتوى نفسه، ولكن في إطارٍ من حيث مهارات القيادة (على سبيل المثال: "القيادة تتمحور على مهارات القائد، ما نقاط قوتهم وضعفهم؟").
بعدما درس الطلاب هذه المادة، قيّمنا مدى تذكرهم ما دُرّسوا، ووجدنا أنه عندما يتلقّى الناس مجموعة مواد دراسية للقيادة، موضوعة في إطار من حيث المهارات القيادية، فإنهم يتذكرون أفضل بنسبة 29% من تلقّيهم المواد ذاتها مؤطّرة من حيث القادة.
يقترح بحثنا على المؤسسات التي تنشد تحفيز الناس على الانخراط في تعلُّم القيادة، ولاسيما الأشخاص الذين لم تسبق لهم المشاركة في تدريب على القيادة قطّ، يقترح أن تأخذ في الحسبان إعادة صياغة هدف الدورة؛ ليصبح "تعلُّم مهارات القيادة" بدلاً من "التحول إلى قائدٍ"؛ فذلك قد يساعد الطلاب أيضاً على فهم المادة وحفظها.