ملخص: في ظل انتشار نظام العمل الهجين اليوم، بات من الضروري تقييم دور عمليات إعداد الموظفين الجدد في تمكين الموظفين من الازدهار والنجاح. أجرى الباحثون في شركة مايكروسوفت عدة دراسات واطّلعوا على أخرى تشير إلى أن إعداد الموظفين الجدد لمنصب أو فريق أو شركة جديدة هو عملية مهمة لبناء العلاقات مع المدير والفريق الجديد؛ وأن الحضور الشخصي على مدى عدة أيام يوفر فوائد فريدة. لكن مطالبة الموظفين الجدد بأداء أعمالهم من المكتب بدوام كامل لا يعني أن يحققوا النجاح بالضرورة. ويشرح المؤلفون باستخدام أمثلة وافية أن عملية الإعداد التي تساعد الموظفين الجدد على النجاح في بيئة العمل الحديثة لا تتطلب أن يكونوا موجودين في المكتب طوال الوقت، بل إن نجاحها يتوقف على امتلاك هدف واضح، وإعداد خطة عمل منظّمة، وتوفير موارد كافية.
دفعت الجائحة الشركات في جميع أنحاء العالم إلى استكشاف طرق جديدة للعمل تحدت الافتراضات والمعتقدات الراسخة حول مواقع العمل. ولاحظت شركات عديدة بالفعل، بما فيها شركة مايكروسوفت، الفوائد التي يجلبها العمل المرن، وأرادت أن تتيح لموظفيها فرصة مواصلة العمل في بيئة هجينة وأن تسعى إلى تلبية احتياجاتها في الوقت نفسه.
وفي الواقع، فإن أحد جوانب الأعمال التي تغيّرت خلال حقبة العمل عن بُعد، وما زالت تتطور، هو جانب إعداد الموظفين الجدد، وهو عملية مهمة تتيح لأي موظف جديد بناء علاقات مع مديره وفريقه. تكيّفت شركات عديدة مع عملية إعداد الموظفين عن بُعد وما زالت تتبع هذه الطريقة للترحيب بالموظفين الجدد، في حين عاودت شركات أخرى تطبيق برامج الإعداد وجهاً لوجه. ولهذا تساءلنا: ما هي الطريقة المثالية لإعداد موظفين جدد اليوم؟ وعلى وجه التحديد، كيف يمكننا ضمان ازدهار الموظفين الجدد، بمعنى تحفيزهم وتمكينهم من أداء عمل هادف، وتحقيق المرونة في العمل في الوقت نفسه؟
تشير بحوثنا الأخيرة المستندة إلى بيانات من موظفي شركة مايكروسوفت دون الكشف عن هوياتهم، إلى أن السماح للموظفين الجدد بتحديد وقت العمل ومكانه بناءً على تفضيلاتهم الشخصية قد يكون عاملاً رئيسياً في نجاحهم. في الواقع، يُعد إعداد الموظفين الجدد أمراً مهماً لبناء العلاقات مع مدير وفريق جديدين، كما أن الحضور الشخصي على مدى عدة أيام يوفر مزايا فريدة، لكن مطالبة الموظفين الجدد بأداء أعمالهم من المكتب بدوام كامل لا يضمن نجاحهم بالضرورة.
توصلنا في بحثنا إلى 3 رؤى ثاقبة رئيسية حول العوامل التي تعزز تجربة الموظف الإيجابية وتسهّل التعلّم في أثناء عملية إعداد الموظفين الجدد الهجينة سعياً منا إلى مساعدة القادة على تحديد المعايير وأفضل الممارسات لهذه العملية.
الحضور الشخصي على مدى بضعة أيام ينطوي على فوائد عدة
أجرينا مقارنة بين الموظفين الجدد الذين لم يسبق لهم مقابلة مدرائهم أو فرقهم شخصياً وأولئك الذين يقضون يوماً أو يومين في الشهر مع مدرائهم وفرقهم خلال الـ 90 يوماً الأولى، وبحسب نتائج البحث، يرى الموظفون الذين قضوا عدة أيام في الشركة:
- أن مدراءهم يؤدون دوراً فعالاً في عملية الإعداد (+ 6%)؛
- وأنهم يتولون مهام عمل هادفة (+ 4%)؛
- وأنهم أكثر رضا عن تجربة الإعداد (+ 5%)
تشير هذه النتائج إلى أن الحضور الشخصي في أثناء فترة الإعداد مفيد بالفعل؛ فتوفير فرصة للموظف الجديد للقاء مديره وفريقه تساعد على بناء العلاقات، وتحسين التواصل، وتعزيز الشعور بالكفاءة في أداء المهام، والحصول على دعم أقوى من أعضاء الفريق، وإضافة قيمة إلى تجربة الإعداد عموماً.
كما تساعد تجربة الإعداد الإيجابية على استبقاء الموظفين، حيث تظهر بياناتنا أن الموظفين الجدد الذين يشعرون بالرضا خلال فترة الـ 90 يوماً من الإعداد يتضاعف احتمال بقائهم في الشركة بعد مرور عام ونصف.
ومع ذلك، لا يُضيف وجود الموظف في المكتب معظم الوقت (أكثر من 60% من أيام العمل) أي قيمة إضافية لنتائج عملية الإعداد على المدى المنظور (الـ 90 يوماً الأولى) أو على المدى الطويل (السنة الأولى). في الواقع، حقق الموظفون الجدد الذين يرون فرقهم بصورة متكررة (أكثر من 30% من أيام العمل) نقاطاً أقل بكثير في مؤشرين مهمين من عملية الإعداد على مدى الـ 90 يوماً، وهما التوافق مع توقعات الوظيفة (-5%) والإسهام في نجاح الفريق (-6%). والأهم من ذلك، حظي الموظفون الجدد الذين عملوا من المكتب بانتظام خلال عامهم الأول (أكثر من 60% من أيام العمل) بفرص أقل للتعلم (-5%) وقدموا إنتاجية أقل بحسب تقييمهم الذاتي (-9%)، ما يشير إلى أن العمل من المكتب معظم الوقت قد يؤثر سلباً على الوقت المخصص للتركيز، الذي يُعد مهماً للتعلم واكتساب المعرفة على المدى الطويل.
لا تظهر بياناتنا أي اختلاف في الميول تجاه أولئك الذين تجري عملية إعدادهم عن بُعد أو الآخرين الذين تجري عملية إعدادهم في المكتب فيما يتعلق بخبراتهم المهنية، وبناء مهارات جديدة، والطاقة التي يستمدونها من العمل، إضافة إلى الدعم الذي يتلقونه من المدراء في السنة الأولى.
الحضور الإضافي وجهاً لوجه قد يفيد بعض المجموعات.
قد يحتاج الموظفون الجدد إلى تجارب مختلفة في عملية الإعداد بناءً على احتياجاتهم ومتطلباتهم الفردية. ووفقاً لبحثنا، تختلف الفوائد المترتبة على عملية الإعداد في المكتب استناداً إلى مستويات خبرة الموظفين الجدد. وبالمقارنة بالموظفين الجدد في بداية مساراتهم المهنية الذين تجري عملية إعدادهم عن بُعد، يرى الموظفون الذين يذهبون بانتظام إلى المكتب:
- أنهم يحصلون على مزيد من الطاقة من العمل (+9% نقاط)؛
- أن عملهم هادف (+7% نقاط)؛
- أنهم يشعرون بالانتماء إلى فرقهم (+5% نقاط).
تشير هذه النتائج إلى أن الموظفين الجدد في بداية مساراتهم المهنية قد يحتاجون إلى مزيد من التفاعلات وجهاً لوجه بصفتها جزءاً من عملية الإعداد ليعلموا المسؤوليات المتوقعة منهم، ويختبروا ثقافة الشركة، ويعرفوا كيفية النجاح في البيئة الجديدة. في المقابل، لا يرى الموظفون الجدد الذين يمتلكون خبرة أكبر في القطاع الفوائد نفسها عند العمل من المكتب بصورة متكررة.
وللمساعدة في إعداد الموظفين الجدد في بداية مساراتهم المهنية على تحقيق النجاح، صممت شركة مايكروسوفت برنامج أسباير إكسبيريانس (Aspire Experience)، وهو عبارة عن رحلة تعلّم وتطوير تستمر مدة عامين وتركز على النمو وبناء شبكات العلاقات واكتشاف الفرص الوظيفية داخل الشركة. تُقدَّم هذه التجارب من خلال إقامة فعاليات هجينة وأخرى تجري وجهاً لوجه. وعمدنا بالاستناد إلى بحثنا إلى تعديل موقع إقامة فعاليات البرنامج ووقتها وطريقة تقديمها. ومن الأمثلة على نهجنا المستند إلى البيانات دعوتنا المشاركين في برنامج أسباير من جميع أنحاء العالم لزيارة مقرنا الرئيسي في خطوة اعتبرناها جزءاً من تجربتهم في العام الأول.
وفي الواقع، إن توفير فرص العمل من المكتب للموظفين الجدد في بداية مساراتهم المهنية يساعدهم على الإحساس بالغاية والارتباط بأعمالهم وفرقهم، في حين أن منح الموظفين الجدد ذوي الخبرة الأكبر المرونة لاتخاذ قرار حول المكان الذي يفضّلون العمل منه يساعد على تعزيز الإنتاجية وإتقان الدور الجديد.
القيمة الأكبر تأتي من تبنّي نهج إعداد يتماشى مع احتياجات الموظفين
على الرغم من فائدة تخصيص برامج الإعداد لمجموعات الموظفين الجدد المختلفة، من المهم أيضاً توفير بعض الموارد التي يستفيد منها جميع الموظفين الجدد لزيادة العائد على الاستثمار من برنامج الإعداد. أهم العوامل التي تُحدث فارقاً كبيراً في التجربة هي وضوح المسؤوليات المتعلقة بالمنصب، وتقديم ملاحظات حول الأداء، وتوفير الموارد لمساعدة الموظف على الإجابة عن أي سؤال. والموظفون الجدد الذين تتوافر لديهم هذه العوامل المهمة في عملية الإعداد هم:
- أكثر احتمالاً بمعدل 3 إلى 4 مرات للإسهام في نجاح فريقهم خلال الـ 90 يوماً الأولى؛
- أكثر رضا عن تجربة الإعداد بمعدل 5 إلى 7 مرات.
لضمان عملية إعداد ناجحة للموظفين يجب على المدراء امتلاك هدف واضح، وإعداد خطة عمل منظمة، وتحديد توقعات الوظيفة، وتعيين زميل متخصص يرافق الموظف الجديد في رحلة الإعداد، وتحديد الأحداث الرئيسة لعملية الإعداد، وتقديم ملاحظات بصورة متكررة وقابلة للتنفيذ، وإعداد قائمة بالموارد المتاحة. يزيد رضا الموظفين الجدد عن تجربة الإعداد ثلاث مرات ونصف مقارنة بالآخرين حينما يؤدي مدراؤهم دوراً فعالاً في إعدادهم، كما يشعرون بأنهم يُسهمون أكثر مرة ونصف في نجاح فرقهم. يُعد دور المدير في عملية إعداد الموظفين الجدد في عالم العمل الهجين عاملاً رئيسياً في رضا الموظفين عن تجربة إعدادهم.
وفي شركة مايكروسوفت، طورنا إلى جانب المواد التقليدية مجموعة أدوات العمل المرن لتزويد مدرائنا بالمعلومات والموارد التي تساعدهم على تلبية احتياجات أساليب العمل الفردية وتوفير أكبر قدر ممكن من المرونة. تتضمن مجموعة الأدوات موارد حول كيفية دعم الموظفين في عالم العمل الهجين، والاستفادة من اتفاقيات الفريق لتحقيق توازن بين احتياجات الموظفين والفريق، ووضع توقعات واضحة حول كيفية التعاون لمساعدة أعضاء الفريق الجدد على التكيف بسرعة، وتحديد اللحظات المهمة التي ينبغي فيها جمع الموظفين معاً وجهاً لوجه، والاستفادة من الأدوات لإدارة اجتماعات هجينة فعالة وشاملة.
زبدة الكلام، يمكن للموظفين الاستفادة من نظامي العمل المرن ووجهاً لوجه على حد سواء. ويظهر بحثنا أن الحضور الشخصي المحدود مهم بالفعل، لكن قضاء مزيد من الوقت في المكتب بعد ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى مزيد من الفوائد. بدلاً من ذلك، يتوقف خلق قيمة لعملية الإعداد على امتلاك هدف واضح، ووضع خطة عمل منظّمة، وتوفير فرص الحضور الشخصي، ومنح الموظفين الجدد المرونة لاختيار أساليب العمل التي تناسبهم للازدهار والنجاح في عالم العمل الهجين.