حان الوقت لإحياء النقاش حول “دور النساء في القيادة”

3 دقائق
النوع الاجتماعي
shutterstock.com/Daniel Borak

لقد حان الوقت لإعادة صياغة قضية "النوع الاجتماعي". فهناك نساء تبوَّأن مناصب مرموقة سابقة مثل المستشارة الألمانية، ورئيسة صندوق النقد الدولي، ورئيسة مجلس إدارة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهناك شركات مثل جنرال موتورز وآي بي إم ولوكهيد مارتن (Lockheed Martin) التي تولى إدارتها الجنس اللطيف أيضاً. ويجب أن نتذكر حقيقة أن 60% من خريجي الجامعات في العالم من النساء، وأن النساء يتحكمن بغالبية قرارات شراء السلع الاستهلاكية. وفي الولايات المتحدة، تكسب النساء دون سن الثلاثين أكثر من أقرانهن الذكور، وهن العائل الرئيس في 40% من الأسر الأميركية. وأخبرني المدراء في العديد من الشركات والبلدان التي أعمل فيها، كإيران والبرازيل وروسيا، أنهم يوظفون النساء لأنهن يتفوقن بشكل واضح على أقرانهن الذكور.

ومع ذلك، لا تزال المرأة ممثلة تمثيلاً ناقصاً في معظم الشركات، وخاصة في مستويات الإدارة العليا. وبالنظر إلى هذا التناقض بين إمكانات المرأة من ناحية وغيابها النسبي عن المستويات العليا في الإدارة من ناحية أخرى، فمن المغري مواصلة التطرق إلى قضايا "الإنصاف" و"المساواة" من ناحية، أو افتراض أن النساء اللواتي لا يصلن إلى المستويات الإدارية العليا يقدمن أداءً أقل من ناحية أخرى.

لكن في الواقع حان الوقت لتحويل مسار المناقشة من مشكلة النساء أو قضية المساواة والتركيز بدلاً من ذلك على هذه الفرصة العظيمة التي تتحقق للشركات عند توظيف المرأة في مختلف المناصب، أي بدلاً من الاستمرار في مناقشة المشكلة، يجب أن نقدم الحلول: ومن أمثلتها تطوير خطط طريق للشركات الراغبة في تحقيق التوازن بين الجنسين، وتقديم الحجج التي تساعد الشركات والمدراء على فهم أهمية تحقيق التوازن بين الجنسين والاستفادة منه. وبدلاً من التساؤل عن السبب الذي يعيق النساء عن الوصول إلى المستويات الإدارية العليا، لا بدّ من إجراء تحليل للممارسات الصحيحة التي تمارسها الشركات والقادة الذين يشكلون فرقاً قيادية لتحقيق التوازن بين الجنسين والاستفادة من الميزة التنافسية الناتجة.

لقد أدرك القادة الأذكياء منذ فترة أن تحقيق التوازن بين الجنسين يوفر أداءً أفضل وأكثر استدامة. فالشركات التي تضم فرقاً قيادية تحقق مزيداً من التوازن بين الجنسين تتفوق على الشركات التي لا تحقق ذلك التوازن. وعلى الرغم من احتمال أن يقضي المشككون عقداً آخر في مقاومة هذه الحقيقة والمطالبة بأدلة تثبت العلاقة السببية بين التوازن بين الجنسين والتفوق، سيحرص أفضل القادة على تولي مهمة إثباتها بالأدلة. لذلك، من المنطقي اليوم التركيز على الكفاءات القيادية التي تمكّن بعض القادة من بناء مؤسسات تحقق التوازن بين الجنسين، وتحديد هوية أولئك الذين يقوّضون تلك الممارسات والبدء بمحاسبتهم.

في الواقع، يتطلب بناء مؤسسة تحقق التوازن بين الجنسين مهارة وعزماً وشجاعة. ويمكن تعلّم هذه المهارة بالفعل وتشجيعها ومكافأتها. وذلك ما تفعله أفضل الشركات اليوم؛ فهي تحشد التركيز وتفرض تحمل المسؤولية في المستويات التي سيحدث فيها التغيير؛ أي في الخطوط الأمامية. وكما هو الحال مع مبادرات إدارة التغيير الأخرى، تقع المسؤولية في النهاية على عاتق القادة.

ومع ذلك، نجد أن العديد من المدراء اليوم (ذكور وإناث) يجهلون القضايا المتعلقة بالتنوع الاجتماعي تماماً. وليس لدى العديد من قادة الشركات في جميع أنحاء العالم أدنى فكرة على أن النساء يشكلن غالبية خريجي الجامعات اليوم، بدءاً من السويد وحتى المملكة العربية السعودية. كما أنهم لا يدركون الفروق بين طريقة عمل الرجال والنساء، ولا يتقبّلون ذلك حتى. فقد تعلّم المسؤولون التنفيذيون تجاهل الفروق بين الجنسين (مثل أنماط التواصل المختلفة أو الدورات المهنية) بدلاً من أن يصبحوا خبراء في إدارتها. وهم غير معتادين للسبب نفسه على التفكير في أن التوازن نفسه قد يسهم في تحسين الأداء والابتكار والتواصل مع الزبائن (على أساس أن "الكفاءة فقط تأتي في المرتبة الأولى" في تحسن الأداء. ولهذا تقع على عاتقنا مسؤولية تثقيفهم. كفّوا عن إنشاء شبكات داخلية للنساء فقط، واستبدلوها بشبكات تضم الجنسين وتهدف إلى تحقيق التوازن في الإدارة، بدلاً من ترقية النساء. لا أحد يعارض تحقيق التوازن في الواقع، لكن في الوقت نفسه نجد أن العديد من الرجال والنساء غير راضين عن حصص الوظائف المخصصة للنساء. حيث يشعر الرجال أنهم غير مُنصفين بشدة، بينما تتعرض النساء للإهانة لفكرة أنهن حصلن على ترقيات بسبب جنسهن فقط.

وأعتقد أن هناك دوراً للمناصرين في هذا التحول. إذ يمكن لمجموعات الرقابة الخارجية، التي تركز على أداء الشركات والحوكمة، أن تروّج لنوع القيادة التي نطمح إليها. كما يجب أن تركز هذه المجموعات على تقييم ممارسات أفضل الشركات والرؤساء التنفيذيين والاحتفاء بهم، والتشهير بأولئك الذين يتجاهلون تلك الممارسات وفضحهم. ويجب أن تتسم تلك المجموعات بالتواضع والجدية والمهنية، كما يجب عليها التركيز على "التوازن" أكثر من التركيز على "النساء"، وضمّ الرجال الذين يدركون تلك الحقيقة ويقدّرونها. لقد حان الوقت لإعادة صياغة قضية النوع الاجتماعي ولإعادة بناء العلامات التجارية ولجعل القادة يتحملون مسؤولية التكيف مع حقائق القرن الحادي والعشرين. وهذا هو واجبنا اليوم.

باختصار، يشهد العالم اليوم واحدة من أكثر الثورات قدماً وسلمية، ألا وهي إعادة التوازن التدريجي للقوة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية للجنسين. لم نشهد مثيلاً لمثل تلك الثورات من قبل، ولا عجب في أنها كانت محيّرة فيما مضى. فتلك النهضة وهذه العواقب تحتاج إلى فهم أفضل من قبل معظم الشركات والمدراء وإلى الإدارة. فهي نهضة غيّرت حياة كل رجل وامرأة وطفل على هذا الكوكب. ونهضة تخلق فرصاً وميزة تنافسية للشركات الذكية. فهل ستفوّت المرأة هذه الفرصة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي