خطة لإعادة تصميم خدمات الرعاية الصحية للأمراض الخطرة وتقليل التكاليف

5 دقائق
خدمات الرعاية الصحية للأمراض الخطرة

ثمة شيء واحد لم يتغير وسط حالة من التقلبات السياسية التي ما زالت تلقي بظلال قاتمة على مستقبل الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وهو أن المرضى والأطباء السريريين والخطط الصحية والدافعين وصناع القرار مستمرون في سعيهم لتحقيق نتائج أفضل بتكاليف أقل لا سيما في ما يتعلق بخدمات الرعاية الصحية للأمراض الخطرة.

ونظراً للعبء المالي الهائل الذي تضعه خدمات الرعاية الصحية على كاهل الدولة، يجب أن نضع على رأس أولوياتنا مهمة تغيير الطريقة التي نتبعها في رعاية مرضى الحالات الخطرة عالية التكلفة. إن إعادة تصميم خدمات الرعاية الخاصة بهذه الحالات هي طريقة أساسية تمكننا من تحسين حياتهم وتقليص مجموع تكاليف الرعاية الصحية على نحو مستدام.

تعزيز خدمات الرعاية الصحية للأمراض الخطرة

يذهب نصف إنفاق الدولة على الرعاية الصحية إلى أغنى 5% من السكان الأعلى إنفاقاً، بينما تعتبر الشريحة التي تمثل أعلى 1% مسؤولة عن أكثر من 20% من مجموع تكاليف الرعاية الصحية. ويمثل هؤلاء المرضى المكلفين الفئة الأكثر تعرضاً للمخاطر الاقتصادية لأنهم الأكثر تعرضاً للمخاطر الطبية. إنهم أكثرنا مرضاً وأكثرنا إصابة. هم في الغالب يعيشون آخر مراحل حياتهم، ويترددون دائماً إلى المستشفى لأنهم يعانون من الأمراض المزمنة. تجدهم أحياناً كثيرة في وحدات العناية المركزة يبحثون عن رعاية غير واضحة المعالم. وقد يخضعون لفحوصات وعمليات مصممة بشكل أفضل لتشخيص الأمراض المزمنة وإدارتها بدلاً من الوقاية منها وعلاجها.

يجب أن يبدأ الأطباء وقادة مؤسسات الرعاية الصحية بالسؤال عن المكان الذي يجب أن تتم رعاية هؤلاء المرضى فيه، والطريقة التي تمكننا من رعايتهم، والسبب الذي يجعلنا نرعاهم.

المكان

الخبر السار هو أن معدلات إعادة إدخال الحالات إلى المستشفى شهدت انخفاضاً في إطار برنامج التقليل من إعادة إدخال الحالات إلى المستشفيات، التي تم تدشينه بموجب قانون الرعاية ميسورة التكلفة (Affordable Care Act) الذي يهدف لفرض عقوبات مالية على المستشفيات ذات معدلات إعادة الإدخال التي تتجاوز التوقعات، للمستفيدين من برنامج ميديكير (Medicare) بشروط محددة. ومع ذلك يستمر إنفاق المستشفيات بالارتفاع نظراً لحدة الأمراض وارتفاع الأسعار. ففي عام 2014، أنفق برنامج دفع الرسوم مقابل الخدمات "ميديكير" 173 مليار دولار على 9.7 مليون إعادة إدخال لحالات يرعاها.

يمثل إدخال الحالات إلى المستشفى عاملاً رئيساً في تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وينطوي على حدوث خطر على سلامة المرضى، حيث إن كل عملية إدخال للمستشفى تستنزف من الاحتياطات الفسيولوجية، ما يجعل المرضى عرضة لخطر أعلى يتمثل في إعادة إدخال الحالة في وقت مبكر. وترتبط كل إعادة إدخال إضافية بزيادة خطر التعرض للوفاة.

وقد يكون من الممكن تجنب الكثير من عمليات إدخال الحالات التي تعاني من الأمراض المزمنة إلى المستشفى، خصوصاً مع إمكانية الوصول في الوقت المناسب لأماكن رعاية بديلة تقدم استجابة سريعة لمعالجة علامات وأعراض قصور أحد الأعضاء عن الاستمرار في أداء وظائفه "انهيار المعاوضة". وتعتبر وحدة الفرز والتدخل والتعليم الخارجية لمرضى القلب في مستشفى برغهام آند ومنز (Brigham and Women’s Hospital) وعيادة دوك هارت فيلير سيم داى آكسس كلينك (Duke Heart Failure Same-Day Access Clinic) مثالين على أن الوصول حسب الطلب إلى الإدارة المكثفة للمرضى الخارجيين يمكن أن ينقل الرعاية الصحية خارج أسوار المستشفى، ما سيؤدي إلى تحسين النتائج وخفض التكاليف من خلال عمليات إدخال أقل للحالات إلى المستشفيات.

لقد قام نظام كير مور للرعاية الصحية (CareMore Health System)، الذي نرأسه نحن الاثنان، بدور ريادي في الإدارة المكثفة المبكرة للأمراض المزمنة لدى مراكز الرعاية في الأحياء وأخصائي العناية الخارجيين والأطباء الذين يتابعون مرضى الحالات الخطرة في أماكن مختلفة (المستشفيات ومنشآت التمريض المتخصصة وعيادات ما بعد الإخراج من المستشفى) لضمان استمرار الرعاية على نحو مناسب في مختلف الأماكن.

الطريقة

تعتبر البدائل الحديثة للمرضى الخارجيين مجدية فقط في حال كانت متاحة للاستخدام، حيث تكثر مشاكل النقل التي تحد من وصول أصحاب الأمراض المزمنة إلى أماكن الرعاية، ويشكل ذلك عائقاً كبيراً في طريق تحسين نتائج فحوصاتهم. على سبيل المثال، يتعرض المرضى الذين يعتمدون على خدمات النقل للوصول إلى أماكن الرعاية والحصول على على علاج بالغسيل الكلوي لخطر أكبر مقارنة بغيرهم، ويتمثل هذا الخطر في التأخر عن مواعيد علاجات غسيل الدم. ولا تنجح برامج الإدارة المكثفة للأمراض المزمنة إلا إذا استطاع المرضى الوصول إلى مواعيدهم مع الأطباء في الوقت المناسب. وقد اشتركت كير مور مع شركة النقل ليفت (Lyft) وشركة ناشونال ميدترانس (National MedTrans) لاختبار نهج رقمية للنقل الطبي للحالات غير الطارئة، في إطار السعي لتعزيز قدرة المرضى على الاستفادة من خدمات الوقاية ورعاية الحالات المزمنة. وأظهر البرنامج التجريبي معدلات انتظار وتكلفة أقل ومستويات أعلى من الرضا لدى المرضى.

يمكن أن يؤدي النقل الأفضل لنماذج رعاية أفضل للمرضى الخارجيين إلى تحقيق نتائج أفضل. ولكننا بحاجة أيضاً إلى وسائل لتحديد المرضى المعرضين للخطر. إذ توجد إمكانية كبيرة لفرز المرضى المصابين بانهيار المعاوضة للأمراض المزمنة قبل ظهور أعراض سريرية أو بدونها من خلال نهج مكلفة للمتابعة عن بعد. ولكن قيمة هذه التكنولوجيات ما زالت غير مفهومة بالقدر الكافي.

لقد أثمرت التكنولوجيا التي تتطور بسرعة منقطعة النظير عن منتجات وخدمات عديدة لمتابعة المرضى في بيوتهم، لكن القليل منها كانت تتكامل بشكل جيد مع نماذج الرعاية البديلة. وقد تكون مراكز نيبرهود كير سنتر (Neighborhood Care Centers) التابعة لكير مور إحدى الاستثناءات الجديرة بالذكر، حيث لا يقتصر عمل الفريق على تقديم الرعاية، بل يتعدى ذلك إلى متابعة بيانات الشاشات التي يجمعها المرضى في بيوتهم عن بعد لتحديد الوقت الذي تكون فيه الرعاية مطلوبة لحالات مثل المرضى بقصور القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم. ويمكن لفريق الرعاية الذي كسب ثقة المرضى من خلال علاقات طويلة الأمد أن يقوم بالتدخل عند ملاحظة تغيرات مقلقة عبر المتابعة عن بعد سواء عن طريق تعديل النظام الغذائي للرعاية الشخصية لدى المريض أو تحديد موعد حسب الطلب لإجراء تقييم شخصي وإدارة متعددة التخصصات في نيبرهود كير سنتر. 

وإن لم يتم استخدام نماذج رعاية مشابهة على نطاق واسع للعناية بشؤون المرضى داخل مجتمعاتهم بدلاً من المستشفى، فقد يؤدي استخدام تكنولوجيا المتابعة عن بعد إلى الإسراع والارتفاع في معدلات استخدام قسم الطوارئ والإدخال إلى المستشفى. وبناء على ذلك، تبقى الأدلة المتوفرة حتى الآن متفاوتة بشأن فيما إذا كانت المتابعة عن بعد تزيد من جودة الرعاية.

في نموذج التعويض التقليدي الذي يقضي بدفع الرسوم مقابل الخدمات، غالباً ما يكون من الصعب إثبات بأن هذه التكنولوجيات يمكن تبريرها على أساس العائد على الاستثمار. ويمكن للمتابعة عن بعد في إطار نماذج الدفع البديلة، مثل مجموعات طبية أو أنظمة صحية منتظمة السداد بالكامل، أن تحسن من قيمة الرعاية من خلال زيادة الجودة أو خفض التكاليف أو كليهما، نظراً لأن التوفير في التكاليف التي تنجم عن هذه التكنولوجيات تعود على المؤسسات التي تستثمر فيها وتقوم بتنفيذها. وتعتبر نماذج الدفع القائمة على أساس السكان مثل ميدي كير أدفانتيج (Medicare Advantage) وميدي آيد (Medicaid) أمثلة على بيئة سداد كان من الممكن الاعتماد فيها بشكل واسع على التكنولوجيات التي أثبتت فعاليتها. وتمكن الدفعات المنتظمة مؤسسات مثل كير مور من الاستثمار في إمكانيات إدارة الرعاية والبنية الرقمية المطلوبة للتحقق من التكنولوجيات التي تستطيع مساعدة المرضى على البقاء خارج المستشفى وتشغيلها.

السبب

في لحظات التردد وفي أوقات مختلفة، غالباً ما نسأل أنفسنا – معشر الأطباء – حول سبب دخولنا مجال الطب في المقام الأول. فقد أدى الطلب المتزايد على وقت الأطباء في مهام إدارية وليست مرتكزة على المرضى، إلى شعورهم بمزيد من الإنهاك التام مقارنة بغيرهم من الموظفين في السنوات الأخيرة. نحن نقوم في أكثر الأحيان باستذكار دوافعنا الأصلية عندما يسأل أبناؤنا وتلاميذنا عن سبب قيامنا بعملنا، ولكن التذكير المستمر الذي لا يخلو من الانفعالات يكون عند وقوفنا إلى جانب سرير المريض. نتذكر حجم المتعة في تقديم الرعاية الصحية. فالأمر لا يقتصر على الإيفاء بمعايير الصحة والبقاء لتقديم وإعادة تصميم الرعاية بطريقة تحقق أهداف واحتياجات المرضى بشكل أفضل.

لقد اعتبر المرضى المشاركون في الدراسات التي أجراها معهد بيشنت-سنترد أوتكمز ريسيرتش (Patient-Centered Outcomes Research Institute) أن العيش في منزلهم دون الحاجة إلى إدخالهم إلى المستشفى هو هدفهم الأسمى. إن إعادة تصميم حلول تقديم خدمة الرعاية لدينا مع أخذ هذا الهدف الذي يركز على المريض في عين الاعتبار يمكن أن تخلق دورة فعالة يؤدي فيها إشراك المريض على نحو أفضل إلى نتائج أفضل بتكاليف أقل.

يمثل تغيير نموذج الرعاية فرصة لخدمة مصالح مرضانا وتحقيق المصلحة العامة بشكل أفضل من خلال تحدي الوضع الراهن بطريقة مدروسة. وتعتبر القيمة شبه المثلى لنماذج الرعاية القديمة واحتمال تقديم الرعاية القائمة على المريض خارج أسوار المستشفى فرصة خصبة إذا كان لدينا الإرادة لتطوير وتقييم وتنفيذ طريقة متعلقة بتقديم خدمات الرعاية الصحية للأمراض الخطرة.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي