ملخص: أظهر استبيان شهري شمل 5 آلاف أميركي أن الموظفين يرغبون في العمل من المنزل لمدة يومين ونصف اليوم في الأسبوع، في المتوسط. فقد ازدادت الرغبة في العمل من المنزل وتوفير تكاليف رحلة الذهاب يومياً إلى العمل مع طول أمد الجائحة، وأصبح الكثيرون أكثر راحة إزاء التفاعلات عن بُعد. كما أن الانتشار السريع لمتغير "دلتا" أدى إلى تقويض الدافع للعودة إلى العمل من المكتب بدوام كامل في أي وقت قريب. وتشكل أسواق العمالة المحدودة أيضاً تحدياً للشركات التي ترغب في إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب بدوام كامل.
أعادت بعض الشركات، أبرزها "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs) و"جيه بي مورغان" (JPMorgan)، موظفيها مؤخراً إلى العمل من المكتب بدوام كامل. الأسباب المعلنة هي أن التفاعلات وجهاً لوجه تُعد أفضل للتعاون، وأن الموظفين يصبحون أقل إنتاجية عند عملهم من المنزل. قد يكون هناك تفسير منطقي أعمق: التخلص من الأشخاص غير الملتزمين؛ فقد صرح أحد كبار المدراء: "لا تريد ’غولدمان ساكس’ توظيف الأشخاص الذين أهم شيء بالنسبة إليهم هو عدد الأيام التي يجب أن يقضوها في المكتب".
يمكن أن تلقى الشركات التي تسلك هذا المسار مصير شركة "ياهو" (Yahoo)، التي تعرضت إلى نقد عنيف على وسائل الإعلام في عام 2013 بعد أن حظرت العمل من المنزل ثم تراجعت عن ذلك بهدوء.
التحدي الكبير الذي تواجهه الشركات الراغبة في إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب بدوام كامل هو المحدودية الشديدة لأسواق العمالة. فتوظيف الأشخاص والاحتفاظ بهم أمر صعب للغاية. إذ يمكن للعاملين الموهوبين تلقي عروض عمل متعددة إذا أرادوا تغيير مهنهم. والكثير من الموظفين يحبون حقاً العمل من المنزل.
أظهر استبياننا الشهري الذي شمل 5 آلاف أميركي أن الموظفين يرغبون في العمل من المنزل يومين ونصف اليوم في الأسبوع، في المتوسط. فقد ازدادت الرغبة في العمل من المنزل وتوفير تكاليف رحلة الذهاب يومياً إلى العمل مع طول أمد الجائحة، وأصبح الكثيرون منا أكثر راحة إزاء التفاعلات عن بُعد. كما أن الانتشار السريع لمتغير "دلتا" أدى إلى تقويض الدافع للعودة إلى العمل من المكتب بدوام كامل في أي وقت قريب.
(الشكل رقم 1)
في الواقع، تَبين من الاستبيانات التي أجريناها في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز أن أكثر من 40% من الموظفين الأميركيين سيبدؤون في البحث عن وظيفة أخرى أو سيستقيلون من وظائفهم فوراً إذا طُلب منهم العودة إلى العمل من المكتب بدوام كامل. إذاً، ليس من المستغرب أن شركة "غولدمان ساكس" أعلنت للتو عن زيادات كبيرة في الرواتب بنسبة 30% للموظفين الجدد. إذا كنت ترغب في إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب بدوام كامل في عام 2021، فعليك أن تدفع لهم مقابل ذلك.
الشكل رقم (2)
هناك أيضاً قضية غير ملحوظة تتعلق بتنوع قوة العمل. تُظهر بيانات استبياننا أن الأشخاص ذوي البشرة غير البيضاء والنساء المتعلمات تعليماً عالياً ولديهن أطفال صغار يقدرون للغاية قيمة العمل من المنزل بعض أيام الأسبوع. وبذلك، فإن حظر العمل من المنزل ينطوي على مخاطر تتمثل في مسارعة هؤلاء الموظفين إلى مغادرة الشركة. إذ سيؤدي ذلك إلى تفاقم مشكلة ملحة بالفعل في الكثير من المؤسسات التي تكافح من أجل توظيف النساء الموهوبات والمدراء المنتمين إلى أقليات واستبقائهم.
الشكل رقم (3)
الشكل رقم (4)
إذاً، ما الذي يجب فعله؟ نصيحتنا للقادة هي أن يدركوا واقع سوق العمل الجديد وأن يتكيفوا معه. العمل من المنزل سيستمر؛ فمن بين ملايين الشركات التي جربت العمل عن بُعد منذ تفشي الجائحة، تخطط أقل من 20% لإعادة الموظفين إلى العمل من المكاتب بدوام كامل بعد زوال الجائحة. اشتراط العمل من المكتب بدوام كامل كان سهلاً في عام 2019 عندما فرضت شركات أخرى الشيء نفسه. أما في عام 2021، فقد تؤدي مطالبة الموظفين بالعودة إلى العمل من المكتب بدوام كامل إلى تدافع أفضل المواهب لمغادرة الشركة والذهاب إلى المنافسين الذين يقدمون ترتيبات عمل هجينة.
الشكل رقم (5)
بموجب أحد النماذج الهجينة، يأتي الموظفون إلى المكتب 3 أيام في الأسبوع، على سبيل المثال الأحد والثلاثاء والخميس، كما هو الحال في خطة شركة "آبل"، مع العمل لمدة يومين من المنزل. بحيث تعج أيام العمل من المكتب بالاجتماعات والفعاليات مع العملاء والتدريبات والتواصل الاجتماعي، وتُخصص أيام العمل من المنزل للمهمات الهادئة وتحليل البيانات والقراءة والاجتماعات عبر الفيديو. وهناك نماذج هجينة أخرى يُمكن تطبيقها. فالتحدي الذي يواجه المدراء يتمثل في إيجاد النموذج الهجين المناسب لمؤسساتهم، والعمل على إنجاحه.
لذا، فكر جيداً قبل أن تعمل على إعادة الموظفين إلى العمل من المكتب أو تُلزم الموظفين بالعودة إلى العمل من المكتب لمدة 5 أيام في الأسبوع، حتى لا تكون موضوع دراسة الحالة التالية في كلية "هارفارد للأعمال" عن الكوارث الإدارية.