إظهار الضعف الإنساني يبني علاقات أوثق

2 دقائق
إظهار الضعف الإنساني

لم يكن الجزء الأصعب من فشلي في عالم الأعمال هو فقدان شركتي بقدر ما كان فقدان الهوية التي تكوّنت لدي بوصفي رائد أعمال ناجح، و إظهار الضعف الإنساني ، وقد أصبحت شديد التعلّق بهذه الهوية إلى درجة أنه عندما كان الآخرون يسألونني حول وضع الشركة التي لم تعد قائمة، كنت أجيبهم قائلاً: "وضعها عظيم!". فالهوّة التي كانت تفصل بين صورتي كشخص ناجح مالياً مدى الحياة وبين امتلاك شركة فاشلة كانت مؤلمة. لقد شعرت وكأنني محتال.

ولكن عندما واتتني الشجاعة أخيراً للبدء بقول الحقيقة، شعرت بأن عبئاً ثقيلاً قد أزيح عن كاهلي. فأنا لم أكن أعرف حجم التوتر الذي تسبّبت به لنفسي. وما أدهشني للغاية، هو أن الناس وعوضاً عن النأي بنفسهم عني، عاملوني فعلياً بقدر أكبر من الاحترام ووثقوا بي وطرحوا عليّ التحدّيات التي كانوا يواجهون. وقد تساءلت بيني وبين نفسي كم كنت مخطئاً في الحكم على ردود أفعال الآخرين.

أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة جورجيا، أبراهام تِسر، وفي أبحاث علمية تلقّت الكثير من النقد وجد بأنه عندما يتفوّق شخص قريب منّا علينا في أداء مهمّة لنا بها صلة، فإن ذلك غالباً ما يهدّد تقديرنا لذاتنا. وكلما كانت المهمّة تعنينا أكثر، كلّما كان حجم التهديد الذي نشعر به أكبر.

تجربتي الشخصية تتطابق تماماً مع ما توصّل إليه هذا البحث.

اقرأ أيضاً: 3 أخطاء يجب تجنبها عند إقامة العلاقات مع الآخرين.

عندما تحدّثت إلى البروفيسور تيسار، عرفت منه بأن ما اعتقدت بأنه شعور بعدم الأمان هو عملياً جزء من الطبيعة البشرية: فعلى حدّ قوله: "في دراساتنا عندما قدّمنا إلى الناس معلومات حول نجاح شخص آخر قريب منهم في مجال يحاولون هم أيضاً التفوّق فيه، قالوا بأنهم فخورون وتصرّفوا بتلك الطريقة، ولكنهم عملياً لم يكونوا كذلك. وعندما صوّرناهم بالفيديو خلسة ودون علمهم، كان بوسعك رؤية خيبة الأمل والتأثيرات السلبية بادية على وجوههم. أمّا سلوكياتهم فلم تكن تعكس شعورهم الذي كانوا يتحدّثون عنه".

وصحيح أنني كنت دائماً أنظر إلى هذه الآلية على أنها قوّة سلبية في المجتمع، إلا أن تيسار يعتقد بأن لجوء الناس إلى إعادة تشكيل آرائهم تجاه العالم كي يفكّروا دائماً بالأمور التي يبرعون فيها يساعد في عملية تقسيم العمل في المجتمع. ومع ذلك فإنني أتساءل إن كان من الضروري فعلياً أن نحاول إخفاء خيبة أملنا، كما فعل المشاركون في دراسته.

فماذا لو أننا تشاركنا نحن والآخرين بمشاعرنا المختلطة؟

اقرأ أيضاً: بحث: الرؤساء التنفيذيون أصحاب العلاقات المتنوعة يمنحون شركاتهم قيمة أعلى.

في عام 1997، أجرى آرثر آرون، عالم النفس الاجتماعي ومدير مختبر العلاقات الشخصية في جامعة ستوني بروك، دراسة مبتكرة في مسعى منه للإجابة عن هذا السؤال.

فقد قام هو وفريقه البحثي بالجمع بين طلاب لا يعرفون بعضهم على شكل زوجين اثنين، ومنح الطلاب 45 دقيقة ليطرحوا على بعضهم بعضاً سلسلة من الأسئلة. نصف هذه الأزواج مُنح أسئلة كانت تتعلق بالحقائق وكانت سطحية (من قبيل أين تفضّل قضاء عطلة الصيف، أو ما هو برنامجك التلفزيوني المفضّل؟). أما النصف الثاني فقد مُنح أسئلة بدأت بالحديث حول الحقائق وانتقلت تدريجيا لتصبح أعمق (دور الحب في حياتهم، والمرّة الأخيرة التي بكوا فيها أمام شخص آخر). أمّا السؤال الأخير فقد كان: "من بين جميع أفراد عائلتك، من هو الشخص الذي سيترك موته أكبر وقع على نفسك ويفجعك؟"

اقرأ أيضاً: تعلم التخطيط لفعالية بناء العلاقات التي تقيمها.

بعد نهاية الدقائق الخمس والأربعين، طلب فريق البروفيسور آرون من المشاركين أن يعطوا علامة عن مدى شعورهم بالقرب من شريكهم في التجربة. وقد تبيّن بأن المجموعة الثانية قد كوّنت علاقات أوثق بكثير. والحال أن العديد من هؤلاء المشاركين أقاموا صداقات دائمة. وفي إحدى النسخ الخاصة من هذه التجربة والتي دامت لفترة أطول من الزمن، أعلن اثنان من المشاركين فيها خطوبتهما بعد عدّة أشهر من نهاية الدارسة.

الافتراض الخاطئ هو أن إظهار الضعف الإنساني للناس واكتشافنا على حقيقتنا وعلمهم ببواطننا، فإنهم سيخرجون من حياتنا. ويبقى الواقع هو أنه إذا تشاركنا مع الآخرين بلحظات الصعود والهبوط في حياتنا وتجربتنا الإنسانية بالطريقة الصحيحة وفي السياق الصحيح، فإننا سنبني علاقات أوثق.

اقرأ أيضاً: الرؤساء التنفيذيون الذين يتمتعون بشبكة علاقات متنوعة يرفعون قيمة الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي