عندما ينشب النزاع في مكان العمل، يحاول العديد منا النأي بنفسه عن ذلك الصراع وبناء الصداقة في العمل، من خلال تحاشي رؤية الشخص في أرجاء المكتب، أو عن طريق تقليل حجم الاحتكاك معه. هذه استراتيجية مقبولة ولا بأس بها إذا كان زميلك شخصاً هامشياً بالنسبة لحياتك اليومية. ولكن إذا كان ذلك الشخص هو مديرك أو أحد أعضاء فريقك، فإنن تجاهله ليس بالحل المثالي.
كيفية بناء الصداقة في العمل
أولاً: من المهم جداً أن يدرك المرء أن بذل الجهد لإصلاح العلاقة هو أمر سيؤتي ثماره. فمن الواضح أن منسوب التوتر سيتراجع في المكتب، إذا توقفت عن التجهم في وجه زميلك في كل مرة يدخل فيها الغرفة. وهذا بدوره سيساعدك عملياً على تحسين إنتاجيتك.
اقرأ أيضاً: كيف تقدم الدعم لزميلك البائس
بعد ذلك، يجب أن تعترف بأنك تستحق قسطك من اللوم أيضاً. فمن السهل علينا الاعتقاد بأن زميلنا شخص غير جيد ("لقد قدّم التقرير متأخراً"!.. "هي دائماً تغادر الشركة مبكراً"!). ولكن من شبه المؤكد بأنك أيضاً أسهمت في تأجيج هذا الصراع بطريقة ما. فكما أخبرتني ديانا ماكلين سميث، مؤلفة كتاب "الفيل الذي في الغرفة: كيف يمكن للعلاقات أن تكون مصدر نجاح أو فشل للقادة والمؤسسات" (The elephant in the room: how relationships can be a source of success or failure for leaders and institutions)، في أحد اللقاءات، "ربما أنت تركز على الجوانب السلبية لدى الشخص الآخر – ومن ثم تبدأ في التصرف بطرق تفاقم الأمر". إذا كنت تعتقد أن زميلك شديد الهدوء، فقد تتمكن من ملء الوقت كله بالاجتماعات، ما يشجعه على التزام الصمت أكثر. ولكي تتوصل إلى حل ما، يجب عليك أن تفهم دورك في هذا الوضع.
اقرأ أيضاً: كيف تطلب المساعدة من زميلك عندما تكون غارقاً في العمل؟
الآن حان وقت إعادة الأمور إلى نصابها كما كانت في البداية. إذا "قررت" من جانب واحد أنك ستحسّن علاقتك مع زميلك، فمن المحتمل أن تصاب بخيبة أمل بسرعة. في اللحظة التي يخفق فيها خصمك في التجاوب مع بادرة إيجابية أو أبدى مرة أخرى سلوكاً مزعجاً، ربما تخلص إلى نتيجة مفادها بأن جهدك قد ضاع سدى. عوضاً عن ذلك، حاول أن تجعله شريكاً في هذا الجهد. وربما تحتاج إلى إيجاد "ذريعة" للمحادثة مثل البدء بمشروع جديد أو تعهد بمناسبة العام الجديد، ما يمنحك الفرصة للتطرق إلى الموضوع. كأن تقول مثلاً: "عزيزي جابر، في المشاريع الماضية، كانت آراؤنا وأساليب عملنا أحياناً متباينة قليلاً. وأنا أرغب في أن يقود تعاوننا هذا إلى أكبر قدر من الإنتاجية، لذلك أرغب في أن نتحاور معاً في جلسة للعصف الذهني وأن نفكر قليلاً حول الكيفية التي يمكن لنا أن نعمل بها معاً بطريقة جيدة. فهل توافق على ذلك؟".
أخيراً، أنتم بحاجة إلى تغيير الديناميكية التي تسير الأمور بها. فحتى أفضل النوايا – بما في ذلك اتفاقك أنت وزميلك على فتح صفحة جديدة – يمكن أن تنهار بسرعة إذا ما عاد كل منكما إلى أساليبه القديمة.
اقرأ أيضاً: كيف تطلب المساعدة من الآخرين؟
غالباً ما يخيّل لنا أن علاقاتنا أبدية ولا يشوبها أي تغيير. لكننا نقلل من شأننا ومن شأن بعضنا البعض. صحيح أنه لا يمكنك منح زملائك شخصية يزرعونها بداخلهم، تماماً كما يزرع الإنسان قلباً أو كبداً، أو أن تحوّلهم إلى أشخاص مختلفين تماماً، إلا أننا جميعاً نمتلك نزعات طبيعية سرعان ما تظهر إلى العلن. لكن الفهم الواضح لديناميكية العلاقة – وإجراء التغييرات في الجوانب التي لا تسير على ما يُرام – يمكن أن يفضي إلى نتائج أكثر إيجابية بكثير عند بناء الصداقة في العمل.
اقرأ أيضاً: كيف تتكلم عن سياسة المكتب مع زميل جديد؟