يحاول جميع القادة اليوم تحديد الأسس التي يمكنهم الاستناد إليها في شركاتهم. وربما كنت تعمل على تدعيم خطة العمل وتثبيت فريقك وإعداد ترتيبات عملك من المنزل، حيث قد تكون برفقة زوجتك وأطفالك. وقبل كل شيء، ستجد نفسك في مواجهة اختبار لم تكن تتخيل أن تواجهه منذ عدة أسابيع، عندما يخبرك أحد موظفيك أن نتيجة التحليل الذي خضع له تؤكد إصابته بـ "كوفيد-19". إذا لم تكن قد مررت بهذا الموقف بالفعل، ستمر به بلا شك.
هذا الموقف هو تحد معقد جداً، فهو لا يستدعي الاستجابة العاطفية والإنسانية فقط، وإنما يتطلب منك، كمدير، التصرف بسرعة. ومن خلال عملي كمدربة تنفيذية، قمت بتدريب كثير من كبار القادة على التعامل مع هذا النوع من المواضيع التي تنطوي على خطورة عالية، وتحتاج إلى التصرف بحسم وذكاء عاطفي. وفيما يلي، أورد بعض التوصيات حول طريقة التعامل مع هذا الموقف، سواء كان موظفك يعمل من المنزل أو ما زال يحضر إلى مكان العمل.
أولاً، عندما يبلغك الموظف بهذا الخبر، عبر عن تعاطفك. فحتى إذا كانت أعراض المرض التي يعاني منها خفيفة، لا بد أنه يشعر بالقلق بشأن ما قد يحصل أو من احتمال أن يكون قد نقل العدوى لعائلته أو زملائه، لذا، أتح له المجال للتعبير عن مشاعره. وعندما تتحدث إليه، وضح له أنه بإمكانه الاعتماد عليك وعلى الفريق في تقديم ما يحتاج من الدعم. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "أعلم أن هذا أمر مخيف، وأنا معك ومستعد للاستماع إليك إذا ما احتجت للتحدث. وبالتأكيد، أتفهم احتمال ألا تتمكن من العمل لفترة من الزمن أو أن تتراجع إنتاجيتك. لا تقلق بشأن ذلك، أتفهم ما تمر به".
ثم تواصل مع مسؤول الموارد البشرية. يجب أن تتصرف بسرعة كي تحد من خطورة انتشار المرض. في هذه المرحلة، يجب أن تكون أقسام الموارد البشرية قد بدأت بتطبيق سياسات معينة، ويجب أن تستعين بدعمها وتوجيهها.
أقله، يجب أن تسأل الموظف المصاب عن زملائه الذي تقارب معهم بشكل مباشر خلال الأسبوعين الماضيين. (يعرّف مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها "التقارب المباشر" على أنه "تعامل المصاب مع شخص آخر ضمن مسافة لا تزيد عن مترين على مدى فترة طويلة من الزمن"). إذا كان جميع موظفيك يعملون من منازلهم أثناء الأسبوعين الماضيين، فمن غير المحتمل أن يكون قد حصل اقتراب مباشر بينهم وبين الموظف المصاب. ومع ذلك، يجب أن تسأل الموظف المصاب عما إذا كان قد اقترب من أحد زملائه، ويجب أن تنبه من اختلط بهم وكان على تقارب مباشر معهم في أقرب وقت ممكن، وكرر لهم النصائح المذكورة على الموقع الإلكتروني لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها التي تنطبق عليهم بالطبع، واطلب منهم مراجعة الطبيب. القانون واضح فيما يخص السرية، يجب أن تنبه جميع من يحتمل تعرضهم لتماس مباشر مع الموظف المصاب بشأن هذا الأمر من دون الكشف عن هويته.
ثم يمكنك اتخاذ القرار بشأن ضرورة تواصلك أنت أو مسؤول الموارد البشرية مع الموظفين الذين كانوا على تقارب مباشر مع الموظف المصاب. ونظراً لحساسية الموضوع، من الأفضل أن تتواصل معهم عبر اتصال الصوت والصورة أو الاتصال الهاتفي. لكن الوقت هو عنصر هام، وإذا لم تتمكن من التواصل معهم بصورة شخصية، أرسل إليهم رسالة إلكترونية تحمل عنواناً يقول "إجراء هام مطلوب".
وفي كلتا الحالتين، ستكون رسالتك واحدة، وهي كما يلي: "لقد ثبتت إصابة أحد موظفينا بـ "كوفيد-19"، ووفقاً لتعريف مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، قال إنه كان على تقارب مباشر معك. نحن معك وسندعمك. إذا كنت في المكتب، الرجاء الاستعداد للمغادرة بأقصى سرعة ممكنة. وما أن تصل إلى المنزل، أو إذا كنت تعمل من المنزل بالفعل، جهز مكاناً خاصاً للعزل الذاتي وراقب ظهور أي من أعراض المرض عليك، واتصل بطبيبك. كيف يمكنني مساعدتك في كل هذا؟"
توقع أن يشعر الموظفون في مجموعة التقارب المباشر بالتوتر، وأن يطرحوا كثيراً من الأسئلة وخصوصاً إذا كانت هذه أول مرة يتلقون أخباراً من هذا النوع. وبما أنه قد مر على اختلاطهم بالموظف المصاب عدة أيام، قد يسألونك عما إذا كانت عائلاتهم معرضة للإصابة أيضاً. لا تتكهن بشيء، فأنت لست طبيباً، بل أخبرهم أن عليهم الاتصال بالطبيب ومراجعة التعليمات الواردة على الموقع الإلكتروني لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها. ما يمكنك فعله هو أن تطمئنهم وتؤكد لهم أنك أنت والشركة ستقدمان الدعم اللازم.
تابع هذه المحادثة عبر البريد الإلكتروني. لا شك أن الشخص الذي تحدثت إليه شعر بالارتباك ولم يستوعب كل ما قلته. وكتابة رسالة متابعة هي إجراء محبذ في هذه الحالة، حتى وإن كانت بهدف الالتزام بالإجراءات المتبعة داخل شركتك.
وما أن تنتهي من التحدث إلى كل من الموظف المصاب والموظفين الذين كانوا على تقارب مباشر معه، يجب أن تفكر بتنبيه بقية الموظفين في مكان العمل. وستمثل الرسالة التي ترسلها لهم الآن نموذجاً عن طريقة تعامل شركتك مع الموظفين، لذا من الضروري أن تتسم بالشفافية وتبث الهدوء في أنفسهم.
يمكنك تنبيه موظفيك بعدة طرق، إذا كانت الشركة ناشئة تضم بضع مئات من الموظفين، فمن المحبذ أن تخبر الجميع عن الأمر في اجتماع عام. وإذا كانت شركتك أكبر من ذلك، فمن الضروري أن تبدأ بإخبار الموظفين في القسم أو الفرع الذي ينتمي إليه الموظف المصاب. احترم خصوصية كل من الموظف المصاب وأي من الموظفين الذين كانوا على تقارب مباشر معه. ثم قدم لهم الحقائق ببساطة. "صدرت نتائج تحاليل الشخص المصاب التي تؤكد إصابته في التاريخ الفلاني، وهو الآن ملتزم بالحجر الذاتي. تحدثنا مع من كانوا على تقارب مباشر معه وطلبنا منهم مغادرة مكان العمل والالتزام بالعزل الذاتي هم أيضاً، وإذا لم يتصل بك أحد ليخبرك بذلك، فأنت لست منهم. إذا كانت لديكم استفسارات حول كوفيد-19، أو حول أوضاعكم، يمكنكم الاتصال بالطبيب ومراجعة الموقع الإلكتروني لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها. ستقدم الشركة دعمها لكم باستمرار في هذه الأوقات العصيبة، ونحن جميعاً ندعو لكل من تأثر بها ونرسل لهم أطيب التمنيات".
وأخيراً، من المحبذ أن يقوم كبار القادة بمن فيهم الرئيس التنفيذي بالاطمئنان على الموظف المصاب بالفيروس. في الأسبوع الماضي، اتصل أحد الرؤساء التنفيذيين الذين قمت بتدريبهم بجميع موظفيه الذين أصيبوا بالفيروس وكل من كان على تقارب مباشر معهم، حتى الذين لم تظهر عليهم أي أعراض، بغرض الاطمئنان عليهم فقط، وقد حاز تصرفه هذا على تقدير الجميع. إذا بدأت الحالات في شركتك بالتزايد بصورة كبيرة، لن يكون من الممكن أن يتصل الرئيس التنفيذي بجميع المصابين. ولكن يمكن لكبار القادة، بل حري بهم، المشاركة في الاتصال بأكبر عدد ممكن من الموظفين المصابين كي يشعروا باهتمام الشركة بهم أثناء هذه الأوقات العصيبة.
هذه الفترة قاسية على الجميع، وتقع على عاتق القادة مسؤولية هامة تتمثل بالعمل على طمأنة موظفيهم ورفع معنوياتهم. ويحتاج الموظف الذي تثبت إصابته إلى رد فعل مراع وسريع، وهذا سيساعد جميع من يعملون لديك على الشعور بالأمان وزيادة تركيزهم على العمل الهام في الشركة الآن.