إنها لحظة مروعة عندما يقدم أحد أعضاء فريقك المحبوبين استقالته، إذ إنك ستواجه خليطاً من المشاعر تتراوح ما بين الشعور بالخوف من رد فعل باقي أعضاء الفريق، والشعور بالإحباط جراء اضطرارك إلى إضافة مهمة تعيين موظف جديد على جدول أعمالك المزدحم أصلاً، والأسوأ من ذلك هو الشعور المرافق لك بأنه قد تم رفضك باستقالة ذلك الموظف. فكيف يمكن إدارة معنويات الفريق بعد مغادرة موظف موهوب؟
كما هي الحال في معظم المواقف العصيبة التي تواجه المدراء، فإنّ كيفية تعاملك مع الاستقالة لن يقتصر تأثيره عليك فقط، بل إنّ طريقة استجابتك ستؤثر على ما إذا كانت مغادرة ذلك الموظف ستكون بمثابة عقبة نمطية اعترضت طريقك أم نقطة انعطاف باتجاه الأسفل بالنسبة لفريقك.
إدارة معنويات الفريق بعد مغادرة موظف موهوب
قبل مشاركة الخبر مع أي موظف، خذ بعض الوقت للتفكير بكل تأن في طريقة استجابتك، إذ سيتيح لك هذا الإجراء التصدي لردود أفعالك الخاصة قبل اضطرارك إلى إدارة ردود أفعال أعضاء فريقك. فإذا حدث وتسرعت بتصرفك وحاولت إيصال رسالة إيجابية بينما تخبئ القلق أو الإحباط أو شعورك بالمرارة، فإنّ هذه المشاعر القوية ستظهر من خلال لغة جسدك. إذ عندما تكون كلماتك إيجابية ولكن لغة جسدك ترسل إشارات تعبر عن شعورك بالقلق، سيلاحظ فريقك التناقض وسوف يستقرئ المقصود من خلال ما "تُظهره" وليس ما "تقوله".
اقرأ أيضاً: كيف تغذّي إبداع فريقك في العمل؟
بمجرد أن تتأمل في رد فعلك، يمكنك العمل من خلال إجراءات تحد من الضرر الذي قد تحدثه استقالة موظف محبوب من فريقك.
ابدأ من خلال مساعدة الجميع على الاحتفال بالموظف الذي سيغادر. ويمكن تفهم شعورك بالرغبة في التقليل من أهمية مغادرة ذلك الموظف على أمل ألا يلاحظ أحد ذلك، ولكن من المستبعد أن يُجدي ذلك نفعاً. فإنّ فقدان زميل محبوب سيخلق قلقاً وربما حزناً لدى فريقك، ومعالجة ذلك الحزن سيحل جزءاً مهماً من العملية. إنّ ترك الموظف يغادر عمله دون الاستماع إليه سيوحي بأنك غير مهتم، لذلك لا ترتكب خطأ التقليل من أهمية اللحظة.
بادر بدلاً من ذلك بأن تكون أول شخص يقول: "سنفتقدك"، وأقم حفلاً لوداع ذلك الموظف وتمنى له الأفضل في المستقبل، وتكلم عن بعض الأمور الرائعة التي ساهم بها في الفريق، واستذكر المواقف المضحكة التي حصلت داخل الشركة وتحدث عن الخبرات المشتركة؛ إنّ ذلك لن يجعل الموظف الذي يغادر يشعر بمشاعر جيدة تجاه فريقك فحسب، بل إنك ستقوي الروابط بين باقي الموظفين.
اقرأ أيضاً: كيف تضمن شعور الأعضاء الجدد في فريقك بأنهم مندمجون منذ اليوم الأول؟
إنّ استذكار هذه القصص سترسم ابتسامة على وجهك أيضاً، وهو أمر أفضل بكثير من نظرة الخوف التي قد تكون مرتبطة بصوتك الداخلي الذي يقول: "ماذا سنفعل من دونه؟" أو "ماذا لو بدأ الآخرون بفعل الأمر نفسه". تلك النظرة ستجعل فريقك أكثر توتراً عندما ينظرون إليك باحثين عن الشعور بالطمأنينة، إذ ينبغي أن تشير كلماتك ولغة جسدك إلى أنّ انتقال الموظفين من الأماكن التي يعملون فيها هو أمر عادي وطبيعي.
بمجرد أن تقيم الحفل الذي يستحقه ذلك الموظف، اطلب منه خدمة في المقابل وهي أن يخبرك بصدق حول ما تحتاج إلى تعلمه من مغادرته. وحتى لو كانت شركتك تجري مقابلة رسمية لإنهاء العمل من خلال طرف ثالث (شركة توظيف مثلاً)؛ حاول إجراء مقابلتك الخاصة مع الموظف واطلب منه أن يكون صادقاً معك كجزء من الإرث الذي يمكنه تركه لكي تكون أنت والفريق أفضل في المستقبل. اعمل على إعداد أسئلتك بتأن واستعد لتلقي بعض النقد.
ستكون بحاجة إلى إعداد أسئلة جيدة وتتبع الأسباب الحقيقية من خلال تجاوز الإجابات الجاهزة من قبيل "لقد عُرض عليّ أجر أعلى" و"إنها فرصة لا يمكنني رفضها". ينبغي عليك تحديد العوامل التي ساهمت في جعل هذا الموظف يتواصل مع شركة أخرى في المقام الأول. ويمكنك جعل هذه الأسئلة أقل مباشرة من خلال طرح سؤال مثل: "ما النصيحة التي قد تقدمها لي لتجنب تواصل موظف رائع آخر مثلك مع شركة أخرى؟"، و"ما الذي أحتاج إلى معرفته ولا يخبرني أحد به؟" و"كيف بإمكاني تحسين تجربة العمل هنا؟" فمن خلال جعل الأسئلة أعم والتقليل من طابعها الشخصي، قد يشعر الموظف المغادر بأنه أكثر ميلاً إلى مشاركة أي حقيقة مزعجة.
يمكنك أيضاً الحصول على رأيه فيما يتعلق بالأمور الخارجة عن سيطرتك مثل: "ما هي الرسائل الأخرى التي تحتاج الشركة إلى سماعها؟" و"ما هي العوامل التي ستساهم في إحداث تجربة أفضل هنا؟" خلال المناقشة، ينبغي أن يكون تركيزك على طرح أسئلة رائعة، ولا تتكلم بقدر ما تستطيع واستمع بدلاً من ذلك بتمعن وموضوعية.
اقرأ أيضاً: كيف تضع معايير عمل للفريق التنفيذي وتضمن الالتزام بها؟
مقابلة إنهاء العمل
بعد مقابلة إنهاء العمل مع ذلك الموظف، سيكون ذهنك مليئاً بالأفكار والمشاعر القوية وربما المتضاربة. انتظر حتى اليوم التالي ثم ابدأ في إجراءات لوضع رؤيتك موضع التنفيذ. أولاً، اعتمد على المناقشات التي ستكون مزعجة سواء الفردية أو خلال اجتماعات الفريق، وتطرق إلى أي موضوع قيّم، وشارك فرضياتك واطلب من الموظفين تفسير ما تفكر فيه أو تنقيحه أو التحقق منه والاعتراض عليه.
يمكنك القول على سبيل المثال: "أنا أتفهم أنّ المشكلة الأكبر لا تتمثل في عبء العمل بل في الافتقار إلى التركيز، ما رأيكم في ذلك؟ هل هذا صحيح أم أنني أرى نصف الصورة فقط؟"، لن تساعدك هذه العملية التي ستتولد خلالها الفرضيات وتختبر إجراء التغييرات المستهدفة فيها فحسب، بل ستساعدك أيضاً على تعزيز التواصل مع باقي أعضاء فريقك.
بينما تستمع إلى ردودهم، كن مستعداً للغوص وراء الحقائق والمعلومات التي يشاركونها معك وراقب واستمع إلى ما يشعرون به وما الذي يعتبرونه قيماً، وأين يصبح تعبيرهم أقوى (على سبيل المثال، بقول "نحن نفعل ذلك دائماً"، أو "لا نفعل ذلك أبداً")، ما يوحي بأنهم ربما يشعرون بالإحباط أو الغضب. راقب أيضاً أين يصبح تعبيرهم أضعف (على سبيل المثال، بقول "أعتقد أننا..."، أو "أعتقد أننا أحياناً قد...")، وهو ما يوحي بأنهم ربما يشعرون بالتردد أو العجز. ما الذي تخبرك عنه لغة جسدهم؟ فعندما تستكشف رد فعل عاطفي، اطرح بعض الأسئلة الأخرى لفهم ما يُخفونه.
من خلال جميع هذه المناقشات، حاول التمييز بين ما إذا كانت استقالة موظف رائع من فريقك هي عبارة عن حادثة فردية أم أنها بداية لنمط معين. كن منفتحاً حول ما يمكنك فعله بطريقة مختلفة وأيد اقتراحات التغيير من أصحاب المصلحة الآخرين التي من شأنها أن تجعل فريقك أفضل بالعمل عليها.
اقرأ أيضاً: كيف تسلم المشروع من فريق الابتكار لفريق التنفيذ بسلاسة؟
إنّ الأفكار والرؤى التي تستخلصها من إجراء مقابلة إنهاء العمل مع أحد موظفيك واختبار فرضياتك ستكون قيمة، ولكن لا تغفل أهم الطرق التي تساهم في تعزيز معنويات فريقك من خلال تهيئتهم لتأدية مهام هادفة. عزز أيضاً مقومات الإدارة لديك، وتأكد أنّ الأمور واضحة للجميع بشأن توقعاتك، خاصة فيما يتعلق بأولويات الفريق الكبرى (والصغرى). وحاول إجراء مناقشات صريحة لضمان شعور الموظفين بأنّ لديهم المهارات والموارد المطلوبة لتأدية عملهم على نحو جيد. واعمل على إيلاء المزيد من الاهتمام لسماع الآراء والتدريب وإقامة الاحتفالات التي تحفزهم وتحافظ على مشاركتهم.
وفي نهاية الحديث عن إدارة معنويات الفريق بعد مغادرة موظف موهوب، إذا كانت هناك مشكلة في فريقك ولم تكن على دراية بها (أو أنك تحاول تجاهلها)، قد يصل الأمر إلى فقدان موظف محبوب حتى تدرك مدى خطورة المشكلة. اعمل من خلال عواطفك ثم ابدأ مرحلة مثمرة عن طريق الاحتفال بالموظف المستقيل وطلب رأيه الصريح خلال مقابلة إنهاء العمل، والعمل على صياغة الفرضيات واختبارها حول كيفية تحسين مكان العمل، وإجراء تغييرات فعالة تجعل فريقك يشعر بأنك تستمع له وتقدر قيمته. إنّ فقدان أحد أعضاء الفريق قد ينتهي بأن يكون أخف وطأة نسبياً إذا ما أدى إلى تعزيز معنويات مَن هم حولك.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم برامج اليقظة والتنبه الذهني لزيادة الإبداع لدى فريق العمل؟