ملخص: كلّما زاد عدد مرؤوسيك المباشرين زادت صعوبة اهتمامك الشخصي بكلّ واحد منهم على حدة. صحيح أنك قد تكون مرهقاً ولديك الكثير من الواجبات، لكن انشغالك الشديد عن موظفيك يشعرهم بانعدام أهميتهم. كيف يمكنك إذاً أن تكون مديراً داعماً لمرؤوسيه إذا كنت تدير فريقاً كبيراً؟ يعتمد الأمر على منح أعضاء فريقك السيطرة والاستقلالية. ومفتاح ذلك هو الاحتفاظ بالقرارات ذات المخاطر العالية وتفويض البقية. عليك الاستمرار في إرشاد أعضاء الفريق وتوجيههم لكن تمتيعهم بحرية صناعة القرارات لن يزيد فقط إنتاجيتهم بل سيساعدهم أيضاً على تطوير مهارات جديدة.
عندما تدير فريقاً كبيراً فمن السهل أن تشعر بأنك تقضي وقتاً أطول في الجدال مع الموظفين بدلاً من إرشادهم. قد يكون من الصعب التعبير عن الاهتمام الشخصي بجميع الأفراد والتأكد من تحملهم مسؤولياتهم لا سيّما عندما يكون عددهم كبيراً، كيف يمكنك إذاً وضع الأنظمة والإجراءات التي تساعدك على إدارة فريقك بفعالية أكبر؟ وكيف يمكنك التأكد من شعور أعضائه جميعاً بأنهم يحصلون على الدعم؟ ما أفضل طريقة لخلق بيئة يستطيع فيها أعضاء الفريق جميعهم أخذ زمام المبادرة والشعور بالسيطرة على مهامهم حتى في غيابك؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
لنكن واضحين: لا يوجد عدد مثالي وملائم من المرؤوسين المباشرين. يعتمد ذلك على العمل الذي تنجزه والموظفين في فريقك والمرحلة التي بلغتها في مسارك المهني، لكن المشكلة التي قد تواجهك هنا هي صعوبة معرفة الحدّ الأقصى من المرؤوسين الذين تقدر على إدارتهم. يقول أستاذ الإدارة في كلية كولفرهاوس للأعمال بجامعة ألاباما، فيشال غوبتا: "لكلّ قائد حدّ أقصى يصبح عنده عدد مرؤوسيه المباشرين غير قابل للإدارة، إذ يشعر بأنه منشغل بمسؤوليات لا حدود لها، ويحس باستمرار بالقلق من تفويت أمر ما".
إنها مشكلة شائعة نسبياً وفقاً لمديرة قسم الخدمات الاستشارية للأفراد في شركة إرنست آند يونغ (Ernst & Young) ومؤلفة كتاب "استراتيجيات التصميم المؤسسي" (Strategies for Organizational Design) تيفاني ماكدويل، إذ تقول: "يرث المدراء فرقهم من أسلافهم غالباً، ويتعيّن عليهم التكيف مع ما لديهم". وعلى الرغم من التحديات الحقيقية التي تواجه إدارة فريق كبير فثمة إيجابيات في هذه المسألة. تضيف ماكدويل: "عندما تشرف على مجموعة كبيرة من المرؤوسين المباشرين فلن تكون قادراً على ممارسة الإدارة التفصيلية أو التدخل في دقائق الأمور، ويتعين عليك بدلاً من ذلك أن تصبح مدير أشخاص حقيقياً وتتعلم أن تثق بأعضاء فريقك وتمنحهم السيطرة والاستقلالية، وهذا محرك قوي للمشاركة والإنتاجية". إليك كيفية إنجاز ذلك.
فوّض صلاحيات صناعة القرار
يقول غوبتا إن أحد أكبر التحديات التي تواجه إدارة فريق كبير هو مواكبة عدد المقايضات والقرارات التي يجب اتخاذها، فمحاولة التعامل معها جميعها بمفردك يمكن أن تؤدي إلى إبطاء العمل وإعاقته، ولذا تقول ماكدويل إن عليك منح أعضاء فريقك أكبر قدر ممكن من الاستقلالية في صناعة القرار. ومفتاح ذلك هو الاحتفاظ بالقرارات ذات المخاطر العالية وتفويض البقية. عليك الاستمرار في إرشاد أعضاء الفريق وتوجيههم لكن منحهم حرية صناعة القرارات لن يزيد إنتاجيتهم فقط، بل سيساعدهم أيضاً على تطوير مهارات جديدة، وستصبح قادراً على التركيز على صورة العمل الشاملة والاستراتيجية العالية المستوى بدلاً من الانشغال بالمشكلات الروتينية. وباعتبارك قائداً، هذه إحدى أهم الخطوات التي يمكنك اتخاذها لإطلاق العنان لقدرات أعضاء الفريق.
الاستفادة من قوة المجموعات
الاستقلالية الفردية بالغة الأهمية لكنها ليست كافية وحدها، إذ تحتاج الفرق إلى ثقافة تشجع الجميع على المساءلة والتعلّم المتبادلين فيما بينهم. تقول ماكدويل: "احرص بجدّ على مطالبة الموظفين بالتعاون فيما بينهم، واطلب منهم تشكيل فرق ذات أهداف محددة وامنحهم الحرية والوضوح لتحقيق هذه الأهداف، وعندها سيحققون إنجازات مذهلة ولو في غيابك". لنفترض على سبيل المثال أنك تدير فريقاً تسويقياً مكوناً من 30 موظفاً ومهمتك الإشراف على المحتوى الذي ينتجونه. بدلاً من مراجعة كلّ مادة ينتجونها على حدة، يمكنك إنشاء نظام مراجعة الأقران حيث يقيّم كبار أعضاء الفريق عمل الأعضاء المبتدئين، ويتبادلون الملاحظات جميعاً. والهدف المنشود من ذلك هو "نقل عملية صناعة القرار إلى المجموعة بدلاً من أن ترجع جميع القرارات إليك".
امنح التفويض وتنحّ جانباً
تقول ماكدويل إن الثقة جزء مهم من هذه المعادلة، يمكنك تفويض ما تريد من دون الثقة، لكن ذلك لن يحقق النتائج التي تسعى إليها. تضيف ماكدويل: "إذا منحت الموظفين الاستقلالية ثم تدخلّت في العمل من جديد وسيطرت عليه فسوف يشعرون بالعجز". إنها طريقة محبطة للطرفين؛ سوف يستاء أعضاء فريقك من تدخلاتك وستتساءل عن سبب عدم إبداء أيّ منهم اهتماماً صادقاً بالعمل وعدم حملهم مسؤوليته.
عليك أن تقبل احتمال ارتكاب مرؤوسيك بعض الأخطاء خلال مرحلة التعلّم، لذا ينصحك غوبتا بأن تبدأ يوم العمل باجتماع قصير للفريق تطّلع فيه على المستجدات وتقدّم الإرشادات، واسأل أعضاء فريقك عن التحديات التي تواجههم وكيف يمكنك دعمهم، فعملك هو "الإصغاء والردّ وليس إلقاء الخطب".
إدارة العلاقة مع الرؤساء والمرؤوسين
الصعوبة الأخرى التي يمكن أن تواجهك في قيادة فريق كبير هي تحقيق التوازن بين احتياجاتك المهنية واحتياجات فريقك. تقول ماكدويل: "عليك أن تدير علاقتك بمديرك لتزوده بالقدر المناسب من التفاصيل كي تضمن حصولك أنت وأعضاء فريقك على التقدير الذي تستحقونه مع تدريب موظفيك أيضاً وتقديم الملاحظات حول أدائهم في الوقت نفسه". الهدف من هذا الإجراء تحقيق التوازن، لذا تنصح ماكدويل باتباع نهج التوازن الذهبي. إذا كانت المشكلات التي تشغل يومك صغيرة جداً فربّما كنت تفرط في التركيز على التفاصيل وتتدخل في عمل موظفيك أكثر مما ينبغي، أما إذا كانت هذه المشكلات كبيرة جداً فهذا يعني أنك لست مطلعاً على ما يحدث في الخطوط الأمامية. "ولكن عندما تكون هذه المشكلات معقولة فستفهم ما يحدث على أرض الواقع وتكون قادراً على قضاء وقتك في معالجة الأولويات الاستراتيجية الطويلة المدى وتوجيه فِرقك".
يقول غوبتا: "انتبه إلى نبرتك وشخصيتك لا سيّما في تفاعلك مع فريقك، فالكثير من المدراء يحسنون إدارة العلاقة مع رؤسائهم لكنهم لا يحسنون إدارتها مع مرؤوسيهم، ليس عليك أن تتحلى بالإيثار لكن إذا شعر مرؤوسوك المباشرون أنك تهتم أكثر بتقدمك الشخصي فقد يضرك ذلك على المدى البعيد".
تواصل مع مرؤوسيك وادعمهم
كلّما زاد عدد مرؤوسيك المباشرين زادت صعوبة اهتمامك الشخصي بكلّ واحد منهم على حدة. صحيح أنك قد تكون مرهقاً ولديك الكثير من الواجبات لكن انشغالك الشديد عن موظفيك يشعرهم بانعدام أهميتهم. يقول غوبتا: "إذا اعتقد مرؤوسوك أنك منشغل جداً عنهم فسوف تفقد سيطرتك وقدرتك على القيادة. يجب أن يشعروا بأنك تخصّص لهم وقتاً وطاقة وتدعمهم".
عندما تُجري مع أعضاء الفريق محادثات ثنائية فامنحهم انتباهك الكامل، ضع هاتفك بعيداً وتجاهل إشعاراتك كي تكون حاضر الذهن معهم تماماً. واحتفل بإنجازاتهم ونجاحاتهم، "بيّن لهم أنهم موضع تقدير" وفقاً لما تقوله ماكدويل وتنصحك بالبحث عن فرص التطوير الشخصي لأعضاء فريقك الذين يرغبون في تحقيق التقدم في مسارهم الوظيفي، لا سيّما الفرص التي تضرب عصفورين بحجر واحد، إذ تساعدهم على النمو من جهة وتحرّر بعضاً من وقتك من جهة أخرى. "بفضل ذلك ستنجز العمل المهم بالنسبة إلى المؤسسة وستتيح في الوقت نفسه ظهور أصحاب المواهب الصاعدة أمام الإدارة".
فكّر ملياً قبل أن تطالب بتقليل عدد مرؤوسيك
عندما تشعر بالتوتر والإرهاق فقد يدفعك ذلك إلى المطالبة بتقليل عدد مرؤوسيك المباشرين، لكن من المهم أن تفكر في تبعات هذا الطلب المحتملة. يقول غوبتا: "قد تبعث من خلال هذا الطلب رسالة خاطئة إلى الإدارة التي قد تعتقد أنك ترغب في التخلي عن مسؤولياتك أو أنك غير قادر على تحمّلها، وهو الأمر الذي قد تكون له انعكاسات على مسارك المهني". تضيف ماكدويل: "ولكن إذا استطعت أن تثبت أن حجم فريقك أكبر مما يتطلبه العمل الذي ينجزه أو أنه يعرّض المؤسسة لبعض المخاطر، مثل ممرضة لديها العشرات من المرؤوسين المباشرين، فعليك أن تطرح المسألة بثقة وتوضح التحدّي وأسباب الحاجة إلى التغيير مع اقتراح الحلول".
التزم بالمبادئ الآتية
ما يجب أن تفعله
- امنح أعضاء فريقك أكبر قدر ممكن من الاستقلالية في صناعة القرار. فهذا يطور مهاراتهم ومبادراتهم ويمنحك الوقت للتركيز على صورة العمل الشاملة.
- استفد من قوة المجموعات. فالفرق تحتاج إلى ثقافة تشجع الأفراد على المساءلة والتعلّم المتبادلين فيما بينهم.
- انتبه جيداً إلى تفاعلاتك مع فريقك، لأنه إذا شعر مرؤوسوك المباشرون بأنك تهتم بتقدمك الشخصي أكثر من اهتمامك بهم فقد يقوّض ذلك أسس قيادتك.
ما ينبغي لك تجنبه
- ممارسة الإدارة التفصيلية لأن ذلك يقوّض حماس الموظفين؛ يمكنك بدلاً من هذا أن ترشد أعضاء فريقك وتدعمهم عندما يطلبون منك ذلك.
- الانشغال كثيراً عن موظفيك لأنه أمر منفّر؛ احرص بدلاً من ذلك على الحضور باستمرار إلى جانبهم والتفاعل معهم وتقديم الدعم لهم.
- التّسرع في طلب تقليل عدد مرؤوسيك المباشرين؛ قد يوحي ذلك برسالة خاطئة حول التزامك بدورك وقد يؤثر في مسارك المهني.