لماذا لا يؤدي الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية الدور الأفضل كمدراء؟

3 دقائق

عندما تحتاج الشركات لتعيين مشرف لفريق ما، تتوجه الأنظار دائماً إلى الشخص الأكثر إنتاجية في الفريق، وبينما ينجح بعض هؤلاء المتميزين في دورهم الجديد كإداريين، إلا أن الكثيرين يفشلون في ذلك. وعندما يواجهون هذا الفشل، فإنهم غالباً ما يغادرون الشركة، مما يتسبب بتحمل الشركة لخسارة مضاعفة؛ فمن جهة، يخسر أعضاء الفريق مديرهم الجديد، ومن جهة أخرى، تخسر الشركة أحد أفضل موظفيها. وقد تكون الخسارة ذات أثر كبير على الشخص ذاته، فيبدأ بالتشكيك في مهاراته، وذكاءه، ومساره المهني، وبالنتيجة، يخسر الجميع.

لماذا إذن، يفشل البعض، بينما ينجح آخرون؟

أوضحنا في مقال آخر السلوكيات السبع للأشخاص الأكثر فعالية بناء على تحليل لـ 7,000 عامل. وكانت السلوكيات هي: وضع أهداف ممتدة، والاتساق في العمل، وامتلاك المعرفة والخبرات الفنية، والقيادة من أجل تحقيق النتائج، وتوقع المشكلات وحلها، وأخذ زمام المبادرة، والتعاون.

تعزز هذه الصفات من المهارات والإنجاز الشخصي، وهي مهارات قيمة تجعل الأشخاص أكثر إنتاجية، ولكن جميع هذه المهارات، باستثناء الأخيرة (التعاون) تركز على الفرد نفسه بدلا من التركيز على الفريق. بالعودة إلى بياناتنا، وجدنا أن المهارات التي تميز المدير الناجح هي مهارات تركز على الآخرين:

  • تقبل النقد الإيجابي والتغير الشخصي. من أهم المهارات التي يجب أن توجد عند المدير الجديد هي الرغبة في طلب النقد الإيجابي من الآخرين والتصرف بناء على هذا النقد. فهو يسعى للوعي الذاتي، ولتحسين الأداء بشكل مستمر.
  • مساعدة الآخرين من أجل التطور. ينبغي على جميع القادة، سواء كانوا مشرفين أم مدراء ان يُبدوا اهتماماً بتطور الآخرين من حولهم. فبينما يهتم المساهم الفردي بتطوره الخاص، يفخر المدير الناجح بمساعدة الآخرين في التعلّم، ويعلم كيف يقدم النقد الإيجابي القابل للتطبيق.
  • تقبّل الابتكار. عادة ما يسعى الشخص المنتج إلى البحث عن طريقة ناجحة لسير العمل، ويسعى لتطبيقها على الدوام بشكل فعال قدر الإمكان. إلا أن القادة الناجحين يعلمون بأن الابتكار قد لا يسير بهذه الطريقة، وقد لا يكون عالي الفعالية دائماً. فالقائد الملهم منفتح للابتكار ويدرك أنه قد يحتاج أحياناً إلى وقت أطول.
  • التواصل الجيد. من أهم الصفات التي يتميز بها المدراء هي امتلاك القدرة على إيصال أفكارهم للآخرين بطريقة ممتعة ومثيرة للاهتمام. وعلى الرغم من أنّ التواصل الجيد أمر ضروري للمساهم الفردي المنتج، إلا أنه هذه الصفة ليست أمر أساسي يحكم مدى فعاليته.
  • امتلاك مهارات التعامل مع الآخرين. وهو متطلب أساسي للمدير الناجح، فقد أصبح ينظر إلى الذكاء الاجتماعي على أنه المهارة الأساسية للقيادة الناجحة. وعلى الرغم من أن الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية ليسوا منعزلين أو متعكري المزاج ويكرهون صحبة الناس، إلا أن طريقة عملهم لا تتطلب أن يتصفوا بمهارة التعامل مع الآخرين.
  • دعم التغييرات في المنظمة. قد يتصف المساهم الفردي عالي الإنتاجية بشيء من الأنانية، بينما ينبغي على المديرين والقادة أن يُبدّوا المنظمة على أنفسهم.

عندما قمنا بتحليل بياناتنا بشكل أكبر، وجدنا أن معظم الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية وُجدت عندهم الصفات بشكل أقل؛ لنكن واضحين، هذه الصفات لا تعني بالضرورة انخفاض الإنتاجية، إلا أنها لا تترافق بالعادة مع الإنتاجية العالية. فبعض الأشخاص المنتجين بشكل كبير يمتلكون هذه الصفات، ولا يقلل امتلاكهم لها من إنتاجيتهم.

ولكن هذا يوضح لم ينجح بعض الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية في أدوارهم كمدراء، بينما يفشل البعض الآخر. وبينما يعتبر أفضل المدراء أشخاصاً عالين الإنتاجية، إلا أن معظم الأشخاص ذوي الإنتاجية العالية لا يميلون نحو قيادة الآخرين.

يقع حوالي ربع المدراء (23%) ممن هم ضمن الربع الأعلى في مجال الإنتاجية أدنى الربع الأعلى فيما يتعلق بصفات القيادة الستّ التي ذكرناها. إذن، فإن الاحتمالات بأن واحدة من أصل أربعة مرات يتم فيها ترقية موظف لمنصب إداري بسبب إنتاجيته العالية، لن يكون على قدر كبير من النجاح في دوره الجديد كمدير. فإذا كان الشخص عالي الإنتاجية يمتلك مهارات فنية محددة ومكتسبة على مدى مدة طويلة من الزمن، فنحن نميل لأن نتأمل بأن هذا الشخص سيكتسب المهارات القيادية اللازمة خلال وقت قصير من استلامه لمنصبه الجديد. للأسف، فإن ذلك لا يحصل دائماً.

ينبغي أن يكون المدراء على دراية بأنّ  المهارات التي تجعل من المساهم الفردي فعال وعالي الإنتاجية ليست هي الوحيدة اللازمة لتجعله مديراً ناجحاً. نحن مقتنعون بأنّ الوقت الأفضل للمساهم الفردي لتعلّم المهارات القيادية هي عندما يكون لا يزال مساهماً فردياً.

تمتلك بعض المؤسسات مهارة في تمييز الأفراد الذين سيكونون مدراء ناجحين. فتقوم بتطوير المهارات القيادية لدى هؤلاء الأفراد ذوي الإمكانية العالية بشكل مسبق قبل ترقيتهم.

لماذا ينبغي البدء مبكراً؟ بالنهاية، فإن معظم الأشخاص الذين يتم ترقيتهم لمنصب مدير، ولا يظهرون نجاحاً في ذلك الدور ليسوا بذلك السوء من ناحية المهارات الإدارية التي ذكرناها، ويعتقد الأشخاص الذين أوصوا بترقيتهم بأن هذه المهارات يمكن تطويرها بعد توليهم لمنصبهم الجديد. ولكنّ المشكلة تكمن في أنّ تطوير هذه المهارات يتطلب جهد ووقت كبيرين، وعادة ما تطالب المنظمات برؤية نتائج إيجابية فورية، في حين أن المدراء الجدد يكونون مغرقين بمسؤولياتهم الجديدة، وعادة ما يعتمدون على المهارات التي جعلتهم مساهمين فرديين ناجحين، وليس المهارات التي تميز المدير الناجح. لذلك، فإن الوقت الأفضل لمساعدة الأشخاص ذوي الإمكانيات العالية في تطوير هذه المهارات هو قبل ترقيتهم وليس بعدها.

يعد هذا الأمر بمثابة نداء يقظة للعديد من المنظمات التي تؤجل بذل جهد على تطوير المهارات القيادية لما بعد ترقية الموظفين لمنصب إداري. إلا أنه ليس هناك سبب للانتظار؛ ففي النهاية، عندما يطور المساهم الفردي مهاراته القيادية، فإنه سيصبح أكثر فعالية كمساهم فردي. وبالتالي، فإن الوقت والمال المستثمرين في تطوير القيادة لدى المساهمين الفرديين، سيساعد كلاً من أولئك الذين تمت ترقيتهم، والذين لم تتم ترقيتهم أيضاً.

خلاصة الموضوع: ابدأ ببذل الجهد في تطوير المهارات القيادية مبكراً، وعندما يحين وقت ترقية المساهمين الفرديين الأفضل لديك، ستكون أكثر ثقة بأنهم سيكونون أفضل المدراء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي