ملخص: التغيير صعب، والأصعب منه هو إدارة الموظفين خلاله. ومع وتيرة التغيير اليوم، ليس لدى الرؤساء التنفيذيين خيار سوى أن يكونوا أكثر جدية في جهودهم الهادفة إلى التغيير من أجل الحفاظ على قدرتهم التنافسية. ويجب عليهم اتخاذ 4 إجراءات لقيادة شركاتهم بنجاح في ظل التغيير: 1) ترتيب الأولويات، 2) الاستثمار في بناء الثقة مع أصحاب المصلحة، 3) تبسيط المحفظة الاستثمارية، 4) الاستعداد لنشاط المساهمين.
أحظى كل عام بشرف لقاء مئات الرؤساء التنفيذيين وأعضاء فرق القيادة لمناقشة أعمالهم. كانت غالبية فِرق القيادة التي قابلتها العام الماضي تتصارع مع الحاجة إلى إجراء تغييرات ودفع عملية التحول.
إذ يبدو أن قضايا التضخم، والجغرافيا السياسية، وسلاسل التوريد، وتكاليف العمالة، والانقسامات، وأسواق الأسهم غير المستقرة، وتوقعات أصحاب المصلحة "تغير الواقع" بشكل يومي، وتعزز حالة الغموض أيضاً. وأضحت مهمة القادة اليوم دراسة المبادرات وخطط الأعمال الأوسع نطاقاً على محمل الجد واستكشاف الموضوعات التي تتطلب تعديلات أو حتى تغييرات أكبر. وقد شعر العديد من الرؤساء التنفيذيين الذين قابلتهم خلال الأشهر الأخيرة أنهم يركزون على "المخاطر السلبية المحتملة" بدلاً من "الفرص الإيجابية المحتملة" بالفعل. كما أصبح القادة أقل ثقة بشكل عام وأكثر تشككاً في وجهة الاقتصاد.
الرئيس التنفيذي بصفته رئيساً تنفيذياً للتغيير
يُدرك القادة بالفعل ضرورة مراقبة التغييرات الجارية والحاجة إلى إدارة الموظفين في ظل التغيير، وعلى الرغم من أن الفرص الإيجابية المحتملة قد لا تكون واضحة دائماً، فقد حان الوقت اليوم لتقبّل هذا الواقع الجديد، إذ لن تتضاءل وتيرة التغيير وتعقيداته هذه الأيام؛ بل أتوقع أنها ستشتد حتى. وبالتالي، يجب أن يركز قائد المستقبل (القريب) على كيفية إحداث التغيير مسبقاً وكيفية إدارة موظفيه في أثنائه.
لكن ما أيسر الكلام وما أصعب الفعل. فالتغيير صعب، حتى عندما تكون قد استثمرت في مبادرات كبيرة وخصصت الوقت والموارد لمواءمة عملياتك ومشاركة تفاصيلها مع موظفيك. وقد شهدنا بالفعل حدوث مختلف أنواع التغييرات، كالدمج والتحول عن عقلية الصوامع، وتغيير نماذج التشغيل لتعزيز نمو الإيرادات والكفاءات، والأتمتة لتحقيق الكفاءة، والانتقال إلى السحابة لجذب إيرادات جديدة.
وليس على الرئيس التنفيذي تغيير مؤسسته فحسب بهدف تحقيق النجاح في هذه البيئة المتطورة، بل يجب أن يكون ماهراً للغاية في إدارة الموظفين في ظل التغيير. وذلك يتطلب 4 إجراءات:
1. تحديد الأولويات
تُمثّل المرونة عاملاً حاسماً في البيئة المتغيرة. وقد تساعد عملية تخطيط التصورات حول القضايا الرئيسية القادة على إعادة توجيه مؤسساتهم بسرعة عند الحاجة (فكروا في: الصين، وجائحة "كوفيد-19"، وسلاسل التوريد، والمرونة السعرية، ومستويات المخزون، وموضوعات أخرى مشتركة في مجالس الإدارة في النصف الأول من عام 2022). يصرف وضع كثير من الأولويات تركيز القادة، ما يتسبب في أدائهم بعض المهام بشكل سيئ أو بشكل "مقبول فقط". وبالتالي، يجب على القادة ترتيب الأولويات بحسب ما يهم أصحاب المصلحة وتنفيذها على أكمل وجه، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن بعض المبادرات أو تغيير عقلية الشركة للتركيز على القضايا المهمة.
2. الاستثمار في الثقة
تُعتبر الثقة أحد الأصول الأكثر قيمة لدى أي شركة خلال هذه الأوقات المعقدة، ويجري تحدي الشركات بشأن مصداقيتها مراراً وتكراراً بالفعل.
لكن يبالغ بعض قادة اليوم في تقدير مدى ثقة الموظفين والمستهلكين في شركاتهم. إذ وجدنا في الاستقصاء الأخير الذي أجريناه بعنوان "الثقة، العملة الجديدة للشركات" فجوة في تصورات الشركات حول ثقة موظفيها (فجوة تعادل 15 نقطة مئوية)، وحول ثقة مستهلكيها (فجوة تعادل 57 نقطة مئوية).
وقد يبالغ القادة أيضاً في تقدير ما يعزز الثقة بالفعل. فعلى الرغم من استثمار الشركات في مناهج التدريب والرقابة والسياسات والإفصاحات بهدف أن تبقى ممتثلة للقوانين والتشريعات، ليست تلك الخطوات سوى بداية رحلة الحفاظ على الثقة. يحلل أصحاب المصلحة أيضاً إجابات الشركات عن أسئلة مثل: "هل نهجنا بشأن التنوع والمساواة والشمول مناسب؟" أو "هل التزمنا بتنفيذ وعودنا فيما يتعلق بالبيئة؟" ويجب على الشركات النظر أيضاً في مدى ملاءمة خوارزمياتها، بالإضافة إلى سياسات الخصوصية والبيانات التي تضعها، وغيرها من الموضوعات التي من شأنها أن تعزز القيمة وتحسن الثقة. وغالباً ما تفشل عمليات الشركات عندما يتعلق الأمر بتلك الأسئلة الأعمق، لكن التوقعات ستستمر في ازدياد.
3. تبسيط المحافظ الاستثمارية
غالباً ما يكون من المفيد التفكير والتساؤل عما إذا كانت الأنشطة التجارية في المحفظة الاستثمارية منطقية أو ما إذا كان منح ملكية بعض الشركات إلى أشخاص آخرين خياراً أفضل خلال الأوقات المزعزعة. إذ تدعم المحفظة الاستثمارية البسيطة قدرة المؤسسة على الحفاظ على مرونتها وتزيد من احتمالية نجاح تحولها.
4. الاستعداد لنشاط المساهمين
يتمثل السبب الآخر لإجراء تحليل موضوعي على المحفظة الاستثمارية في بروز المستثمرين النشطاء. ويقيّم بعض الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة أنفسهم بشكل موضوعي بالفعل لتحدي الاستراتيجيات الراسخة ونتائج التنفيذ لئلا يكونوا عرضة لهدف أي مستثمر ناشط. وتستفيد الشركات بالفعل من تمرين لعب الأدوار الجدّي وتحليل ما يبحث عنه المستثمرون النشطاء. وقد يساعد بعض الأسئلة الجدية والمباشرة القادة على تجنب أحكامهم مثل: "هل نتائجنا قوية مثل نتائج أقراننا؟" أو "هل تؤتي جهودنا في التحول ثمارها؟".
يمكن للرؤساء التنفيذيين أيضاً التحدث مع مجالس إداراتهم حول الاستراتيجيات البديلة أو وجهات النظر المختلفة حول النتائج لتجنب المفاجآت. ويمثّل مجال النقاش، بالإضافة إلى موضوعية العمليات والقرارات، أحد العناصر التي يمكن للشركات تحسينها، فهي كالمهارة التي يجب صقلها قبل إدراك الناشط وجود ضعف فيها.
طرح الأسئلة الصعبة
يتطلب كسب الرئيس التنفيذي وفريق القيادة صفة الاحتراف في قيادة التغيير وخلق التمايز وقتاً وعزماً وتركيزاً. كما أنه يتطلب الاستعداد لطرح الأسئلة الأساسية والمهمة على نحو موضوعي ومنتظم. على سبيل المثال، يجب أن يسأل القادة أنفسهم: "هل أعضاء الفريق التنفيذي متفقون حول جهود التغيير والنتائج؟" و"هل تأكدنا من فهم موظفينا والإدارة التنفيذية كيفية تغيّر دورهم بعد التغيير؟". في الواقع، تؤكد وتيرة التغيير اليوم أهمية التعمق في تلك القضايا للمساعدة على تحسين الجهود والتأكد من حصول فريقك على الدعم الكافي.
فالتغيير صعب، والأصعب منه هو إدارة الموظفين خلاله. ومع ذلك، ليس لدى الرؤساء التنفيذيين اليوم خيار سوى أن يكونوا أكثر جدية في جهودهم الهادفة إلى التغيير من أجل الحفاظ على قدراتهم التنافسية. وحان الوقت بالفعل لتقبّل التغيير لتحقيق مزيد من التميز والازدهار.