ملخص: يزداد انتشار فرق العمل متعددة الاختصاصات، التي تضم موظفين من أقسام مختلفة ويتمتعون بخبرات متنوعة، بالإضافة إلى ازدياد انتشار ترتيبات العمل القائمة على إنجاز مشاريع محددة. في بداية مسيرتك المهنية، قد تجد أن أول دور قيادي حقيقي لك هو إدارة فريق متعدد الاختصاصات مشكّل حديثاً للعمل على مشروع محدد وقصير المدى، ويمكن أن ينفذ القادة الجدد بعض الإجراءات الرئيسية لضمان انطلاقة قوية لفريقهم.
- تحديد الأهداف والأدوار. يتمتع كل عضو بمعرفة ومهارات وقدرات وخبرات سابقة مختلفة. بصفتك قائداً للفريق، من المهم تحديد نطاق المشروع بسرعة والتشاور بشأن المهام المطلوبة وتنسيق المناقشة حول توزيع الأدوار وتحديد أعضاء الفريق المناسبين لأداء مهام معينة. لا تستعجل بتكليف المهام لمن يتطوع أولاً، بل فكر في الشخص الأنسب لأدائها بناءً على قدراته ومهاراته.
- تحديد معايير التواصل. بالإضافة إلى اختلاف أعضاء الفريق وتنوع معرفتهم ومهاراتهم وقدراتهم، فإنهم يمتلكون أيضاً تفضيلات شخصية فيما يتعلق بأساليب العمل والتواصل. خصّص بعض الوقت في بداية المشروع لمناقشة تفضيلات العمل والتواصل مع كل عضو في الفريق. يؤدي عدم تحديد معايير العمل التعاوني إلى إرسال إشارة للزملاء في الفريق مفادها أنهم يستطيعون العمل والتواصل بالطريقة التي يريدونها، ما يزيد من احتمالية تفويت الرسائل والمعلومات المهمة أو عدم فهمها.
- بناء بيئة تتسم بالأمان والصراحة. لتوليد الأفكار وتعزيز القدرة على حل المشكلات، يجب علينا تقليل القيود وإنشاء ثقافة تشجع كل عضو في الفريق على أن يكون أكثر صراحةً وأقل حذراً وتحفظاً. لتشجيع هذا الانفتاح، يدعو القادة الجدد غالباً أعضاء الفريق للتعبير عن آرائهم بصراحة في الاجتماعات، لكن من الضروري أولاً إنشاء بيئة يشعر فيها الجميع بالأمان النفسي. بصفتك قائداً، تقع على عاتقك مسؤولية إنشاء تلك البيئة الآمنة. يمكنك تحقيق ذلك من خلال إظهار استعدادك لتقبل الملاحظات أو الاعتراف بأن أفكارك قد تكون غير مثالية أو يمكن التشكيك فيها.
- احتفل بإنجاز المراحل الرئيسية والنجاحات الصغيرة. لا يقتصر إنجاز المراحل الرئيسية على تتبع تقدم العمل فحسب؛ بل يمثل إشارة تحذيرية مبكرة تكشف عن ضرورة إجراء بعض التغييرات، كما يمنح أعضاء الفريق أيضاً فرصة للاحتفال بالنجاحات الصغيرة التي يحققونها، ما سيعزز شعورهم بالإنجاز. يمكن أن يؤدي الاحتفال بالنجاحات الصغيرة إلى تحسين المعنويات وتعزيز الشعور بقيمة العمل الجماعي.
بعد مرور بضع سنوات على مسيرتك المهنية، ستتوفر لك بعض الفرص المختلفة لتطوير مهاراتك القيادية وممارستها من خلال تولي مزيد من المسؤوليات. قد يتضمن ذلك أحياناً التحضير لعقد اجتماعات الفريق وإدارتها. وفي أحيان أخرى قد يكون ذلك من خلال التطوع لتنفيذ مهمة جديدة يحتاج إليها الفريق.
قد تجد أن أول دور قيادي حقيقي لك هو إدارة فريق متعدد الاختصاصات مشكّل حديثاً للعمل على مشروع محدد وقصير المدى. يزداد انتشار فرق العمل متعددة الاختصاصات، التي تضم موظفين من أقسام مختلفة ويتمتعون بخبرات متنوعة، بالإضافة إلى ازدياد انتشار ترتيبات العمل القائمة على إنجاز مشاريع محددة.
يتمثل السبب الأكثر شيوعاً لتشكيل فريق عمل متعدد الاختصاصات في ضمان السرعة، سواء سرعة تبادل المعلومات، أو سرعة الابتكار، أو حتى السرعة المطلوبة لإنجاز المشروع. تؤدي التصميمات المؤسسية التقليدية إلى عزل الأقسام المختلفة بعضها عن بعض، ما يؤدي إلى إبطاء تدفق المعلومات والأفكار، وتسهم فرق العمل متعددة الاختصاصات في بناء جسور تربط بين هذه الأقسام المنعزلة، وإذا حدث ذلك بطريقة صحيحة، فإنها تسمح للموظفين بالعمل معاً بطريقة أفضل وأسرع.
على الرغم من ذلك، فإن فرق العمل متعددة الاختصاصات تواجه أيضاً بعض التحديات التي يجب التغلب عليها لتحقيق انطلاقة قوية. في بعض الأحيان، يمكن أن ينشأ بعض التوتر بين أعضاء الفريق بسبب شعورهم بالمسؤولية تجاه وظائفهم الأصلية، ما يجعلهم غير مستعدين للاستماع إلى آراء الآخرين وملاحظاتهم فيما يتعلق بنطاق مسؤولياتهم وخبراتهم. قد تؤدي الاختلافات في أساليب العمل بين أعضاء الفريق أحياناً إلى إبطاء العمل التعاوني وتعقيده؛ ففي بعض الأحيان، يعمل بعض الزملاء في الفريق ضمن نظام التعويضات المحفّزة الذي يكافئ الأداء الفردي فقط، بدلاً من الأداء الجماعي، أو يعطي أهمية أكبر للأداء في الوظيفة الأساسية مقارنة بالأداء في هذا المشروع.
على الرغم من وجود هذه العوائق، فإن ذلك لا يعني أن مشروعك محكوم عليه بالفشل؛ إذ يمكن أن ينفذ القادة الجدد بعض الإجراءات الرئيسية لضمان انطلاقة قوية لمشروعهم الذي يعتمد في تنفيذه على فريق عمل متعدد الاختصاصات.
تحديد الأهداف والأدوار
عند تشكيل فريق متعدد الاختصاصات للمرة الأولى، من الضروري معرفة الخبرات والمهارات التي يمتلكها كل عضو في الفريق. يتمتع كل عضو بمعرفة ومهارات وقدرات وخبرات سابقة مختلفة. بصفتك قائداً للفريق، من المهم تحديد نطاق المشروع بسرعة والتشاور بشأن المهام المطلوبة وتنسيق المناقشة حول توزيع الأدوار وتحديد أعضاء الفريق المناسبين لأداء مهام معينة. لا تستعجل بتكليف المهام لمن يتطوع أولاً. خذ الوقت الكافي لفهم قدرات كل زميل في الفريق من أجل إسناد المهام إلى الشخص الأنسب.
من الممكن أن يتطوع بعض الأعضاء لتنفيذ مهام تفوق قدراتهم لأنهم ينظرون إليها على أنها فرص للنمو والتطور. في هذه الحال، يجب عليك الحصول على توضيح حول سبب اهتمامهم بتنفيذ هذه المهمة وما يهدفون إلى تعلمه منها. يجب عليك أيضاً توفير الدعم اللازم لهم لتحقيق النجاح، وذلك من خلال ضمّهم للعمل إلى جانب الزملاء الآخرين الذين يمكنهم تقديم التوجيه والإرشاد لهم خلال تنفيذ المهام.
على سبيل المثال، إذا تطوع أحد الأفراد لتصميم مجموعة شرائح لعرض تقديمي لأحد العملاء المرتقبين، وأنت تعلم أن العرض التقديمي سيتطلب العديد من المخططات والرسوم البيانية وأن هذا المتطوع لا يتمتع بخبرة في التمثيل البصري للبيانات، فيجب عليك تعيين شخص يمتلك تلك المهارات إلى جانبه لمساعدته وتدريبه على الأساسيات اللازمة لإنجاز المهمة بنجاح.
تحديد معايير التواصل
بالإضافة إلى اختلاف أعضاء الفريق وتنوع معرفتهم ومهاراتهم وقدراتهم، فإنهم يمتلكون أيضاً تفضيلات شخصية فيما يتعلق بأساليب العمل والتواصل. نظراً لأن أعضاء الفريق يعملون معاً للمرة الأولى، فمن المحتمل أن يفتقروا إلى معايير مشتركة تحدد كيفية عملهم وتعاونهم. خصّص بعض الوقت في بداية المشروع لمناقشة تفضيلات العمل والتواصل مع كل عضو في الفريق. استخدم الأسئلة التالية لتحديد طرق التواصل وتبادل المعلومات بين أعضاء الفريق:
- كيف يجب على الأعضاء إطلاع بعضهم بعضاً على آخر المستجدات حول تقدم العمل أو المشروع؟
- ما هي وسائل التواصل التي يجب أن يستخدمها الفريق وما هي الأغراض من استخدام كل وسيلة؟
- كيف يمكن أن يطلب الأعضاء المساعدة؟
- كيف يفضّل أعضاء الفريق تقديم الملاحظات لبعضهم بعضاً؟
- ما هي الوتيرة المناسبة لعقد الاجتماعات؟
- ما هي آلية صنع القرارات؟
على الرغم من اختلاف أهمية هذه الأسئلة، فإنها تؤدي جميعها دوراً حاسماً لبناء التعاون. يؤدي عدم تحديد معايير العمل التعاوني إلى إرسال إشارة للزملاء في الفريق مفادها أنهم يستطيعون العمل والتواصل بالطريقة التي يريدونها، ما يزيد من احتمالية تفويت الرسائل والمعلومات المهمة أو عدم فهمها. بالإضافة إلى ذلك، في حال عدم وجود مبادئ توجيهية واضحة، سيشعر بعض الأفراد بأنهم غير مطّلعين على مجريات العمل، في حين يشعر آخرون بأنهم يتحملون العبء الأكبر من العمل.
يؤدي التوصل إلى اتفاق مبكر حول كيفية تعاون الفريق إلى السماح للأعضاء جميعهم بمعرفة ما هو متوقع منهم، وما يمكنهم توقعه من الآخرين.
بناء بيئة تتسم بالأمان والصراحة
فكّر في مشاعرك وأفكارك عندما تقابل شخصاً جديداً. من المحتمل أن تكون حريصاً على التصرف بطريقة لائقة وتجنب قول أي شيء قد يزعج الآخرين أو يسبب لهم الإساءة. لا يعني ذلك أنك غير صادق أو أنك تتصرف بطريقة مصطنعة، بل إنك تحاول أن تظهر بأفضل صورة ممكنة وتحاول تقديم انطباع جيد. يفعل معظمنا ذلك. لكن في الفرق التي نحتاج فيها إلى توليد الأفكار وتعزيز القدرة على حل المشكلات، يجب علينا تقليل القيود وإنشاء ثقافة تشجع كل عضو في الفريق على أن يكون أكثر صراحةً وأقل حذراً وتحفظاً. لتشجيع هذا الانفتاح، يدعو القادة الجدد غالباً أعضاء الفريق للتعبير عن آرائهم بصراحة في الاجتماعات، لكن من الضروري أولاً إنشاء بيئة يشعر فيها الجميع بالأمان النفسي.
بصفتك قائداً، تقع على عاتقك مسؤولية إنشاء تلك البيئة الآمنة. يمكنك تحقيق ذلك من خلال إظهار استعدادك لتقبل الملاحظات أو الاعتراف بأن أفكارك قد تكون غير مثالية أو يمكن التشكيك فيها. على سبيل المثال، عند مناقشة العمل، قد تقول: "يبدو أن أفكارنا متشابهة، لكنني أخشى أن أكون قد أغفلت جانباً ما، فهل نحن متفقون أم لديك أي ملاحظات؟"
عند طرح آراء مختلفة، كن منفتحاً وتجنب رفضها أو معارضتها للدفاع عن وجهة نظرك. أظهر الاحترام لتلك الأفكار وادعُ إلى مزيد من النقاش. يمكنك طرح أسئلة حول الخطوات اللازمة لتنفيذ الفكرة، أو الافتراضات التي استند إليها هذا الشخص للوصول إلى هذه النتيجة. يمكنك دائماً أن تعبّر عن اختلاف رأيك خلال النقاش، لكن من المهم أولاً أن تُشعر أعضاء فريقك باهتمامك بوجهات نظرهم وتقديرك لآرائهم.
يعتمد اختيار أفضل الأفكار وتنفيذها على مشاركتها بين أعضاء الفريق. لذلك، فإن سماع أفضل الأفكار يتطلب بناء بيئة آمنة تتيح للأفراد التعبير عنها بثقة وحرية.
تحديد المراحل الرئيسية والنجاحات الصغيرة
بمجرد وضع الأهداف الكبيرة ومعايير التواصل، احرص على تحديد نقاط تحقق أو مراحل رئيسية لمساعدة فريقك على تتبع تقدمه في العمل. ابدأ بتحديد الصورة النهائية للمشروع، ثم قسّمه إلى مراحل وأهداف أصغر. من خلال تجربتي في العمل مع هذه الفرق، وجدتُ أنه من المفيد إنشاء مؤشرات تقدم في مراحل محددة خلال الجدول الزمني للمشروع (بعد مرور ثلث مدة المشروع أو ثلثيها)، ثم تحديد النجاحات الرئيسية التي يجب تحقيقها بانتظام.
لا يقتصر إنجاز المراحل الرئيسية على تتبع تقدم العمل فحسب؛ بل يمثل إشارة تحذيرية مبكرة تكشف عن ضرورة إجراء بعض التغييرات، من الأفضل أن تتأخر في تسليم أجزاء صغيرة من المشروع وتعالج المشكلات التي تواجهها بدلاً من أن تعمل مدة أطول وتبذل مزيداً من الجهد لتكتشف في النهاية أن المشروع محكوم عليه بالفشل. كما يمنح أعضاء الفريق أيضاً فرصة للاحتفال بالنجاحات الصغيرة التي يحققونها، ما سيعزز شعورهم بالإنجاز. يمكن أن يؤدي الاحتفال بالنجاحات الصغيرة إلى تحسين المعنويات وتعزيز الشعور بقيمة العمل الجماعي.
تذكر أن الفريق الذي يشعر بالتقدير سيبذل دائماً جهداً أكبر مما هو متوقع منه. لذلك، احرص على الاحتفال بالنجاحات الصغيرة، وستلاحظ زيادة تحفيز فريقك وتحسّن أدائه.
في البداية، قد تبدو هذه الإجراءات مرهقة وتتطلب جهداً ووقتاً طويلاً، لا سيما عندما يكون معظم الأفراد متحمسين للبدء بتنفيذ المهام مباشرة بدلاً من قضاء الوقت في مناقشة طريقة عمل الفريق، لكنّ تخصيص بعض الوقت لإنشاء هذه المعايير والقواعد سيضمن أداء العمل بطريقة جيدة ونجاح المشروع. عندما يقدم أعضاء الفريق أداءً جيداً ويستمتعون بالعمل التعاوني، سيزداد تركيزهم على المشروع حتى عندما يكون هذا المشروع يمثل جزءاً صغيراً فقط من عملهم الاعتيادي أو مهامهم اليومية. ستساعدك هذه الأساليب على قيادة الفريق بطريقة أفضل وإثبات نفسك بصفتك قائداً مستقبلياً يتمتع بإمكانات عالية.