ملخص: قد يثير رفض طلبك في أثناء المفاوضات لديك مشاعر الحزن أو الاستنكار أو الغضب. لنفترض أن مدير التوظيف قد رفض طلبك للحصول على علاوة على راتبك. كيف سيكون شعورك؟
- غالباً ما يعتقد الناس أن المفاوضات عبارة عن محادثات تسترشد بالحقائق والمنطق والبيانات. لكن المفاوضات في الواقع غالباً ما تتسم بالعاطفية.
- مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يمكنك الاستفادة من عواطفك بدلاً من الخوف منها لتصبح أكثر وعياً بذاتك وتجد أساليبَ أخرى للتحكم بنفسك في أثناء المحادثات الصعبة. يمكنك القيام بذلك عن طريق التدرب على اليقظة الذهنية.
- الخطوة الأولى هي إدراك عوامل التحفيز العاطفية. بعد أن تتعلم استجابتك المحتملة للظروف المثيرة للقلق، يمكنك الاستعداد لها بشكل أفضل وتعديل سلوكك للتعامل معها.
- ولكن حتى لو كنت مستعداً، قد تواجه أحياناً بعض المواقف غير المتوقعة. في مثل هذه الحالات، انتبه إلى رد فعل جسمك وراقب عوامل التحفيز التي تشعر بها. يمكنك تجنب هذه العوامل عن طريق تغيير استجابتك العاطفية بشكل متعمد. على سبيل المثال، وبدلاً من الدخول في دوامة من الحديث الذاتي السلبي، أعطِ نفسك فرصة للتفكير، واسأل مديرك عن سبب رفضه لطلبك.
تخيل أنك تلقيت للتو عرض عمل وأنت على استعداد للتفاوض بشأن راتبك. بعد إجراء بعض البحث عن القيمة السوقية للوظيفة، يمكنك تجاوز مخاوفك الأولية وعرض اقتراحك على مدير التوظيف، والتحدث إليه حول توقعاتك والمدافعة عن سبب استحقاقك راتباً أعلى مما يُعرض عليك. يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام إلى أن تُفاجأ برفض طلبك.
ما هو شعورك؟
مرفوض؟ مستاء؟ دفاعي؟
غالباً ما ننظر إلى المفاوضات على أنها محادثات تسترشد بالمنطق، لكنها في الواقع غالباً ما تتسم بالعاطفية إلى حد بعيد. العواطف هي لغة الأنا لدينا، وهي جزء غير واعٍ من دماغنا يستجيب بالفطرة للأحداث الخارجية ويتحكم في عدد من وظائف الجسم الحيوية، مثل التنفس ودرجة الحرارة والتوازن. الأنا هي المسؤولة عن بقائنا، فهي من يتحكم في استجابة الكرّ أو الفر، أو بكلام آخر الاستجابة التي ساعدتنا في الماضي على البقاء من خلال الصيد أو الهرب من الأخطار المحدقة.
على الرغم من أن معظمنا لم يعد يعيش تحت تهديد مستمر، فإننا ما نزال نواجه الصعوبات والصراعات. ربما لا تزال الأنا تفسر الخلاف على أنه تهديد، ما يضعنا غريزياً في حالة استنفار قصوى. وهذا ما يفسر سبب اشتعال الأنا لديك عندما يقول مدير التوظيف لك "لا" على الرغم من الخبرة التي تمتلكها. وعندما يحدث هذا، فمن المرجح أن تتفاعل باندفاع بسبب المشاعر السلبية التي تنشأ عندك مثل الخوف وعدم الثقة بالنفس والغضب والاستياء والعار.
كيف تدير عواطفك في أثناء التفاوض
الخبر السار هو أنه من الممكن تغيير طريقة تقييمك للموقف وتعلم كيفية إدارة عواطفك بشكل أفضل من خلال بناء مهارة واحدة: اليقظة الذهنية. تنطوي اليقظة الذهنية على أن تصبح أكثر وعياً بمشاعرك في المواقف الصعبة، ومدركاً تماماً للحظة التي تمر فيها، والمضي قدماً دون تأثر بالتجارب السابقة. ستتعلم من ذلك أيضاً كيفية اكتساب الوضوح تحت الضغط وتجاوز استجابة الأنا الطبيعية.
كأي مهارة أخرى، سيتطلب إتقان مهارة اليقظة الذهنية بعض الوقت والجهد والصبر. إليك عملية من أربع خطوات للبدء.
1. افهم عوامل التحفيز
غالباً ما تؤدي المواقف المجهدة، مثل المفاوضات، إلى تحفيزنا نفسياً وتذكيرنا بلحظات في ماضينا عندما عانينا من مشاعر مماثلة. عادة ما تكون هذه الارتباطات مدفوعة بالأنا الذاتية ولكن ليس لها أي علاقة بالتجربة التي نمر بها في الوقت الحاضر. على سبيل المثال، ربما كنت تحصل على نجمةٍ ذهبية في المدرسة في كل مرة تحقق فيها درجة عالية، وهكذا أصبحت تربط الاجتهاد بالمكافأة. كشخص بالغ، عندما لا تحصل على الراتب الذي تعتقد أنك تستحقه، قد تتذكر دون وعي تلك التجربة وتشعر بالفشل، وتدخل بالتالي في دوامة من الحديث الذاتي السلبي حول قيمتك الشخصية.
نظراً لأن هذه الارتباطات غير واعية، قد يكون من الصعب التعرف إليها. جرب التمرين التالي للتعرف إلى عواطفك ومحفزاتك قبل التفاوض في المرة القادمة:
- ماذا لو رفض مديري طلبي؟
- ماذا لو قالوا إن اقتراحي لم يعجبهم؟
- ماذا لو كان مديري فظاً أو عدوانياً في أثناء التفاوض؟
فكر في كيفية رد فعلك الطبيعي على كل سؤال. في أثناء عملك من خلال سيناريوهات "ماذا لو"، فكر عميقاً في بعض أسئلة المتابعة.
- ما هي ردة فعلي المعتادة؟
- لماذا لدي ردة الفعل هذه؟
ابذل قصارى جهدك حتى لا تحكم على نفسك في أثناء هذه العملية. سيكون الأمر مرهقاً عاطفياً، وستدور أصوات النقد الذاتي في رأسك محاولة استغلال ضعفك والسيطرة عليك. لكن الهدف من هذا التمرين هو الوعي الذاتي، لذلك تحلّ بالتعاطف مع نفسك في أثناء القيام به.
2. خطط لاستجابة عاطفية مختلفة
يمكنك التفكير في كيفية إدارة استجاباتك العاطفية اللاواعية بعد تحديدها. من الأفضل القيام بذلك قبل الدخول في موقف مثير للقلق. في حالة المفاوضات، أقترح أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة الإضافية بناءً على المحفزات التي حددتها في الخطوة السابقة.
- إذا شعرت بأنك في مأزق في منتصف المحادثة، فماذا يمكنني أن أفعل؟
- ما هي أفضل طريقة للدفاع عن وجهة نظري دون اتخاذ موقف دفاعي؟
- إذا سمعت كلمة "لا"، فما هي الطرق الأفضل للتفاعل دون الشعور بالضيق أو الإحباط؟
ستساعدك هذه الأسئلة الإرشادية على الاستعداد مسبقاً للاستجابات العاطفية الصعبة. على سبيل المثال، إذا كنت تميل إلى الشعور بالقلق في المواقف التي لا تتوقعها، فقم بإعداد قائمة بكل الطرق التي قد يفاجئك بها مدير التوظيف وفكر في كيفية استجابتك لها. إذا شعرت بالتوتر عندما تلاحظ أنك تفقد اهتمام محاورك، فتدرب على الحفاظ على التواصل البصري أو التوقف مؤقتاً وطرح أسئلة لإعادة توجيه المحادثة. يمكنك أيضاً محاكاة المحادثة مع صديقك لمساعدتك في التعرف على نقاط ضعفك، وتقييم استجابتك في الوقت الحقيقي.
3. انتبه إلى محفزاتك في أثناء المحادثة وامضِ قدماً
حتى لو انتهيت من الخطوات السابقة وأصبحت مستعداً، لا يزال هناك احتمال أن تشعر بالاستفزاز في مرحلة ما في أثناء عملية التفاوض. في الواقع، لا يمكن التنبؤ بالناس ومن المستحيل الاستعداد لجميع السيناريوهات المفاجئة. ومع ذلك، هناك طرق يمكنك من خلالها الاستجابة وتجاوز اللحظات الصعبة.
على سبيل المثال، لنفترض أن مدير التوظيف رفض الراتب الذي اقترحته. ستلاحظ أن راحتي يديك بدأتا بالتعرق، وبدأت بالعضّ على أسنانك، وأصبح قلبك يخفق بسرعة. عندما يحدث ذلك، توقف قليلاً وخذ نفساً عميقاً مع العد لأربعة ثم ازفر الهواء مع العد حتى ثمانية. من المفترض أن يساعدك ذلك على التوقف عن التفكير في الموقف والاسترخاء والشعور بالهدوء.
بمجرد أن تستعيد هدوءك، فكر فيما تدربت عليه. استفد من عوامل تحفيزك لإيجاد طرق جديدة للمضي قدماً بدلاً من تركها تهددك، واستفد من جانبك الإبداعي وفكر في كيفية تحقيق ما تريد.
متابعة مع مثالنا الحالي، لا تفترض على الفور أن مدير التوظيف لا يقدر مهاراتك أو خبراتك، بل انظر إلى المحادثة من موقع الفضول. أنت لا تعرف لماذا قال مدير التوظيف "لا"، لذلك حثّه بلطف ليمنحك المزيد من المعلومات حول السبب.
قل له مثلاً "هل يمكنك أن توضح لي سبب رفض طلبي؟" أو "لدي فضول لمعرفة أي جزء من طلبي لم يعجبك؟".
قد تكتشف أن راتبك الذي تتوقعه أعلى من نطاق الرواتب التي يدفعونها لهذه الوظيفة، أو ربما لم يخصصوا ميزانية للنطاق الأعلى الذي تحاول الحصول عليه. بغض النظر عن السبب، لا تتردد في السؤال أكثر وفهم السبب تماماً. كلما تعلمت المزيد من التفاصيل، كان من الأسهل دفع المحادثة إلى الأمام. في هذه الخطوة، يجب أن يكون هدفك هو عقد اتفاق مرضي للطرفين أو الاقتراب من ذلك.
ضع في اعتبارك، على سبيل المثال، أن الراتب ليس عنصر التعويض الوحيد التي قد تفاوض عليه. إذا لم يكن مدير التوظيف قد خصص ميزانية لتمويل راتبٍ أعلى، فقد يكون من المفيد السؤال عن الامتيازات الأخرى، مثل بدل السفر أو مكافأة إبرام عقد العمل أو المكافآت المرتبطة بالأداء. إذا كانت الموارد المالية مهمة بالنسبة لك، فيمكنك الاستفسار أيضاً عما إذا كانت الشركة تسمح لك بالقيام بأعمال أخرى مستقلة في أثناء عملك فيها. يمكنك أن تسأل مثلا:
- هل يمكن التفاوض مجدداً، بعد ستة أشهر مثلاً، على هذه الوظيفة؟
- هل تتبعون سياسة مكافأة إبرام العقد لهذه الوظيفة؟
- هل تمنح الشركة خيارات الأسهم كتعويض للموظفين بدوام كامل؟ هل سأكون مؤهلاً للحصول على هذه الامتيازات؟
- هل تدفع الشركة علاوة لموظفيها مقابل امتلاكهم ماجستير إدارة الأعمال أو أي شهادة تعليمية مماثلة؟
يظهر هذا التمرين الإبداعي لصاحب العمل مرونتك ومقدرتك على تغيير استراتيجيتك - ستكون نتائجك أفضل كلما تدربت أكثر.
تذكر أنه من الطبيعي أن تشعر ببعض المشاعر السلبية في المحادثات الصعبة، ولكن ليس بالضرورة أن تقف هذه المشاعر عائقاً أمامك. بدلاً من ذلك، يمكنك اختيار الانخراط في مشاعرك - خذ منها ما هو مفيد لك (وللآخرين) واترك الباقي وراءك. على أي حال، لديك القدرة على تحديد المشاعر التي يجب التفاعل معها، وأيها يجب احتضانه وما الذي يجب تركه وراءك. إذا تعلمت القيام بذلك، فيمكنك الاقتراب من تحقيق هدفك على الأرجح.