نصائح حول إجراء عمليات الاندماج والاستحواذ في فترات الانكماش الاقتصادي

5 دقائق
نصائح حول إجراء عمليات الاندماج والاستحواذ

لا تزال معظم الشركات في المراحل الأولى من عملية تقييم آثار أزمة "كوفيد-19" على أعمالها. ولكن مع بدء التخطيط للمستقبل، قد تتاح بعض الفرص لإجراء عمليات الاندماج والاستحواذ التي طال انتظارها.

يجدر بالشركات أن تتمعن في قوائمها الحالية لأهداف عمليات الاندماج والاستحواذ المحتملة وتستعد لإجرائها، إذ من المحتمل أن تتراجع أسعار هذه الصفقات وأن تصبح الأصول التي كانت الشركات مترددة في بيعها سابقاً متاحة الآن.

لكن فرصة تعظيم القيمة قد تكون محدودة نسبياً، والتاريخ خير شاهد على ذلك.

الدروس المستقاة من الأزمة المالية العالمية

تبين الأدلة المستقاة من الأزمة المالية العالمية، التي امتدت من أواخر عام 2007 إلى بداية عام 2009، أن الشركات التي أجرت عمليات استحواذ كبيرة أثناء فترات الانكماش الاقتصادي تفوقت على الشركات التي لم تفعل المثل.

لكن هناك بعض المحاذير: كانت الأزمة المالية العالمية مقتصرة إلى حد ما على قطاعي الخدمات المالية والعقارات، وتعيّن على الحكومات إنقاذ المصارف لأن العديد من الشركات كانت تعمل فوق طاقتها. بالإضافة إلى تضرُّر المستهلكين مع انهيار قيم منازلهم بدرجة كبيرة، ووجد بعضهم أن قروضهم العقارية أصبحت تحت الماء (بمعنى أن الملاك مدينون على الرهن العقاري الخاص بهم بأكبر من قيمة العقار).

وقد أصبح اليوم قطاع الخدمات بأكمله تقريباً مقيد الحركة، وأصبحت معدلات البطالة في مستويات شديدة الارتفاع. تعد أزمة "كوفيد-19" أزمة صحية بالدرجة الأولى، ويبدو أن تطور المرض هو عامل أساسي في تحديد مدة الانكماش، وبالتالي فهو يحدد مجال الفرصة المتاحة لإجراء عمليات الاندماج والاستحواذ. ومع ذلك، تبقى الأزمة المالية العالمية أفضل مثال حديث يمكننا من خلاله دراسة الشكل المثالي للانتعاش المنتظر من منظور عمليات الاندماج والاستحواذ.

فيما يتعلق بعقد الصفقات، كان الانتعاش الذي بدأ عام 2009 يأخذ شكل حرف "U". بمعنى أن انتعاش حجم الصفقات استغرق أكثر من 5 سنوات ليصل إلى متوسط مستوياته قبل الأزمة، ولم تنتعش قيمة الصفقات تماماً.

وفيما يتعلق بمضاعفات الصفقات، التي تعرف بأنها قيمة الشركة مقسومة على "هامش الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك وإهلاك الدين" (EBITDA)، كان الأمر مختلفاً نوعاً ما مع قدر أكبر من الانتعاش الذي يأخذ شكل حرف "V". وقد انخفضت قيم الصفقات من متوسط يبلغ نسبته 10.8 في الأعوام الثلاثة التي سبقت أزمة عام 2008 إلى الانخفاض بمقدار 6.5 عام 2009، قبل القفز إلى متوسط العشر سنوات الذي بلغ 11.6 عام 2019.

يشير التاريخ إلى أنه سيكون هناك فرصة ضئيلة نسبياً لإجراء عمليات اندماج واستحواذ تُتاح مع نهاية أزمة "كوفيد-19" وخلالها ستُعقد صفقات بواسطة هؤلاء الذين يمتلكون السيولة ولديهم درجة من تحمل المخاطر تسمح لهم بالتحرك بسرعة والذين أدوا ما عليهم من واجبات في وقت مبكر.

المستحوذون النشطون قد يتفوقون

هناك بعض العوامل الفاصلة التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند دراسة البيانات.

أولاً، لا يمكن أن يكون هناك تحكم فعلي في عالم عمليات الاندماج والاستحواذ للقياس على أساسه، فالشركة إما تعقد الصفقة أو لا تعقدها. كما أن أداء الشركة، إذا قيس بإجمالي العائد للمساهمين، هو نتاج مزيج من الأنشطة الحيوية وغير الحيوية، وأي عدد من العوامل الخارجية، التي لا يمكن عزل أي منها تماماً.

في ضوء ما سبق، يمكننا استنتاج ما يلي:

* في الشركات التي أجرت عمليات استحواذ يبلغ مجموعها 10% على الأقل من قيمتها السوقية من عام 2008 حتى عام 2010 (المستحوذون النشطون) بلغ متوسط إجمالي العائد للمساهمين 6.4% في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني عام 2007 ويناير/كانون الثاني عام 2008، مقارنة بإجمالي العائد للمساهمين الذي يبلغ -3.4% في الشركات الأقل نشاطاً. (انظر الشكل 3). ولوحظ اختلاف مماثل في القيمة الوسيطة لإجمالي العائد للمساهمين.

* استمر هذا التوجه على مدار الفترة من يناير/كانون الثاني عام 2007 حتى يناير/كانون الثاني عام 2010 عندما كان متوسط إجمالي العائد للمساهمين 10.5% للمستحوذين النشطين مقابل 3.3% للشركات الأقل نشاطاً.

وقد ازداد إجمالي عائد المساهمين للمستحوذين ذوي الموقف القوي فيما يتعلق بالسيولة (حيث بلغت نسبة الاستثمارات النقدية والاستثمارات قصيرة الأجل إلى الإيرادات 7.0% على الأقل عام 2007) بنسبة 5.0% في المتوسط. وعلى النقيض شهدت الشركات الأخرى زيادة متوسطة بنسبة 1.7% على مدار الفترة من يناير/كانون الثاني عام 2007 حتى يناير/كانون الثاني عام 2010. ولا تزال هذه الفجوة موجودة على المدى الطويل (5 سنوات) مع زيادة إجمالي عائد المساهمين للمستحوذين النشطين بنسبة 16.9% في المتوسط مقابل 4.9% للشركات الأخرى.

نشاط الصفقات قد يكون هو الحل الأفضل للسيولة الفائضة

قد تجد الشركات التي لديها سيولة فائضة أن المساهمين ومجالس الإدارة أكثر تحفظاً بشأن الكيفية التي تُستخدم بها هذه السيولة. وعلى وجه التحديد قد يجري تقييد عمليات إعادة شراء الأسهم، وربما توزيع الأرباح أيضاً، لعدة سنوات وستحتاج الشركات إلى الاحتفاظ بمستوى أعلى من السيولة النقدية في المتناول. وهذه العوامل ستتطلب من الشركات استخدام أي سيولة فائضة فعلياً لتحقيق قيمة سهمية على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه، مع التركيز على الحفاظ على صحة الاقتصاد والوظائف، من المرجح أن تكون الحكومات والجهات الرقابية أكثر تسامحاً إزاء عمليات الاستحواذ الأكبر حجماً في العديد من القطاعات.

يشير التحليل الذي أجرته شركة "إرنست آند يونغ" (EY) إلى أنه ليس من السابق لأوانه النظر في فرص إجراء عمليات الاندماج والاستحواذ والاستعداد لاتخاذ إجراءات في هذا الصدد. ويحتاج الرؤساء التنفيذيون والرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية ورؤساء قسم الاستراتيجية وتطوير الشركة إلى التفكير بشكل استراتيجي الآن في "الوضع الطبيعي الجديد" وتحديد أي من عمليات الاستحواذ ستكون بمثابة إضافة إلى نماذج أعمالهم الحالية. فهناك بعض الجوانب في عملية الصفقة لن تُسيِّر الأعمال كالمعتاد، خاصة أثناء فترة تطبيق التباعد الاجتماعي. وستحتاج الشركات التي تفكر في إجراء عمليات اندماج واستحواذ إلى أخذ بعض من الجوانب الفريدة في إتمام الصفقات بعين الاعتبار، بما في ذلك:

عملية الفحص النافي للجهالة بالنسبة للصفقات: حتى إن كان من الممكن إتمام غالبية عملية الفحص النافي للجهالة عن بُعد، فمن المرجح أن تستغرق وقتاً أطول. كما أن عملية الفحص النافي للجهالة التي تتطلب زيارات إلى الموقع كالذهاب إلى المصانع من الصعب للغاية أن تُجرى عبر الفيديو. وقد تترد مجالس الإدارة أيضاً في الموافقة على أحد الأصول أو الصفقات التي تتطلب الكثير من العمليات دون القيام بزيارة فعلية للموقع. وسيكون من المهم أكثر من أي وقت مضى إجراء اختبار الضغط لقوة الميزانية العمومية والتنبؤ بالتدفقات النقدية المتوقعة في الـ 12 إلى 24 شهراً القادمة. كما أن الفحص النافي للجهالة السيبراني (أي تقييم قوة الثغرات في تقنية المعلومات لدى الشركة المستهدفة) سيصبح على نحو متزايد أحد مجالات التركيز نظراً إلى الاعتماد المتسارع على التكنولوجيا.
نمذجة التآزر: نمذجة التآزر مطلوبة مع مراعاة "الوضع الطبيعي الجديد". على سبيل المثال، تمتلك سلاسل التوريد المرنة فائضاً أكبر من سلاسل التوريد التي تتسم بالكفاءة، ما يعني أنها أكثر تكلفة ولديها فرص أقل لخفض التكاليف وتحقيق التآزر.

نماذج الأعمال: من المرجح أن تتغير نماذج الأعمال في "الوضع الطبيعي الجديد"، وهذا ليس ما هو واضح فحسب. على سبيل المثال، مشروب الكومبوتشا الساخن الجديد مع كل الضجة التي أحدثها على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون من الصعب إيجاد مكان له على رفوف متاجر البيع بالتجزئة في المستقبل حيث ستبدأ محلات البقالة في إعطاء الأولوية للعلامات التجارية الراسخة والمعروفة وسلامة المخزون على حساب تقديم منتج ساخن جديد.

التكامل بعد عمليات الاستحواذ: أصبح الحفاظ على معنويات الموظفين واندماجهم أمراً بالغ الأهمية، خاصة في البيئة الحالية، حيث سيركز الكثيرون على أمانهم الوظيفي، ولذلك قد يكون من الصعب مطالبتهم بتوجيه طاقتهم نحو إعداد الموظفين الجدد المستهدفين. وفي حين أنه من الممكن أن تشق طريقك من خلال الأدلة الإرشادية لتحقيق التكامل عن بُعد، إلا أنه قد يكون من الصعب إقناعهم بالجوانب المتعلقة بالثقافة وإدارة التغيير بدقة من خلال المكالمات التي تُعقد عن طريق الفيديو. وتُعد مراعاة المرونة في ساعات العمل وضمان التزام مختلف اجتماعات تحقيق التكامل بإطار زمني معقول وإدخال قدر مناسب من أنشطة "التعارف وكسر الجمود" في العملية (كالساعات السعيدة الافتراضية)، من الطرق التي يمكن استخدامها لتخفيف أعباء العمل عن بُعد من المنزل.

وأخيراً، تتطلب عمليات الاندماج والاستحواذ صرامة شديدة في فهم سيناريوهات منحنى الانتعاش ما بعد أزمة "كوفيد-19" التي من المرجح أن تواجهها الشركات المستهدفة أثناء خروجها من الأزمة، بالإضافة إلى فهم الحالة الفعلية للسيولة في الشركة المستهدفة ومعرفة نفقاتها الرأسمالية أو احتياجاتها المماثلة على المدى القريب.

شكر خاص لراهول أغراوال ومانفي غوبتا وبانيبريت كور وفيشالي مدان على مساهماتهم في هذه المقالة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي