بعد محاضرة ألقيتها مؤخراً عن علم النفس الإيجابي في شركة متعددة الجنسيات ضخمة، قال لي أحد كبار المدراء في الشركة: "سأستخدم المعلومات التي تعلّمتها في هذه المحاضرة لتعزيز نجاح فريقي، لذلك قررت من الآن فصاعداً ألا أكلمهم إلا عن الأمور الجيدة". فقلت له بلطف: "تبدو فكرة مريعة!"، إذ إن تجاهل المشكلات لا يجعلها تختفي، وكلما بالغنا في تجميل الواقع، ضعف إيمان الناس بقيادتنا. والآن لدي بحث جديد يدعم ما ذكرته. فماذا عن إبلاغ الفريق بالأخبار السيئة؟
أجريت وزملائي دراسة تُظهر كيفية التحدث عن الأحداث السلبية بطريقة تمنع الأخبار السيئة من تثبيط الموظفين، مع تعزيز قدرتهم على حل المشاكل، وكنت أجريت خلال وقت سابق مع أريانا هافينغتون والباحثين، شون آكور وبرينت فير، تجربة أظهرت أن التعرض لثلاث دقائق فقط من الأخبار السيئة يمكن أن تؤدي إلى زيادة بنسبة 27% في احتمال حدوث يوم سيئ، فالاصطدام بحاجز من الأحاديث عن أمور سيئة من دون مناقشة حلول لها يجعلنا نعتقد بعجزنا عن القيام بأي شيء حيال الوضع، أي إن السلوك لا يؤثر في النتائج. وحين تبدأ يومك على هذا النحو، بالاستماع إلى نشرة الأخبار الصباحية مثلاً، أو مشاهدتها على التلفاز، تزداد احتمالات نقلك هذه الذهنية المثبطة للعزيمة إلى مكان العمل.
التأثيرات الموهنة لقدرات فريق العمل
وفي دراسة متابعة، استطلعنا كيفية إبطال التأثيرات الموهنة للعزيمة لوصف أحداث سلبية، مثل إعادة الهيكلة المحتملة للإدارة، أو تراجع المبيعات، على فريق من قياديي الأعمال. باختصار، اكتشفنا أن الجمع الفوري بين المشكلة وحل ممكن لها يُعزّز كثيراً الإبداع ومهارة حل المشكلات، ولكن في حالة واحدة فقط، هي يكون الحل المقترح من النوع الصحيح من الحلول. في بداية هذه الدراسة، تم اختبار 248 مشاركاً على مقياس معياري لحل المشكلات. ومن الأسئلة التي طرحت عليهم مثلاً كان ذكر أكبر عدد من استخدامات شريط قماشي يخطر ببالهم، في وقت محدد. ثم أُخضع المشاركون في الدراسة عشوائياً في إحدى حالتين: الحالة الأولى طُلب منهم قراءة مقال يركز بمعظمه على مشكلة معينة، في حين ناقش المقال الثاني المشكلة وحلولها المحتملة. ومن أمثلة هذين المقالين، ما نشر حول نقص الأغذية في مصرف محلي للغذاء. وقد عرض المقال المركّز على الحل خمسة أمور ممكنة للحد من المشكلة، بما فيها التبرع بالأغذية، وإعداد حملة لجمع التبرعات النقدية للمصرف. ثم أعطي المشاركون مجموعة جديدة من مهمات حل المشاكل.
اقرأ أيضاً: كيف تدير معنويات فريقك عندما يغادر موظف محبوب العمل؟
نقل المشاركون الذين عُرضت عليهم حلول، ذلك التأثير الإيجابي إلى مجال جديد. وكان لعرض الحلول تأثير عظيم على روح الإبداع ومهارة حل المشكلات لدى المشاركين في التجربة. وبالتحديد، حين عُرضت على الناس حلول يستطيعون فعلياً تطبيقها بأنفسهم، ازدادت قدرتهم على حل المشكلات في المهمات اللاحقة غير المرتبطة بما سبق، بنسبة 20%. فتذكير الدماغ بأن هناك طريقاً للتقدم يتيح لك نقل تلك الذهنية المقوية للعزيمة إلى تحديات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تحسّنت نفسية الأشخاص الذين ركّزوا على الحلول، وأفاد المشاركون في التجربة، في المتوسط، أنهم شعروا باضطراب أقل بنسبة 19%، وبتشنج أقل بنسبة 23%. بالنسبة إلى مدير يقود موظفيه في الأزمات، يعني ذلك أنه من الممكن التحدث عن الأمور السلبية (مثل قلة الموارد)، مع الحفاظ على انخراط الموظفين في العمل وقدرتهم على حل المشكلات.
كيفية إبلاغ الفريق بالأخبار السيئة
ثمة ثلاث طرق تتيح للمدراء استخدام نتائج التجربة التي ذكرناها مع فرق عملهم:
لا تشجع فريقك على التصرف مثل النعامة
يتصرف العديد من قياديي الأعمال مثل النعامة، فيدفنون رؤوسهم بالرمل في محاولة للحفاظ على السعادة، أملاً بألا تمس السلبية في العالم حياتهم. لكن، يُظهر هذا البحث أنك تستطيع مواجهة المشكلات برأس مرفوع، فرؤية الحلول تقوي اعتقادك بأن سلوكك مهم، وتحسن مزاجك أيضاً. لذا، بدل تجنّب حقيقة انخفاض معدلات انخراط فريقك في العمل، أو تجاهل حقيقة أن أحد مدرائك للمبيعات يقلل من أهمية عمليات البيع التي يُجريها آخرون في المنطقة، قد يكون تسليط الضوء على المشكلة الخطوة الأولى في حلّها.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم برامج اليقظة والتنبه الذهني لزيادة الإبداع لدى فريق العمل؟
حاول إشراك أعضاء فريقك
غالباً ما يخطط القادة لكيفية إبلاغ فرقهم بمشكلة معينة عند حدوثها. ومن المهم بالقدر نفسه أخذ وقت في التخطيط لمناقشة المشكلة، فإن لم يكن الحل واضحاً، فيجب عليك إشراك فريقك في جلسة عصف ذهني. وبإمكانك تحويل التحدي الذي تواجهه في العمل إلى تمرين لبناء فريق من شأنه إفادة المؤسسة، بإبراز الطريق الصحيح الذي ينبغي لسلوكه. وكلما وضحت لموظفيك أكثر بأن سلوكهم مهم، وبأن لهم يداً في حل تلك المشكلة، ازدادت عزيمتهم للتصرف. لقد رأيت مثالاً رائعاً لذلك خلال عملي مع قيادية تقنية من شركة "هيوليت-باركارد" (آتش بي)، عقب إعادة هيكلة إدارية في الشركة. فقد دفعت تلك القيادية فريقها للقيام بعصف ذهني حول الطرق التي تمكّنهم من البقاء منخرطين في العمل في خضم حالة الشك التي أحاطت بهم. وتوصل الفريق إلى مقاربة أسموها "5/55"، ترمز إلى تخصيص 5 دقائق "للتنفيس" عن أي هواجس، تليها 55 دقيقة من التركيز الشديد غير المقاطع على مشروع معين. وقد وفّر الحل المبتكر لغة مشتركة جديدة للمجموعة وزاد تركيز أفرادها على عملهم.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد فريقك على إدارة الأعمال المزعجة؟
اعرض سجل إنجازات الفريق
يُحقق الشعور بالتقدم مزيداً من التقدم. لذلك، يجل عليك تذكير أعضاء فريقك بالنجاح الباهر الذي حققوه حين واجهوا تحديات في الماضي. بيّن لهم الشوط الذي قطعوه معاً بالإشارة إلى إنجازات محددة. على سبيل المثال، يوجد في شركة "أدوبي" (Adobe)، جدار خارج القهوة الخاصة بالشركة مصنوع من الطوب الأحمر، كُتبت عليه امتيازات الاختراع والابتكارات التي حققها العاملون في تلك الشركة لتخطي التحديات السابقة. فإن دفعت موظفيك إلى تحويل انتباههم عن كل الأحداث السيئة التي تجري في الحاضر، إلى كل الأمور الصحيحة التي جرت في الماضي، فإنك تساعدهم على الشعور بالاستعداد لاتخاذ خطوات بناءة إلى الأمام بعد معرفة الطريقة الصحيحية لإبلاغ الفريق بالأخبار السيئة.
اقرأ أيضاً: كيف ترشد فريقك في الظروف الغامضة؟