ملخص: تغيّرت نظرة قادة قطاع الأعمال إلى ممارسات الاستدامة، إذ كان كثيرون منهم ينظرون إليها كنوع من المسؤولية الاجتماعية الثقيلة التي قد تحد أحياناً من نمو الشركة. إلا أن هذه النظرة تبدلت مؤخراً، بعدما أدركوا أن ممارسات الاستدامة لن تحسن فقط سمعة الشركة، وإنما هي محرك أساسي للنمو، بدءاً من زيادة وعي الموظفين، وجذب العملاء والمستثمرين، وحتى تحسين الأداء وتحقيق الأرباح على المدى الطويل. يركزّ هذا المقال على إحدى المبادرات المبتكرة لشركة سال السعودية التي تصب في محور الاستدامة، حيث أنشأت منطقة مشجعين في ليسن فالي في الرياض، مصنوعة بالكامل من منصات التحميل البلاستيكية المعاد تدويرها.
في القطاعات الأكثر تأثيراً في التغيّر المناخي، مثل قطاع الخدمات اللوجستية والنقل الذي يسهم بأكثر من ثلث انبعاثات العالمية، يشعر بعض قادة الأعمال بمسؤولية أكبر بشأن الإسهام في مكافحة التغيّر المناخي عبر اتباع ممارسات الاستدامة. وقد شرع الكثير منهم في اتخاذ مبادرات بإمكانها إحداث تأثير حقيقي، مثل المبادرة التي اتخذتها سال، الرائد اللوجستي الوطني المتخصصة في مجال الحلول والخدمات اللوجستية في أنحاء المملكة، بتأسيس أول منطقة مشجعين مستدامة لكرة القدم في العالم.
قررت شركة سال استغلال شراكتها اللوجستية مع الدوري السعودي للمحترفين المعروف بدوري روشن السعودي، لتدشين منطقة مشجعين مستدامة في ليسن فالي في الرياض، مصنوعة بالكامل من منصات التحميل البلاستيكية المعاد تدويرها، والتي تعتمد عليها شركة سال في أعمالها الخاصة بالمناولة والشحن والنقل في محطاتها البالغ عددها 18 محطة حول المملكة.
واستخدمت سال في تصميم المنطقة منصات بلاستيكية معاد تدويرها لبناء المنطقة بالكامل بدءاً من مقاعد المشجعين والطاولات وبوابات الدخول ومنطقة المأكولات والمشروبات، لتصبح منطقة المشجعين هذه الأولى من نوعها في العالم.
وقد قررت شركة سال منذ العام الماضي استخدام منصات التحميل البلاستيكية المعاد تدويرها بدلاً من المنصات الخشبية، في إطار الحفاظ على الأشجار التي تصنع منها المنصات الخشبية وذلك وفقاً لاتفاقية مع برنامج استدامة الطلب على البترول (Oil Sustainability Program).
ويعد استخدام المواد البوليمرية في تصنيع منصات التحميل أكثر نفعاً للمملكة مقابل نظيرتها المصنعة من الخشب، إذ أنها أكثر استدامة، وأقل إنتاجاً للانبعاثات الكربونية، كما أنها قابلة لإعادة التدوير والاستعمال أكثر من 250 مرة وفقاً لبرنامج استدامة الطلب على البترول ، وتحافظ على الغطاء النباتي، إذ تشير التقديرات إنه يتم إنتاج ما يصل إلى 450 مليون منصة خشبية سنوياً، وأن الحصول على 4 منصات خشبية يتطلب جذع شجرة، ما يعني قطع مئات الآلاف من الأشجار.
ويقول العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة سال، فيصل البداح، في تصريحات له، إن التزام الشركة بالاستدامة والإبداع بمثابة قوة دافعة لبناء أول منطقة للمشجعين على الإطلاق مصنوعة بالكامل من المنصات البلاستيكية، موضحاً أن الشركة أرادت أن تلعب دوراً في معالجة المخاوف البيئية والحد من إزالة الأشجار من خلال إظهار فائدة المواد المعاد استخدامها.
ويضيف أن استجابة الجماهير كانت إيجابية تجاه هذه المنطقة، إذ أن حضورهم المباريات في هذه المنطقة المستدامة جعل منهم مشاركين في الوعي بالاستدامة البيئية.
تسعى سال إلى تحقيق الاستدامة في أعمالها اليومية، فإلى جانب استخدام المنصات البلاستيكية، بادرت أيضاً إلى الاعتماد على رافعات شوكية تعمل بالكهرباء بدلاً من الديزل، إذ تستطيع هذه الرافعات العمل لفترات طويلة معتمدةً على الطاقة الكهربائية، وبالتالي تؤدي إلى رفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية، والإسهام في المحافظة على البيئة بخفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة الهواء في مكان العمل، وفقاً لتصريحات البداح في مقابلة سابقة في هارفارد بزنس ريفيو العربية.
وأثبتت سال أن اتباع ممارسات الاستدامة لا يتعارض مع تعزيز النمو وتحقيق الإيرادات، كما تسهم سال في دعم رؤية المملكة 2030، وتحديداً في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف إلى جعل المملكة منصة لوجستية عالمية، ومركزاً دولياً لخدمة الشحنات، ورفع الطاقة الاستيعابية للمحطات الرئيسية للوصول إلى 4.5 مليون طن بحلول عام 2030، وزيادة عدد المسافرين جواً إلى 330 مليون مسافر.