ملخص: لا يتعلق جدول العمل الجديد بما إذا كنت تعمل من المكتب أو المنزل، بل بثلاثة أنواع من الاجتماعات والظروف التي تخدمها على نحو أفضل، وهي: اللقاءات التفاعلية التي تساعد على إحراز تقدم في العمل، واللقاءات الترابطية التي تساعد على توطيد العلاقات، واللقاءات التكييفية التي تساعدنا على مناقشة الموضوعات المعقدة أو الحساسة. ونظراً إلى أنه من الأسهل إجراء اللقاءات التفاعلية عبر الإنترنت، فقد أصبحت اللقاءات الترابطية والتكييفية نادرة نسبياً. الآن هو وقت رائع لإحياء هذه اللقاءات وإعادة تصميمها، فقد كان لجميعها عيوب حتى قبل الجائحة. تحدد المؤلفة في هذه المقالة أفضل الظروف لإجراء الأنواع الثلاثة وتشرح لماذا يحتاج كل نوع إلى مساحة ومكان مخصصين.
أصبحت الاجتماعات مفككة؛ فقد حدث شيء ما عندما أصبح العمل يتم عن بُعد في عام 2020، ولم تُصلحه إعادة فتح المكاتب. أصبح كل تفاعل مع الزملاء في شكل مكالمة فيديو، وأصبحت أيام العمل كلعبة مكعبات: أين يمكنني إدراج هذا الاجتماع؟ والآن، مع وجود سياسات تحدد أيام العمل من المنزل والمكتب، ازداد تعقيد هذه اللعبة.
من خلال عملي في مساعدة المؤسسات التي يعمل أكثر من نصف موظفيها عن بُعد أو التي تتبع نظام العمل الهجين على الازدهار، رأيت أن الموظفين يذهبون إلى المقر فقط لقضاء بعض الوقت في مكاتب شبه فارغة أو لإجراء مكالمات. ويبدو هذا كقيد جديد أكثر مما هو قدر من المرونة، كما أنه لا يسهم في بناء العلاقات المتوخاة. إنه أسوأ ما في العالمين.
هناك طريقة أفضل؛ بدلاً من التركيز على مكان اللقاء وزمانه، يجب أن نبدأ بالسبب وراء اجتماعنا معاً وأن ندع هذا السبب يحدد الأمور اللوجستية. عندما يُطلب مني المساعدة في إعادة بناء العلاقات وتوطيد أواصر التعاون المعقد، أبدأ بهذه النصيحة الأساسية: لا يتعلق جدول العمل الجديد بما إذا كنت تعمل من المكتب أو المنزل، بل بثلاثة أنواع من اللقاءات والظروف التي تخدمها على نحو أفضل.
3 أنواع من اللقاءات
لماذا أسميها لقاءات وليس اجتماعات؟ هناك غاية من هذه التسمية. الاجتماع له دلالة قوية؛ فهو يشير إلى تجمُّع الأشخاص حول طاولة اجتماعات (أو ما يعادلها عبر الإنترنت) وجدول حافل بالأعمال، بينما تنطوي اللقاءات على أغراض متعددة وتنادي بفكرة أنه يجب علينا التجمُّع في موعد محدد لإنهاء الأعمال المدرجة على القائمة.
تساعد اللقاءات التفاعلية على إحراز تقدم في العمل، أما اللقاءات الترابطية فهي توطد العلاقات، واللقاءات التكييفية تساعدنا على تناول الموضوعات المعقدة أو الحساسة. ونظراً إلى أنه من الأسهل إجراء اللقاءات التفاعلية عبر الإنترنت، فقد أصبحت اللقاءات الترابطية والتكييفية نادرة نسبياً. الآن هو وقت رائع لإحياء هذه اللقاءات وإعادة تصميمها، فقد كان لجميعها عيوب حتى قبل الجائحة. أوضح فيما يلي أفضل الظروف لعقد اللقاءات الثلاثة. وفي حين أنني أركز على البيئات الهجينة، فإن هذه الدروس تنطبق على أي مؤسسة.
1. اللقاءات التفاعلية
الهدف منها هو إنجاز المهمات، ومن الأمثلة عليها: الاجتماعات السريعة اليومية، والتحديثات الأسبوعية حول المبيعات، واجتماعات التخطيط. وتحتاج إلى 3 أشياء لتكون ناجحة:
مستندات العمل المشتركة
للأدوات المستندة إلى السحابة أثر عظيم، ومنها: جوجل دوكس (Google Docs) وميرو (Miro) وفيغ جام (FigJam). إذا لم يكن فريقك يستخدمها، فهذا هو الوقت المناسب لبدء استخدامها. نظراً إلى أنه يمكن لعدة أشخاص إدخال تعديلات بصورة متزامنة، يرى الجميع التحديثات آنياً، كما أن هذه الأدوات أفضل بكثير من السبورة البيضاء التي يمكن لعدد قليل فقط رؤيتها.
تكافؤ الفرص في الظهور على الشاشة
اللقاءات التفاعلية الهجينة (أي عندما يكون هناك شخصان على الأقل في الغرفة نفسها وبقية الأشخاص يعملون من مناطق متفرقة) تستفيد من "تكافؤ الفرص في الظهور على الشاشة" (screen parity)؛ أي ظهور صورة كل شخص في إطار منفرد. فكما يعلم أي شخص حضر اجتماعاً هجيناً عن بُعد، من الصعب التفاعل في غرفة اجتماعات افتراضية مليئة بأشخاص صورتهم مشوشة.
مضيف يبحث عن أي إشارات دالة على الرغبة في المشاركة
في حين أن التغييرات التكنولوجية تساعد بشكل كبير، تقع على عاتق مضيفي الاجتماعات مسؤولية إضافية عندما لا يكون الجميع معاً في مكان واحد: الانتباه إلى الإشارات الدالة على الرغبة في المشاركة، مثل اليد المرفوعة أو إزالة علامة كتم صوت المايكروفون. وقد وجدت أنه من المفيد إضافة دور تكميلي؛ وهو "مسؤول المشاركة" ليدعم المضيف في ضمان مشاركة الجميع على نحو فعال ومنصف. في الفعاليات الأصغر، يمكن أن يقوم شخص واحد بأدوار المسؤول عن المشاركة والمضيف، أما في اللقاءات الكبيرة، فينبغي تكليف شخصين منفصلين بكل دور.
2. اللقاءات الترابطية
تهدف اللقاءات الترابطية إلى توطيد العلاقات، ومن الأمثلة عليها: الاجتماعات الخارجية أو وجبات الغداء الجماعية أو النزهات التي تسهم في بناء روح الفريق. وتحتاج إلى 3 أشياء لتكون ناجحة:
أهداف واضحة
تُعد اللقاءات الترابطية هي الأكثر تأثراً بمتلازمة "دعونا فقط نجمع الجميع معاً": فكرة أن مجرد جمع الأشخاص معاً سيكون كافياً. في حين أن هذه الأنواع من الفعاليات يمكن أن تكون ممتعة، فإنها لا تسهم في بناء العلاقات. إذ يجب تصميم هذه اللقاءات بحيث تكون لها أهداف واضحة، سواء كانت تضم شخصين أو جميع العاملين في المؤسسة. وبدلاً من أن يكون الهدف هو "التعرف على الجميع"، جرب وضع أهداف مثل:
- التعرف على التطورات الوظيفية
- فهم الدوافع
- التفكير في لحظات النمو
فهذه الأهداف تمنح الأشخاص فرصة للتواصل حتى يتمكنوا من التعرف بعضهم على بعض بتلقائية.
أنشطة منظمة
بدلاً من أن يكون اللقاء مبهماً ومفتوحاً للجميع، نظِّم الوقت. قسِّم الجلسة إلى أوقات للتفكير (كل شخص بمفرده) ومشاركة الأفكار (في مجموعات صغيرة) من خلال أنشطة مثل:
- ارسم خريطة لمسارك المهني، مع إبراز التغييرات المحورية.
- شارك نصيحة متعلقة بالعمل.
- احكِ قصة عن الصمود.
تُبنى العلاقات القوية من خلال رفع مستويات الانفتاح، لذلك فإن هذه الأنشطة تسمح للأشخاص بالتعرف على الآخرين بطرق تُشعرهم بالراحة. فمن المرجح أن يشارك أعضاء فريق القيادة الذين عملوا معاً لسنوات وتعرضوا لمواقف صعبة قصصاً أعمق من الموظفين الجدد في لقاءات إعداد الموظفين الجدد.
إذا كانت هناك مجموعة من الأعضاء في فريقك يعملون معاً في مكان واحد، فابحث عن طريقة مميزة وغير متزامنة لإشراك غير الموجودين معهم في المكان نفسه. على سبيل المثال، في نشاط مشاركة النصائح، يمكنك أن تطلب من الأشخاص مشاركة نصائحهم عبر الفيديو مسبقاً.
مزيج من الأشخاص من مختلف الوظائف أو المستويات أو المواقع
إذا تُركنا لاستخدام وسائلنا الخاصة، فسنختار ما يُشعرنا بالراحة: التحدث إلى زملائنا في الفريق أو مَن هم في ظروف مماثلة. لكن المؤسسات تحتاج منا إلى تكوين علاقات خارج هذه الصوامع المنعزلة، ما يمكن أن تدعمه العلاقات الترابطية عن طريق الجمع المتعمَّد بين الأشخاص الذين لا ينجذب عادة بعضهم إلى بعض.
3. اللقاءات التكييفية
تساعدنا هذه اللقاءات على مناقشة الموضوعات المعقدة أو الحساسة التي تكون فيها العملية الصحيحة أو النتيجة المرجوة غير واضحة من البداية، وهي تتطلب مرونة ودقة. ومن الأمثلة عليها: جلسات التخطيط الاستراتيجي أو سباقات الابتكار أو المحادثات المهنية أو مناقشة التأثير التنظيمي لقضية مجتمعية. تتطلب هذه اللقاءات تَوفُّر 3 شروط لكي تكون ناجحة:
بيئة مرنة ومميزة
عندما كنت أعمل في شركة التصميم آيديو (IDEO) حيث كانت تقريباً جميع اللقاءات مع العملاء قابلة للتكييف، فضّلنا عقد اللقاءات في غرف منفصلة عن الغرف التي نعقد فيها اجتماعات الفريق. كانت الغرف المثالية هي الغرف ذات الأثاث المتحرك الذي يمكن للأشخاص التجمع حوله، ولم يكن هناك أي تسلسل هرمي رسمي (كانت هناك غرف مخصصة لاجتماعات مجلس الإدارة). إذ يؤثر الحيز المكاني على طريقة تفاعل الأشخاص معاً، لذلك كان الموقع هو أول دليل للمشاركين على أن هذه المحادثة لن تكون عادية.
اخرج عن نطاق مكالمات الفيديو المعتادة، وصمم جلسات للعصف الذهني دون تشغيل الفيديو واجعل التركيز على لوحة تفاعلية رقمية. وحاول إجراء محادثات لطيفة (التي تكون فيها لغة الجسد مهمة) مع أشخاص يجلسون على أرائك أو كراسيّ بدلاً من الجلوس إلى مكاتب، مع وضع الكاميرا في مكان أبعد لتسمح بظهور إشارات الجسم بالكامل.
شعور بالأمان
لطالما كانت المحادثات الصعبة أو الحساسة تُجرى وجهاً لوجه، وبذلك نتمكن من مراقبة لغة الجسد واستخدام البيئة المادية لخلق شعور بالأمان. لكننا تعلمنا من الجائحة أن هذا ليس ضرورياً دائماً، أو مرغوباً. وتُعد المحادثات المهنية الحساسة من الأمثلة على ذلك. في حين أن غريزتك قد تدفعك إلى عقد هذه الاجتماعات وجهاً لوجه، فقد أخبرني الكثير من الموظفين أنهم يفضلون إجراء هذه النقاشات عبر الإنترنت. إذ تساعدهم الشاشة في السيطرة على مشاعرهم، ما يمنحهم إحساساً أكبر بالسيطرة. لذا، امنح الموظفين حرية اختيار مكان إجراء هذه الاجتماعات (إذ قد يفضل البعض عقدها عبر الإنترنت، بينما قد يفضل البعض الآخر إجراء المحادثة في أثناء المشي).
الحرص على تبديد التوترات
غالباً ما تنطوي المشكلات المعقدة على ضغوط زمنية، ويمكن أن تساعد "صمامات تحرير الضغط" في حلها. لتحقيق نتائج في أجواء هادئة، اخلق فاصلاً بين مناقشة الخيارات واتخاذ القرارات. في الغرفة، قد يكون هذا الفاصل في شكل استراحة لاحتساء القهوة مع الضحك معاً على شيء خارج موضوع الاجتماع. وعبر الإنترنت، يمكن أن يكون في شكل تشجيع الجميع على الخروج وعدم التفكير في المشكلة. فهذا التغيير في التركيز ضروري لتحقيق نتائج مثمرة.
في مؤسسة يعمل أكثر من نصف موظفيها عن بُعد كنت قد قدتها، كان علينا بناء إطار إرشادي جديد بعد واقعة مشحونة. ولتبديد التوتر، غيرنا نبرة الخطاب والنظام. أولاً، عقدنا اجتماعاً صغيراً عبر الإنترنت للتفكير في الواقعة (للسماح للعواطف بالتدفق عند تقييم المشكلة). وبعد ذلك، عقدنا لقاءات فردية مع العديد من الأفراد لفهم احتياجاتهم المتنوعة (وهذا التآلف ساعد الموظفين على الشعور بمزيد من الراحة إزاء الحديث عن نقاط ضعفهم). وأخيراً، استضفنا جلسة لوضع إطار جديد (وبحلول ذلك الوقت، كانت هناك مساحة كافية لكي تتبدد المشاعر التي تم التعبير عنها في أول مرحلتين).
ماذا يجب أن تفعل إذا كانت لقاءاتك تجمع بين الثلاثة أنواع أو لم تكن تندرج تحت أي نوع منها؟
على الرغم من أن حالات الاستخدام هذه تخدمها ظروف مختلفة، فإن هذا لا يعني أنه لا يمكنك دمجها معاً. إذ يمكن على سبيل المثال تنظيم لقاء خارج مكان العمل لبناء العلاقات ومعالجة القضايا الاستراتيجية المعقدة وإنجاز العمل. ضع شروطاً منفصلة لكل لقاء: احرص على الجمع بين الأشخاص الذين لا ينجذب بعضهم إلى بعض عادة، واسمح بإجراء النقاشات الاستراتيجية بحرية، وخصص مساحات مستقلة لكل نوع من الأنشطة.
قد يبدو أن هناك فعاليات أخرى لا تندرج تحت أي من اللقاءات الثلاثة، ولا بأس في ذلك أيضاً، لأن السبيل إلى إجراء لقاء فعال هو دائماً طرح السؤال التالي: لماذا سنجتمع؟ ما الذي نحاول إنجازه؟ واترك لكل احتياج من الاحتياجات مساحته ومكانه. قد تتفاجأ من وتيرة الاجتماع وجهاً لوجه؛ في حين أنها ستختلف حسب احتياجات الفريق، فمن المرجح أن تكون كل شهر أو كل 3 أشهر أو كل مشروع أكثر من احتمالية أن تكون كل أسبوع.
إذا لم تتمكن من إجراء تغيير على مستوى المؤسسة، فلا يزال بإمكانك التأثير في اللقاءات التي تعقدها. وفي إطار سياسة تحدد المكان الذي يجب أن تكون فيه، وليس سبب وجودك فيه، أعد تشكيل طريقة إجراء اللقاءات من خلال تحويل أولوياتك من لوجستيات جدول العمل إلى احتياجات موظفيك.