وصفة أمازون لدمج المتاجر الفعلية بالرقمية

2 دقائق

هل أصابتكم الدهشة عندما سمعتم بأن شركة "أمازون" (Amazon)، ستفتتح متجراً للإسمنت ومواد البناء؟ نعم، إن أكبر متجر على شبكة الإنترنت، والذي يشكل تهديداً كبيراً لمتاجر التجزئة التقليدية، يخطط لفتح متجر في قلب مدينة نيويورك، على بعد خطوات فقط من متجر "مايسيز" (Macy’s) الضخم.

ولكن في حقيقة الأمر، ليس هناك من داعٍ إلى هذا القدر من الدهشة، فكما شرح داريل ريغبي (Daryl Rigby)، الشريك في شركة "بين آند كومباني" (Bain & Company)، في مقالة حديثة في "هارفارد بزنس ريفيو"، فإن العديد من متاجر التجزئة تحاول الجمع الآن ما بين حضورها في العالمين الرقمي والفعلي لتمنح زبائنها تجربة جديدة. وقد رأينا هذا الأمر يحصل لسنوات، لكن الأمر الأكثر شيوعاً هو أن متاجر التجزئة التقليدية تنشئ مواقع لها على شبكة الإنترنت. يقول ريغبي: "في الأيام الأولى للثورة الرقمية، بذل العديد من قادة الشركات المعروفة والقديمة قصارى جهدهم لتجاهل هذا الانقلاب الكبير، إذ كانوا مقتنعين بأن التهديد القادم من هذا النوع من التكنولوجيا الجديدة لن يكون له تأثير متزايد أبداً". وأضاف: "ولكن بعد أن ثبت خطأ هذا الافتراض، غيّر الكثيرون آراءهم، وخلصوا إلى أن العالم الرقمي سيقود حتماً إلى تدمير مواقعهم. لذلك تعيّن عليهم التوقف عن ضخ المال في الشركات القديمة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإطلاق مواقع رقمية مستقلة، واعتقدوا أن الوحدات القائمة قد لا تنجو بنفسها، لكن الشركات الرقمية التي وجدت لتنافس ما يمكنها من خلاله أن تحل مكان الأقسام الإلكترونية في محفظة الشركة".

إلا أننا جميعاً نعلم كيف سارت الأمور بعد ذلك. وهنا أستذكر متجر سيرز (Caesar) الشهير. فالشركات الرقمية لا تميل عادة إلى القضاء على الشركات ذات المباني الفعلية.

تكمن المشكلة في هذا النوع من التفكير الثنائي القائل: (سيكون لدينا إما عالم رقمي أو فعلي، ولكن ليس كِلا العالمين)، بأن الزبائن يمزجون العالمين المادي والرقمي معاً دون أي تمييز بينهما ويرغبون من الشركة فعل الشيء ذاته. إنهم يتوقعون أن يدفعوا مقابل الحصول على جهاز تلفزيون في متجر "آكمي للأجهزة" (Acme Appliances)، السعر ذاته الذي سيدفعونه عند شرائه من موقع الشركة ذاتها على الإنترنت (acmeappliances.com). غير أن الحقيقة كما يوضح ريغبي، هي أن بعضاً من أكبر قصص النجاح في قطاع التجزئة تظهر استراتيجيات تجمع ما بين التجربتين الرقمية والفعلية. لنأخذ شركة "مايسيز" على سبيل المثال، التي تسمح للزبائن الآن بطلب البضاعة التي يريدونها عن طريق الإنترنت ثم تسلمها في المتجر. وبعد فترة قصيرة سيضم متجرها الشهير في هيرالد سكوير تطبيقات وأدلة إرشادية إلكترونية وتفاعلية توجه المتسوقين عبر المتاجر. فالتكنولوجيا الرقمية باتت الآن تغير طريقة عمل الشركات ذات المباني الفعلية، دون أن تقضي عليها.

وبالتالي، يبدو تحرك "أمازون" أكثر منطقية. كما أشار آخرون، فإن شركات التجزئة الرقمية مثل "واربي باركر" (Warby Parker) و"بونوبوس" (Bonobos)، افتتحت متاجر فعلية لها. وقد أخبر آندي دون (Andy Dunn)، الرئيس التنفيذي لشركة "بونوبوس ريغبي" (Bonobos Rigby)، بما يلي: "كنا مخطئين في البداية، في عام 2007، أطلقنا الشركة وقلنا: "العالم كله يتجه نحو الإنترنت فقط، وبالتالي كل ما سنفعله هو أننا لن نكون حاضرين إلا على شبكة الإنترنت، لكن ما تعلمناه مؤخراً هو أن تجربة الناس خارج عالم الإنترنت ولا سيما لمس الملابس باليد وتقليبها، هي تجربة لن تنتهي". وفي حالة "أمازون"، سيكون "متجر نيويورك" في البداية مكاناً لاستلام الطلبيات وإرجاعها –ما يسهل الأمر أكثر على الزبائن في المدينة، وخاصة تلبية احتياجات اللحظة الأخيرة خلال موسم العطلات– لكن المتجر يمكن أن يتطور ليصبح أقرب إلى المتجر التقليدي الذي يبيع أجهزة "كيندل" (Kindle)، والهواتف الذكية "فاير" (Fire)، وهي أجهزة قد يرغب الناس في تجريبها قبل شرائها. فهل سيثبت بأن رؤية آندي دون، ستكون صحيحة تجاه المجموعة الواسعة لمنتجات "أمازون"؟ ربما نعرف الجواب قريباً

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي