أفضل نهج لاتخاذ القرار يجمع بين البيانات وخبرة المدراء

3 دقائق
أفضل نهج لاتخاذ القرار

تعد البيانات الآن الأداة المهمة لإدارة العديد من الوظائف لدى الشركات بما في ذلك التسويق والتسعير وسلسلة التوريد والعمليات وما إلى ذلك. وتغذي هذه الحركة بشكل أكبر، الآمال المعلقة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وسهولة جمع البيانات وتخزينها حول كل جانب من جوانب حياتنا اليومية لإيجاد أفضل نهج لاتخاذ القرار.

ظاهرة "البيانات الضخمة والدماغ الصغير"

ولكن هل بدأت الأمور تبتعد كثيراً عن مسارها المألوف؟ بصفتي ممارساً ومدرساً للتحليلات التنبؤية، ما يقلقني إلى حد كبير هو ما أسميه ظاهرة "البيانات الضخمة والدماغ الصغير": وأعني بذلك المدراء الذين يعتمدون بشكل مفرط على البيانات لتوجيه قراراتهم، ويهملون النهل من معارفهم وخبراتهم.

في مشروع البيانات الضخمة النموذجية، يكلف المدير فريقاً داخلياً أو خارجياً لجمع البيانات ومعالجتها على أمل استخراج رؤى متعلقة بمشكلة تجارية معينة. يمتلك فريق البيانات الضخمة الخبرة اللازمة لتحويل البيانات الأولية إلى نموذج قابل للاستخدام واختيار خوارزميات يمكنها تحديد أنماط ذات دلالة إحصائية. ثم يتم تقديم النتائج إلى المدير من خلال المخططات والرسوم البيانية والعروض البصرية وأنواع أخرى من التقارير. يمثل هذا السيناريو مشكلة لأن معظم المدراء ليسوا خبراء في علم البيانات، ومعظم علماء البيانات ليسوا خبراء في مجال الأعمال. تتطلب معالجة هذه الثنائية الاستعانة بأفراد يمكنهم "العمل كحلقة وصل" بين الاثنين، كما اقترح تود كلارك ودان وايزينفيلد في مقال نشر في هارفارد بزنس ريفيو.

اقرأ أيضاً: كيفية الحفاظ على الهدوء لاتخاذ أفضل القرارات خلال الأزمات

ولا يعتبر هذا، مع ذلك، حلاً للمشكلة الأساسية. وكما كتب توم دافنبورت في هارفارد بزنس ريفيو في عام 2006، وهو العام الذي سبق نشر كتابه المرجعي "التنافس على تحليل البيانات" (Competing on Analytics)، "بالنسبة للقادة ذوي العقلية التحليلية، يتلخص التحدي في معرفة متى ينبغي أن تجاري الأرقام ومتى تتبع حدسك. بدلاً من تقليل الاعتماد على الحدس، تتطلب المنهجيات المتقدمة للبيانات الضخمة من المدراء الركون إلى حدسهم أكثر لفهم العدد المتزايد من النتائج والتوصيات التي تستخرج بواسطة نماذج البيانات.

الجمع بفعالية بين علم البيانات وخبرة العمل لاتخاذ أفضل القرارات

علاوة على ذلك، لا تأخذ النماذج التنبؤية التي أنشئت بواسطة منهجيات البيانات الضخمة في الاعتبار معرفة المدير الفريدة بالأعمال. هذا يماثل أن يجمع شخص كماً ضخماً من البيانات ثم يقرر التخلص من نصفها، باستثناء أنه في هذه الحالة يمكن القول إنه يتخلص من النصف الأكثر قيمة، لأن المدير لديه معرفة متخصصة بمجال أعمال شركته، بينما مناهج علم البيانات عامة.

كيف يمكننا الجمع بفعالية بين علم البيانات وخبرة العمل؟ في مقال نشر عام 2002، بعنوان "التنبؤ بما لا يمكن التنبؤ به" (Predicting the Unpredictable)، قدم شريك أعمالي إريك بونابو مفهوم المحاكاة القائمة على العميل (ABS) (agent-based simulation)، الذي كان في ذلك الوقت نهجاً جديداً نسبياً لحل المشكلات التجارية المعقدة من خلال المحاكاة بالكمبيوتر. بعد 15 عاماً، أثبتت شركة "إيكوسيستم" (Icosystem)، (شركة "بونابو" التي ما زلت عضواً أساسياً فيها) وعدد من الشركات الأخرى قوة المحاكاة القائمة على العميل كأداة لإدارة الأعمال.

اقرأ أيضاً: كيف تجعل عملية صنع القرار عملية ممنهجة في ظل الرقمنة والأزمات؟

على سبيل المثال، وصف مقال بونابو مشروعاً مع شركة "إيلاي ليلي أند كومباني"، لتطوير طريقة جديدة لإدارة خطوط تطوير الأدوية. في عام 2008، نشر بونابو وعضوان من فريق البحث والتطوير لدى "إيلاي ليلي أند كومباني" مقالاً في هارفارد بزنس ريفيو ذكروا فيه أن النهج الجديد كان قادراً على توصيل جزيئات إلى تجارب المرحلة الثانية "بمعدل ضعف السرعة تقريباً وأقل من ثلث تكلفة العملية القياسية".

على الرغم من أن المحاكاة القائمة على العميل أنشئت في الأصل كأداة لأبحاث العلوم الاجتماعية قبل حوالي 4 عقود، إلا أنها بدأت للتو تُعتمد على نطاق واسع بفضل الزيادة الهائلة في قوة الحوسبة المتاحة. على سبيل المثال، طورت "إيكوسيستم" محاكاة للسلوك اليومي لأكثر من 300 ألف بحار في البحرية الأميركية من التوظيف إلى التقاعد. يمكن تشغيل هذا النوع من المحاكاة ومدته 20 عاماً على جهاز كمبيوتر محمول في أقل من دقيقة واحدة، ولقد مكّن البحرية الأميركية في يوم واحد من اختبار عدد أكبر من السيناريوهات، ما يمكنها عادة اختباره في غضون سنة.

ولكن ماذا عن مشكلة "البيانات الضخمة والدماغ الصغير"؟ أحد الجوانب الأكثر جاذبية للمحاكاة القائمة على العميل، أنها تجمع بين الخبرة المتخصصة في مجال معين والبيانات. تُستخدم خبرة المجال لتعريف بنية المحاكاة التي تلتقط السلوكيات والتفاعلات اليومية الفريدة لكل مشكلة في العمل. وتستخدم البيانات جزئياً لتحسين تفاصيل المحاكاة وجزئياً للتأكد من أن النتائج الناتجة عن تشغيل المحاكاة، تتوافق مع النتائج الواقعية. من خلال هذا النهج، تستعيد خبرة المدير الدور الأساسي، ويمكن تحليل نتائج المحاكاة من قبل المدير وعالم البيانات معاً، حيث يفهم كلاهما طريقة عمل المحاكاة.

اقرأ أيضاً: أغلب القرارات تفشل لأنها ليست ذات أهمية كافية

إلى جانب زيادة الشفافية، يزيد الجمع بين خبرة المجال والبيانات كذلك من الدقة التنبؤية. في عام 2014، عملت إحدى شركات صناعة السيارات الرائدة مع محاكاة قائمة على العميل لمنصة تحليلات التسويق للتخطيط لإطلاق نموذج جديد. أوصت المحاكاة بطرح النموذج الجديد قبل 6 أشهر مما خطط له العميل. في عام 2016، أطلقت شركة صناعة السيارات النموذج الجديد على النحو الموصى به؛ بعد مرور عام، تبين لها أن المحاكاة القائمة على العميل توقعت المبيعات الشهرية للعام الأول بدقة 93%.

من خلال دمج البيانات وخبرة المدير في نموذج تنبؤي، تحل المحاكاة القائمة على العميل المشكلات المعقدة بطريقة شفافة مع درجة عالية من الدقة التنبؤية. وتشير الزيادة في توافر أدوات المحاكاة القائمة على العميل التجارية والمواد التعليمية إلى أن هذا النهج الجديد يستعد لإحداث ثورة في إدارة الأعمال.

اقرأ أيضاً: متى نتوقف عن تأجيل إصدار القرارات

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي