أثار المستثمر والمؤسِّس المشارك لشركة واي كومبينيتور (Y Combinator)، بول غراهام، من خلال مقاله الأخير حول مفهوم "نمط المؤسِّس" (Founder Mode) -أي الحالة الذهنية التي يتبناها مؤسس شركة ناشئة في أثناء قيادة المشروع- نقاشاً حول الاختلافات بين الشركات التي يقودها المؤسِّسون وتلك التي يقودها المدراء المحترفون.
يقول غراهام: "في الواقع، ثمة طريقتان مختلفتان لإدارة الشركات: إدارتها بعقلية المؤسِّس (نمط المؤسس) أو بعقلية المدير (نمط المدير). وحتى الآن، يفترض معظم الناس، حتى في وادي السيليكون، ضمنياً أن توسيع نطاق الشركة الناشئة يعني الانتقال إلى العمل بنمط المدير، لكن يمكننا أن نستنتج وجود نمط آخر للإدارة بعد أن شاهدنا استياء المؤسِّسين الذين جربوا العمل وفق نمط المدير ونجاحهم في الهروب منه".
يضيف غراهام قائلاً: "على حد علمي، لا تتوافر كتب تتحدث تحديداً عن مفهوم نمط المؤسِّس، بالإضافة إلى أن كليات إدارة الأعمال لا تدرّسه لطلابها، والمعلومات المتاحة لدينا حتى الآن تأتي جميعها من تجارب الأفراد المؤسِّسين الذين اكتشفوا هذا المفهوم بأنفسهم، لكن بعد أن عرفناه يمكننا البدء باستكشافه. أتمنى أن يصبح نمط المؤسِّس واضحاً ومفهوماً خلال بضع سنوات، مثلما هو الحال مع نمط المدير، ويمكننا بالفعل التنبؤ ببعض الاختلافات بين هذين النمطين".
من الواضح أن المؤسِّسين يختلفون عن المسؤولين التنفيذيين العاديين؛ إذ يتمتعون بالقدرة على تحويل الأفكار المجردة إلى أعمال ومشاريع حقيقية ونابضة بالحياة، لكن الصفات الريادية نفسها التي تؤدي إلى نجاحهم يمكن أن تجعلهم شركاء أقل مرونة وانفتاحاً، ولا سيما عندما يتدخل المستثمرون المحترفون في تنمية الأعمال التجارية.
في السنوات الأخيرة، ازدادت رغبة المستثمرين وأعضاء مجلس الإدارة في فهم العوامل التي تميّز المؤسِّسين، بالإضافة إلى معرفة كيفية الاستفادة من ميزاتهم الفريدة لتحقيق أداء أفضل.
ولتعزيز رؤيتنا وتقديم المشورة لعملائنا، بدأنا دراسة شاملة لما نسميه "الحمض النووي للمؤسِّسين" (Founder DNA)؛ أي الصفات الأساسية والخصائص التي تميز المؤسسين الناجحين. فحلّلنا أكثر من 1,400 نقطة بيانات مستمدة من تقييمات معمقة لـ 50 رئيساً تنفيذياً مؤسِّساً ناجحاً و58 رئيساً تنفيذياً غير مؤسِّس في شركات مدعومة بالأسهم الخاصة، كما أجرينا مقابلات نوعية مع عشرات المؤسِّسين والمستثمرين والخلفاء المحتملين للرؤساء التنفيذيين وقادة المواهب في الشركات ضمن المحافظ الاستثمارية.
أظهر بحثنا أنه على الرغم من الاختلافات بين الرؤساء التنفيذيين فهم يمتلكون صفات مشتركة مميزة.
يتمتع الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون بسمات أكثر بروزاً واختلافاً عن نظرائهم غير المؤسِّسين؛ إذ تبرز نقاط قوتهم بوضوح، لكنهم في الوقت نفسه يمتلكون نقاط ضعف واضحة أيضاً. على سبيل المثال، يمتلك المؤسِّسون غالباً قدرة استثنائية على الإبداع ورؤية ثاقبة وواضحة وإصراراً قوياً؛ هذه الصفات غير عادية، بل يمكن أن تكون استثنائية وفريدة.
ومن ناحية أخرى، قد تكون نقاط ضعفهم شديدة بالقدر نفسه. على سبيل المثال، قد تكون أخطاء التوظيف التي يرتكبونها أكثر من مجرد زلات غير مقصودة، إذ يمكن أن تتحول إلى مشكلات منهجية تتفشى في المؤسسة.
التركيبة النفسية للمؤسِّس
كشف تحليلنا 3 مجالات رئيسية يختلف فيها المؤسِّسون الناجحون عن المسؤولين التنفيذيين العاديين:
- الأنماط المعرفية: يفكر المؤسِّسون بطرق مختلفة ومتنوعة وغير تقليدية، ويسهم ذلك في تعزيز قدرتهم على الإبداع لكنه قد يؤدي أيضاً إلى تحديات في التخطيط المنهجي.
- الدوافع التحفيزية: يمتلك المؤسِّسون شعوراً عميقاً بالغاية ويتمتعون بإصرار وعزيمة شديدين (وهي سمات متأصلة في شخصياتهم منذ الطفولة)، ما يدفعهم إلى تجاوز العقبات والقيود وتحقيق أهداف قد يعتقد الآخرون أنها مستحيلة.
- أنماط العلاقات: يفضّل المؤسِّسون الحفاظ على علاقة قوية مع الأشخاص المقربين الذين يثقون بهم، في حين يكونون أكثر حذراً وتشككاً تجاه الآخرين، ما يسهم في تعزيز ولاء الأشخاص الموثوق بهم، لكنه قد يؤدي في الوقت نفسه إلى صعوبة اتخاذ قرارات مهنية موضوعية أو عرقلة القدرة على فصل العمل عن العواطف والعلاقات الشخصية.
أظهر الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون والرؤساء التنفيذيون غير المؤسِّسين أيضاً بعض الاختلافات في كيفية تطوير المهارات. يرتبط أداء الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين غالباً بصفات فطرية ومتأصلة، مثل المرونة والاعتماد على الذات، وهي خصائص يصعب اكتسابها أو تعديلها، ويمكننا تسميتها بـ "الحمض النووي النفسي" (Psychological DNA). يعود نجاح الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين غالباً إلى السلوكيات التي تعلموها والمهارات التي اكتسبوها، بالإضافة إلى الأنماط الإدارية التي اكتشفوها خلال مسيرتهم المهنية.
القدرات الاستثنائية للرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين
تؤدي الخصائص التي يتمتع بها المؤسِّسون، مثل الشغف والإبداع والخبرة العميقة، إلى تحفيز الابتكار بطرق لا يستطيع المدراء المهنيون تقليدها أو اكتسابها غالباً. على الرغم من الاختلافات بين المؤسِّسين، فقد حدد بحثنا 5 نقاط قوة رئيسية ذات دلالة إحصائية تميز الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين عن نظرائهم غير المؤسِّسين.
1. يتمتع الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون غالباً بقدرات فكرية وإبداعية وابتكارية، ما يعني أنهم يستطيعون التعبير عن أفكارهم بطريقة مقنعة وجذابة.
لاحظنا هذه الصفة بين 36% من الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين في قاعدة بياناتنا، وربما كانت الأقوى والأكثر تأثيراً مقارنةً بالصفات الأخرى. يتمتع المؤسِّسون بعقلية ابتكارية قوية؛ إذ يمتلكون القدرة على رؤية الفرص والإمكانات في المواقف الصعبة أو التحديات، في حين يرى الآخرون هذه المواقف عقبات أو مشكلات تعوق التقدم. يقول المؤسِّس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لشركة مايم كاست (Mimecast)، بيتر باور: "هناك فرق بين الفنان والناقد، فالمؤسِّس هو الفنان الذي يمتلك القدرة على الإبداع وابتكار أشياء جديدة من الصفر. لا يفكر المؤسِّسون بطريقة مختلفة فحسب؛ بل إنهم يبتكرون أفكاراً مختلفة وطرقاً جديدة كلياً للتفكير".
في المقابل، وجدت أبحاثنا أن ربع الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين واجهوا صعوبات في ابتكار أفكار جديدة، واعتمدوا أكثر على تنفيذ الأفكار الحالية والاستفادة من التجارب السابقة.
2. يجسّد معظم المؤسِّسين ثقافة الشركة، ما يعزز شعور الموظفين بالالتزام والانتماء والولاء تجاه هذه الشركة.
تشكّل رؤية المؤسِّس العنصر الأساسي والمحوري في أي شركة ناجحة يقودها المؤسِّس بنفسه. أظهر 86% من المؤسِّسين الذين شملتهم دراستنا قدرة على إلهام الآخرين من خلال امتلاكهم الشغف والكاريزما والولاء؛
إذ يمتلكون القدرة على توحيد مجموعة متنوعة من الأفراد لتحقيق هدف مشترك، أو مثلما يقول الشريك في شركة بيرميرا (Permira)، دانيال برينهاوس: "يستطيع المؤسِّس حمل مسؤولية المؤسسة بأكملها على عاتقه بطريقة فريدة".
في المقابل، يواجه أكثر من ثلثي الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين صعوبة في كسب دعم أوسع وولاء أكبر من الفريق، وذلك بسبب إرهاق أفراد فرقهم وتكليفهم بمسؤوليات كبيرة أو والضغط عليهم لتحقيق الأهداف بسرعة.
3. يركز العديد منهم على رضا العملاء وتلبية احتياجاتهم.
أظهر ثلاثة أرباع الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين الذين شملتهم الدراسة قدرة كبيرة على فهم احتياجات العملاء وتطوير المنتجات بناءً عليها، وذلك بفضل معرفتهم العميقة بالمجال والقطاع الذي يعملون فيه. يقول أحد المستثمرين: "يتمتع الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون بقدرة فطرية على ملاءمة المنتج مع السوق، حتى في المجالات والأسواق غير المستكشفة،
فهم يمتلكون قدرة كبيرة على فهم منتجاتهم ومعرفة تفاصيلها ويدركون احتياجات العملاء ورغباتهم".
في المقابل، اعتمد 90% من الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين على توجيهات واستراتيجيات جاهزة لإدارة الشركات، وافتقر أكثر من ثلث الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين إلى خبرة عميقة أو معرفة متخصصة في مجالات معينة، ما يشكّل فجوة في مهاراتهم أو معارفهم.
4. يمتلك الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون شغفاً كبيراً تجاه عملهم، ما يمنحهم حافزاً قوياً وقدرة كبيرة على التحمل.
أظهر 76% من الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين في مجموعة بياناتنا دافعية وقدرة على التحمل أكبر بكثير مما نراه لدى مَن يعمل بجد ويلتزم بأداء مهامه. يقول أحد أعضاء مجلس الإدارة: "يتميز المؤسِّسون بأنهم يمتلكون روحاً ريادية، وبالتالي فهم يشعرون بالتزام عميق تجاه شركاتهم ويهتمون بنجاحها وازدهارها،
إنهم يتصرفون بصفة أصحاب العمل ويبذلون قصارى جهدهم فيه، وهذه الجهود التي يبذلونها ضرورية لتحقيق النجاح".
أما بالنسبة للرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين، فالسمة المشتركة بين 60% من الأشخاص في مجموعة البيانات التي درسناها هي الرغبة الشديدة والطموحة في النجاح، وهي تنبع من تاريخهم في إثبات مصداقيتهم وجدارتهم باستمرار من خلال قدرتهم على تنفيذ الإجراءات بطريقة فعالة وموجهة نحو العمل.
5. يمتلك الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون قدرات كبيرة ومرونة عالية ويتعلمون من خلال التجربة والخطأ.
أظهر أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين في مجموعة بياناتنا قدرة استثنائية على تحويل مسار شركاتهم ومنتجاتهم مع تغير الظروف؛ إذ يتكيفون باستمرار من خلال حل المشكلات أو ابتكار أفكار ومفاهيم وتكنولوجيات وممارسات جديدة. من الصعب تعليم القدرة على تحويل مسار الشركة ومنتجاتها وفقاً للتغيرات، وغالباً ما تكون هذه القدرة المحفز لنمو الشركة.
من ناحية أخرى، أظهر الرؤساء التنفيذيون غير المؤسِّسين قدرة أقل على التكيف في الظروف الغامضة؛ إذ اعتمد 47% منهم بصورة مفرطة على التوجيهات وأساليب العمل السابقة.
نقاط ضعف الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين
لا يقتصر دور الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين على إدارة الشركة فحسب، بل يرتبطون عاطفياً في كل قرار يتخذونه وكل منتج يطورونه وكل شخص يعمل معهم. على الرغم من أن هذا الشغف هو أعظم مواردهم وأهم نقاط قوتهم، فقد يتحول إلى نقطة ضعف ولا سيما عندما يفرض أعضاء مجلس الإدارة أو المستثمرون توقعات جديدة. كشف بحثنا أيضاً عن 5 نقاط ضعف ذات دلالة إحصائية تميز الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين، هي:
1. يسعى العديد من الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين إلى تحقيق مستويات عالية من الاستقلالية والتحكم ويظهرون حساسية تجاه النقد ويجدون صعوبة في تفويض المهام والصلاحيات.
يجد الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون صعوبة في التخلي عن زمام الأمور لأنهم يعتبرون الشركة غالباً امتداداً لأنفسهم وجزءاً لا يتجزأ من شخصياتهم. واجه العديد من المؤسِّسين في مجموعة بياناتنا صعوبة في تفويض المهام؛ إذ وجد 58% منهم صعوبة في التخلي عن السيطرة. قد يؤدي هذا الارتباط العاطفي الذي يشعر به المؤسِّسون تجاه شركاتهم إلى تقلب الأداء عند مواجهة الضغوط، ما يسبب علاقات متوترة مع المستثمرين وأعضاء مجلس الإدارة الذين يتوقعون نهجاً مدروساً أكثر.
يقول أحد المستثمرين: "اعتاد المؤسِّسون تولي زمام الأمور وتنفيذ كل شيء بأنفسهم، فهم على دراية عميقة بالشركة منذ تأسيسها وقد تولوا العديد من المسؤوليات والمناصب فيها، ولكن لا يمكن استمرار هذا النهج مع توسع الشركة. ومن جانب آخر، يتمتع الرؤساء التنفيذيون غير المؤسِّسين بالموضوعية لأنهم أقل ارتباطاً عاطفياً بالشركة، في المقابل يواجه المؤسِّس صعوبة في التخلي عن زمام الأمور ولا يثق في أن الآخرين سيقدمون المستوى نفسه من الالتزام والاهتمام".
2. بعض المؤسِّسين لا يستثمرون بصورة كافية في الحوكمة التشغيلية لتوسيع نطاق أعمالهم.
يفضّل المؤسِّسون السعي لابتكار أفكار جديدة بدلاً من تحسين الأفكار الحالية، ما يعني أن القدرة على الابتكار التي تساعد على انطلاق الشركات الناشئة قد تعوق نموها في الوقت نفسه. قد يجد الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون صعوبة في تطبيق الأنظمة والعمليات وإدارتها وقد لا يجدون متعة في التعامل مع هذه الأمور.
في المقابل، تفوّق 60% من الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين في التميز التشغيلي وفي تعزيز ثقافات تعتمد على استخدام المقاييس والمؤشرات. يقول مؤسِّس شركة برايت ساين (BrightSign) ورئيسها التنفيذي السابق الذي أصبح الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، جيف هيستنغز: "نجحتُ في قيادة العديد من الشركات نحو تحقيق إيرادات تصل إلى 100 مليون دولار تقريباً، بعد العمل في الشركات الناشئة لفترة من الوقت، أدركتُ أن قدرتي على تحديد الاتجاه المستقبلي للشركة قد تراجعت، وأننا بتنا بحاجة إلى رئيس تنفيذي جديد يمكنه توسيع نطاق العمل".
3. يتردد العديد من المؤسِّسين في ترقية الموظفين المتميزين والتخلي عن الموظفين ذوي الأداء الضعيف.
قد يشكّل الولاء عبئاً. وجدنا أن أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين الذين شملتهم دراستنا أظهروا تردداً في اتخاذ قرارات بشأن الموظفين ذوي الأداء الضعيف، واحتفظوا غالباً بالموظفين الذين انضموا إلى الشركة منذ تأسيسها لفترة أطول مما ينبغي.
يعترف هيستنغز قائلاً: "هؤلاء هم الأشخاص الذين ساعدوك على بناء الشركة من الصفر حتى وصلت إلى المستوى الحالي وكانوا جزءاً من نجاحها، كما أنك تقضي معهم وقتاً أطول مما تقضيه مع عائلتك،
لذلك، تتخذ هذه العلاقات طابعاً شخصياً عميقاً، وعلى الرغم من ذلك لم أكن أشعر بالندم عندما كنت أتخذ قراراً بإنهاء عمل أحد الموظفين، وكنت أسأل نفسي دائماً عن السبب الذي منعني من اتخاذ هذا القرار في وقت سابق".
4. قد يواجه الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون صعوبة في التواصل والتنسيق بفعالية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين.
أظهر تحليلنا أن أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين كانوا أقل فاعلية في إشراك المستثمرين ومجالس الإدارة؛ في حين تفوّق أكثر من ثلث الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين في هذا الصدد. يقول أحد أعضاء مجلس الإدارة: "يركز بعض المؤسِّسين فقط على تقديم تقارير حول الأنشطة الحالية والإنجازات الأسبوعية دون التطرق إلى الخطط الطويلة المدى،
في حين يركز آخرون فقط عن الخطة الطويلة المدى، ولكنهم يوضحون مستجدات مفصلة عن التقدم الحالي المحرز وارتباطه بالأهداف المستقبلية".
5. المؤسِّسون متفائلون جداً وقد يقللون من شأن المخاطر بناءً على نجاحاتهم السابقة.
يمكن أن يؤدي التفاؤل الذي يمتلكه المؤسِّس تجاه رؤيته وأفكاره إلى عدم قدرته على رؤية التحديات والمخاطر المحتملة. أظهر 42% من المؤسِّسين الذين شملتهم دراستنا نظرة تفاؤلية مفرطة، ما قد يؤدي إلى التقليل من شأن المخاطر بناءً على النجاحات السابقة. من ناحية أخرى، اتبع 62% من الرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين الذين شملتهم الدراسة نهجاً أكثر واقعية وحذراً ووعياً بالمخاطر في عمليات التخطيط والتنفيذ.
يقول أحد المستثمرين: "الرؤساء التنفيذيون المؤسِّسون هم الأشخاص الذين أسسوا شركات أو مشاريع من الصفر ونجحوا فيها، يمكن أن يولّد ذلك تحيزاً إيجابياً أو ثقة مفرطة في النجاح لديهم، وبالنتيجة يبالغون في تقدير ما هو ممكن وقابل للتطبيق. قد يمتلك بعض الرؤساء التنفيذيين رؤية محدودة أو متحفظة حول ما يمكن تحقيقه؛ فهم يرون أن الميزانيات المقترحة أو الأهداف المالية غير واقعية أو عالية جداً، في حين يفكر الرئيس التنفيذي المؤسِّس بجرأة وطموح أكبر ويعتقد أنه من الممكن تحقيق أكثر مما هو مخطط له".
التوفيق بين نمطي المؤسِّس والمدير في إدارة الشركة
لا يعتمد نجاح أي شركة وإطلاق إمكاناتها الكاملة على الاستعاضة عن نمط المؤسِّس وتبنّي نمط المدير، بل يتطلب تحقيق التناغم والتعاون بين النمطين. يجمع هذا النهج الهجين بين السمات المميزة التي يمتلكها المؤسِّس والدقة التشغيلية التي توفرها الإدارة المهنية.
في النهاية، من المحتمل أن تكون السمات المميزة والبارزة للمؤسِّس هي العامل الأساسي في نجاح الشركة الناشئة. ومن خلال فهم السمات الفريدة للمؤسِّس والتحديات التي يواجهها وتقبّلها، يستطيع كل فرد في بيئة العمل، مثل المستثمرين وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الفريق وحتى المؤسِّسين أنفسهم، إنشاء بيئة تجمع بين التميز التشغيلي وتبنّي رؤية مستقبلية.
نبذة عن البحث: يستند هذا المقال إلى قاعدة بيانات مملوكة لشركة جي آتش سمارت (ghSMART)، تضم أكثر من 27,000 مدير تنفيذي بالإدارة العليا، منهم أكثر من 2,000 رئيس تنفيذي. يقدم بحثنا رؤى مستمدة من تقييمات 50 رئيساً تنفيذياً مؤسِّساً ناجحاً و58 رئيساً تنفيذياً غير مؤسِّس في شركات مدعومة بالأسهم الخاصة. حلّلنا نقاط البيانات الرئيسية، التي تشمل أبرز نقاط القوة والضعف لدى هؤلاء القادة، بالإضافة إلى مؤشرات الإمكانات المستقبلية ومؤشرات نجاح الرئيس التنفيذي وفقاً لمشروع "سي إي أو جينوم" (CEO Genome®) التابع لشركة جي آتش سمارت (ghSMART). بالإضافة إلى ذلك، درسنا الأنماط السلوكية للمسؤولين التنفيذيين بدءاً من مرحلة الطفولة وبحثنا في خلفياتهم وتجاربهم، ويشمل ذلك مناصب الرئيس التنفيذي التي تولوها سابقاً وخبرتهم في تأسيس الشركات وتجربتهم في العمل مع شركات الأسهم الخاصة ومدة توليهم منصب الرئيس التنفيذي والحالات التي تتعلق بمغادرة الشركات (إذا كانت هذه الحالات قد حدثت بالفعل)، بالإضافة إلى تحليل البيانات الديموغرافية. بالإضافة إلى ذلك، أجرينا مقابلات مع الرؤساء التنفيذيين المؤسِّسين والرؤساء التنفيذيين غير المؤسِّسين ومستثمري الأسهم الخاصة وأعضاء مجلس الإدارة وقادة الموارد البشرية لاختبار فرضياتنا وتوضيح هذه النتائج وفهمها من خلال ربطها بالسياق المناسب.