ملخص: من أفدح أخطاء إدارة المشاريع الاعتقاد أن مجرد تكليف موظف بمهمة ما يكفي لإنجازها. ففي معظم الحالات، خاصة في المشاريع الأطول مدة والأشد تعقيداً، لا يكون التكليف بالعمل كافياً، كما لا يكفي شرح المهمة، حتى إن التخطيط للعمل ليس كافياً. وهنا، تتبدى أهمية المتابعة في الاطمئنان إلى سلامة تنفيذ المهام. تزيد المتابعة الفعالة من فرص إنجاز المشاريع في الوقت المحدد مع تراجع شعورك بالتوتر. ولكن، عليك أن تخطو الخطوات الصحيحة. الخطوة الأولى هي الاقتناع بضرورة المتابعة ومساءلة الموظفين. والخطوة الثانية هي أن توضح للموظفين ما تتوقعه منهم. أما الثالثة فهي تنظيم المتابعة بتسجيلها في أجندتك أو تطبيق التذكير الآلي. رابعاً، حدد هامشاً لعدم الوفاء بمواعيد التسليم النهائية. والخطوة الأخيرة هي مناقشة النتائج مع فريق العمل.
لا اصدق أن هذه المهمة لم تنجز! طلبت إتمام هذا الأمر منذ أشهر مضت.
لماذا يتأخر تنفيذ هذا المشروع إلى هذا الحد؟ لقد أوضحت الجدول الزمني كاملاً.
أرى أنني مضطر إلى العمل حتى وقت متأخر طوال هذا الأسبوع لإكمال كل شيء نظراً إلى أن أحدهم لم ينفذ عمله على الوجه الأكمل. ما الداعي إلى أن أكلفكم بمهام، ما دمت أنفذ العمل كله في نهاية المطاف؟
هل تجدها عبارات معتادة مألوفة؟ سواء كنت تتولى منصب مدير المشاريع أو كنت مسؤولاً عن إدارة مشاريع بعينها فحسب، فالأقرب أنك صادفت بعض المشاكل الواردة أعلاه.
خلال عملي التدريبي في إدارة الوقت، تعاملت مع موظفين من كلا المعسكرين. ومن أفدح أخطاء إدارة المشاريع التي يذكرونها لي الاعتقاد أن مجرد تكليف موظف بمهمة ما يكفي لإنجازها. وهو ما يصح في بعض الحالات؛ وخاصة في المهام المنفصلة الأصغر نطاقاً. ولكن في معظم الحالات، خاصة في المشاريع الأطول مدة والأشد تعقيداً، لا يكون التكليف بالعمل كافياً، كما لا يكفي شرح المهمة، حتى إن التخطيط للعمل ليس كافياً. وهنا، تتبدى أهمية المتابعة في الاطمئنان إلى سلامة تنفيذ المهام.
فيما يلي، أقدم لك مداخل مهمة إلى المتابعة بأسلوب يزيد فرصك في إنجاز المشاريع في الوقت المحدد بقليل من التوتر.
اقتنع بضرورة المتابعة
قبل تنفيذك لأي من النصائح التالية، عليك تقييم عقليتك في إدارة المشاريع. إن كنت تعتقد أن الموظف يجب أن يكون قادراً على إنجاز عمله دون أي متابعة، وأن من المرهق مساءلة كل موظف، فسوف تجد صعوبة في تغيير هذه العقلية. وعندئذ، سوف تظهر لك رسالة تذكير بـ "المتابعة مع سو"، وبدلاً من التواصل مع سو تتجاهل الرسالة لقناعتك بأن لديك ما هو أهم لإنجازه.
وكما أقول دوماً: الواقع يفرض نفسه دوماً.
بغض النظر عما إذا كان ذلك على هواك أم لا، وبغض النظر عن تفضيلك لطريقة عمل بعينها، فإن معظم الموظفين يعطون الأولوية للمهام التي يعرفون أنهم سوف يسألون عنها. وسوف يميلون إلى تأجيل المهام التي لا يتابعها أحد، وربما لا ينجزونها من الأساس. هذه حقيقة، وكلما سارعت بقبولها، صار من الأسهل عليك إعطاء أولوية لمتابعة الموظفين.
وإن كان استيعاب هذه الخطوة ما يزال صعباً عليك، ففكر فيها بطريقة مختلفة: بينما قد لا يكون إرسال رسالة إلكترونية إلى سو عند الثانية ظهراً من يوم الثلاثاء خيارك الأول من بين مهام عدة، عليك أن تدرك أن السهر حتى الثانية ليلة خميس لإتمام ما لم تتمه سو خيار أسوأ بكثير.
وضّح التوقعات
الخطوة التالية في نظام متابعة ناجح هي أن تحدد كتابةً وبوضوح ما تتوقعه من الموظفين بحلول تاريخ بعينه. ولنفترض مثلاً أنك تطلب من موظف التحقق من آخر تحديثات برنامج قيد التطوير وإعداد العرض التقديمي عند إصداره. فإن اكتفيت بتعريفهم بتاريخ العرض التقديمي وما يجب تضمينه في محتواه، فقد يعتقدون أن إرسال العرض كاملاً صباح يوم الاجتماع تصرف مقبول. وفي الوقت نفسه، إن كنت تتوقع المزيد من المشاركة في العملية، فقد تتوتر عندما تجد أنك لم تتسلم أي شيء قبل ثلاثة أيام من الاجتماع، أو حتى في ليلته، وأنت تجهل تفاصيل التنفيذ.
فإذا كنت ترغب في الحصول على مستجدات حالة إصدار البرنامج الجديد قبل ثلاثة أسابيع من موعد الاجتماع، وإكمال المسودة الأولية للعرض التقديمي قبل أسبوع من الموعد، وإكمال المراجعات قبل يومين حتى تطمئن إلى تحضير كل شيء بطريقة صحيحة، فيلزم عليك أن توضح لهم ذلك. فمن دون توضيح هذه التوقعات، لن يعرف أفراد فريقك ما تريده حتى تشعر بالثقة فيهم وفي تنفيذ هذه الخطوات، وقد تجد صعوبة في تحديد ضرورة المتابعة من عدمها. وقد تشعر بقلق متزايد، ولكنك لا ترغب في إدارة كل التفاصيل الصغيرة بنفسك. وهنا، يسّهل تحديد المواعيد النهائية المرحلية المتابعة دون تردد.
نظّم المتابعة
كلما قلّت العناصر التي تفكر فيها من أجل المتابعة، زاد احتمال الإنجاز. وأساليب تيسير ذلك عديدة متنوعة. وأحدها بسيط؛ من خلال تخصيص ملف متابعة مشترك بين أفراد الفريق، حيث يمكن تسجيل تواريخ إكمال كل خطوة من خطوات المهمة. عليك أن تكلف أفراد الفريق بتعبئة خانات الملف، وأن تخصص أوقاتاً لمراجعته دورياً، كأن تراجعه مرة في الأسبوع أو مرة يومياً، وفق طبيعة المشروع. وعند وقت المراجعة، افحص مستجدات الوضع الحالي. وإذا استدعى الأمر، فراسل أفراد الفريق أو ذكّرهم بشأن أي مهمة تجاوز إكمالها الموعد المتفق عليه.
وهناك أسلوب آخر أكثر تطوراً وهو استخدام نظام إدارة مشاريع حيث يكلف الأفراد بالمهام ومن ثم يمكنك أن تتابع سريعاً وتحدد المهام المتأخرة والمهام التي تمضي على المسار الصحيح. ومن بين أشهر التطبيقات المساعدة في هذا الصدد: Asana، وMonday.com، وNotion. تمكنك هذه الأنظمة من أتمتة التذكيرات فلا تحتاج إلى إرسالها بنفسك.
أما الأسلوب الأخير فهو عقد اجتماعات المتابعة. هذا هو الأسلوب الأكثر استنزافاً للوقت، ولكنه قد يكون الاستراتيجية الأشد فعالية، وفق تكليفات المشروع وقدر الإسهام الذي تجد أن عليك تقديمه خلال التنفيذ. إن حضور الاجتماع الخالي الوفاض من أي جديد لهو أصعب بكثير من تجاهل رسالة تذكير آلية. وتتنوع تلك الاجتماعات ما بين المجدولة خاصة لمراجعة التقدم المحرز في تسليم المهام أو مجرد اجتماع لمتابعة ما جرى الاتفاق عليه في اجتماعات ثنائية أو أسبوعية مجدولة مسبّقاً.
ولا تضاهي أهمية النظام الدقيق الذي تختاره أهمية التزامك بمتابعته من خلال تسجيل التسليمات والتأكد من تواصلك مع الموظفين في الأوقات المتفق عليها فيما يتعلق بالتقدم المحرز.
حدد الهامش
سوف تبقى حالات عدم التسليم في الموعد النهائي قائمة، حتى مع تطبيق أفضل أنظمة المتابعة. فعليك ألا تهدر وقتك في مجادلة ذلك، بل تقبّله واعمل على تحديد هامش مقبول للمواعيد النهائية. لمهام بسيطة، من قبيل أن تطلب تسلم مهمة في يوم هو في الحقيقة قبل اليوم الذي سوف تحتاج إليها فعلياً. ومن شأن هذه الطريقة أن تمنحك وقتاً خلال ساعات العمل العادية لمراجعة سريعة قبل التسليم.
وبالنسبة لتسليم المهام الأكبر حجماً، فقد تطلب إكمالها قبل أسبوع أو أكثر من الموعد النهائي الفعلي، بحيث تتحسب زمنياً للمهام التي تستغرق وقتاً أطول من المخطط له. كما أن هذه الطريقة تتيح لك مراجعة العمل وإرساله مرة أخرى إلى المسؤول عنه لتنفيذ الملاحظات بدلاً من الاضطرار إلى تنفيذها بنفسك.
ويساعدك تحديد المواعيد النهائية مسبّقاً في المتابعة واستباق أي أزمة تمنع تقدم المشروع بأكمله.
مناقشة النتائج
عليك بالثناء على أفراد فريقك الذين أنجزوا المهمة على النحو المنشود وفي الوقت المحدد. وعليك ألا تغفل ذلك التكريم بأي حال.
أما في حال وجود مشاكل وأجواء توتر، فعليك بالتقاط أنفاسك وتقييم الموقف:
- هل أوضحت التوقعات كما ينبغي؟
- هل طبقت نظام متابعة؟
- هل حددت هامشاً للمواعيد النهائية؟
- هل كانت توقعاتي واقعية بالنظر إلى حجم العمل الموكل لهذا الموظف؟
صارح نفسك بما ينبغي لك تحسينه، وتحدث عن ذلك مع الآخرين المعنيين إن وجدت ذلك مطلوباً. وإن كنت قد أديت دورك وكانت المشكلة بالفعل لدى الطرف الآخر، فتحدث عن ذلك بصراحة أيضاً.
نظام المتابعة المستمر أساس سلاسة تنفيذ المشاريع بكل فعالية وكفاءة ممكنة. وبتخصيصك وقتاً مسبّقاً لهذا الغرض، تتمكن من تقليل التوتر وتحسين نتائجك في نهاية المطاف.