عندما تطرح شركة عريقة في مجال السلع الاستهلاكية المعبأة مُنتَجاً جديداً، فإنها تواجه قراراً مصيرياً قد يؤدي إلى نجاحه أو فشله في الأسواق، ويتمثّل في كيفية ابتكار العلامة التجارية المميِّزة له. فمن المغري أن تربط المُنتَج الجديد بعلامة تجارية موجودة فعلياً، كما حدث مع "كوكاكولا شيري" (Cherry Coke) و"صلصة طماطم ديل مونتي" (Del Monte Tomato Sauce). وغالباً ما يعتقد المسؤولون أن العملاء سيُقدِمون على تجريب أي مُنتَج جديد يرتبط بعلامة تجارية يألفونها، وحينئذ لن تضطر الشركات إلى تخصيص الكثير من الموارد التسويقية لطرحه في الأسواق. لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر أيضاً: فقد تؤدي العلامات التجارية الملحقة الضعيفة أو الفاشلة إلى الإضرار بالعلامة التجارية الأم. وعندما طرحت الشركة المصنِّعة لمشروب "كوورز" (Coors) مُنتَجاً جديداً باسم "مياه كوورز روكي ماونتن الفوارة" (Coors Rocky Mountain Sparkling Water)، تسبّبت في حدوث حالة من الارتباك لدى العملاء، وتساءل بعضهم عن اختلافه عن المُنتَج الأساسي لمشروب "كوورز". وقد أدى ذلك إلى تراجع مبيعات الشركة في كلا المُنتَجين، حتى توقف المُنتَج الجديد في نهاية المطاف.
عندما تطرح شركة عريقة في مجال السلع الاستهلاكية المعبأة مُنتَجاً جديداً، فإنها تواجه قراراً مصيرياً قد يؤدي إلى نجاحه أو فشله في الأسواق، ويتمثّل في كيفية ابتكار العلامة التجارية المميِّزة له. فمن المغري أن تربط المُنتَج الجديد بعلامة تجارية موجودة فعلياً، كما حدث مع "كوكاكولا شيري" (Cherry Coke) و"صلصة طماطم ديل مونتي" (Del Monte Tomato Sauce). وغالباً ما يعتقد المسؤولون أن العملاء سيُقدِمون على تجريب أي مُنتَج جديد يرتبط بعلامة تجارية يألفونها، وحينئذ لن تضطر الشركات إلى تخصيص الكثير من الموارد التسويقية لطرحه في الأسواق. لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر أيضاً: فقد تؤدي العلامات التجارية الملحقة الضعيفة أو الفاشلة إلى الإضرار بالعلامة التجارية الأم. وعندما طرحت الشركة المصنِّعة لمشروب "كوورز" (Coors) مُنتَجاً جديداً باسم "مياه كوورز روكي ماونتن الفوارة" (Coors Rocky Mountain Sparkling Water)، تسبّبت في حدوث حالة من الارتباك لدى العملاء، وتساءل بعضهم عن اختلافه عن المُنتَج الأساسي لمشروب "كوورز". وقد أدى ذلك إلى تراجع مبيعات الشركة في كلا المُنتَجين، حتى توقف المُنتَج الجديد في نهاية المطاف.
ويمكن الاستشهاد هنا بدراسة جديدة قد تساعد الشركات على اتخاذ القرار الصحيح بشأن الترويج للعلامة التجارية، خاصة أن هذه الدراسة قد أثبتت أن الشركات التي تتخذ هذه الخطوة بالطريقة الصحيحة ستُكافأ بتحقيق عائدات أعلى. تقول لاريسا كوفالينكو من "كلية بوسطن"، وأحد القائمين على الدراسة: "تشكّل العلامة التجارية القوية الموجودة فعلياً مورداً استراتيجياً للمدراء الراغبين في طرح مُنتجات جديدة في الأسواق، لكن يجب أن تحرص على ألا تقتل الدجاجة التي تبيض ذهباً".
وقد درس الباحثون ما يقرب من 20,000 مُنتَج طرحتها شركات السلع الاستهلاكية المعبأة الأميركية في الأسواق من عام 2000 وحتى عام 2012. وحددوا أياً من استراتيجيات العلامات التجارية الثلاث تم استخدامها: طرح علامة تجارية جديدة (باستخدام اسم جديد تماماً، كما حدث عندما طرحت شركة "كوكاكولا" مياه "داساني" المعبأة)، أو علامة تجارية مُلحَقةَ مباشرة (استعمال اسم العلامة التجارية الحالية، بالإضافة إلى كلمة أو عبارة وصفية، مثل: "منظِّف تايد للغسالات" (Tide Washing Machine Cleaner))، أو علامة تجارية فرعية (باستخدام اسم علامة تجارية موجودة، بالإضافة إلى كلمة أو عبارة غير معجمية أو غير وصفية، مثل: "أولاي برو إكس" (Olay ProX)، "آرم آند هامر كومبليت كير" (Arm & Hammer Complete Care)). ومن خلال تحليل أداء المنتجات الجديدة والعائدات المالية لشركاتها، حدَّد الباحثون 5 خصائص لكلٍّ من المُنتَج والشركة أسهمت في توجيهها إلى أكثر خيارات العلامات التجارية نجاحاً.
درجة المواءمة مع المنتجات الأخرى للشركة. عندما لا تكون هناك علاقة طبيعية تربط المُنتَج الجديد بمجموعة العلامات التجارية الحالية، قد يصاب العملاء بالارتباك أو الإحباط إذا كان هذا المُنتَج يستخدم اسم علامة تجارية مألوفة لهم، كما حدث مع "مياه كوورز روكي ماونتن الفوارة" ومشروب "فريتو لاي ليمونيد" (Frito-Lay Lemonade) الذي لم يستمر في الأسواق إلا لفترة وجيزة من الزمن. وفي حالات عدم مواءمة المنتج الجديد بصورة واضحة مع منتجات الشركة الأخرى، سيكون من الأفضل أن يستخدم مدراء الشركة علامة تجارية جديدة تماماً. وهذا هو ما دعا شركة "كوكاكولا" إلى طرح مشروباتها الرياضية الخالية من الكربون باسم "باوريد" (Powerade).
مدى الابتكار في المُنتَج الجديد. من المعروف أن الابتكار محفوف بالمخاطر بطبيعته، لذا يجب على الشركات التي تريد طرح مُنتَج مُبتكَر تماماً في الأسواق أن تستخدم علامة تجارية جديدة لتجنُّب تعريض مُنتَجها الحالي للخطر في حال عدم نجاح مُنتَجها الجديد. وقد طرحت شركة "يونيليفر" مُنتَج "برسيل باور" (Persil Power)، وهو مسحوق غسيل بتركيبة خاصة، في بريطانيا خلال التسعينيات، ما جعله علامة تجارية فرعية لمنتجات "برسيل" الشهيرة. لكن العملاء الذين كانوا يستخدمون الماء الساخن في غسالاتهم اكتشفوا أن ملابسهم تهترئ بعد غسلها بالمنظف الجديد، وهو أمر لم تكن تتوقعه شركة "يونيليفر" لأنها أجرت معظم الاختبارات في درجات حرارة مياه أكثر برودة. فما كان من الشركة إلا أن سحبت المُنتَج من الأسواق وصرفت النظر عنه تماماً، ولكن بعد الإضرار بسمعة مسحوق الغسيل الرئيسي. وعلى العكس من ذلك، فعندما يكون للمُنتَج المُبتكَر اسم جديد تماماً ويتمتع بنجاح تجاري مشهود، فإنه يصبح أحد الأصول التي يمكن الاستفادة منها في المستقبل بوجود علامات تجارية مُلحَقَة في المستقبل.
سعة محفظة العلامات التجارية الحالية. عندما تمتلك الشركة عدداً من العلامات التجارية النشطة، فستجد على الأرجح ما يناسب منتجاتها الجديدة، وبالتالي ينبغي أن تُعطي الأولوية للعلامة التجارية الملحقة مباشرة. تقول كوفالينكو: "إذا كنا نتحدّث عن شركة "بروكتر آند غامبل"، فسيكون من السهل أن تربط أي مُنتَج جديد بعلامة تجارية حالية، بخلاف ما سيحدث مع شركة ليس لديها سوى عدد محدود من الخيارات التي يمكن أن تختار من بينها".
مخاطر إضعاف العلامة التجارية. يطرح بعض الشركات الكثير من المنتجات تحت علامة تجارية واحدة، ما يجعل علامتها التجارية تفقد بريقها. ولك أن تتأمل كيف بالغت العلامة التجارية الفاخرة لشركة "بيير كاردان" في التوسُّع في منتجاتها. فبعد نجاحها في طرح منتجات جديدة بخلاف الأزياء والانتقال إلى مجال العطور ومستحضرات التجميل، بدأت هوامش أرباحها وإيراداتها تشهد تراجعاً ملموساً وبدأت قيمة علامتها التجارية تفقد بريقها عندما حاولت التوسُّع وطرح العديد من المنتجات غير ذات الصلة، مثل "قبعات بيسبول بيير كاردان" و"سجائر بيير كاردان". ويشير الباحثون أيضاً إلى شركة "فيرجين غروب" (Virgin Group) التي تعرّضت لانتقادات واسعة بسبب عدم وضوح تموضع علامتها التجارية وغياب عنصر التركيز فيها بسبب وجود العشرات من العلامات التجارية الفرعية في فئات تشمل شركات التسجيلات الموسيقية والرحلات البحرية والبنوك والاتصالات وشركات الطيران.
مقدار الأموال المخصَّصة للإعلانات. يجب على الشركات التي تفتقر إلى الموارد المالية اللازمة لتقديم دعم إعلاني قوي أن تتجنّب المهمات التي تحتاج إلى رأسمال كبير لبناء علامة تجارية باسم جديد تماماً. ويمكن للشركات ذات الموارد الجيدة أن تكون أكثر جرأة، لأنها تتمتع بفرصة أفضل للحصول على اسم لعلامة تجارية جديدة تماماً.
وعند تحليل العلامات التجارية في دراستهم، توصَّل الباحثون إلى أن الشركات التي اتبعت المبادئ الخمسة عند ترويج العلامة التجارية لمُنتَج جديد ارتفعت قيمة أسهمها في سوق الأسهم بنسبة 0.18% خلال الأيام الخمسة التي تلت طرح المُنتَج، وهو ما يُترجَم في كبرى الشركات إلى ارتفاع في قيمتها السهمية بما يصل إلى 26 مليون دولار. أمّا الشركات التي حادت عن هذه المبادئ فلم تشهد أي زيادة في قيمة أسهمها عند طرح منتجاتها الجديدة في الأسواق. وعند تتبّع "مقياس توبين كيو" (Tobin's Q)، وهو مقياس للأداء طويل الأجل يحسب القيمة السوقية للشركة مقسومة على القيمة البديلة لأصولها، وجد الباحثون أن الشركات التي اتبعت المبادئ الخمسة كان أداؤها أفضل في هذا الصدد أيضاً. يقول الباحثون: "يمكن اعتبار العلامة التجارية لمُنتَج فردي جديد بمثابة إجراء مؤسسي صغير، لكن بحثنا يوضح أن هذه القرارات تؤثّر بشكل كبير على القيمة السوقية لأسهم الشركات".
وتنصح كوفالينكو بضرورة توخي الحذر، لأن هذا كله ليس علماً دقيقاً. على سبيل المثال، يجب على مدراء الشركات استخدام حصافتهم لتحديد ما إذا كان المُنتَج متوائماً مع العلامات التجارية الحالية لشركاتهم وما إذا كانت ميزانياتها الإعلانية "كافية". وتتضمن القرارات الماسة بترويج العلامة التجارية تحقيق التوازن بين العوامل المتضاربة في بعض الأحيان. فعندما طوّرت شركة "بيبسيكو" مشروباً للطاقة غنياً بالبروتين عام 2006، كان المُنتَج موائماً من الناحية النظرية مع العديد من العلامات التجارية الموجودة فعلياً آنذاك في الشركة (مثل "غاتوريد")، ما يشير إلى أن العلامة التجارية المُلحَقَة أو العلامة التجارية الفرعية ستكون اختياراً جيداً. لكن مدراء الشركة استخدموا اسماً جديداً، "فيولوسوفي" (Fuelosophy)، ربما لأنهم شعروا بأن المُنتَج كان مُبتكَراً ويمكن دعمه من خلال الصندوق المخصّص لتمويل الإعلانات. وقد مُني المشروب بالفشل الذريع في النهاية، وهو ما يُعتبَر سبباً وجيهاً لمنح أي منتج مُبتكَر للغاية اسماً لا علاقة له بالعلامات التجارية الأساسية.
ومن الواضح أن نتائج الدراسة لا تنطبق على الشركات التي تستخدم علامة تجارية واحدة، مثل "سوني" (Sony) و"باتاغونيا" (Patagonia). كما أنها لا تنطبق على العلامات التجارية ذات الملصقات الخاصة التي تتمتع بديناميات مميَّزة. وقد اكتشف الباحثون أن قادة السوق يتمتعون على ما يبدو بمزيد من الحرية لاتخاذ قرارات غير صائبة فيما يخص ترويج العلامة التجارية دون تعريض العلامة التجارية الأم للخطر. لكن هذا يستثني 90% من شركات السلع الاستهلاكية المعبأة في العالم التي أثبتت الأبحاث أنها بحاجة إلى وضع بنية تنظيمية وخطة صارمة لاتخاذ هذا القرار المهم للغاية.
حول البحث: "ما اسم العلامة التجارية الذي سأستخدمه لمُنتَجي الجديد؟ أثر القرارات الماسة بترويج العلامة التجارية للمنتجات الجديدة على قيمة الشركة" (What Brand Do I Use for My New Product? The Impact of New Product Branding Decisions on Firm Value)، لاريسا كوفالينكو وألينا سوريسكو ومارك هيوستن، "مجلة أكاديمية علم التسويق" (Journal of the Academy of Marketing Science)، 2022.
على المستوى العملي
"ابحث عن فرص تُلهب خيال الناس"
أسس ديفيد بليسك شركة "لكسيكون" (Lexicon) لتطوير العلامات التجارية عام 1982. واستطاع خلال الأربعين عاماً الماضية مساعدة الشركات على ابتكار العشرات من الأسماء التجارية ذائعة الصيت، بما في ذلك "داساني" (Dasani) و"بنتيوم" (Pentium) و"سويفر" (Swiffer) و"بلاك بيري" (BlackBerry). وقد أجرى بليسك مؤخراً لقاءً مع "هارفارد بزنس ريفيو" حول ما يجب على الشركات مراعاته عند اختيار اسم لمُنتَج جديد. وفيما يلي مقتطفات مُحرَّرة من هذا الحوار:
كيف تتعامل مع الترويج للعلامات التجارية التابعة لكبرى الشركات؟ عليك أن تفكر أولاً في "البنية الهيكلية لخطة الترويج للعلامة التجارية"، أي الطريقة التي ستتفاعل بها العلامات التجارية العديدة الموجودة في المحفظة الاستثمارية. بمعنى أنه إذا كان لديك مُنتَج جديد، فهل يجب اعتباره ملحقاً بالعلامة التجارية الحالية أم مُنتَجاً جديداً تماماً؟ يستعرض البحث الذي أجرته لاريسا كوفالينكو وزملاؤها عدداً من العوامل التي يجب مراعاتها عن اتخاذ هذا القرار، مثل مدى الابتكار في المُنتَج ومدى تواؤمه مع العلامات التجارية الحالية، لكنني أعتقد أن هناك عوامل أخرى يجب مراعاتها أيضاً.
مثل ماذا؟ من أهمها الموارد الإدارية ومدى جدية الالتزام بتنفيذ المشروع. كما يناقش البحث حجم ميزانية إعلانات الشركة، ومن المؤكد أن الإعلانات ضرورية لبناء الوعي بالعلامة التجارية الجديدة. لكن المواهب والموارد المتوافرة لدى فريق التسويق الداخلي لها القدر نفسه من الأهمية. هل أثق في قدرة العاملين لديّ على تقديم علامة تجارية جديدة؟ وهل يمكننا تحمل تكاليف الاستعانة بخدمات أفضل شركات الإعلانات وتصميم المنتجات القادرة على دعمنا؟
كيف يؤثر المشهد التنافسي على نهجك؟ لا بد من التفكير فيما إذا كنتَ تتعامل مع منافس له مكانة راسخة في السوق. فعندما عملنا مع "مايكروسوفت" لاختيار الاسم المناسب لعروضها السحابية، كان الحل الذي يبدو خالياً من المخاطر يتمثّل في اختيار اسم "مايكروسوفت كلاود سيرفيسز" (Microsoft Cloud Services). لكن هذا كان يعني أن الشركة ستبدو وكأنها تقلّد اسم "أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services)، المعروف عالمياً باسم (AWS). وإذا أصبحت منتجات "مايكروسوفت كلاود سيرفيسز" تُعرف باسم (MCS)، فأين الاختلاف؟ لذا فقد توصلنا إلى اختيار اسم "أزور" (Azure)، واعتمدنا هذا الاسم. وقد واجهت شركة "أمازون ويب سيرفيسز" صعوبة كبيرة في اتهام شركة "أزور" بأنها تستنسخ اسمها التجاري، بخلاف ما كان سيحدث لو أنها اختارت اسم "مايكروسوفت كلاود سيرفيسز" (MCS).
ماذا عن العملاء؟ ما العوامل التي يجب مراعاتها في هذا الصدد؟ غالباً ما يتأثر القرار بعدد من العوامل النفسية والسلوكية، وهي عوامل مهمة ولكن يصعب تحديدها كمياً. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الفكرة العبقرية وراء اختيار اسم "هالو" (Hello) لمعجون الأسنان. فقد دأبت شركتا "كرست" و"كولجيت" الرائدتان في هذا المجال على تقديم منتجاتهما من خلال بيان فوائدها من الناحيتين الطبية والعلمية. وأدرك مؤسِّس شركة "هالو"، كريغ دوبيتسكي، أن المستهلكين سيتفاعلون بشكل كبير مع المنتجات التي تسلّط الضوء على المعاني الحميمية للعناية بالفم. وإذا كنت تريد إظهار هذه المعاني الحميمية، فما أول شيء ستقوله للعميل؟ "هالو!"، أو "مرحباً!"
تشتهر مؤسستك باختيار أسماء مبتكرة للعلامات التجارية، مثل "أزور" و"داساني". فهل سبق لك أن أوصيت بأسماء أخرى أكثر واقعية؟ بالطبع! فنحن ندرس أولاً ما إذا كان المُنتَج أحادي البعد: بمعنى هل يفعل شيئاً واحداً فقط؟ في هذه الحالة، قد يكون من الأفضل أن تكتفي بقول ذلك. ويستشهد البحث بمُنتَج "منظِّف تايد للغسالات" (Tide Washing Machine Cleaner)، وهو مثال جيد. إذ يُعتبَر هذا الاسم أفضل من اختيار اسم مجرَّد، مثل "تايد ألفا" (Tide Alpha).
لكن هناك استثناءات لهذه القاعدة. ففي بعض الأحيان، يفعل المُنتَج شيئاً واحداً أفضل بكثير من أي مُنتَج آخر في السوق بحيث يتعين عليك تمييزه. ويحضرني هنا موقف لا أستطيع أن أنساه حينما عرض عليّ علماء من شركة "بروكتر آند غامبل" مُعطّراً جديداً. ورشُّوا بعضاً منه في سلة مهملات كريهة الرائحة، فاختفت الرائحة تماماً. أدركتُ على الفور أن هذا المُنتَج كان مميزاً حقاً. في مثل هذه الحالة، عليك أن تبحث عن فرص تُلهب خيال الناس، ومن ثم توصلنا إلى اسم "فيبريز" (Febreze) الذي أصبح مصدراً رئيسياً لقيمة العلامة التجارية لشركة "بروكتر آند غامبل". ولكم أشعر بالسعادة لأنهم لم يسموه "مزيل بروكتر آند غامبل للروائح" (P&G Deodorizer) أو "مزيل الروائح الكريهة" (Smell-Away) أو شيئاً من هذا القبيل.
العمل عن بُعد
هل نرتكب أخطاء أكثر عندما نعمل من المنزل؟
عندما أرغمت جائحة "كوفيد-19" الكثير من الموظفين على العمل عن بُعد، شعر المدراء بالقلق بشأن إمكانية تراجع الإنتاجية. بيد أن الدراسات أثبتت بعد أكثر من عامين أن مخاوفهم لا أساس لها من الصحة. ولكن ماذا عن الأداء المعرفي للعاملين عن بُعد؟ للإجابة عن هذا السؤال، درس فريق بحثي الأمر في بيئة تجريبية غير معتادة: الشطرنج الاحترافي.
فقد أقدم الباحثون على تحليل سلسلة من بطولات الشطرنج التي أُقيمت عبر الإنترنت تحت إشراف بطل العالم المعروف، ماغنوس كارلسن، خلال فترة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وقد حرص المنظّمون على أن تعكس هذه البطولات أجواء بطولات الشطرنج التقليدية التي تُقام وجهاً لوجه. ولأن معظم المشاركين كانوا قد خاضوا مؤخراً منافسات في بطولة واحدة على الأقل من بطولات الاتحاد الدولي للشطرنج، فقد تمكن الباحثون من مقارنة مستوى أداء الأفراد عبر الإنترنت ومستوى أدائهم في البطولات التقليدية، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي في أحد محركات الشطرنج الرائدة لتقييم أكثر من 200,000 حركة والأخطاء المرتبطة بها. ووجدوا أن جودة اللعب قد تراجعت بنسبة 7.5% في المتوسط، عندما تبارى المشاركون عبر الإنترنت. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد سبب هذا التراجع، فإنهم يرون أن غياب الأقران ربما أسهم في حدوث هذه الظاهرة.
ويعلّق الباحثون قائلين: "تشكِّل المهمات المعرفية عنصراً مهماً في الكثير من المجالات المهنية والإدارية والتقنية والإبداعية الحديثة"، وبالتالي فإن مستوى الأداء في بيئات العمل عن بُعد الأخرى قد يتأثر بدرجة مماثلة. وعلى الرغم من ذلك، فقد كان التراجع في مستوى أداء لاعبي الشطرنج أكثر حدة في أول بطولتين من السلسلة، ما يشير إلى أن الأفراد يتأقلمون مع الوضع بمرور الوقت.
حول البحث: "الأداء المعرفي في بيئات العمل عن بُعد: دليل من الشطرنج الاحترافي" (Cognitive Performance in Remote Work: Evidence from Professional Chess)، ستيفن كون وكريستيان سيل ودينيس زغنرز، مجلة "ذي إيكونوميك جورنال" (The Economic Journal)، 2202.
النوع
كيف يسهم شغل النساء للمناصب التنفيذية العليا في تعزيز الأداء المالي للمؤسسات؟
تمثّل النساء الآن ما يقرب من 1 من كل 4 مسؤولين تنفيذيين (في حين أن القليلات جداً منهن يشغلن منصب الرئيس التنفيذي) في الشركات المُدرجة على قائمة "إس آند بي 500" (S&P 500). ماذا يعني ذلك بالنسبة للأداء المالي لشركاتهن؟ توصلت دراسة جديدة إلى أن المسؤولات التنفيذيات يركزن على العلاقات مع العملاء أكثر من نظرائهن الرجال، ويسهم هذا في تعزيز نتائج الأعمال على المدى البعيد. وقد درس الباحثون 389 شركة مساهمة مدرجة على قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500) في الفترة من 2007 إلى 2015. ولقياس تأثير وجود النساء في فريق الإدارة العليا، فقد أخذوا في الاعتبار 4 عوامل كالتالي: عدد المناصب التي تشغلها النساء في الفريق، ومرتبة المرأة الأعلى منصباً في الفريق، ومرتبة جميع النساء في الفريق، وعدد المسؤوليات المنوطة بهن. وقد عمل الباحثون على حساب نسبة الكلمات الموجهة نحو العملاء في التقارير السنوية لكل شركة واستخدموا "مقياس توبين كيو" (القيمة السوقية للشركة مقسومة على القيمة البديلة لأصولها) لتقييم الأداء المالي على المدى البعيد. وكلما زاد تأثير المرأة، زادت التوجُّهات المتمحورة حول العملاء، وزادت كذلك "نسبة توبين كيو" (Tobin's q).
ويوضح الباحثون أن النساء يعملن عموماً من خلال تطبيق ما يسمى "الثقافة الجماعية للفرد"، أي أنهن أكثر حرصاً من الرجال على رؤية الأشياء من منظور العلاقات المتبادلة واحترام وجهات نظر الآخرين. لذا عندما يشغلن مراكز ذات نفوذ في المناصب التنفيذية العليا، فإنهن غالباً ما يشجّعن القرارات الاستراتيجية التي تعكس التركيز على العملاء بدرجة أكبر، وهو ما ربطته الأبحاث السابقة بارتفاع "نسبة توبين كيو".
وقد اختلفت النتائج باختلاف خصائص الشركة وفريق الإدارة، فقد كان تأثير العنصر النسائي أقوى عندما كان أصحاب المناصب التنفيذية العليا أكثر سيطرة على الاستراتيجية، وعدم تقيدهم بالكثير من الإجراءات التنظيمية التي تكبّل حركتهم. كما أن تأثيرهن كان أقوى عندما كان تمثيل العنصر النسائي حاضراً بقوة في مجالس الإدارة أو حينما كان مجلس الإدارة يضم عضوات يمتلكن خبرة تسويقية. في حين أن تأثيرهن كان أضعف عندما كانت الشركات تتعامل مع تفضيلات العملاء التي لا يمكن التنبؤ بها أو تشهد الكثير من التغيير التكنولوجي أو المنافسة الحادة أو عندما كانت لديها درجة عالية من السيطرة العائلية على مقاليد الشركة.
ويقول الباحثون إن النتائج تتحدى بشكل عام الأفكار السابقة. وقد أشاروا إلى هذه النقطة قائلين: "أثبت الكثير من الدراسات أن المسؤولات التنفيذيات يسهمن في تقليل المخاطرة، ولكن التوجُّهات المتمحورة حول العملاء قد تؤدي في الواقع إلى اتباع المسؤولات التنفيذيات استراتيجيات أكثر خطورة"، لافتين إلى أن شركة جنرال موتورز "جي إم" قد فاجأت الكثير من المراقبين في ظل قيادة ماري بارا بالتخلي عن الكثير من نماذج سيارات السيدان لصالح سيارات الدفع الرباعي ذات الشعبية المتزايدة، وأسهمت بالتالي في تغيير الاتجاه الاستراتيجي للشركة بشكل أساسي.
حول البحث: "التوجُّهات المتمحورة حول العملاء والأداء المالي: أهمية وجود النساء في فرق الإدارة العليا!" (Customer Orientation and Financial Performance: Women in Top Management Teams Matter!)، شاندرا سريفاستافا، سايم كشميري، فيجاي ماهاجان ("مجلة التسويق" (Journal of Marketing)، تصدر قريباً).
الذكاء الاصطناعي
دع الروبوت يؤدي دور "الشرطي الشرير"
أثبتت الأبحاث أن المستهلكين يفضلون في كثير من الأحيان التفاعل مع العناصر البشرية بدلاً من التعامل مع الروبوتات، لكن دراسة حديثة رسمت صورة أكثر دقة حول هذا الموضوع مفادها ما يلي: عند محاولة إبلاغ العميل بعرض مخيِّب للآمال، فإن الروبوت يحقق نتائج أفضل. فقد تخيل المشاركون في الدراسة أنهم يفكرون في شراء تذكرة لحضور حفلة موسيقية من وكالة متخصصة في إعادة بيع التذاكر عبر الإنترنت. وقيل للبعض إنه تم بيع تذكرة مماثلة لعميل آخر بالسعر نفسه، وقيل للآخرين إن عميلاً آخر قد اشترى التذكرة بسعر أقل. وتعامل نصف المشاركين في كل مجموعة مع موظف بشري، بينما تعامل النصف الآخر مع روبوت. ووُجد أن نوع بائع التذاكر (سواءً كان موظفاً بشرياً أو روبوتاً) لم يشكّل فارقاً يُذكَر في معدلات القبول بين أولئك الذين عُرضت عليهم التذاكر بأسعار متساوية. ولكن من بين المشاركين الذين عُرضت عليهم التذاكر بأسعار أعلى، لم يقبل بشرائها سوى 19% ممن تفاعلوا مع الموظف البشري، بينما قبل بشرائها 49% ممن تفاعلوا مع الروبوت. وعندما قيل لهم إن عميلاً آخر اشتراها بسعر أعلى، حدث العكس: فقد أظهر العملاء استعداداً أكبر للشراء (89%) عند التعامل مع الموظف البشري، مقارنة بما حدث عند تعاملهم مع الروبوت (76%).
وقد حاولت الدراسات اللاحقة استكشاف أسباب حدوث هذا النمط. وتوصّلت إلى نتائج مفادها أن العملاء استنتجوا أن الروبوتات أقل أنانية من نظيراتها من البشر (عندما كانت العروض مخيِّبة للآمال) وأقل رغبة في تحقيق النفع للغير (عندما كانت العروض أفضل من المتوقع)، وقد أثر ذلك على استعدادهم لقبول العروض. ومع ذلك، فقد تم تخفيف هذه التأثيرات السلبية عندما تم إضفاء الصبغة البشرية على الروبوتات.
يقول الباحثون: "تكشف نتائجنا أن استخدام أسلوب ’الشرطي الشرير‘ للذكاء الاصطناعي / ’الشرطي الطيب‘ للعنصر البشري في إدارة التوقعات المتباينة ستكون له آثار مفيدة" عند إبلاغ المستهلكين بأي تأخيرات غير متوقعة أو طلب إنهاء أعمال معينة في مواعيد عاجلة أو نفاد المخزون أو إجراء تحديثات، وما إلى ذلك. ولكنهم يضيفون تحذيراً مهماً مفاده ما يلي: على الرغم من أن العملاء يتوقعون في الغالب أشياء غير منطقية في المنتجات أو الخدمات التي يتلقونها، ويريدونها مصحوبة بإغراءات مبالغ فيها بعض الشيء حتى تلقى قبولهم، "فإن استخدام هذا النهج في الحالات التي يجري فيها تقديم عروض أسوأ من المتوقع إلى درجة قد تشكّل ضرراً حقيقياً على المستهلكين أمرٌ يثير مخاوف أخلاقية".
حول البحث: "إذا كانت لديك أخبار سيئة، فأوكل للذكاء الاصطناعي مهمة توصيلها. وإذا كانت لديك أخبار جيدة، فأوكل للإنسان مهمة توصيلها" (Bad News?, Send an AI. Good News?, Send a Human)، آرون غارفي، تايوو كيم، آدم دوهاتشيك. "مجلة التسويق" (Journal of Marketing)، 2202.
تكلفة التنقُّل
كان الموظفون في 3 شركات مدرجة على قائمة "فورتشن 500" يتنقَّلون بين التطبيقات والمواقع الإلكترونية ما يقرب من 1,200 مرة في اليوم الواحد. وكانوا يقضون ما يقرب من 4 ساعات في الأسبوع، أي ما يعادل 5 أسابيع عمل سنوياً، لإعادة توجيه أنفسهم بعد كل تنقُّل. "ما مقدار الوقت والطاقة اللذين نهدرهما في التنقُّل بين التطبيقات؟"، روهان نارايانا مورتي، سانديب دادلاني، راجاث داس.
الابتكار
لماذا نتخلى عن مبتكرات واعدة في بعض الأحيان؟
عند محاولة تحديد مشاريع البحث والتطوير التي يجب متابعتها، يعتمد القادة في أغلب الأحيان على مشورة الخبراء المتمرسين. وتوصّل بحث أُجري مؤخراً إلى أن هذا النهج يؤدي إلى إعطاء الأفضلية للخيارات سهلة التنفيذ وإغفال الأفكار غير المسبوقة.
فقد طُلب من المشاركين تقييم 10 مشاركات في مسابقة وكالة ناسا للروبوتات حول الحداثة والجدوى والجودة. وتم اعتبار بعض المحكّمين خبراء بعد خضوعهم لاختبار المهارات، وكان البعض يمتلك خبرة مكتسبة من العمل، ولم يخضع البعض الآخر لأي اختبارات. وقد أعطى الخبراء وزناً أكبر بنسبة 30% للجدوى عند تعيين درجات الجودة مقارنة بالمقيِّمين الآخرين. ويوضح الباحثون أن الحكم على الجدوى يعتمد بشكل مباشر على المعرفة السابقة، ولكن أهمية الخبرة تقل عند تقييم الأفكار الجديدة، وغالباً ما تتعطل الخرائط الذهنية للخبراء في مواجهة التضاريس الجديدة. وقد أظهر التحليل النصي للتعليقات أن الخبراء أبدوا اهتمامهم بالجدوى أكثر من الآخرين.
يقول الباحثون: "من المرجح أن تؤدي الخبرة الكبيرة إلى الاعتماد على معايير اختيار ترفض الأفكار الجديدة حتى قبل دراستها". ومن ثم فإنهم يقترحون أن يوسّع المدراء دائرة المحكّمين الذين يعملون معهم لتشمل أشخاصاً ذوي قدرات معرفية متفاوتة في المجال المعني.
حول البحث: "هل تتسبّب دراسات الجدوى في تضليل الخبراء؟ دليل تجريبي من مسابقة وكالة ناسا للروبوتات" (Are Experts Blinded by Feasibility? Experimental Evidence from a NASA Robotics Challenge)، جاكلين لين وآخرون (ورقة عمل).
إدارة الموظفين
التقدير كلمة السر في اندماج الموظفين
على المدير أن يوصِّل لموظفيه أن عملهم محل تقدير، وتُعتبَر تلك مهارة قيادية حاسمة، لكن المدراء الذين يتقنونها قليلون للغاية. وبعد إجراء تحليل لعشرات الآلاف من نتائج تقييم الأداء بطريقة 360 درجة على مستوى العالم، وُجد أن ثمة فارقاً كبيراً بين اندماج الموظفين الذين برع قادتهم في التعبير عن التقدير وأولئك الذين فشل قادتهم في التعبير عن تقديرهم لموظفيهم بالقدر الكافي أو بصورة جيدة.
التحيز
التحيز في وسائل التواصل الاجتماعي: المنشورات تضر بفرص أصحاب المهن الحساسة السابقين في الحصول على الوظائف
يُنصح العسكريون السابقون عند انتقالهم إلى الحياة المدنية بطلب الدعم عبر منصات التواصل الاجتماعي التي يمكن أن توفر لهم بعض الموارد المهمة، ولكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أنهم إذا كشفوا عن معاناتهم من اضطراب توتر ما بعد الصدمة (PTSD) قاصدين أو غير قاصدين فستتقلص احتمالات حصولهم على وظيفة.
بدأ الباحثون بدراسة حسابات 450 عسكرياً أميركياً سابقاً على فيسبوك بحثاً عن إشارات على إصابتهم باضطراب توتر ما بعد الصدمة (سواءً ذكروها صراحة أو تلميحاً عبر ذكر الشعور بالتوتر أو أفكار انتقاد الذات)، واستطلعنا آراء 105 عسكريين سابقين آخرين حول سلوكياتهم على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وتبين لنا أن نحو 34% منهم تحدث بالفعل في منشوراته عن اضطراب توتر ما بعد الصدمة أو أعراضه. ثم طلب الباحثون من 290 طالباً جامعياً في سنة التخرج من كلية الأعمال تخيل أنهم يعملون على تقييم رجال عسكريين سابقين تقدموا لوظيفة ضمن فريقهم في العمل، وقدموا لهم وصفاً لمهام الوظيفة وملف السيرة الذاتية لكل مرشح وحسابه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي وطلبوا منهم توضيح رأيهم. كان الوصف الوظيفي وملف السيرة الذاتية لجميع المرشحين ثابتَين، ولكن حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي اختلفت من منصة إلى أخرى (فيسبوك أو لينكد إن) وتنوعت فيها الإشارات إلى اضطراب توتر ما بعد الصدمة (متابعة حسابات مؤسسات ذات صلة بهذا الاضطراب مثلاً) و"المعلومات المميزة للفرد" التي ترسم صورة إيجابية عن المرشح، مثل ذكر فوزه في مسابقة برمجة. لاحظ الباحثون أن الصور النمطية حول اضطراب توتر ما بعد الصدمة أثارت مخاوف حول المرشح وغطت على المعلومات الإيجابية ذات الصلة بالوظيفة، إذ كان المشاركون الذين لاحظوا إشارات على الإصابة باضطراب توتر ما بعد الصدمة لدى المرشح يعتقدون أكثر من غيرهم أنه سيكون موصوماً إذا ما تم تعيينه، كما أنهم أبدوا تشككاً أكبر تجاهه وميلاً أكثر للاعتقاد بأن أداءه في العمل سيكون ضعيفا. كما فكروا أنه لن يبدي "سلوك المواطنة المؤسسية" بالدرجة الكافية وسيبدي سلوكيات سلبية أكثر، ولم يبدوا رغبة في إجراء مقابلة العمل معه. لم يؤثر اسم منصة التواصل الاجتماعي على النتائج، في حين عززت المعلومات المميزة للفرد توقعات الأداء ولكنها لم تقلص المخاوف بشأن السلوكيات السلبية.
أجريت دراستان لاحقتان وكان تقييم المهنيين العاملين للمرشحين مماثلاً، وبينت إحداهما أن المشاركين الذين يقيّمون العسكري السابق الذي يعاني اضطراب توتر ما بعد الصدمة كانوا يرون أكثر من غيرهم أنه سيشكل خطورة جسدية إذا ما تم تعيينه.
كتب الباحثون أنه "ينبغي للعسكريين السابقين الحدّ من منشوراتهم التي تصل إلى جمهور معروف على منصات التواصل الاجتماعي أو الحصول على الدعم الذي توفره المنصات الخاصة المحمية بكلمة سر والتي لا تكشف عن هوياتهم. وفي المقابل يمكن أن تثني الشركات مسؤولي التوظيف عن النظر إلى حسابات المرشحين على منصات التواصل الاجتماعي، أو أن تقدم لهم على الأقل برامج تدريب حول إجراء تقييم منهجي لهذه الحسابات".
حول البحث:"التوظيف واضطراب توتر ما بعد الصدمة: دور الإفصاح عنه على وسائل التواصل الاجتماعي في وصم العسكريين السابقين وتقييمهم في عملية التوظيف" (“Post- Traumatic Stress Disorder and Hiring: The Role of Social Media Disclosures on Stigma and Hiring Assessments of Veterans)، تأليف وينشي بو وآخرين. مجلة علم نفس الشخصية (Personnel Psychology)، 2202.
هل يدمر التعجل الزواج؟
في دراسة دانماركية أجريت قبل 21 عاماً تبين أن احتمالات الطلاق بين موظفي الشركات الصغيرة الجديدة أكبر منها بين موظفي الشركات الكبيرة الراسخة بنسبة 15%، ويبدو أن السبب هو التوتر الذي تسببه وظائفهم، لكن حين يعمل الزوجان كلاهما في شركات ناشئة (وبالتالي يقدّر كل منهما موقف الآخر) تكون حياتهما الزوجية أفضل. "هل هو الدمار الخلَّاق؟ الشركات الناشئة والطلاق" (Creative Destruction: Startups and Divorce)، تأليف تونده تشيربس ومايكل دال وأولاف سورينسن.
النقاشات المستقطبة
من الأفضل أن تخوض في النقاش المحتدم
عند إثارة مسألة سياسية شائكة أو قضية أخلاقية نشعر برغبة في تفادي الخوض فيها خشية الإساءة إلى الطرف الآخر، ولكن الأبحاث الجديدة تبين أن النزعة إلى اتخاذ موقف حيادي توقع ضرراً أكبر. في إحدى التجارب قرأ المشاركون عن مرشح سياسي طُرح عليه سؤال عن ضرورة مطالبة لاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية بالوقوف في أثناء عزف النشيد الوطني، وقسّم الباحثون المشاركين إلى مجموعتين وفقاً لانتمائهم الليبرالي أو المحافظ، وطرحوا على بعض المشاركين في كلا المجموعتين رواية يعارض فيها المرشح الموقف السائد في المجموعة، وقدموا للبقية رواية يرفض المرشح فيها تحديد موقف معين. أبدا المشاركون الذين رأوا أن المرشح يعارضهم ثقة أكبر تجاهه مقارنة بالذين رأوا أن موقفه حيادي، ولم تنقص احتمالات أن يصوتوا لصالحه. وفي تجربة أخرى طُلب من كل مشارك اختيار شريك له في لعبة، فكانت احتمالات اختيار شريك يبدي وجهة نظر معاكسة تماماً حول استخدام السلاح أكبر بكثير من احتمالات اختيار شريك يتجنب المسألة. كتب الباحثون أنه "حين يتخذ المشاركون موقفاً حيادياً يعزو المراقبون ذلك إلى محاولة إخفاء الموقف المعارض، ما يؤدي إلى انعدام الثقة وتقويض العمل التعاوني الذي يولّد مكاسب حقيقية"، ولكن هذا الأثر تحقق حين بدا صمت المشاركين خياراً استراتيجياً، لا موقفاً حيادياً حقيقياً أو افتقاراً إلى الحافز للتفكير في نظرة الآخرين.
بينت دراسة متابعة أن أغلب الناس يسيئون فهم تكاليف الاحتفاظ بآرائهم، إذ وُضع المشاركون ضمن مكان عمل تخيلي حيث يتمتع بناء الثقة بين الزملاء بأهمية كبيرة، وأثير خلاف حول موضوع حساس، فقال 63% من المشاركين أشياء مثل: "أفضّل الاحتفاظ بآرائي السياسية لنفسي" و"لا أحب التحدث في السياسة" وما إلى ذلك. كتب الباحثون: "بعبارة أخرى، حين وُضع المشاركون في موقف يفرض عليهم تحديد مواقفهم فضلوا غالباً البقاء على الحياد الذي أثبتنا من قبل أنه يعود بنتائج عكسية".