الخبراء التقنيون بحاجة إلى تحسين أسلوب سرد قصص إنجازاتهم

4 دقائق

"ليتنا نتمكن فقط من التكلم عما نتوصل إليه بطريقة أفضل"، هذه عبارة أسمعها كثيراً من الأشخاص الذين أعمل معهم في أوساط العلوم والتكنولوجيا، وأنا شخصياً أدرك سبب ذلك، فمن واقع خبرتي؛ لا يتحدث قادة الشركات الناشئة والشركات التقنية عن قصص ابتكاراتهم بشكل جيد، وهي تعد فرصة كبيرة ضائعة. عندما تقوم بعمل جيد، فأنت تريد أن يعرف الناس عنه، لذا سواء كنت تقوم بصياغة محتوى لموقع إلكتروني، أو كتيّب تسويق، أو مقال لنشره على الإنترنت، أو بيان صحفي، فكر في الاستعانة بروائيين مهنيين لجعل الأمور التي تقوم بها والتي تغيّر العالم تلقى صداها عند الأشخاص العاديين.

من موقعي في مركز مارس (MaRs) للابتكارات الناشئة القائم في مدينة تورونتو الكندية، لدي فرصة للالتقاء وإجراء مقابلات مع بعض الأشخاص البارزين، والكتابة عنهم وعن الاكتشافات الجديدة التي تصدر عن المؤسسات والشركات الناشئة الكندية. وعلى الرغم من إعجابي الكبير بشبكة خبرائنا التقنيين، إلا أنني أقل انبهاراً بأسلوب مشاركتهم لأعمالهم، والأسباب واضحة: إذ يتم إثقال كاهل الإنجازات التقنية بعبء المصطلحات؛ حيث تُحمّل بعبارات ثقيلة وكلمات قوية، لدرجة أن يُطمر المعنى وتذبل حماسة اكتشاف ما هو مكتوب، ويُترك الصحافيون والقرّاء في حالة من الفتور. من السهل الكتابة عن الأجهزة التكنولوجية القابلة للارتداء؛ وسيكون الأمر أقل متعة بكثير إذا غصنا في متاهات اللغة ذات الصلة بالعلاج الجيني، فما الذي يخطئ التقنيون المبدعون في فعله - وكيف يمكنهم تلافي ذلك؟

لا توظف أشخاصاً يحمِلون درجة الدكتوراه لكتابة قصصك.

كثيراً ما تقصدني جهات التوظيف لأقوم بإرشادهم إلى أشخاص ماهرين في مجال التواصل، ولكن في كثير من الأحيان يتم رفض أولئك الأشخاص بسبب أنهم لا يحملون درجة الماجستير أو الدكتوراه في مجال علمي أو تقني، وهنا يَكمن جزء من المشكلة، فالعديد من المؤسسات تقوم بتوظيف "خبراء" في العلوم، وليس الممارسين لمهنة رواية القصص. واقتراحي هو أنه يمكن لخبير تواصل جيد أن يساعدك في ترجمة عملك بأسلوب يرتبط بالعالم خارج المختبر أو المكتب أو المنشأة.

إذا كنت تبحث عن شخص يحمل درجة دكتوراه في علوم الدماغ ليوصل أفكارك إلى الناس في هذا المجال، فأنت لا تبحث في المكان الصحيح. بدلاً من ذلك، ابحث عن كتّاب قاموا بصياغة مقالات لوسائل نشر متنوعة ممن يُظهرون براعة في نقلهم للرسائل، فإذا كان بإمكان الكاتب التعبير بكفاءة عبر وسائل نشر مختلفة، فبإمكانه أن يفعل ذلك لمؤسستك.

لا تفترض أنّ أسلوب الكتابة البسيط والواضح يُضعف من قوة أفكارك

لا بدّ من إدراك أنّ المصطلحات تشوش رسالتك التي تود أن تنقلها؛ وتُربك القارئ، لهذا السبب يحتاج قادة شركات التكنولوجيا إلى فهم جمهورهم المستهدف. إنّ اللغة التي تستخدمها في التقارير الرسمية ووثائق البحوث، والتي تُصاغ للخبراء أو لكبار أصحاب المصلحة، لا يمكن أن تُترجم بسهولة إلى نصوص تسويقية.

في صحيفة وول ستريت جورنال، حيث كنت أعمل، كان يتم تدقيق الخبر الذي يحتل الصفحة الأولى من قبل خمسة محررين، إذ أنّ تركيزهم ينصب بشكل أساسي على المصطلحات، كان السبب وراء ذلك هو أنهم إذا لم يتمكنوا من فهم النص الذي بين أيديهم، فإنّ قراءنا أيضاً لن يتمكنوا من ذلك. وعلى الرغم من أنّ النتيجة النهائية لم تكن تعبّر دوماً عن كل الفروق الدقيقة التي كنت أود إيصالها، ولكنها تتحول إلى مادة سهلة الفهم إلى حد كبير. ويجب تطبيق الأسلوب ذاته على نهج تواصل الشركات التقنية.

قم بوضع خطة لصياغة قواعد تواصل جديدة

ليس من السهل سرد قصص بسيطة حول مواضيع معقدة، لكن الحل لا يكمن في حشو جميع الأفكار في قصة واحدة أو منشور واحد، لأنّ مدة جذب انتباه القارئ تصبح أقصر، ومن المهم اتباع هذه القاعدة: اجعل قصتك واضحة. قم ببناء ما تريد إيصاله منذ البداية – على أساس فكرة واحدة في كل مرة.

هناك العديد من الطرق لتساعدك على القيام بذلك، ولكن دعني أخبرك القليل مما قمنا بفعله في مركز مارس، فبدلاً من البدء بمقالات الترويج والبيانات الصحفية، قمنا بعكس العملية: لقد وظفنا كتّاب مجلات لكتابة قصص متعددة حول موضوع أو قطاع معين، ونحن نمنحهم عادة حرية مقابلة مختلف الشركات الناشئة وشركات المستأجرة وشركاء الشركات عبر هذه القطاعات، ونشجع الصحافيين على القيام بأعمالهم على أفضل وجه - فهم الجوانب التي تجذب القرّاء. نحن نقدم مواضيع عامة، ونصل إلى الخبراء، ونسمح لهم بالكتابة إما لمجلتنا الداخلية أو المساهمة في المحتوى الذي نقدمه من خلال وسائل النشر الخارجية، وبعد مرحلة النشر، نقوم بتعميم إصدارات مختلفة من القصص عبر قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا.

لا تقتصر الغاية من البدء بمقالات طويلة على خلق محتوى ذي علامة تجارية فقط، بل يتعلق بصياغة نهج موحد لرسائل مؤسستنا. يعمل الصحافيون والمحرّرون المستقلون الذين نوظّفهم كخبراء، ما يساعدنا على استخلاص أسلوب مثير للاهتمام من متاهات الجوانب والأفكار عبر نظامنا الإيكولوجي، يمكنُنا بعد ذلك حشد الأفكار الأخرى عن طريق إثارة المواضيع التي تظهر في مجلاتنا. يمكن تحويل هذه الأفكار الجديدة إلى مقالات ترويج جديدة أيضاً أو مقالات رأي للصحافيين أو وسائل نشر أخرى، لذا، فإنّ المقالات تخدم كلا الأمرين: محتوى بعلامة تجارية ومواداً رئيسية للصحافيين المحنكين الذين يبحثون عن معلومات مرجعية وأفكار لمقالاتهم الخاصة. باختصار، نقوم بتغذية الجزء الأعقد من مسار عملية التسويق بطرق متعددة من خلال تقديم عاملي الشفافية والجذب للصحافيين الذين يحتاجونها لتطوير قصص منشوراتهم الخاصة.

استطعت مؤخراً التواصل مع زميل كان أيضاً صحافياً سابقاً وقمت بسؤاله لماذا لم تكن النصوص التي يقوم بكتابتها للمؤسسة التي يعمل فيها بسيطة كما كانت عليها سابقاً؟ وكان رده أنّ الخبراء التقنيون الذين يمدّون الرؤساء التنفيذيين بالتقارير أصرّوا على إعادة صياغة ما قام بكتابته؛ لقد كان قادة المؤسسة يقومون عن غير قصد بضرر أنفسهم عن طريق تعقيد وتثقيل رسائلهم بتسلط الضوء على المزايا التنافسية والخبرة التقنية للمؤسسة، ولا تستغرب أن تظل المؤسسة محبطة لعدم تقديرها على الرغم من العمل الرائع الذي تقوم به. يعود السبب الرئيسي للمشكلة إلى أنّ القصص المعقدة تتطلب مقاربات تسويقية مختلفة، فإذا كانت استراتيجية التواصل التقليدية لديك لا تعمل، فجرّب الاستعانة بروائيين محترفين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي