عقب دراسة قادها باحثون في جامعة ستانفورد عن تأثير الإجهاد في مكان العمل، وجدوا أن التكاليف الصحية في الولايات المتحدة تُقدر بنحو 190 مليار دولار و120 ألف حالة وفاة سنوياً، أما الفئات الأكثر عرضة للاحتراق الوظيفي فهي فئة الأطباء والممرضات، وفي دراسة أخرى أجرتها مؤسسة غالوب، أكدت أن الموظفين الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي أكثر عرضة للإصابة بحالات مرضية تنقلهم على جناح السرعة للمستشفى بنسبة 23٪؛ طبعاً الإحصاءات في هذا المجال كثيرة جداً، وكلها تنبئ بخطورة هذه الحالة النفسية على الموظفين والاقتصاد والمجتمع كله.
اخترنا لكم 7 أسئلة شائعة عن الاحتراق الوظيفي لنجيب عنها:
1- ما معنى الاحتراق الوظيفي؟
مصطلح يعبّر عن حالة نفسية تصيب الموظَف تؤدي به إلى فقدان الرغبة في العمل، وتترافق مع انخفاض مستوى الإنتاجية، فضلاً عن الإرهاق الجسدي والعقلي الناجم عن ضغط العمل. يصيب الاحتراق الوظيفي الموظفين الذين يمضون فترة طويلة من حياتهم في نفس الوظيفة، وتختلف تلك الفترة بحسب طبيعة الصناعة، لكنها عادة ما تكون أكثر من سبع سنوات، لذا وتفادياً لإصابة الموظفين بهذه الحالة، فإن الشركات تعمل على تغيير أقسامهم أو أدوارهم كل بضع سنوات، كما يمكن أن يستمر لبضع أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.
تمتد مدة الاحتراق الوظيفي حسب حالة المصاب به، إن كانت حالة حرجة أم بسيطة، وحسب طبيعة العلاج وكثافته، لكنه لا يستمر في جُل الحالات أكثر من 30 شهراً على أبعد تقدير، إلا في حالات نادرة تتجاوز هذه المدة.
2- ما هي العوامل المؤدية للاحتراق الوظيفي؟
من أهم العوامل التي تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي ما يلي:
- ضغوط العمل: حيث تكون المهام غير متناسبة مع الإمكانيات وفترة الإنجاز.
- قلة الصلاحيات: عندما لا يملك الموظف صلاحيات كافية لإنجاز المهام أو حل المشكلات.
- نقص التحفيز: عندما لا يكافأ الموظف على الأعمال الإبداعية أو العمل الإضافي لا مادياً ولا حتى معنوياً.
- ضعف الحياة الاجتماعية في بيئة العمل: عندما تكون المكاتب منفصلة ومعزولة والموظفين يتعاملون مع الأدوات فقط كالآلات.
- الظلم الوظيفي: حيث لا يمنح الموظف ما يحتاجه للقيام بالمهام مثل الأدوات اللازمة والمساعدة الضرورية، ومع ذلك يُطلب منه الإنجاز السليم.
- صراع القيَم: حالة الصراع بين القيم التي يؤمن بها الموظف والأهداف الوظيفية، كالكذب لتحقيق المبيعات، والغش والتدليس وإساءة الأمانة والتملق.
3- ما هي أعراض الاحتراق الوظيفي؟
عقب بحث نشرت نتائجه في مقال "هل تشعر بالاحتراق الوظيفي أو هذا شعور عابر؟"، توصلا الباحثان إلى نتيجة شائعة مفادها أنّ الاحتراق الوظيفي ليس ظاهرة متجانسة، وإنما قد يتجلى على صورة مزيج من 3 أعراض مختلفة، ألا وهي الإعياء (استنزاف الموارد العقلية أو المادية)، والنظرة السوداوية (استنفاد الشعور بالترابط الاجتماعي)، وانعدام الشعور بالفاعلية (نضوب مشاعر الثقة بالنفس).
بصفة عامة، يمكن تلخيص أهم الأعراض المصاحبة لحالة الاحتراق الوظيفي فيما يلي:
- سرعة الانفعال مع الزملاء والعملاء ونفاد الصبر بسرعة.
- الافتقار إلى الطاقة اللازمة لإكمال المهام المنوطة بالوظيفة.
- الشعور بعدم الرضا عن الذات.
- صداع مزمن واضطرابات هضمية.
- صعوبة في التركيز.
4- كيف أميّز الاحتراق الوظيفي عن المشاكل النفسية الأخرى؟
يجيب مقال "هل تشعر بالاحتراق الوظيفي أو هذا شعور عابر؟" عن هذا السؤال حيث يؤكد كاتبا المقال على ضرورة مراقبة المشاعر المرتبطة بالتوتر وتمييزها، وذلك بطرح 3 أسئلة على نفسك لمساعدتك في تحديد ما إذا كانت مشاعرك متوافقة مع مشكلة الشعور بالاحتراق الوظيفي أو ما إذا كانت عارضاً لمشكلة أقل خطورة لكنها قد تقودك إلى الاحتراق الوظيفي في حال تُركت دون علاج. تتلخص هذه الأسئلة في:
-
هل تشعر أنك تستحق مزيداً من التقدير؟
-
هل تقول لنفسك: "ليس ذلك هو العمل الذي أرغب في أدائه"؟
-
أتحاول مجاراة الموقف أم أنك تلجأ إلى خطة للانسحاب؟
5- كيف نتعامل مع الاحتراق الوظيفي؟
يؤكد مقال "هل تشعر بالاحتراق الوظيفي؟ امنح نفسك فرصة تنظيم عملك" على أن تنظيم العمل يمكّن من تفادي الاحتراق الوظيفي، وتؤكد كاتبة المقال "كيث نورثرب"، مؤلفة كتابين من الأكثر مبيعاً "اعمل أقل" (Do Less) و"المال: قصة حب" (Money: A Love Story)، على ضرورة تدبّر أولاً القصة التي تخبرها لنفسك عن العمل، ثم التعمق في السبب الأساسي الذي يولّد فيك تلك الأحاسيس، إذ غالباً ما يكون محور القصة التي ترويها لنفسك عن العمل غير صحيح، وثانياً، مشاركة هدفك في تنظيم عملك مع من تحترمهم، إذ قد يبين ذلك مدى قدرتك على تحمّل المسؤولية، ويساعدك في الحصول على بعض النصاح المفيدة، وثالثاً، تحديد المهمات التي ساعدتك في تحقيق أكبر إنجازاتك ومضاعفة جهدك في التركيز عليها وتجاهل بقية المهمات الأخرى، ورابعاً، تخيّل نفسك في المستقبل، وما ستقوله لنفسك في المستقبل عن العمل الذي تؤديه اليوم.
توجد ممارسات أخرى يوصي بها الخبراء للتغلب على حالة الاحتراق الوظيفي، نذكر منها:
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- ممارسة التأمل أو اليقظة الذهنية أو أي ممارسات تساعد في الارتخاء.
- طلب المساعدة ممن تثق فيهم، لا سيما زملاء العمل.
- خذ قسطاً من الراحة بعيداً عن العمل مثل عطلة، وركز على تحسين جودة نومك.
6- ما هي أنواع الاحتراق الوظيفي؟
في مقال "هل تُميز الاحتراق الوظيفي عندما ترى أعراضه؟"، ذكر الباحثون نوعين رئيسين من الاحتراق الوظيفي:
- احتراق وظيفي داخلي، وهو الأكثر شيوعاً، ومن الصعب ملاحظته، ولهذا السبب تلجأ الشركات عادة إلى الدراسات الاستقصائية من أجل تحري معاناة الموظفين منه، وتشمل علامات الإنذار المبكر التي تدل على الإصابة به التعب مع الشعور بانعدام الكفاءة والحزن. يضر الاحتراق الوظيفي الداخلي بالإنتاجية، لأنه يسهم في شعور الموظف باليأس والقلق. فالجميع يمرون بانتكاسات في العمل، لكن الموظف الذي يعاني من الاحتراق الوظيفي قد يشعر أن التغلب عليه مستحيل ويعتبر ذلك فشلاً شخصياً، وبالتالي قد ينفصل عن العمل لأنه يشعر أنه فاشل في كل ما يفعله، ما يدفعه للتفكير بعدم ضرورة المحاولة طالما أنه سيفشل مجدداً. لذا، يجب أن نحترس من حالة الإحباط هذه التي يمكن أن تظهر على صورة كآبة، وننتبه للعلامات الدقيقة في لغة الموظف عندما يعبر عن إحباطه أو استسلامه، كالعبارات التي تشير إلى قبول الألم أو الوضع الراهن الذي لا يطاق، كأن يقول: "هذه طبيعة الأمور" أو "العمل معهم يشبه ضرب رأسك بالحائط" أو "لماذا أكلف نفسي عناء ذلك؟" بنبرة منخفضة وتنهيدات مسموعة وهز الرأس الخفيف.
- احتراق وظيفي خارجي، ويمكن ملاحظته بسهولة إذا كنت تعرف ما تبحث عنه تماماً. هل انخفضت معايير أداء الموظف المعتادة، أو تراجعت جهوده المعتادة، أو قلّ التزامه بالقواعد، أو أصبح يتأخر عن مواعيد التسليم أو يبدي تهكماً أكثر من المعتاد؟ هذه هي الآثار الجانبية للامبالاة المرتبطة بالاحتراق الوظيفي، وإذا أُهملت وتفاقمت، فقد تؤدي إلى سلوك سلبي شديد، كتجنب التعامل مع الزملاء وعدم التقدم لطرح فكرة أو مشكلة، وإهمال معالجة المشكلات على خلاف العادة.
نختم بالسؤال السابع الذي يتناول زاوية أخرى، وهو عنوان مقال "كيف تخبر مديرك أنك تعاني من الاحتراق الوظيفي؟"، يوضح فيه المؤلف صاحب العديد من الكتب القيّمة "رون كاروتشي" 7 خطوات يمكن أن يتبعها الموظف لإعلام مديره بحالة الاحتراق الوظيفي التي يعيشها، مثل الاعتراف، وتوضيح ما تمر به، وطلب المساعدة من زميل أو صديق.