هل تستخدم شركتك بيانات الموظفين بطريقة أخلاقية؟

3 دقائق
أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين

ماذا تعرف عن أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين تحديداً؟ قال بوتر ستيوارت، القاضي المعاون بـ "المحكمة العليا الأميركية"، ذات مرة: "الأخلاق هي معرفة الفرق بين ما يحق لك عمله وما يصح عمله". غالباً لم يكن القاضي ستيوارت يعلم أن تقنيات البيانات الجديدة سرعان ما ستبدأ في طمس تلك الحدود. فما علاقة هذا الاقتباس بموضوع أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين في الشركات؟

بفضل نشأة تقنيات معلوماتية جديدة، تستطيع الشركات الآن جمع كم غير مسبوق من البيانات غير المنظمة التي ينتجها البشر مثل: النصوص الواردة في وثائق الشركة ورسائلها الإلكترونية والفورية ومواقعها الاجتماعية، ومن ثم تحليلها. كان تجميع هذه البيانات مدفوعاً في الأصل بالالتزام نحو إيجاد دليل لإقامة الدعاوى القضائية وحماية سجلات الشركة وتلبية طلبات الهيئات المشرّعة للمعلومات، لكن الآن أدركت الشركات أن تلك البيانات كلها يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة من الإمكانات الإدارية مثل: تصور تفاعلات الموظفين، واكتشاف الخبرات المتخصصة، وتكرار تجارب الماضي، ومعرفة آراء الموظفين، وتقديم رؤى حول الأنشطة البشرية جميعها في أرجاء المؤسسة.

اقرأ أيضاً: أصحاب السلطة يستجيبون للحوافز على نحو غير أخلاقي أكثر من غيرهم

تشعل هذه الإمكانات الكثير من الحماس والقلق والجدال. فعلى الرغم من أن المزايا عظيمة الأثر، وعلى الأرجح ستقلب الموازين، هناك اعتبارات أخلاقية يجب الالتفات إليها. حين تجمع الشركات البيانات التي ينتجها موظفوها كلها، هناك مخاطرة دائماً بانتهاك خصوصية الموظفين مقابل الربح.

أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين

تأمل الطرق الآتية التي تستخدم بها الشركات بيانات الموظفين:

مَن يعرف من؟ ومن يعرف ماذا؟

تستخدم الشركات بيانات الموظفين لتخطيط شبكة من العلاقات بين الموظفين والعملاء والبائعين وغيرهم، مع تحديد المتخصصين في موضوعات معينة. بالنسبة إلى البائعين واستشاريي تطوير الشركات، تُعتبر هذه أداة ثمينة، فمدير المبيعات في شركة خدمية كبرى، على سبيل المثال، قد يرغب في معرفة أي الموظفين تربطه علاقة وطيدة بالمسؤولين التنفيذيين في شركة العميل قبل زيارتها، وأيهم واسع الخبرة بموضوع الاجتماع. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ صراعات أخلاقية، على سبيل المثال، حين تكشف التحليلات عن وجود علاقة شخصية شديدة الحساسية ربما كان من الأفضل ألا تنشأ في الشركة من الأساس.

أي الموظفين من المرجح أن يستقيل؟

على الرغم من أن تحديد الموظفين المرجح استقالتهم ليس مطلباً غير شائع، فإن مدى هذه التحليلات وعمقها قد يصيب الموظفين بالقلق من تعرضهم للمراقبة. توجد مخاطرة أيضاً بأن يقفز المدراء إلى استنتاجات سهلة بسبب نتائج هذه التحليلات، بدلاً من أن يكشفوا النقاب عن المشكلات الحقيقية، على سبيل المثال، قد يفترضون أن الموظف المشتّت يكره عمله، بينما هو في الواقع يواجه مشكلات أسرية.

جاهزية المعلومات لحل المواقف المحتدمة حول أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين

خلال المواقف المحتدمة، يمكن أن تكون البيانات الكاملة والفورية أفضل وسيلة دفاع لمواجهة الأحداث المفاجئة مثل: إجراء تحقيق داخلي بخصوص الاتهام بسلوك غير لائق بين المدير وأحد مرؤوسيه. يمكن أن تجمع التقنيات الحديثة المعلومات وثيقة الصلة بالموضوع، وتقدم تحليلاً شاملاً لتستطيع الإدارة الاستجابة بفاعلية وسرعة. لكن هذا يتطلب الاحتفاظ بقدر هائل من البيانات، مصحوبة بأدوات تحليلية وبحثية قوية، التي إذا استُخدمت بكثرة يمكن أن تنتهك خصوصية الموظفين جميعهم.

تفرض حالات الاستخدام السابقة مبادلات معقدة بين ما تستطيع الشركات عمله بكل بيانات الموظفين التي تجمعها، وما ينبغي لها عمله. فماذا يمكن أن يفعل كل مدير ليضمن أن البيانات التي يتم جمعها في مؤسسته تُستخدم بطريقة أخلاقية؟

اعرف حدود الخصوصية بشركتك

اعرف موقف شركتك وموظفيك فيما يتعلق بالخصوصية. تتمتع كل مؤسسة ودولة بثقافتها وتعريفها الخاص لمفهوم الخصوصية. على سبيل المثال: وضعَ "الاتحاد الأوروبي" قانون حماية البيانات العامة الذي يحكم خصوصية بيانات الأفراد ويحميها، في حين أن الولايات المتحدة أكثر تساهلاً حيال حماية الخصوصية. يمكن أن يساعد تحديد نطاق الخصوصية ومحاولة فهم توقعات الخصوصية في إدارتك وشركتك في توجيه القرارات المتعلقة بمسألة الخصوصية.

اقرأ أيضاً: لماذا تُعد أماكن العمل التي تتسم بالمصداقية أكثر تمسكاً بالقيم الأخلاقية؟

اطلب التوجيه من لجنة إدارة المعلومات

أدركت مؤسسات عديدة مخاطر تخزين البيانات، وبدأت تشكيل لجان لوضع استراتيجية لإدارة المعلومات. يمكن أن تقدم هذه اللجان التوجيه اللازم بخصوص الحلول الممكنة لحماية خصوصية الموظفين، مع التزامها في الوقت نفسه بأهداف الشركة. أعضاء لجنة إدارة المعلومات هم في العادة المستشار العام، ومسؤول المخاطر، ومسؤول الامتثال، ومسؤول المعلومات، ومسؤول أمن المعلومات، ومسؤول البيانات.

شارِك التوجيه مع فريقك، وشجعهم على تطبيق أفضل الممارسات

اعتماداً على توجيهات لجنة إدارة المعلومات، يمكنك البدء في تطبيق أفضل الممارسات مثل: تشجيع الموظفين على استخدام أجهزة الشركة ومواردها في أغراض العمل الرسمية فقط. عدم ذكر المعلومات الشخصية في مراسلات الشركة وأجهزتها كلما أمكن ذلك سيقلل من انتهاك الخصوصية دون داعٍ.

اطلب آراءهم

أدركت الحكومات والهيئات المشرعة أهمية المعلومات الإلكترونية، وحرصت على سن قوانين لحماية كاشفي الفساد. ينبغي للمدراء توفير بيئة آمنة لمناقشة أخلاقيات الشركة وتشجيع الموظفين على تقديم آرائهم لتعزيز الشفافية ودرء مخاطر الوشاية. إن توفير وسيلة يُعبّر من خلالها الموظفون عن آرائهم قد يسلط الضوء على الممارسات المريبة التي لم تلتفت إليها الإدارة. والأهم من كل ذلك، يجب ألا يشعر الموظفون أبداً بالاضطرار إلى الصمت أو الخوف من التعبير عن آرائهم.

مثل أي تقنية بالغة التأثير، لا يمكننا إعادة مارد البيانات الضخمة إلى الزجاجة، ونحن نتجاهل خطرها على مسؤوليتنا الشخصية. إن كيفية استخدام التقنيات الرقمية والبيانات التي تنتجها، أو إساءة هذا الاستخدام، أحد أكبر التحديات الأخلاقية في عصرنا الحالي.

اقرأ أيضاً: المعضلة الأخلاقية في قلب شركات التقنية الكبرى

إذا كان بوسع القاضي ستيوارت تعريف أخلاقيات استخدام بيانات الموظفين والأخلاقيات الرقمية اليوم، فربما يلاحظ أن ما يحق لنا عمله أمر سهل، فالقانون يحدده. أما ما يصح عمله فهو أقل وضوحاً. في حقبة البيانات الضخمة، نحن مضطرون إلى تلمس طريقنا بين الاثنين، لكنني أعتقد أن القاضي ستيوارت سيتفق معي أنه قد حان الوقت لنبدأ في تمييز الفرق بينهما.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي