إذا كنت ترغب في ترك انطباع إيجابي وتقييم آراء زملائك عنك بالفعل، فهل يُفضل إجراء اجتماعات شخصية مباشرة أو عن طريق مكالمات الفيديو؟ هذا السؤال الذي تناوله المؤلفون في بحثهم. تعتمد الإجابة إلى حد كبير على مدى شعورك بالقلق بشأن التفاعل الاجتماعي. في بعض الأحيان، يشعر معظمنا وحتى الذين يتمتعون بمستويات عالية من الثقة الاجتماعية، بقلق اجتماعي أكثر من المعتاد، في هذه الحالات، ربما يؤدي عقد اجتماع عبر منصة زووم إلى تكافؤ فرص المشاركين، ما يسمح لك بمعرفة الانطباع الذي تتركه لدى الآخرين مثلما يشعر به الشخص الذي يتمتع بمستويات عالية من الثقة بالنفس. باختصار، ربما تمنح منصة زووم الأشخاص جميعهم فرصة متساوية لإدارة الانطباع الذي يريدون نقله بطريقة مناسبة، وهو ما يحمل تأثيرات مهمة على كل من قادة الفرق وموظفيهم.
لنفترض أنك بدأت للتو العمل في وظيفة جديدة، فمن الممكن أن تكون مهتماً بسمعتك في مكان العمل والانطباع الذي تتركه لدى زملائك. هل يعتقد الناس أنك ذكي وودود؟ حتماً، نحن نهتم بالانطباع الذي يرسمه الآخرون عنا،
وأحد أسباب اهتمامنا الكبير به هو أنه أساس عملنا على إدارة الانطباع. على سبيل المثال، إذا شعرت بأن زميلك الجديد يشك بكفاءتك خلال اجتماعكما الأول لمناقشة تفاصيل مشروع ما، يمكنك تصحيح هذا الانطباع الخاطئ من خلال التركيز على تأكيد ملاءمة مهاراتك الفريدة للمشروع الذي تعملان عليه معاً. بالمقابل، إذا لم تتمكن من قراءة الإشارات التي تدل على انطباع سلبي فلن تتمكن من إدارة انطباعه عنك فتترسخ صورة سلبية عنك في بيئة العمل. باختصار، معرفة الانطباعات التي نتركها لدى الآخرين خطوة أساسية لتسهيل تفاعلاتنا المهنية والاجتماعية.
الآن بعد أن أصبحنا في عالم هجين، ربما تحدث هذه التفاعلات عبر مكالمات الفيديو مثلما تحدث بصورة شخصية مباشرة، وقد تكون لديك حرية اختيار الاجتماع بأحد زملائك افتراضياً أو وجهاً لوجه. إليكم الأسئلة التي أردنا الإجابة عنها من خلال بحثنا: إذا كنت ترغب في تقييم الانطباع الحقيقي عنك لدى زميلك الجديد، فما الخيار الأنسب للتواصل؟ هل تستطيع إدارة الانطباعات على نحو أفضل باللقاء الشخصي المباشر أم عبر منصة زووم؟
البحث
ركزنا في بحثنا على اختبار الطريقتين لتحديد الأفضل بينهما. لإجراء البحث، استضفنا 305 أشخاص في مختبرنا قبل جائحة كوفيد-19 (في مجموعات تتكون من 4 إلى 8 أشخاص) وانضم 555 شخصاً إلى جلسة عبر منصة زووم في أثناء الجائحة (في مجموعات صغيرة أيضاً تتكون من 3 إلى 9 أشخاص). كان كل مشارك يجري مقابلة فردية قصيرة مع شخص جديد لبضع دقائق، على غرار فعاليات التعارف السريعة. أفضت هذه العملية إلى إجراء 1,683 تفاعلاً فريداً مباشراً و3,068 تفاعلاً فريداً عبر منصة زووم.
بعد كل لقاء، قدم المشاركون تقارير حول انطباع كل منهم عن شخصيات الآخرين. على سبيل المثال، طُرح عليهم السؤال الآتي: "إلى أي مدى يمكنك تقييم ذكاء هذا الشخص؟" والأهم، طلبنا من كل مشارك تقييم انطباع الشخص الذي تفاعل معه عنه من خلال طرح السؤال الآتي: "هل يعتقد هذا الشخص أنني ذكي؟".
أظهر البحث قدرة كبيرة لدى الأفراد على تقييم الانطباع الذي تركوه لدى الآخرين بعد تفاعل قصير لا يتجاوز دقيقتين. شهدت نتائج الدراسة تماثلاً ملحوظاً في دقة تقييم الانطباع الأولي لكل من التفاعلات الشخصية المباشرة والتفاعلات عبر منصة زووم، وفي كلتا الحالتين، تمكّن الأفراد من تحديد انطباع شركائهم حول سمات شخصياتهم، مثل مستوى ذكائهم وافتقارهم للود. بعبارة أخرى، تشير أبحاثنا إلى تمتع الأفراد بدرجة من الدقة في تقييم الانطباع الذي يتركونه لدى نظرائهم أو المعارف الجدد تساوت بين التفاعلات الشخصية المباشرة والتفاعلات عبر منصة زووم. لذلك، يبدو أن التفاعل عبر منصة زووم لا يعوق قدرة الأشخاص على معرفة الانطباعات التي يتركونها لدى الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي معرفة الانطباع الذي يتركه الفرد لدى الآخرين من خلال التواصل عبر منصة زووم إلى تعزيز معدلات كسبه إعجاب الآخرين مثلما هي الحال في التفاعل الشخصي المباشر. لمعرفة الانطباع الأولي الذي تتركه لدى الآخرين فوائد اجتماعية سواء في التفاعلات الشخصية المباشرة أوعبر منصة زووم. لذلك، يبدو أن معرفة انطباعات الآخرين من خلال التواصل عبر منصة زووم لا تختلف عن معرفة الانطباعات عن طريق التفاعلات الشخصية المباشرة وتحمل الفوائد نفسها.
إجمالاً، كيف تستفيد من ذلك في تفاعلاتك المقبلة مع زملائك الجدد؟ هل من الضروري التفكير ملياً قبل أن تقرر مقابلتهم عبر منصة زووم؟ على عكس بعض معتقداتنا الشائعة، على الأقل فيما يتعلق بإدارة الانطباعات، لا يبدو أن اختيار عقد اجتماع عبر مكالمة فيديو بدلاً من اللقاء الشخصي المباشر له تأثير كبير على الصورة التي يشكلها الإنسان عن الآخرين، لكن هل ينطبق هذا الأمر على الجميع؟
يُظهر البحث أن الأشخاص الذين يعانون مستويات أعلى من القلق الاجتماعي يشعرون براحة أكبر في التفاعل عبر الإنترنت مقارنة بالتفاعلات الشخصية المباشرة، يؤدي الشعور بالراحة في هذه البيئات الافتراضية إلى انخفاض مستويات القلق الاجتماعي لديهم ويساعدهم على تقييم انطباع الآخرين عنهم خلال التفاعلات عبر منصة زووم. في الواقع، لاحظنا في فعالياتنا الشخصية المباشرة أن الأفراد الذين يعانون مستويات أعلى من القلق الاجتماعي كانوا أقل إدراكاً للانطباع الذي يتركونه لدى الآخرين مقارنة بالأفراد الذين يتمتعون بثقة أكبر بالنفس. لكن من خلال التفاعل عبر منصة زووم اختفت هذه المشكلة؛ إذ تبين أن الأشخاص الذين يعانون مستويات مختلفة من القلق الاجتماعي يتساوون في إدراكهم للانطباعات التي تركوها لدى الآخرين.
لكن هل يعني ذلك أن منصة زووم تفيد من يعانون القلق الاجتماعي وتضر من يتمتعون بثقة أكبر بالنفس؟ يبدو الأمر مزيجاً من الإيجابيات والسلبيات بالنسبة لكل فئة. إذ يبدو أن منصة زووم تعطي دعماً بسيطاً للأشخاص الذين يعانون القلق الاجتماعي، ما يسمح لهم بمعرفة الانطباع الذي يتركونه لدى الآخرين، ربما بسبب شعورهم براحة عند استخدام منصة التواصل الافتراضية أو بسبب قدرتهم على مراقبة أنفسهم من خلال ميزة العرض الذاتي؛ لكنها في الوقت نفسه عاقت قدرة من يتمتعون بثقة أكبر على اكتشاف انطباع الآخرين عنهم، إذ تزيد ميزة العرض الذاتي تركيزهم على مظاهرهم وسلوكهم، ما يعوق قدرتهم على التواصل الطبيعي والعفوي ويشتت انتباههم إلى ردود فعل الآخرين.
لنعد إلى السؤال الرئيسي: إذا كنت ترغب في معرفة انطباع زملائك الحقيقي عنك، فهل يجب عليك عقد اجتماعك القادم عبر منصة زووم أم شخصياً؟ تعتمد الإجابة عن هذا السؤال إلى حد كبير على مشاعرك تجاه التفاعل الاجتماعي وتوترك بشأنها. في بعض الأحيان، يشعر معظمنا وحتى الذين يتمتعون بمستويات عالية من الثقة الاجتماعية، بقلق اجتماعي أكثر من المعتاد، في هذه الحالات، ربما يؤدي عقد اجتماع عبر منصة زووم إلى تكافؤ فرص المشاركين، ما يسمح لك بمعرفة الانطباع الذي تتركه لدى الآخرين مثلما يشعر به الشخص الذي يتمتع بثقة عالية بنفسه. باختصار، ربما تمنح منصة زووم الأشخاص جميعهم فرصة متساوية لإدارة الانطباع الذي يريدون نقله عن أنفسهم بطريقة مناسبة، وهو ما يحمل تأثيرات مهمة على كل من قادة الفرق وموظفيهم.
التأثيرات
إذا كان قادة الفريق يدركون أن بعض أعضاء الفريق ربما يشعرون بمستوى أعلى من القلق الاجتماعي، بسبب ظروف معينة أو بسبب طبيعة شخصياتهم، فربما يكون من المفيد عقد اجتماع عبر مكالمة الفيديو بدلاً من الاجتماع شخصياً،
ولا يعني هذا تفضيل التفاعلات عبر مكالمات الفيديو على اللقاءات الشخصية المباشرة على المدى البعيد. على الرغم من ذلك، في أثناء العمل على تعزيز الثقة الاجتماعية وتحسين مهارات التواصل المباشر وجهاً لوجه، ربما يستفيد من يعانون مستويات أكبر من القلق الاجتماعي من استخدام منصة زووم في بعض الأحيان، لا سيما لاكتشاف الانطباعات الأولية.
يسهم هذا البحث في تقليل مخاوف الموظفين الذين يحضرون الاجتماعات عبر مكالمات الفيديو؛ إذ يُظهر عدم وجود تأثير سلبي على مهاراتهم في إدارة انطباعات الآخرين. يعني ذلك تركيز الموظفين على محتوى الاجتماع والتفاعل بنشاط مع أفكار الفريق، بدلاً من إهدار وقتهم وجهدهم في التفكير بانطباع الآخرين عنهم، وبالتالي، يتركون انطباعاً أفضل.
إجمالاً، إذا كنت تشعر بمستوى عالٍ من القلق الاجتماعي، فمن الممكن أن يمثل استخدام منصة زووم لعقد الاجتماعات في بعض الأحيان الوسيلة المناسبة لاستعادة بعض السيطرة على سمعتك وإدارة انطباعات زملائك عنك في مكان العمل.